الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
145 - باب في السَّلَبِ يُعطَى القاتل
2717 -
حدَّثنا عبدُ الله بن مَسلَمةَ القَعنبيُّ، عن مالكٍ، عن يحيى بنِ سَعيدٍ، عن عمرَ بن كثيرِ بن أفلحَ، عن أبي محمدٍ مولى أبي قَتادةَ
عن أبي قتَادةَ، قال: خرجْنا مع رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم في عامِ حنينٍ، فلما التقينا كانت للمسلمين جَولَةٌ، قال: فرأيتُ رجلاً من المشركين قد عَلا رجلاً مِنَ المُسلمين، قال: فاستدَرْتُ له حتى أتيتُه من ورائه، فضربتُه بالسيفِ على حَبْل عاتقِه، فأقبلَ عليَّ، فضَمَّني ضَمَّةً وجدتُ منها ريحَ الموت، ثم أدركه الموتُ فأَرسلَني، فلحقتُ عمرَ بن الخطاب فقلتُ له: ما بالُ الناسِ؟ قال: أمرُ الله، ثم إن الناسَ رجَعوا، وجلسَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وقال:"مَن قَتَل قَتِيلاً لَهُ عليه بيِّنَةٌ، فله سلَبُه" قال: فقمتُ، ثم قلتُ: من يشهدُ لي؟ ثم جلستُ، ثم قال:"مَن قتل قتيلاً له عليه بينةٌ، فله سلَبُه" قال: فقمتُ، ثم قلتُ: من يشهدُ لي؟ ثم جلستُ، ثم قال ذلك الثالثةَ، فقمتُ، فقالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:"ما لك يا أبا قتادةَ؟ " فاقتصَصْتُ عليه القصةَ، فقال رجل من القوم: صَدَق يا رسولَ الله، وسَلَبُ ذلك القتيلِ عندي، فأَرْضِه منْه، فقال أبو بكر الصديق: لاها اللهِ إذا، يَعْمِدُ إلى أسدٍ من أُسْدِ الله، يقاتِل عن الله وعن رسوله، فيعطيك سَلبَه، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:"صَدَقَ، فأعطِه إياهُ".
فقال أبو قتادةَ: فأعطانِيه، فبعتُ الدِّرعَ، فابتَعْتُ مَخْرَفاً في بني سَلِمةَ، فإنه لأوَّلُ مالٍ تَأثَّلْتُهُ في الإسلام
(1)
.
(1)
إسناده صحيح. أبو محمد مولى أبي قتادة: هو نافع بن عباس الأقرع، ويحيى بن سعيد: هو الأنصاري، ومالك: هو ابن أنس. =
2718 -
حدَّثنا موسى بن إسماعيلَ، حدَّثنا حمّاد، عن إسحاقَ بن عبد الله ابن أبي طلحةَ
= وهو في "موطأ مالك" 2/ 454.
وأخرجه البخاري (3142)، ومسلم (1751)، وابن ماجه (2837) والترمذي (1649) و (1650) من طريق يحيى بن سعيد، به. ورواية ابن ماجه مختصرة بلفظ: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نفله سلَبَ قتيل، قتله يوم حُنين.
وهو في "مسند أحمد"(22518) و (22607)، و"صحيح ابن حبان"(4805).
قال الخطابي: "حبل العاتق": وصلة ما بين العنق والكاهل.
وقوله: "لاها الله إذاً"، هكذا يروى، والصواب:"لاها الله ذا" بغير ألف قبل الذال، ومعناه في كلامهم: لا والله، يجعلون الهاء مكان الواو. ومعناه: لا والله لا يكون ذا.
و"المخرف" بفتح الميم: البستان، يريد حائط نخل يُخترف منه الثمر، فأما المِخرف بكسر الميم: فالوعاء الذي يُخرف فيه الثمر.
وقوله: "تأثَّلْتُه" معناه: تملكتُه، فجعلته أصل مالٍ. وأثَلَةُ كل شيء: أصله، ويقال: تأثَّل مِلكُ فلانٍ: إذا كثُر.
وقال النووي في "شرح مسلم": اختلف العلماء في معنى هذا الحديث: فقال الشافعي ومالك والأوزاعي والليث والثوري وأبو ثور وأحمد وإسحاق وابن جرير وغيرهم: يستحق القاتل سلب القتيل في جميع الحروب سواء قال أمير الجيش قبل ذلك: من قتل قتيلاً فله سلبه، أم لم يقل ذلك. قالوا: وهذه فتوى من النبي صلى الله عليه وسلم وإخبار عن حكم الشرع فلا يتوقف على قول أحدٍ. وقال أبو حنيفة ومالك ومن تابعهما رحمهم الله تعالى: لا يستحق القاتل بمجرد القتل سلب القتيل، بل هو لجميع الغانمين كسائر الغنيمة إلا أن يقول الأمير قبل القتال: من قتل قتيلاً فله سلبه، وحملوا الحديث على هذا، وجعلوا هذا إطلاقاً من النبي صلى الله عليه وسلم، وليس بفتوى وإخبار عام، وهذا الذي قالوه ضعيف، لأنه صرح في هذا الحديث بأن النبي صلى الله عليه وسلم قال هذا بعد الفراغ من القتاد واجتماع الغنائم، والله أعلم. قال: ثم إن الشافعي رضي الله عنه يشترط في استحقاقه أن يغزو بنفسه في قتل كافر ممتنع قي حال القتال، والأصح أن القاتل لو كان ممن له رضْخ ولا سهم له كالمرأة والصبي والعبد استحق السَّلَب، وقال مالك رضي الله عنه: لا يستحقه إلا المقاتل، وقال الأوزاعي والشاميون: لا يستحق السلب إلا في قتيل قتله قبل التحام الحرب، فأما من قتل في التحام الحرب فلا يستحقه.