الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال أبو داود: إذا نقضُوا بعض ما اشتُرِط عليهم فقد أحدثوا
(1)
.
31 - باب في أحد الجزية من المجوس
3042 -
حدَّثنا أحمدُ بن سِنان الواسطىُّ، حدَّثنا محمد بن بِلالٍ، عن عِمرانَ القطَّانِ، عن أبي جمرةَ
= ما نصحوا وأصلحوا، وعليهم ألفا حُلّة من حُلل الأوراق، شهد أبو سفيان بن حرب والأقرع بن حابس رضي الله عنهما. أخرجه الفاكهي في "أخبار مكة"(2918) بإسناد صحيح إلى عمرو بن دينار.
وعن عامر بن شراحيل الشعبي مرسلاً كذلك عند الطبري في "تفسيره" 3/ 299 - 300.
قال الخطابي: هذا وقع في كتابى، وفي رواية غيرها:"كيد ذات غدر"، وهذا أصوب، على أن لا تُهدم لهم بيعة ولا يخرج لهم قَسٌّ ولا يفتنون عن دينهم ما لم يحدثوا حدثاً أو يأكلوا الربا.
قال: في هذا دليل على أن للإمام أن يزيد وينقص فيما يقع عليه الصلح من دينار وأكثر على قدر طاقتهم ووقوع الرضا منهم به. وفيه دليل على أن العاريّة مضمونة.
وقوله: كيد ذات غدر: يريد الحرب، أخبرني أبو عمر قال: قال ابن الأعرابي: الكيد: الحرب، ومنه ما جاء في بعض الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج في بعض مغازيه فلم يلق كيداً، أي: حرباً.
قلنا: أبو عمر شيخ الخطابي هو الإمام العلامة اللغوي محمد بن عبد الواحد البغدادي المعروف بغلام ثعلب، سمى بذلك لأنه لازم ثعلباً توفي سنة 345 هـ.
وثعلب: هو أحمد بن يحيي بن يزيد البغدادي إمام الكوفيين في النحو واللغة وصاحب الفصيح ومجالس ثعلب وغيرها. المتوفى سنة 291 هـ.
انظر لترجمتيهما "سير أعلام النبلاء" 14/ 5 و15/ 508.
(1)
مقالة أبى داود هذه أثبتناها من هامش (هـ)، وأشار هناك إلى أنها في رواية ابن الأعرابي.
عن ابن عباس، قال: إن أهل فارس لما مات نبيُّهم كتبَ لهم إبليسُ المجوسيةَ
(1)
.
3043 -
حدَّثنا مُسَدَّد بن مُسَرْهَد، حدَّثنا سفيانُ، عن عَمرو بن دينارٍ سمع بَجَالة يحدث عَمرو بن أوسٍ وأبا الشَّعْثاء قال: كنت كاتباً لِجَزْء بن معاويةَ عمِّ الأحنفِ بن قَيسٍ، إذ جاءنا كتابُ عُمر قبل موته بسنةٍ: اقْتُلُوا كلَّ ساحرٍ، وفَرِّقُوا بين كل ذي مَحْرَمٍ من المجوسِ، وانهَوهُم عن الزَّمْزَمَةِ، فقتلْنا في يومٍ ثلاثَ سَواحِرَ، وفرَّقنا بين كل رجل من المجوس وحريمه في كتاب الله، وصَنَعَ طعاماً كثيراً فدعاهم فعرض السيفَ على فخِذَيه فأكلُوا، ولم يُزَمزِمُوا، وألقَوا وِقرَ بغْلٍ -أو بغلين- من الوَرِقِ، ولم يكن عمرُ أخذَ الجزيةَ من المجوسِ حتى شهد عبدُ الرحمن بن عَوفِ أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم أخذها من مجوسِ هَجَرَ
(2)
.
(1)
إسناده ضعيف. عمران -وهو ابن داود القطان- ضعفه ابن معين والنسائي وأبو داود، وقال الدارقطني: كان كثير المخالفة والوهم. أبو جمرة: هو نصر بن عمران الضُّبَعي.
وأخرجه البيهقى 9/ 192، وابن الجوزي في "التحقيق في أحاديث الخلاف"(1913) من طريق أبي داود السجستانى، بهذا الإسناد.
(2)
إسناده صحيح. بَجَالة: هو ابن عَبَدةَ التميمي، وأبو الشعثاء: هو جابر بن زيد، وسفيان: هو ابن عيينة.
وأخرجه بتمامه عبد الرزاق في "المصنف"(9972) عن ابن جريج، أخبرنى عمرو بن دينار بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري (3156) و (3157)، والترمذي (1677) و (1678)، والنسائي في "الكبرى" (8715) من طريق عمرو بن دينار بلفظ: لم يكن عمر أخذ الجزية من المجوس حتى شهد عبد الرحمن بن عوف: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذها من مجوس هجر.
وزاد البخاري قول عمر: فرقوا كلّ ذي محرم من المجوس.
وهو في "مسند أحمد"(1657) وفيه تمام تخريجه. =
3044 -
حدَّثنا محمدُ بن مِسكين اليماميُّ، حدَّثنا يحيى بن حَسانَ، حدَّثنا هشيمٌ، أخبرنا داودُ بن أبي هندٍ، عن قُشَير بن عَمرو، عن بَجَالةَ بن عَبَدة
= قال الخطابي: قوله: ألقوا وَقرَ بَغل أو بغلينِ مِن الوَرِق، يريد أخِلَةً من الوَرِقِ يأكلون بها، قلت [القائل الخطابي]: ولم يحملهم عمر على هذه الأحكام فيما بينهم وبين أنفسهم إذا خلوا، وإنما منعهم من إظهار ذلك للمسلمين، وأهل الكتاب لا يكشفون عن أمورهم التى يتدينون بها ويستعملونها فيما بينهم، إلا أن يترافعوا إلينا في الأحكام. فإذا فعلوا ذلك فإن على حاكم المسلمين أن يحكم فيهم بحكم الله المُنزَل، وإن كان ذلك في الأنكحة فرق بينهم وبين ذوات المحارم كما يفعل ذلك في المسلمين.
وفي امتناع عمر من أخذ الجزية من المجوس حتى شهد عبد الرحمن بن عوف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذها من مجوس هجر، دليل على أن رأي الصحابة أنه لا تقبل الجزية من كل مشرك كما ذهب إليه الأوزاعي، وإنما تقبل من أهل الكتاب.
وقد اختلف العلماء في المعنى الذي من أجله أخذت منهم الجزية، فذهب الشافعي في أغلب قوليه إلى أنها إنما قبلت منهم، لأنهم من أهل الكتاب، ورُوي ذلك عن على بن أبي طالب.
وقال أكثر أهل العلم: إنهم ليسوا أهل كتاب، وإنما أخذت الجزية من اليهود والنصارى بالكتاب، ومن المجوس بالسنة.
واتفق عامة أهل العلم على تحريم نسائهم وذبائحهم، وسمعت ابنَ أبي هريرة يحكي عن إبراهيم الحربي أنه قال: لم يزل الناسُ متفقين على تحريم نكاح المجوس حتى جاءنا خلاف من الكرخ يعني: أبا ثور قال ابن قدامة: هذا خلاف إجماع من تقدمه، قال الحافظ ابن حجر 6/ 259: وفيه نظر فقد حكى ابن عبد البر عن سعيد بن المسيب أنه لم يكن يرى بذبيحة المجوسي بأساً إذا أمره المسلم بذبحها. وروى ابن أبي شيبة في "المصنف" 12/ 247 و 4/ 178 - 179 عن سعيد بن المسيب وعن عطاء وطاووس وعمرو بن دينار: أنهم لم يكونوا يرون بأساً بالتسري بالمجوسية.
وقال ابن المنذر: ليس تحريم نسائهم وذبائحهم متفقاً عليه، ولكن أكثر أهل العلم عليه.
و"الزمزمة" قال ابن الأثير: هي كلام يقولونه عند أكلهم بصوت خفي -يعني المجوس-.
عن ابن عباس، قال: جاء رجلٌ من الأسْبَذِيِّينَ من أهل البحرَين، وهم مجوسُ أهلِ هَجَرَ، إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فمكث عندَه، ثم خرج، فسألتُهُ: ما قضى اللهُ ورسولُه فيكم؟ قال: شرٌّ، فقلت: مَهْ؟ قال: الإسلام أو القتل، قال: وقال عبدُ الرحمن بن عَوف: قَبِل منهم الجزيةَ، قال ابنُ عباس: فأخذ الناسُ بقول عبدِ الرحمن بن عَوف، وتركوا ما سمعتُ أنا من الأَسبَذِيِّ
(1)
.
(1)
إسناده ضعيف لجهالة حال قشير بن عمرو. هُشَيم: هو ابن بَشير الواسطي.
وأخرجه الدارقطني (2143)، والبيهقي 9/ 190، وابن عبد البر في "التمهيد" 2/ 125 من طريق هشيم بن بشير، بهذا الإسناد. وقد سقط من مطبوع "التمهيد": داود بن أبي هند وقشير.
وقصة عبد الرحمن بن عوف سلفت في الحديث السالف فهي صحيحة.
وقوله: الأسبَذيين، قال ياقوت في "معجم البلدان": أسبَذ، بالفتح ثم السكون ثم فتح الباء الموحدة، وذال معجمة، في كتاب "الفتوح ": أسبَذ: قرية بالبحرين، وصاحبها المنذر بن ساوى، وقد اختُلِف في الأسبَذيين من بني تميم لم سمُّوا بذلك، قال هشام بن محمد بن السائب: هم ولد عبد الله بن زيد بن عبد الله بن دارم بن مالك ابن حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم، وقال: وقيل لهم: الأسبَذيون لانهم كانوا يعبدون فرساً. قلت أنا [القائل ياقوت]: الفرس بالفارسية اسمه: أسب، زادوا فيه ذالاً تعريباً، قال: وقيل: كانوا يسكنون مدينة يقال لها: أسبَذ بعُمان، فنسبوا إليها. وقال الهيثم بن عدي: إنما قيل لهم: الأسبَذيون، أي: الجُمَّاع، وهم من بني عبد الله بن دارم، منهم المنذر بن ساوى صاحب هجر الذي كاتَبَهُ رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
، وقال أبوعمرو الشيباني: أسبَذ اسم مالك كان من الفرس، ملّكه كسرى على البحرين فاستعبدهم وأذلهم، وإنما اسمه بالفارسية: اسبيدوَيه، يريد الأبيض الوجه، فعرّبه فنسب العرب أهل البحرين إلى هذا الملك على جهة الذم، فليس يختص بقوم دون قوم.