الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
4 - باب ماجاء في الصُّلْب
2890 -
حدَّثنا عبدُ الله بن عامرِ بن زُرَارةَ، حدَّثنا عليُّ بن مُسهِرٍ، عن الأعمشِ، عن أبي قيسٍ الأودِيّ
عن هُزيلِ بن شُرَحْبيل الأوْدِي، قال: جاءَ رجلٌ إلى أبي موسى الأشعريِّ وسلمانَ بنِ ربيعةَ فسألهما، عن ابنة، وابنة ابن، وأخت لأب وأم، فقالا: لابنتِه النصفُ، وللأختِ من الأب والأم النصفُ، ولم يُورِّثا ابنة الابن شيئاً، وأْتِ ابنَ مسعودٍ فإنه سَيُتَابِعُنَا، فأتاه الرجلُ فسأله وأخبَره بقولهما، فقال: لقد ضَلَلْت إذاً وما أَنا من المهتدين، ولكن أقضِي فيها بقضاءِ رسول الله صلى الله عليه وسلم: لابنتِه النصفُ، ولابنة الابنِ سهمُ تكملةِ الثُّلُثين، وما بقي فللأُخت من الأب والأم
(1)
.
قال الخطابي: قوله: " تجزيك آية الصيف" فإن الله سبحانه أنزل في الكلالة آيتين، إحداهما في الشتاء، وهي الآية التي نزلت في سورة النساء، وفيها إجمال وإبهام، لا يكاد يتبين هذا المعنى من ظاهرها، ثم أنزل الآية الأخرى، وهي في آخر سورة النساء، وفيها زيادة البيان ما ليس في آية الشتاء، فأحال السائل عليها ليستبينَ المرادَ بالكلالة المذكورة فيها، والله أعلم.
وقال: وقد روي أن هذا الرجل الذي سأل رسول صلى الله عليه وسلم عن هذا هو عمر بن
الخطاب رضي الله عنه، ويشبه أن يكون -والله أعلم- إنما لم يفتِهِ عن مسألته ووكل الأمرَ في ذلك إلى بيان الآية اعتماداً على علمه وفقهه، ليتوصل إلى معرفتها بالاجتهاد الذي هو طريق التبيُّن، ولو كان السائل غيره ممن ليس له مثل علمه وفهمه لأشبه أن لا يقصر في مسألته على الإشارة إلى ما أُجمل في الآية من الحكم دون البيان الشافي في التسمية له والنص عليه، والله أعلم.
(1)
إسناده حسن من أجل أبي قيس الأودي -وهو عبد الرحمن بن ثروان- فهو صدوق حسن الحديث. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وأخرجه البخاري (6736)، وابن ماجه (2721)، والترمذي (2223)، والنسائي في "الكبرى"(6294) و (6295) و (6296) من طريق أبي قيس عبد الرحمن بن ثروان الأودي، به.
وهو في "مسند أحمد"(3691)، و"صحيح ابن حبان"(6034).
قال الخطابي: في هذا بيان أن الأخوات مع البنات عصبة، وهو قول جماعة الصحابة والتابعين وعامة فقهاء الأمصار إلا ابن عباس رضي الله عنه، فإنه خالف عامة الصحابة في ذلك، وكان يقول في رجل مات وترك ابنة وأختاً لأبيه وأمه: إن النصف للابنة وليس للأخت شيء، وقيل له: إن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قضى بخلاف ذلك: جعل للأخت النصف وللابنة الصف، فقال: أهمُ أعلم أم الله؟ يريد قوله سبحانه: {إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ} [النساء: 176] فإنما جعل للأخت الميراث بشرط عدم الولد.
ثم قال الخطابي وجه ما ذهب إليه الصحابة من الكتاب مع بيان السنة التي رواها عبد الله بن مسعود رضى الله عنهم أجمعين، أن الولد المذكور في الآية إنما هو الذكور من الأولاد دون الإناث، وهو الذي يسبق إلى الأوهام ويقع في المعارف عندما يقرع السمع، فقيل: ولد فلان، وإن كان الإناث أيضاً أولاداً في الحقيقة كالذكور.
ويدل على ذلك قوله الله سبحانه حكاية عن بعض الكفار: {لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا} [مريم: 77] وقوله تعالى: {لَنْ تَنْفَعَكُمْ أَرْحَامُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ} [الممتحنة: 3](الممتحنة: 3) وقوله: {إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ} [التغابن: 15] فكان معلوماً أن المراد بالولد في هذه الآي كلها الذكور دون الإناث؛ إذا كان مشهوراً من مذاهب القوم أنهم لا يتكثرون بالبنات، ولا يرون فيهن موضع نفع وعزٍّ، بل كان مذاهبهم وأْدُهُنَّ ودفنهن أحياء والتعفية لآثارهن.
وجرى التخصيص في هذا الاسم كما جرى ذلك في اسم المال إذا أطلق في الكلام، فإنما يختص عرفاً بالإبل دون سائر أنواع المال، ومشهور في كلامهم أن يقال: غدا مال فلان وراح، يريدون سارحة الإبل والمواشى دون ما سواها من أصناف المال. وإذا ثبت أن المراد بالولد المذكور في قوله سبحانه:{إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ} [النساء: 176] الذكور من الأولاد دون الإناث لم يمنع الأخوات الميراث مع البنات. =
2891 -
حدَّثنا مُسدَّد، حدَّثنا بِشْر بن المُفضَّل، حدَّثنا عبد الله بن محمد ابن عَقيل
عن جابر بن عبد الله، قال: خرجْنا مع رسولِ الله صلى الله عليه وسلم حتى جئنا امرأةً من الأنصارِ في الأسوافِ، فجاءتِ المرأةُ بابنتين فقالت: يا رسولَ الله، هاتان بنتا ثابتِ بن قيسٍ قُتل معك يومَ أُحد، وقد استفاء عَمُّهُمَا مالَهما وميراثَهما كلَّه، فلم يَدَع لهما مالاً إلا أخذَه، فما ترى يا رسولَ الله؟ فوالله لا تُنْكحَان أبداً إلا ولهما مالٌ، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:"يَقْضِي اللهُ في ذلكِ" قال: ونزلتْ سورةُ النساء {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ} [النساء: 11] فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "ادْعُوا لي المرأةَ وصاحِبَها" فقال لعمِّهما: " أعطِهما الثُّلثَين، وأعطِ أمّهما الثُّمنَ، وما بقي فَلَكَ"
(1)
.
= قلنا: وقوله "ولابنة الابن سهم تكملة الثلثين" يعنى: السدس، لأن تكملة الثلثين مع النصف تعني السُّدس، ويكون الباقي. الذي أخذته الأخت الشقيقة تعصيباً مع البنت هو الثلث.
(1)
إسناده محتَمل للتحسين من أجل عبد الله بن محمد بن عقيل، وقد صحح الترمذي الحديث من طريقه. إلا أن قوله هنا: بنتا ثابت بن قيس، خطأ، والصحيح: بنتا سعد بن الربيع كما أشار المصنف بإثر الحديث. وقد صححه ابن الملقن في "البدر المنير" 7/ 213. مُسَدّد: هو ابن مُسَرهَدِ.
وأخرجه ابن ماجه (2720)، والترمذي (2222) من طريقين عن عبد الله بن محمد بن عقيل، به. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح. لا نعرفه إلا من حديث عبد الله بن محمد بن عقيل. وقد رواه شريكٌ أيضاً عن عبد الله بن محمد بن عقيل.
وهو في "مسند أحمد"(14798).
وقوله: "الأسواف": قال ابن الأثير في "النهاية": هو اسم لحرم المدينة الذي حرمه رسول الله صلى الله عليه وسلم ومحله اليوم الشارع المعروف. =
قال أبو داود: أخطأ فيه بشرٌ، هما ابنتا سعد بن الربيع، ثابتُ بن قيس قُتِلَ يوم اليمامة. 2892 - حدَّثنا ابنُ السَّرحِ، حدَّثنا ابنُ وهبٍ، أخبرني داود بن قَيسٍ وغيرُه من أهل العلم، عن عبد الله بن محمد بن عَقيل
عن جابر بن عبد الله، أن امرأةَ سعدِ بن الرَّبيع قالت: يا رسولَ الله، أن سعداً هَلَكَ وترك ابنتين، وساق نحوه
(1)
.
قال أبو داود: وهذا هو أصحُّ.
2893 -
حدَّثنا مُوسى بن إسماعيلَ، حدَّثنا أبانُ، حدَّثنا قتادةُ، حدثني أبو حسانَ، عن الأسودِ بن يزيد:
أن معاذ بن جبل ورَّثَ أختاً وابنةً، جعلَ لكلِّ واحدةٍ منهما النصفَ، وهو باليمن، ونبيُّ الله صلى الله عليه وسلم يومئذِ حَيٌّ
(2)
.
= قال الخطابي: قولها: استفاء مالهما، معناه: استردّ، واسترجع حقهما من الميراث فافتات به عليهما. وأصله من الفيء، وهو الرجوع، ومنه الفيء الذي يؤخذ من أموال الكفار، إنما هو مالٌ ردّه الله إلى المسلمين كان في أيدي الكفار.
(1)
إسناده محتمل للتحسين كسابقه. ابن وهب: هو عبد الله، وابن السرح: هو أحمد بن عمرو ابن السّرح أبو الطاهر.
(2)
إسناده صحيح. أبو حسَّان: هو مسلم بن عبد الله الأعرج، مشهور بكنيته، وقتادة: هو ابن دِعامة، وأبان: هو ابن يزيد العطار.
وأخرجه البخاري (6741) من طريق سليمان بن مهران الأعمش، عن إبراهيم بن يزيد النخعي، عن الأسود بن يزيد النخعي، قال: قضى فينا معاذ بن جبل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم: النصف للابنة والنصف للأخت.
ثم قال سليمان [يعني الأعمش] قضى فينا، ولم يذكر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني أن الأعمش رواه مرة على صيغة المرفوع على الراجح، ومرة وقفه كما قال الحافظ ابن حجر في "الفتح" 12/ 25. =