الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال أبو داود: والصحيحُ مرسل
(1)
.
88 - باب في دعاءِ المشركين
2612 -
حدَّثنا محمدُ بنُ سُليمانَ الأنباريُّ، حدَّثنا وكيعٌ، عن سفيانَ، عن علقمةَ بن مَرثَدٍ، عن سليمانَ بن بُريدةَ
عن أبيه، قال: كانَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إذا بعثَ أميراً على سَرِيّةٍ أو جيشٍ أوصاهُ بِتَقْوَى الله في خاصَّةِ نفسِه وبمن معه من المسلمين خيراً، وقال: "إذا لقيتَ عَدوَّك من المشركين فادْعُهُم إلى إحدى ثلاثِ خِصالٍ، -أو خِلالٍ- فأيَّتُها أجابوك إليها، فاقبَلْ منهم وكُفَّ عنهم: ادْعهُمْ إلى الإسلامِ، فإن أجابوك فاقبلْ منهم وكُفَّ عنَهُم، ثم ادعُهم إلى التحوُّلِ من دارهِم إلى دارِ المُهاجرينَ، وأعلِمْهم أنهم إن فَعلُوا ذلك أن لَهم ما لِلمهاجرين وأن عَليهم ما عَلى المهاجرين، فإن
= وأخرجه أبو داود في "المراسيل"(314) من طريق عثمان بن عمر، عن يونس بن يزيد، عن عُقيل بن خالد، عن الزهري، عن النبي صلى الله عليه وسلم بمعناه مرسلاً.
وأخرجه عبد الرزاق (9699) عن معمر بن راشد، وسعيد بن منصور (2387) وعنه أبو داود في "المراسيل"(313) عن عبد الله بن المبارك، عن حيوة بن شريح، عن عُقيل كلاهما (معمر، وعقيل) عن الزهري، مرسلاً. ولم يذكر عقيل في روايته هنا:"لن يغلب اثنا عثر ألفاً من قلة".
وأخرجه الطحاوي في "شرح مشكل الآثار"(575) من طريق عبد الله بن صالح كاتب الليث، عن الليث بن سعد، عن عُقيل، عن الزهري، مرسلاً. وعبد الله بن صالح حسن الحديث في المتابعات.
وانظر تمام تخريجه موصولاً في "مسند أحمد".
(1)
قول أبي داود هذا أثبتناه من هامش (هـ)، وأشار هناك إلى أنه من رواية ابن الأعرابي.
أبَوا واختاروُا دارَهم فأعلِمهم أنهم يكونُون كأعرابِ المسلمين: يجْري عليهم حُكْمُ اللهِ الذي يَجري على المؤمنينَ، ولا يكونُ لهم في الفيء والغنيمةِ نَصيبٌ، إلا أنْ يُجاهدوا مَع المسلمينَ، فإن هم أبَوا فادعُهمْ إلى إعطاء الجِزْيَةِ، فإن أجابُوا فاقبَلْ منهم وكُفَّ عنهم، فإن أبَوْا فاستعنْ بالله وقاتِلْهم، وإذا حاصرتَ أهلَ حِصْنٍ فأرادُوك أن تُنزِلَهمْ على حكمِ الله فلا تُنزِلْهم، فإنكم لا تَدْرُون ما يحكُمُ اللهُ فيهم، ولكن أنزِلُوهم على حُكْمِكُم، ثم اقضُوا فيهم بعدُ ما شئتُم"
(1)
.
(1)
إسناده صحيح. سفيان: هو الثوري.
وأخرجه مسلم (1731)، وابن ماجه (2858)، والترمذي (1466) و (1709) و (1710)، والنسائي في "الكبرى"(8532) و (8627) و (8712) و (8731) من طرق عن علقمة بن مرثد، به. وزادوا جميعاً في روايتهم أولَ الحديث ما جاء في الحديث الآتي بعده.
وهو في "مسند أحمد"(22978)، و "صحيح ابن حبان"(4739).
قال الخطابي: في هذا الحديث عدة أحكام:
منها: دعاء المشركين قبل القتال، وظاهر الحديث يدل على أن لا يقاتَلوا إلا بعد الدعاء.
وقد اختلف العلماء في ذلك:
فقال مالك بن أنس: لا يقاتَلون حتى يُدعَوا، أو يُؤذَنوا.
وقال الحسن البصري: يجوز أن يقاتلوا قبل أن يُدعَوا، قد بلغتهم الدعوة.
وكذلك قال الثوري وأصحاب الرأي، وهو قول الشافعي وأحمد وإسحاق.
واحتج الشافعي في ذلك بقتل ابن أبي الحُقيق.
فأما من لم تبلغه الدعوة ممن بعدت دارُه، ونأى محلُّه، فإنه لا يقاتل حتى يُدعى، فإن قتل منهم أحدٌ قبل الدعوة وجبت فيه الكفارة والدية. وفي وجوب الدية اختلاف بين أهل العلم. =
قال سفيانُ: قال علقمةُ: فذكرتُ هذا الحديثَ لِمُقاتِل بن حَيَّان، فقالَ: حدَّثني مُسِلمٌ -قال أبو داود- هو ابن هَيْصَمَ، عن النعمانِ بن مُقرِّن عن النبي صلى الله عليه وسلم مثل حديث سليمانَ بن بُريدةَ
(1)
.
2613 -
حدَّثنا أبو صالح الأنطاكيُّ مَحبوبُ بن مُوسى، أخبرنا أبو إسحاقَ الفَزَاريُّ، عن سفيانَ، عن علقمةَ بن مَرثدٍ، عن سُليمانَ بن بريدةَ
= وأما قوله: "فأعلمهم أنهم إن فعلوا ذلك أن لهم ما للمهاجرين" فإن المهاجرين كانوا أقواماً من قبائل مختلفة، تركوا أوطانهم وهجروها في الله، واختاروا المدينة داراً ووطناً، ولم يكن لهم أو لأكثرهم بها زرعٌ ولا ضَرْع، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينفق عليهم مما أفاء الله عليه أيام حياته، ولم يكن للأعراب وسكان البدو في ذلك حظ، إلا من قاتل منهم، فإن شهد الوقعة أخذ سهمه، وانصرف إلى أهله، فكان فيهم.
وقوله: "وعليهم ما على المهاجرين" أي: من الجهاد والنَّفير، أي وقتٍ دُعُوا إليه لا يتخلَّفون.
والأعراب: من أجاب منهم وقاتل أحد سهمَه، ومن لم يخرج في البعث فلا شيء له من الفيء، ولا عتْب عليه، ما دام في أهل الجهاد كفاية.
وقوله: "فإن أبو فادعُهم إلى إعطاء الجزية" فظاهره يوجب قبول الجزية من كل مشرك، كتابيٍّ أو غير كتابيٍّ، من عَبَدة الشمس والنيران والأوثان، إذا أذعَنوا لها وأعطَوها، وإلى هذا ذهب الأوزاعي. ومذهب مالك قريب منه وحكى عنه أنه قال: تقبل من كل مشرك إلا المرتد.
وقال الشافعي: لا تقل الجزية إلا من أهل الكتاب، سواءٌ كانوا عرباً أو عجماً، وتقبل من المجوس، ولا تقل من مشرك غيرهم.
وقال أبو حنيفة: تقل من كل مشرك من العجم، ولا تقبل من مشركي العرب.
قلت (القائل الخطابي): لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه حارب أعجمياً قط، ولا بعث إليهم جيشاً، وإنما كانت عامة حروبه مع العرب، وكذلك بعوثه وسراياه، فلا يجوز أن يصرف هذا الخطاب عن العرب إلى غيرهم.
(1)
أخرجه مسلم (1731)، وابن ماجه (2858)، والنسائي في "الكبرى"(8712) من طريق علقمة بن مرثد، به.
عن أبيه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"اغْزُوا باسم اللهِ، وفي سبيلِ اللهِ، وقاتِلُوا من كَفَر باللهِ، اغزُوا، ولا تَغدِرُوا، ولا تَغُلُّوا، ولا تمثِّلوا، ولا تقتُلوا وليداً"
(1)
.
2614 -
حدَّثنا عثمانُ بن أبي شبةَ، حدَّثنا يحيى بنُ آدم وعُبيدُ الله بن مُوسى، عن حسنِ بن صالح، عن خالد بن الفِزْرِ
حدَّثني أنس بن مالك، أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال:"انطلِقُوا باسم الله، وبالله، وعلى مِلَّةِ رسول الله، ولا تقتُلوا شيخاً فانياً. ولا طفلاً، ولا صغيراً، ولا امرأةً، ولا تَغُلُّوا، وضُمُّوا غنائمَكم، وأصلِحُوا {وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} "[البقرة: 195]
(2)
.
(1)
حديث صحيح، وهذا إسناد قوي من أجل محبوب بن موسى أبي صالح الأنطاكي، فهو صدوق لا بأس به، وقد توبع.
وهذا الحديث قطعة من الحديث السالف قبله عند جميع من خرجه، فراجع تخريجه هناك. قال الخطابي: نهيه عن قتل النساء والصبيان يُتأول على وجهين: أحدهما: أن يكون ذلك بعد الإسار، نهى عن قتلهم، لأنهم غيمة للمسلمين.
والوجه الآخر: أن يكون ذلك عاماً قبل الإسار وبعده، نهى أن يقصدوا بالقتل، وهم متميزون عن المقاتلة، فأما وهم مختلطون بهم لا يوصل إليهم إلا بقتلهم، فإنهم لا يُتحاشَون، والمرأة إنما لا تقتل إذا لم تكن تقاتل، فإن قاتلت قُتلت، وعلى هذا مذهب أكثر الفقهاء.
وقال الشافعي: الصبي الذي يقاتل يجوز قتله، وكذلك قال الأوزاعي وأحمد.
واختلفوا في الرهبان، فقال مالك وأهل الرأي: لا يجوز قتلهم.
وقال الشافعي: يقتلون، إلا أن يُسلموا أو يؤدوا الجزية.
وقال أصحاب الرأي: لا يقتل شيخ ولا زَمِنٌ ولا أعمى، وقال الشافعي: هؤلاء كلهم يُقتلون.
(2)
حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف لجهالة خالد بن الفزر. =