الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
36 - باب ما جاء في إقطاع الأرَضِينَ
3058 -
حدَّثنا عَمرو بن مَرزُوقٍ، حدَّثنا شعبةُ، عن سماكٍ، عن علقمةَ بن وائلٍ
عن أبيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم أقطعه أرضاً بحضرَموت
(1)
.
= قال الخطابي: "الزبد": العطاء، وفي رده هديته وجهان: أحدهما: أن يغيظه برد الهدية فيمتعض منه فيحمله ذلك على الإسلام. والآخر: أن للهدية موضعاً من القلب، وقد روي:"تهادوا تحابوا" ولا يجوز عليه صلى الله عليه وسلم أن يميل بقلبه إلى مشرك، فرد الهدية قطعاً لسبب الميل.
وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قبل هدية النجاشي، وليس ذلك بخلاف لقوله:"نهيتُ عن زَبْد المشركين" لأنه رجل من أهل الكتاب ليس بمشرك، وقد أبيح لنا طعام أهل الكتاب ونكاحهم، وذلك خلاف حكم أهل الشرك.
وقد سلك الطبري مسلكاً آخر في الجمع بين الأخبار الدالة على قبوله صلى الله عليه وسلم الهدية، وبين الأخبار الدالة على رده إياها في كتابه "تهذيب الآثار" - قسم مسند علي - ص 210 - 211 فبين أن ما قبله صلى الله عليه وسلم من ذلك إنما قبله لنفع المسلمين، وما رده من ذلك إنما كان من أجل أنها أهديت له صلى الله عليه وسلم في خاصة نفسه.
(1)
حديث صحيح. إسناده حسن من أجل سماك - وهو ابن حرب -؛ فهو صدوق حسن الحديث. وعلقمة بن وائل - وهو ابن حُجْر - قد سمع من أبيه، صرح بسماعه منه في "صحيح مسلم"(1680).
وأخرجه الترمذي (1437) من طريق شعبة بن الحجاج، بهذا الإسناد. وقال: حديث حسن صحيح.
وهو في "مسند أحمد"(27239)، و "صحيح ابن حبان"(7205)، لكنهما لم يقولا في روايتهما: بحضرموت.
وحضرموت: بلد جنوبي شبه الجزيرة العربية على خليج عدن وبحر عمان. وانظر ما بعده.
الإقطاع: هو إعطاء الإمام طائفة من أرض الموات مفرزة وهو يكون تمليكاً وغير تمليك. =
3059 -
حدَّثنا حفصُ بن عُمر، حدَّثنا جامُع بن مَطَرٍ، عن علقمةَ بن وائلٍ بإسناده، مثله
(1)
.
3060 -
حدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا عبدُ الله بن داودَ، عن فِطرٍ، حدَّثني أبي عن عَمرو بن حُريث، قال: خَطَّ لي رسولُ الله صلى الله عليه وسلم داراً بالمدينة بقَوسٍ، وقال:" أَزِيدُك، أزِيدُكَ؟ "
(2)
.
3061 -
حدَّثنا عبدُ الله بن مسلمةَ، عن مالكٍ، عن ربيعةَ بن أبي عبد الرحمن
= قال أبو عبيد القاسم بن سلام في "الأموال" بعد إيراده عدداً من أحاديث الإقطاع: ولهذه الأحاديث التي جاءت في الإقطاع وجوه مختلفة، إلا أن حديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي ذكرناه في عاديّ الأرض هو عندي مفسّر لما يصلح فيه الإقطاع من الأرضين، ولما لا يصلح، والعاديّ كل أرض كان لها ساكن في آباد الدهر، فانقرضوا فلم يبق منهم أنيس، فصار حكمها إلى الإمام. وكذلك كل أرض موات لم يُحيها أحدٌ، ولم يملكها مسلم ولا معاهد، وإياها أراد عمر بكتابه إلى أبي موسى: إن لم تكن أرض جزية، ولا أرضاً يُجرّ إليها ماء جزية، فأقطعها إياه، فقد بين أن الإقطاع ليس يكون إلا فيما ليس له مالك، فإذا كانت الأرض كذلك فأمرها إلى الامام. ولهذا قال عمر: لنا رقاب الأرض.
(1)
إسناده صحيح.
(2)
إسناده ضعيف، لجهالة خليفة والد فطر، وقال الذهبي في "الميزان" في ترجقه: خبره عن عمرو بن حريث منكر، وهو خط لي رسول الله صلى الله عليه وسلم داراً بالمدينة، لأن عمرو بن حريث يصغر عن ذلك مات النبي صلى الله عليه وسلم وهو ابن عشر سنين أو نحوها. عبد الله ابن داود: هو الخُريبي، ومُسدَّد: هو ابن مُسرهَد.
وأخرجه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(714) و (715) ، وأبو يعلى (1464)، وابن قانع في "معجم الصحابة" 2/ 203 والمزي في "تهذيب الكمال" في ترجمة خليفة المخزومي، من طريق فطر بن خليفة، به.
عن غيرِ واحد: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أقطع بلالَ بن الحارث المزني مَعادنَ القبَليةِ، وهي من ناحية الفُرُع، فتلك المعادن لا يؤخَذُ منها إلا الزكاة إلى اليومِ
(1)
.
(1)
إقطاع النبي صلى الله عليه وسلم بلال بن الحارث المزني صحيح، وأما ذكر الزكاة في هذه المعادن فليس يصح، وهذا إسناد ضعيف لإبهام من حدَّث ربيعةَ بن أبي عبد الرحمن - وهو المعروف بربيعة الرأي - وأغلب الظن أنه ليس من الصحابة، إذ لا يصح لربيعة رواية عن أحد من الصحابة خلا أنس بن مالك، وذكر الذهبي في "السير" أيضاً السائب ابن يزيد وهو صحابي صغير مات سنة إحدى وتسعين، وعليه يكون الحديث مرسلاً كذلك كما قال المنذري في "اختصار السنن".
وقد ضعف هذا الحديث غيرُ واحد من أهل العلم: فقد ضعفه الشافعي فيما نقله عنه البيهقي في "السنن الكبرى" 4/ 152 وهو في "الأم" 2/ 43، حيث قال: ليس هذا مما يثبته أهل الحديث رواية، ولو أثبتوه لم يكن فيه رواية عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا إقطاعه، فأما الزكاة في المعادن دون الخمس فليست مروية عن النبي صلى الله عليه وسلم فيه.
وضعفه كذلك أبو عبيد القاسم بن سلام في كتاب "الأموال" في آخر باب الخمس في المعادن والركاز، فقال: حديث منقطع، ومع انقطاعه ليس فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بذلك، وإنما قال: يُؤخذ منه الزكاة إلى اليوم، ونقله عنه الزيلعي في "نصب الراية" 2/ 380.
وضعفه أيضاً ابن عبد البر في "التمهيد" 7/ 33 فقال: هذا حديث منقطع الإسناد، لا يحتج بمثله أهلُ الحديث، ولكنه عملٌ يُعمل به عندهم في المدينة.
وهو في "موطأ مالك" 1/ 248 - 249، ومن طريقه أخرجه أبو عبيد في "الأموال"(864)، والبيهقي 4/ 152 و 6/ 151، والبغوي في "شرح السنة"(1588).
وقد وصل قصة أخذ الصدقة - وهي الزكاة - من معادن القبلية: نعيمُ بن حماد عند ابن الجارود في "المنتقى"(371)، وابن خزيمة (2323)، والحاكم 1/ 404، والبيهقى 4/ 152 و 6/ 148، ويوسف بن سلْمان البصري، عند ابن عبد البر في "التمهيد" 3/ 237، كلاهما (نعيم ويوسف بن سلْمان) عن عبد العزيز الدراوردي، عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن، عن الحارث بن بلال بن الحارث المزني، عن أبيه. زاد ابن خزيمة والحاكم والبيهقي في روايتهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقطع بلالاً العقيق كله. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وبهذا الإسناد نفسِه رُوي حديثُ فسخ الحج، وقال ابن القطان في "بيان الوهم" 3/ 468: الحارث بن بلال هذا لا يعرف حاله، وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل، سألت أبي عن حديث بلال بن الحارث المزني، فقال: لا أقول به، وليس إسناده بالمعروف، ولم يروه إلا الدراوردي وحده.
وستأتي قصة إقطاع بلال بن الحارث معادن القبلية بعده وبرقم (3063) من حديث ابن عباس. وسنده حسن في المتابعات والشواهد.
وستأتي قصة الإقطاع كذلك من حديث كثير بن عبد الله المزني، عن أبيه، عن جده، وبرقم (3063). وكثير بن عبد الله حسَّن الرأيَ فيه البخاريُّ والترمذيُّ، وضعفه الآخرون، وبالغ بعضهم فاتهمه بالكذب، وأعدل القول فيه أنه ضعيف يعتبر به، فروايته هذه حسنة في المتابعات والشواهد.
وأخرج قصة إقطاع النبي صلى الله عليه وسلم بلالاً البيهقي 6/ 149 من طريق عبد الرزاق، عن معمر، عن ابن طاووس، عن أبيه، عن رجل من أهل المدينة - قال: قطع النبي صلى الله عليه وسلم العقيق رجلاً واحداً فلما كان عمر كثر عليه فأعطاه بعضه وقطع سائره الناس. وهذا إسناد صحيح إن كان الرجل المديني صحابياً، فإن طاووساً جل روايته عن الصحابة. والرجل الذي أقطعه النبي صلى الله عليه وسلم هو بلال بن الحارث، صرح بذلك ابن خزيمة والحاكم والبيهقي كما سلف.
وأخرجها كذلك يحيي بن آدم في "الخراج"(294)، ومن طريقه البيهقي 6/ 149 من طريق محمد بن إسحاق، عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم - مرسلاً - قال: جاء بلال بن الحارث المزني إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستقطعه أرضاً، فقطعها له طويلة عريضة،
…
وأخرجها كذلك أبو عبيد في "الأموال"(867) من طريق أبي مكين نوح بن ربيعة، عن أبي عكرمة مولى بلال بن الحارث قال: أقطع رسول الله صلى الله عليه وسلم بلالاً أرض كذا، من مكان كذا إلى كذا، وما كان فيها من جبل أو معدن، قال: فباع بنو بلال من عمر بن عبد العزيز فخرج فيها معدنان، فقالوا: إنما بعناك أرض حرث ولم نبعك المعدن، وجاؤوا بكتاب القطيعة التى قطعها رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبيهم في جريدة. قال: فجعل عمر يمسحها على عينيه، وقال لقيّمه: انظر ما استخرجت منها وما أنفقت عليها، فقاضهم بالنفقة، وردّ عليهم الفضل. =
3062 -
حدَّثنا العباسُ بن محمدِ بن حاتمٍ وغيرُه، قال العباس: حدَّثنا الحسينُ بن محمدٍ، أخبرنا أبو أويسٍ، حدَّثنا كثيرُ بن عبدِ الله بن عَمرو بن عَوف المزنيُّ، عن أبيه
عن جده: أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم أقطعَ بلال بن الحارثِ المُزنىَّ مَعادنَ القبَليّةِ: جَلْسِيَّها وغَورِيَّها، - وقال غيرُه: جَلْسَها وغَوْرَها - وحيث يصلُح الزرعُ من قُدْسٍ، ولم يعطِهِ حقَّ مسلم، وكتبَ له النبيُّ صلى الله عليه وسلم: "بسمِ الله الرحمنِ الرحيمِ، هذا ما أعطى محمدٌ رسولُ الله بلالَ بن الحارثِ المزنيَّ، أعطاه معادنَ القبَلِيَّةِ جَلْسِيَّها وغَوْرِيَّها - وقال غير
= قال أبو عبيد (864): معادن القبلية: بلاد معروفة بالحجاز وهي في ناحية الفرع.
والفُرُع: من أعمال المدينة: وهي قرية من نواحي الربذة عن يسار السقيا بينها وبين المدينة ثمانُ برد على طريق مكة.
وانظر تالييه.
قال أبو عمر بن عبد البر في "الاستذكار" 9/ 55 - 57: وجملة قول مالك في "موطئه" أن المعادن مخالفة الركاز، لأنة لا يُنال ما فيها إلا بالعمل، بخلاف الركاز، ولا خمس في المعادن، وإنما فيها الزكاة، وهي عنده بمنزلة الزرع، يجب فيها الزكاة، إذا حصل النصاب، ولا يُستأنف به الحَول، ولا زكاة عنده فيما يخرج من المعدن إن كان ذهباً حتى يبلغ عشرين ديناراً أو مئتي درهم فضة.
وقال أشهب عن مالك: الذهب الثابت في الأرض يؤخذ بغير عمل هو ركاز وفيه الخمس، وقال الأوزاعي: في ذهب المعدن وفضته الخمس، ولا شيء فيما يخرج منه غيرهما.
وقال أبو حنيفة وأصحابه: في الذهب والفضة والحديد والنحاس والرصاص الخارج من المعدن الخمس كالركاز، وما كان في المعدن من ذهب وفضة بعد إخراج الخمس اعتبر كل واحد فيما حصل بيده منه ما تجب فيه الزكاة، فزكّاه لتمام الحول.
العباس: جَلْسَها وغَوْرَها - وحَيثُ يَصْلُحُ الزرعُ من قُدْسٍ، ولم يعطِه حقَّ مُسلمٍ"
(1)
.
(1)
صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن في المتابعات والشواهد، أبو أويس - واسمه عبد الله بن عبد الله بن أويس الأصبحي - ضعيف يعتبر به، وكثير بن عبد الله المزني حسّن الرأي فيه البخاريُّ وتبعه تلميذه الترمذيُّ، وضعفه الأكثرون، وبالغ بعضهم فاتهمه بالكذب فكان غير مُسدَّد، وأعدل القول فيه أنه ضعيف يعتبر به في المتابعات والشواهد كما حققناه في مقدمة "جامع الترمذي"، وقد تابعه ثور بن زيد الديلي كما جاء بإثر الحديث، وروي من طرق أخرى كما في الطريق السابق، وكما سيأتي في التخريج هنا، وبمجموعها يصح الحديث، والله تعالى أعلم.
وأخرجه أحمد في "مسنده"(2785)، والقاضي المحاملي في "أماليه"(344)، والبيهقي 6/ 145 من طريق أبي أويس عبد الله بن عبد الله الأصبحي، بالإسنادين كليهما.
وأخرجه الطبراني في "الكبير"(1141)، والحاكم 3/ 517 من طريقين عن حميد بن صالح، عن عمارة وبلال - وعند الحاكم: الحارث بدل عمارة - ابني يحيي ابن بلال بن الحارث، عن أبيهما، عن جدهما بلال بن الحارث. وهذا إسناد رجاله لم نتبينهم، فلم يذكروا في شيء من كتب الرجال التي بين أيدينا، فالله تعالى أعلم.
وانظر ما بعده، وما قبله.
قال الخطابي: قوله: "جلْسيَّها" يريد نجديها، ويقال لنجد: جَلْس، وقال الأصمعي: وكل مرتفع جلْس، و"الغور" ما انخفض من الأرض يريد أنه أقطعه وهادها ورُباها.
قلت [القائل الخطابي]: إنما يقطع الناس من بلاد العنوة ما لم يحزْهُ ملك مسلم، فإذا أقطع الإمام رجلاً بياض أرض فإنه يملكها بالعمارة والإحياء، ويثبت ملكه عليها، فلا تنتزع من يده أبداً. فإذا أقطعه معدناً نظر، فإن كان المعدن شيئاً ظاهراً كالنفط والقار ونحوهما، فإنه مردود، لأن هذه منافع حاصلة، وللناس فيها مرفق، وهي لمن سبق إليها، ليس لأحد أن يمتلكها فيستأثر بها على الناس، وإن كان المعدن من معادن الذهب والفضة أو النحاس وسائر الجواهر المستكنة في الأرض المختلطة بالتربة =
قال أبو أويس: وحدَّثني ثَور بن زَيدٍ، عن عِكرمةَ، عن ابن عباسٍ مثله.
3063 -
حدَّثنا محمدُ بن النضْر، سمعتُ الحُنَينيَّ قال: قرأتُه غيرَ مرةٍ - يعني كتابَ قطيعةِ النبي صلى الله عليه وسلم قال أبو داود: وحدثنا غيرُ واحد عن حُسين بن مُحمدٍ، أخبرنا أبو أويسٍ، حدثني كثيرُ بن عبد الله، عن أبيه
عن جده: أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم أقطعَ بلالَ بن الحارثِ المزنيَّ معادنَ القَبَلِيَّه جَلْسيَّها وغَوْرَيَّها - قال ابن النضْر: وجَرْسَها وذاتَ النُّصُبِ، ثم اتفقا - وحيثُ يَصلُحُ الزَّرْع من قُدْسٍ، ولم يُعطِ بلالَ بن الحارِث حقَّ مسلمٍ، وكتبَ له النبيُّ صلى الله عليه وسلم:"هذا ما أعطى رسولُ الله بلالَ بن الحارث المزنيَّ، أعطاه معادن القَبَلِيةِ جَلْسَها وغَوْرَها، وحيثُ يَصلُحُ الزرعُ من قُدْسٍ، ولم يعطِه حقَّ مسلمٍ"
(1)
.
= والحجارة التي لا تستخرج إلا بمعاناة ومؤنة، فإن العطية ماضية إلا أنه لا يملك رقبتها حتى يحظرها على غيره إذا عطلها وترك العمل فيها، إنما له أن يعمل فيها ما بدا له أن يعمل، فإذا ترك العمل خلي بينه وبين الناس، وهذا كله على معاني الشافعي.
وفي قوله: "ولم يعطه حق مسلم" دليل على أنه من ملك أرضاً مرة ثم عطلها أو غاب عنها فإنها لا تملك علبه بالاقطاع أو إحياء، وهي باقية على ملكه الأول.
(1)
صحيح لغيره كسابقه. والحُنيني - وهو إسحاق بن إبراهيم، وإن كان ضعيفاً - متابع وروايته هنا عن كثير بن عبد الله، ومن هؤلاء الذين سمع منهم أبو داود هذا الحديث العباس بن محمد بن حاتم كما في الإسناد السابق، وهو ثقة حافظ.
وأخرجه البزار في "مسنده"(3395) من طريق إسحاق بن إبراهيم الحُنيني، عن كثير بن عبد الله المزني، به.
وانظر سابقيه.
قال أبو أويس: وحدَّثني ثَور بن زيدٍ، عن عكرمةَ، عن ابن عباسٍ، عن النبي صلى الله عليه وسلم، مثله، زادَ أبن النضْرِ: وكتبَ أُبيُّ بن كعْب.
3064 -
حدَّثنا قتييةُ بن سعيد الثقَفيُّ ومحمدُ بن المتوكل العَسقلانيُّ - المعنى واحد - أن محمدَ بن يحيى بن قيسٍ المأرِبي حدَّثهم، أخبرني أبي، عن ثُمامة بن شَراحِيل، عن سُمَيِّ بن قيسٍ، عن شُمَير، - قال ابن المتوكل: ابن عبد المَدَان -
عن أبْيَضَ بن حَمَّالٍ: أنه وفَدَ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستقطَعَه المِلحَ - قال ابنُ المتوكِّل: الذي بمأرِبَ - فقطعه له، فلما أن وَلَّى قال رجلٌ من المجلِس: أتدري ما قطعتَ له؟ إنما قطعتَ له الماء العِدَّ، قال: فانتُزِع منه، قال: وسألتُه عما يُحمَى من الأَراكِ، قال:"ما لم تنَلْهُ خِفاف - وقال ابن المتوكل: أخْفافُ - الإبِلِ"
(1)
.
(1)
حسن، وهذا إسناد ضعيف لجهالة سُمَيّ بن قيس وشمير - وهو ابن عبد المدان -، وقد توبعا في طريق آخر، فالحديث حسن.
وأخرجه الترمذي (1435) و (1436)، والنسائي في "الكبرى"(5736) من طريق محمد بن يحيى بن قيس المأربي، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن غريب، والعمل عليه عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم، في القطائع: يرون جائزاً أن يُقطِعَ الإمامُ لمن رأى ذلك. وصححه ابن حبان (4499) والضياء المقدسي في "مختارته"(1282)، وسكت عنه عبد الحق الإشبيلي في "أحكامه الوسطى".
وأخرجه ابن ماجه (2475) من طريق فرج بن سعيد بن علقمة بن سعيد بن أبيض ابن حمال، عن عمه ثابت بن سعيد، عن أبيه سعيد، عن أبيض بن حمال. وثابت وأبوه مجهولان، لكن جهالتهما منجبرة بورود الحديث من طريق آخر، كيف وهما من آل أبيض ابن حمال، وآل الرجل من أعرف الناس به، وهذه القصة قصته، والله تعالى أعلم.
وانظر تمام تخريجه في "سنن ابن ماجه".
وستأتي قصة حمى الأراك برقم (3066). =
3065 -
حدَّثنا هارونُ بن عبد الله، قال:
قال محمدُ بن الحَسَنِ المخزوميُّ: "ما لم تنَلْه أخفافُ الإبلِ": يعني: أن الإبلَ تأكل مُنتَهى رؤُوسِها، ويُحمَى ما فوقَه
(1)
.
3066 -
حدَّثنا محمدُ بن أحمدَ القرشيُّ، حدَّثنا عبدُ الله بن الزبيرِ، حدَّثنا فَرَجُ بن سَعيدٍ، حدثني عمي ثابتُ بن سعيدٍ، عن أبيه، عن جده
عن أبيضَ بن حَمَّالٍ: أنه سألَ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عن حِمَى الأراكِ، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:"لا حِمَى في الأراكِ" فقال: أراكةٌ في حِظَاري، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"لا حِمَى في الأراكِ" قال فَرجٌ: يعني بحِظاري: الأرضَ التي فيها الزرعُ المُحَاط عليها
(2)
.
= وقال الخطابي: وهذا يبين ما قلناه من أن المعدن الظاهر الموجود خيره ونفعه لا تقطعه أحدٌ، و"الماء العِدّ": هو الماء الدائم الذي لا ينقطع.
قال: وفيه من الفقه: أن الحاكم إذا تبين الخطأ في حكمه نقضه، وصار إلى ما استبان من الصواب في الحكم الثاني.
وقوله: "ما لم تنله أخفاف الابل" ذكر أبو داود عن محمد بن الحسن المخزومي أنه قال: معناه: أن الإبل تأكل منتهى رؤوسها ويحمى ما فوقه. وفيه وجه آخر: وهو أنه إنما يُحمى من الأراك ما بعدُ عن حضرة العمارة، فلا تبلغه الإبل الرائحة إذا أرسلت في الرعي. وفى هذا دليل على أن الكلأ والرعي لا يمنع من السارحة وليس لأحد أن يستأثر به دون سائر الناس.
(1)
هارون بن عبد الله: هو ابن مروان البغدادي الحمَّال، ثقة، لكن شيخه محمد ابن الحسن المخزومي - وهو ابن زَبالة - وإن كان متروك الرواية، لايمنع أن يكون له معرفة بلغة العرب، وقد كان عالماً بالأنساب والمغازي.
(2)
حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف لجهالة ثابت بن سعيد - وهو ابن أبيض بن حمّال - وجهالة أبيه كذلك، وقد روي من طريق آخر سلف عند المصنف برقم (3064) - وهو وإن كان فيه مجهولان كذلك - يحسن به الحديث إن شاء الله تعالى. عبد الله بن الزبير: هو الحُميدي القرشي المكي. =
3067 -
حدَّثنا عمر بن الخطاب أبو حفصٍ، حدَّثنا الفريابيُّ، حدَّثنا أبانُ - قال عمرُ: وهو ابن عبد الله بن أبي حازم - حدثني عثمانُ بن أبي حازمٍ، عن أبيه
عن جده صخر: أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم غزا ثقِيفاً، فلما أن سمع ذلك صخرٌ ركب في خَيْل يُمِدُّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فوجد نبيَّ الله صلى الله عليه وسلم قد انصرفَ ولم يُفتَح، فجعل صخرٌ حينئذٍ عهدَ اللهِ وذمتَه أن لا يفارق هذا القَصْر، حتى ينزلوا على حُكمِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فلم يفارقْهم حتى نزلُوا على حكمِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فكتب إليه صخر: أما بعد، فإن ثقِيفاً قد نزلتْ على حُكمِك يا رسولَ الله، وأنا مُقبِلٌ إليهم وهم في خيلٍ، فأمر رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بالصلاةِ جامعةً، فدعا لأَحْمَسَ عَشرَ دعواتٍ:"اللهم بارك لأحمسَ في خيلِها ورجالِها" وأتاه القومُ فتكلَّم المغيرةُ بن شعبةَ، فقال: يا رسول اللهِ، إن صخراً أخذَ عمتي ودخلَتْ فيما دخل فيه المسلمون، فدعاه فقال:"يا صخرُ، إن القومِ إذا أسلموا أحرزُوا دماءَهم وأموالَهم، فادفع إلى المغيرةِ عمتَه" فدفَعها إليه، وسأل رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَاءً لِبَني سُلَيم قد هَرَبُوا، عن الإسلام، وتركوا ذلك الماء، فقال: يا نبي الله أنزِلْنيهِ أنا وقومي، قال:"نعم"، فانزلَه وأسلَم -يعني السُّلَمِيين-
= وأخرجه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(2472)، والطبراني في "الكبير"(808)، والضياء المقدسي في "المختارة"(1283) من طريق فرج بن سعيد، بهذا الإسناد.
وانظر ما سلف برقم (3064).
قال الخطابي: يشبه أن تكون هذه الأراكة يوم إحياء الأرض، وحظر عليها قائمة فيها فملك الأرض بالإحياء، ولم يملك الأراكة إذ كانت مرعى للسارحة، فأما الأراك: إذا نبت في ملك رجل، فإنه محميٌّ لصاحبه غير محظور عليه تملكه والتصرف فيه، ولا فرق بينه وبين سائر الشجر الذي يتخذه الناس في أراضيهم.
فأتوا صخْراً، فسألُوه -وقال غيره: الأسلميون مكان السلميين- أن يدفع إليهم الماء، فأبى، فأتوا النبيَّ صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا نبىَّ الله، أسلمنا وأتينا صخْراً ليدفع إلينا ماءَنا فأبى علينا، فَدعاهُ فقال: "يا صخرُ، إن القومَ إذا أسلمُوا أحرزُوا أموالَهم ودماءَهم، فادْفع إلى القوم ماءَهم قال: نعم، يا نبي الله، فرأيتُ وجهَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم يتغيَّر عند ذلك حُمرةً حياءً، من أخذِه الجاريةَ وأخذِه الماءَ
(1)
.
(1)
إسناده ضعيف لجهالة عثمان بن أبي حازم وأبيه، ثم لانفراد أبان بن عبد الله البجلي بروايته، وقد قال فيه ابن حبان في "المجروحين": وكان ممن فحش خطؤه، وانفرد بالمناكير، وقال الذهبى في "الضعفاء والمتروكين": صدوق، له مناكير. قلنا: وقد ضعف هذا الحديث عبد الحق في "أحكامه الوسطى" 3/ 74، ووافقه ابن القطان في "بيان الوهم والإيهام" 3/ 260، والبيهقي في "السنن الكبرى" 9/ 114 - 115. ثم إنه قد اختُلف فيه على أبان بن عبد الله البجلي:
فرواه محمد بن يوسف الفريابي عنه، عن عثمان بن أبي حازم، عن أبيه، عن صخر -وهو ابن العَيلة. أخرجه كذلك محمد بن يوسف الفريابي في "مسنده" كما في "الإصابة" لابن حجر 3/ 416، ومن طريقه الدارمي (1674)، والمصنف هنا، والبيهقي 9/ 114.
ورواه وكيع بن الجراح، عنه، عن عثمان بن أبي حازم، عن صخر- بإسقاط أبي حازم والد عثمان من الإسناد. أخرجه كذلك ابن سعد في "الطبقات" 6/ 31.
ورواه وكيع مرة أخرى، عنه، عن عمومته، عن جدهم صخر - فأبهم ذكر العمومة وأسقط أبا حازم. أخرجه كذلك أحمد في "المسند"(18778)، ومن طريقه ابن الأثير في "أسد الغابة" 3/ 12.
ورواه كرواية وكيع الأولى أبو نعيم الفضل بن دكين عند ابن سعد 6/ 31، وابن أبي شيبة 12/ 466 - 467، والدارمي (1673) و (2480)، والبخاري في "التاريخ الكبير" 4/ 310 - 311، ومسلم بن إبراهيم عند الطبراني في "الكبير"(7279) وعنه=
3068 -
حدَّثنا سليمانُ بن داود المَهريُّ، أخبرنا ابنُ وهب، حدثني سَبْرَةُ ابن عبد العزيز بن الربيع الجُهنىُّ، عن أبيه
عن جده: أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم نزل في موضعِ المسجدِ تحت دَوْمَةٍ، فأقام ثلاثاً، ثم خرج إلى تَبُوكَ، وإن جهينةَ لحِقُوه بالرَّحْبَةِ، فقال
= أبو نعيم الأصبهاني في "معرفة الصحابة". ومحمد بن الحسن الأسدي عند الطبراني أيضاً (7280)، وقيس بن الربيع عند أبي نعيم الأصبهاني في "معرفة الصحابة"، أربعتهم، عن أبان، عن عثمان بن أبي حازم، عن صخر. وقرن محمد بن الحسن في روايته بعثمان كثير بن أبي حازم. وكثير هذا لم نقع له على ترجمة فيما بين أيدينا من المصادر.
ورواه أبو أحمد الزبيري، عن أبان، عن صخر ومعمر وغير واحد، عن أبي حازم، عن أبيه صخر. أخرجه كذلك ابن قانع في "معجم الصحابة" 2/ 20 - 21. كذا جاء في مطبوع "معجم الصحابة" وكذا قال البغوي فيما حكاه عنه ابن حجر في "الإصابة" 3/ 416، لكن قال المزي في "تحفة الأشراف" (4851): ورواه أبو أحمد الزبيري عن أبان، عن صخر ورواه معمر وغير واحد، عن أبان، عن عثمان بن أبي حازم، عن صخر بن العيلة - فجعله إسناداً آخر منفصلاً!
وانظر "معرفة الصحابة" لأبي نعيم الأصبهاني، و "تحفة الأشراف" للمزي 4/ 160، و"الإصابة" لابن حجر 3/ 416، و"أُسد الغابة" لابن الأثير 3/ 12 - 13.
قال الخطابي: يشبه أن يكون أمره إياه برد الماء عليهم إنما هو على معنى استطابة النفس عنه، ولذلك كان يظهر في وجهه أثر الحياء، والأصل أن الكافر إذا هرب عن مال له، فإنه يكون فيئاً، فإذا صار فيئاً وقد ملكه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ثم جعله لصخر، فإنه لا ينتقل عنه ملكه إليهم بإسلامهم فيما بعد، ولكنه استطاب نفس صخر عنه ثم ردّه عليهم تألفاً لهم على الإسلام وترغيباً لهم في الدين، والله أعلم. وأما ردّه المرأة فقد يحتمل أن يكون على هذا المعنى أيضاً كما فعل ذلك في سبى هوازن بعد أن استطاب أنفس الغانمين عنها، وقد يحتمل أن يكون ذلك الأمر فيها بخلاف ذلك، لأن القوم إنما نزلوا على حُكم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان السبي والدماء والأموال موقوفة على ما يريه الله فيهم، فرأى صلى الله عليه وسلم أن ترد المرأة وأن لا تُسبَى.
لهم: "مَنْ أهْلُ ذِي المَرْوةِ؟ " فقالوا: بنو رفاعة من جُهَينةَ، فقال:"قد أقطعْتُها لبني رِفاعَةَ" فاقتسَموها: فمنهم من باعَ، ومنهم من أمسَكَ فعمل، ثم سألتُ أباهُ عبدَ العزيز عن هذا الحديث، فحدَّثني ببعضِه ولم يحدثْني به كلِّه
(1)
.
3069 -
حدَّثنا حسينُ بن عليٍّ، حدَّثنا يحيى -يعني ابنَ آدم- حدَّثنا أبو بكر بن عيّاش، عن هشامِ بن عروة، عن أبيه
عن أسماء بنت أبي بكر: أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم أقطعَ الزبيرَ نَخْلاً
(2)
.
(1)
إسناده حسن من أجل عبد العزيز بن الرَّبيع -وهو ابن سَبرة بن معبد الجُهني- فهو صدوق حسن الحديث. وجدُّ سبرة هنا: هو سَبرة بن مَعبَد الصحابي كما يُفهم من صنيع الحافظ المنذري في "تهذيبه" حيث قال: وعن سبرة بن معبد الجهني.
وأخرجه البيهقي 6/ 149 من طريق أبي داود، بهذا الإسناد.
قوله: دومة، بضم الدال وفتحها، واحدة الدّوم، وهي ضخام الشجر، وقيل: هو شجر المُقل.
والرَّحْبَة، أي: الأرض الواسعة.
وذو المروة: قال ياقوت: قرية بوادي القرى، ووادي القرى وادٍ بين المدينة والشام، وهو بين تيماء وخيبر، فيه قرى كثيرة، وبها سُمِّي وادي القرى.
(2)
إسناده صحيح. وقد تابع أبا بكر بن عياش أبو أسامة حماد بن أسامة كما سيأتي.
وأخرجه ابن سعد في "الطبقات الكبرى" 3/ 103، والترمذي في "علله الكبير" 1/ 574، والطبراني في "الكبير" 24/ (215) من طريق أبي بكر بن عياش، بهذا الإسناد. وسأل الترمذيُ البخاريَّ عن هذا الحديث فقال البخاري: الصحيح عن هشام ابن عروة، عن أبيه، أن النبي صلى الله عليه وسلم. وكذلك قال الدارقطني في "العلل " 5/ ورقة 194 عن المرسل: إنه هو الصواب!! قلنا: كذا قالا مع أن أبا أسامة حماد بن أسامة قد رواه كذلك موصولاً. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= فقد أخرج أحمد (26937)، والبخاري (3151).، ومسلم (2182)، والنسائي في "الكبرى"(9125) من طريق أبي أسامة حماد بن أسامة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن أسماء بنت أبي بكر قالت: كنت أنقُل النوى من أرض الزبير التي أقطعه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، على رأسي، وهى مني على ثلثي فرسخ.
وأخرج أبو عبيد في "الأموال"(678)، وعنه حميد بن زنجويه في "الأموال"(1011) عن أبي معاوية الضرير، عن هشام بن عروة، عن أبيه -قال أبو عُبيد: وغير أبي معاوية يُسنده عن أسماء بنت أبي بكر- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقطع الزبير أرضاً بخيبر فيها شجر ونخل.
وأخرج البيهقي في "السنن الكبرى" 6/ 145 من طريق سفيان بن عيينة و 6/ 146 من طريق جعفر بن عون، كلاهما عن هشام، عن أبيه -مرسلاً- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقطع الزبير أرضاً.
وعلّق البخاري في "صحيحه" بإثر الحديث (3151) عن أبي ضمرة أنس بن عياض، عن هشام، عن أبيه مرسلاً -أن النبي- صلى الله عليه وسلم أقطع الزبير أرضاً من أموال بني النضير.
وأخرج أبو عبيد (677)، وعنه حميد بن زنجويه (1009) عن هشيم بن بشير، قال: حدَّثنا يونس بن عُبيد، وحميد بن زنجويه (1010) من طريق عبد الله بن عون، كلاهما عن محمد بن سيرين -واللفظ ليونس- قال: أقطع رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلاً من الأنصار -يقال له: سليط، وكان يذكر من فضله- أرضاً. قال: فكان يخرج إلى أرضه تلك، فيقيم بها الأيام، ثم يرجع. فيقال له: لقد نزل من بعدك من القرآن كذا وكذا، وقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في كذا وكذا، قال فانطلق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إن هذه الأرض التي أقطعتنيها قد شغلتني عنك، فاقبلها مني، فلا حاجة لي في شيء يشغلني عنك، فقبلها النبي صلى الله عليه وسلم منه، فقال الزبير: يا رسول الله، أقطعنيها، قال: فأقطعها إياه. وهذا إسناد مرسل رجاله ثقات.
وانظر (3072).
قال أبو عبيد: أما إقطاع النبي صلى الله عليه وسلم الزبير أرضاً ذات نخل وشجَر، فإنا نراها الأرض التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أقطعها الأنصاري فأحياها وعمرها، ثم تركها بطيب نفس منه،=
3070 -
حدَّثنا حفصُ بن عُمر وموسى بن إسماعيلَ -المعنى واحد- قالا: حدَّثنا عبدُ الله بن حسان العَنبريُّ
حدثتْني جدتاي صفيّهُ وُدَحيْبَةُ ابنتا عُلَيْبَةَ -وكانتا ربيبتَيْ قَيلَةَ بنتِ مَخْرَمةَ، وكانت جدةَ أبيهما- أنها أخبرتْهما، قالت: قدمنا على رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، قالت: تقدَّم صاحبي -تعني حُرَيْثَ بن حسان، وافدَ بكرِ ابن وائلٍ- فبايعَه على الإسلامِ عليه وعلى قومه، ثم قال: يا رسول الله، اكتُب بيننا وبين بني تميم بالدَّهناء: أن لا يجاوزَها إلينا منهم أحدٌ إلا مسافرٌ أو مُجاوِرٌ
(1)
، فقال:"اكتب له يا غلام بالدّهناء" فلما رأيتُه قد أمر له بها شُخِصَ بي وهي وطني وداري، فقلت: يا رسولَ الله، إنه لم يسألْك السَّويَّةَ من الأرضِ إذ سألك، إنما هذه الدهناءُ عندك مُقَيَّدُ الجَمَلِ، ومَرْعَى الغنم، ونساءُ تميم وأبناؤها وراءَ ذلك، فقال:
= فأقطعها رسول الله صلى الله عليه وسلم للزبير. وهو مفسّر في حديث ابن سيرين الذي ذكرناه، فإن لم تكن تلك فلعلها مما اصطفى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم من خيبر، فقد كان له من كل غنيمة الصفى وخمس الخمس. وقد ذكرنا ما كان له خاصاً من الغنائم في أول الكتاب. فإن كانت أرض الزبير من ذلك فهي ملك يمين رسول الله صلى الله عليه وسلم، يعطيها من شاء عامرة وغير عامرة، ولا أعرف لإقطاعه أرضاً فيها نخل وشجر وجهاً غير هذا. وقال الإمام النووي في "شرح مسلم" 14/ 165: وفي هذا دليل لجواز إقطاع الإمام، فأما الأرض المملوكة لبيت المال، فلا يملكها أحد إلا بإقطاع الإمام، ثم تارة يقطع رقبتها، ويُملكلها الإنسان يرى فيه مصلحة فيجوز، ويملكها كما يملك ما يعطيه من الدراهم والدنانير وغيرها إذا رأى فيه مصلحة، وتارة يقطعه منفعتها، فيستحق الانتفاع بها مدة الإقطاع، وأما الموات، فيجوز لكل أحد إحياؤه، ولا يفتقر إلى إذن الإمام، هذا مذهب مالك والشافعى والجمهور، وقال أبو حنيفة: لا يملك الموات بالإحياء إلا بإذن الإمام.
(1)
في (أ): إلا مجتازاً أو مسافراً.
"أمسِك يا غلامُ، صدَقتِ المسكينةُ، المسلمُ أخو المسلم، يَسعُهُما الماءُ والشجرُ، ويتعاونان على الفَتَّانِ"
(1)
.
سُئل أبو دَاود عن الفتّان؟ فقال: الشيطان
(2)
.
(1)
إسناده ضعيف لجهالة صفية ودُحيبة ابنتي عُليبة. ومع ذلك حسَّن الحافظ إسناد هذا الحديث في "الفتح" 3/ 155!
وأخرجه ابن سعد في "الطبقات" 1/ 317 - 319، وأبو عبيد في "الأموال"(730)، وحميد بن زنجويه في "الأموال"(1090)، والترمذي (3023)، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(3492)، والطبراني في "الكبير" 25/ (1)، والبيهقى 6/ 150، والمزي في ترجمة قيلة بنت مخرمة، من طريق عبد الله بن حسان، به. ولم يسق الترمذي وابن أبي عاصم لفظه. ورواية ابن سعد والطبراني والمزي مطولة جداً.
وقال الترمذي: حديث قيلة لا نعرفه إلا من حديث عبد الله بن حسان. قال الخطابي: قوله: "مقيّد الجمل" أي: مرعى الجمل ومسرحه. فهو لا يبرح منه. ولا يتجاوزه في طلب المرعى، فكأنه مقيد هناك. كقول الشاعر:
خليلى بالموماة عوجا فلا أرى
…
بها منزلاً إلا جَريبَ المقيّد
وفيه من الفقه: أن المرعى لا يجوز إقطاعه، وأن الكلأ بمنزلة الماء لا يُمنع.
وقوله:: "يسعهما الماء والشجر" يأمرهما بحسن المجاورة، وينهاهما عن سوء المشاركة.
وقوله: "يتعاونان على الفَتَّان" يقال: معناه الشيطان الذي يفتن الناس عن دينهم، ويُضِلُّهم. ويروى "الفُتَّان"، بضم الفاء، وهو جماعة الفاتن، كما قالوا: كاهن وكُهّان.
قلنا: وقوله: الدَّهناء، بفتح أوله، ويمد ويقصر، قال البكري في "معجم ما استعجم": قال ابن حبيب: هي رمال في طريق اليمامة إلى مكة، لا يُعرف طولها، وأما عرضها فثلاث ليال، وهي على أربعة أميال من هجر. قلنا: وهي الآن صحراء في المملكة العربية السعودية تسمى صحراء النفوذ الصغرى، تمتد من النفوذ شمالاً حتى الربع الخالى جنوباً، طولها (000، 130) كم 2، ورمالها حمراء لكثرة أكسيد الحديد.
(2)
مقالة أبي داود هذه أثبتناها من هامش (هـ)، وأشار هناك إلى أنها من رواية ابن الأعرابي وأبي عيسى الرملي.
3071 -
حدَّثنا محمد بن بشّار، حدَّثني عبد الحميد بن عبد الواحدِ، حدَّثتني أم جَنوبٍ بنتُ نُمَيلةَ، عن أُمها سويدة بنتِ جابرٍ، عن أُمها عَقيلةَ بنتِ أسمرَ بن مُضَرِّس عن أبيها أسمرَ بنِ مُضرِّسٍ، قال: أتيتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم فبايعتُه، فقال:"مَنْ سبق إلى ما لم يَسْبقْه إليه مسلمٌ فهو له" قال: فخرج الناسُ يَتَعادَوْنَ يَتخاطُّونَ
(1)
.
3072 -
حدَّثنا أحمدُ بن حنبل، حدَّثنا حمادُ بن خالدٍ، عن عَبدِ الله بن عمر، عن نافعٍ
(1)
إسناده ضعيف. عبد الحميد بن عبد الواحد مجهول، وكذا من فوقه إلى أسمر بن مضرِّس، وأسمر بن مضرّس لم يرو عنه غير ابنته عقيلة، ولا يُعرف إلا بهذا الإسناد كما قال المزي في ترجمته من "تهذيب الكمال". وقال المنذري في "مختصر السنن": غريب، ونقل عن أبي القاسم البغوي قوله: ولا أعلم بهذا الإسناد حديثاً غير هذا. قلنا: ومع ذلك قال البخاري في "تاريخه الكبير" 2/ 61، وابن السكن في "سننه الصحاح": له صحبة، وقال ابن الأثير في "أسد الغابة"1/ 98: عقيلة، بفتح العين المهملة. وكسر القاف، ونميلة، بضم النون.
وأخرجه ابن سعد في "الطبقات" 7/ 73، والبخاري في "تاريخه الكبير" 2/ 61، والطبراني في "المعجم الكبير"(814)، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة"(1051)، والبيهقي 6/ 142، وابن الأثير في "أسد الغابة" 1/ 97 - 98، والضياء المقدسي في "المختارة"(1434)، والمزي في ترجمة أسمر بن مضرِّس الطائى من "تهذيب الكمال"، وعنه الذهبى في "الميزان" في ترجمة سويدة بنت جابر، من طريق محمد بن بشار، بهذا الإسناد.
قوله: يتعادَون، أي؛ يُسرعرن، والمعاداة الإسراع بالسير.
ويتخاطُّون، أي: كل منهم يسبق صاحبه في الخط وإعلام ما له بعلامة.