الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
91 - باب في ابنِ السبيلِ يأكُلُ من الثمرة ويشرب من اللبن إذا مرَّ به
2619 -
حدَّثنا عياشُ بن الوليدِ الرَّقَّام، حدَّثنا عبدُ الأعلى، حدَّثنا سعيدٌ، عن قتادةَ، عن الحسنِ
عن سَمُرةَ بن جُندبٍ أن نبيَّ الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا أتى أحدُكم على ماشيةٍ: فإن كان فيها صاحبُها فليستأْذنْهُ، فإن أذِنَ له فَلْيَحتلِبْ وليشربْ، فإن لم يكن فيها فَليُصَوَّتْ ثلاثاً، فإن أجابَه فليستأْذنْه، وإلا فليحْتلِب وليشربْ ولا يَحمِلْ"
(1)
.
وهو في "مسند أحمد"(12398).
وقوله: بسبسة. قال المنذري: بفتح الباء الموحدة وبعدها سين مهملة ساكنة، وبعدها باء بواحدة مفتوحة، وسين مهملة مفتوحة وتاء تأنيث، ويقال: بسبس ليس فيه هاء تأنيث، وقيل فيه أيضاً بُسيسة، وهو بسبسة بن عمرو، ويقال ابن بشر قال في "الإصابة": شهد بدراً باتفاق.
(1)
صحيح لغيره، وهذا إسناد رجاله ثقات، وقد اختُلف في سماع الحسن -وهو البصري- من سمرة بن جندب، قتادة: هو ابن دعامة، وسعيد: هو ابن أبي عروبة، وعبد الأعلى: هو ابن عبد الأعلى السامي.
وأخرجه الترمذي (1342)، والطبراني في "الكبير"(6877) و (6878)، والبيهقي 9/ 359 من طريق سعيد بن أبي عروبة، به. وقال الترمذي: حسن غريب صحيح.
ووقع عند الطبراني في الموضع الأول: سعيد بن بشير بدل: سعيد بن أبي عروبة، ولا نظنه إلا وهماً، لأنه من رواية عبد الأعلى السامي عنه، وعبد الأعلى معروف بالرواية عن ابن أبي عروبة، ولا تذكر له رواية عن سعيد بن بشير، والله أعلم.
وفي الباب عن أبي سعيد الخدرى عند أحمد في "مسنده"(11045)، وصححه ابن حبان (5281)، وهو كذلك.
قلنا: ويخالف هذين الحديثين ظاهراً حديثُ ابن عمر الآتي عند المصنف برقم (2623)، وعموم الأحاديث الواردة في النهي عن أكل مال أحدٍ إلا بإذنه، وقوله =
2620 -
حدَّثنا عُبيدُ الله بن مُعاذٍ العَنبريُّ، حدَّثنا أبي، حدَّثنا شعبةُ، عن أبي بِشرٍ
= تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} [النساء: 29]، وقد أزال هذا التعارض ابن القيم في "تهذيب السنن" قال: إن الآية وعموم أحاديث النهي لا تعارضَ بينها وبين حديثي أبي سعيد وسمرة، لأن التحريم في الآية مقيد بالباطل الذي لم يأذن فيه الشارعُ ولا المالك، فإذا وجد الإذنُ الشرعي أو الإذن من المالك لم يكن باطلاً ، وكذلك أحاديث النهي فإن التحريم فيها يتناول ما لم يقع فيه الإذن من الشارع ولا من المالك.
ويبقى حديث ابن عمر، وهو الآتي عند المصنف برقم (2623)، فيقول ابن القيم: إنه لا تعارض كذلك، لأن النهي في حديث ابن عمر ذاك يتناول المحتلب غير الشارب، لأنه يكون حينئذٍ كالمتخذ خُبنة من الثمار، يُشير بذلك إلى حديث عبد الله ابن عمر بن الخطاب عند الترمذي (1333) ، وابن ماجه (2301)، وحديث عبد الله ابن عمرو بن العاص السالف عند المصنف برقم (1710)، وفيهما أنه صلى الله عليه وسلم قال فيمن يدخل الحائط:"يأكل غير متخذٍ خبنة" يعني: لا يأخذ منه بثوبه. وهما حديثان حسنان.
قال: وحديث الإباحة يتناولُ المحتَلِب الشاربَ فقط، دون غيره، ويدل على هذا التفريق قوله صلى الله عليه وسلم في حديث سمرة:"فليحتلب وليشرب ولا يحمل"، فلو احتلب للحمل كان حراماً عليه، فهذا هو الاحتلاب المنهي عنه في حديث ابن عمر.
ثم قوى ابن القيم الجواز بحديث عباد بن شرحبيل الآتي عند المصنف بعده وصحح إسناده وردّ على من تكلّف ردّه بما لا يصلح التعليل به.
وأطال النَّفَس في درء التعارض في هذا البحث النفيس ، بما يُقنع ويُمتع، فراجعه.
وذكر في بحثه ذلك اختلافَ الفقهاء. في هذه المسألة على قولين، فقال: فذهبت طائفة منهم أن أحاديث الجواز محكمة، وأنه يسوغ الأكل من الثمار، وشرب البن لضرورة وغيرها ولا ضمانَ عليه، وهذا المشهور عند أحمد.
وقالت طائفة: لا يجوزُ له شيء من ذلك إلا لضرورة مع ثبوت العوض في ذمته، وهذا المنقول عن مالك والشافعي وأبي حنيفة، وحجة هؤلاء الآية السالفة الذكر وعموم أحاديث النهي عن أكل مال المرء إلا بإذنه.
ورد على الطائفة الثانية في تضمينهم للآكل والمُخزِّن على حدٍّ سواءٍ في ذلك البحث فراجعه.