الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
2 - باب في الصيد
2847 -
حدَّثنا محمد بن عِيسى، حدَّثنا جَريرٌ، عن مَنصورٍ، عن إبراهيمَ، عن همامٍ عن عدي بن حاتم، قال: سألتُ النبي صلى الله عليه وسلم، قلت: إني أُرسل الكلابَ المعلَّمَةَ فتمسكُ عَلَىَّ، أفآكل؟ قال:"إذا أرسلتَ الكلابَ المُعلَّمةَ، وذكرتَ اسمَ اللهِ، فكُلْ مِمَّا أمْسَكْنَ عليكَ". قلت: وإن قَتَلْنَ؟ قال: "وإن قتلْنَ، ما لم يَشْرَكْها كلبٌ ليس منها" قلت: أرمي بالمِعْراضِ فأصيبُ، أفآكل؟ قال:"إذا رَميتَ بالمِعْراض وذكرتَ اسمَ اللهِ فأصابَ فَخَزَق فكُلْ، وإن أصابَ بِعَرْضِه فلا تأكُلْ"
(1)
.
= وأخرجه مسلم (1572) من طريق ابن جريج، به.
وهو في (مسند أحمد" (14575)، و"صحيح ابن حبان"(5651).
قال بدر الدين العيني في "عمدة القاري" 15/ 202: أخذ مالك وأصحابه وكثير من العلماء جواز قتل الكلاب إلا ما استثني منها، ولم يرو الأمر بقتل ما عدا المستثنى منسوخاً، بل محكماً، وقام الإجماع على قتل العقور منها، واختلفوا في قتل ما لا ضرر فيه، فقال إمام الحرمين: أمر الشارع أولا بقتلها كلها ثم نسخ ذلك، ونهى عن قتلها إلا الأسود البهيم، ثم استقر الشرع على النهي عن قتل جميعها إلا الأسود، لحديث عبد الله بن مغفل المزني:"لولا أن الكلب أمة من الأمم لأمرت بقتلها" رواه أصحاب السنن الأربعة.
تنبيه: هذا الحديث أثبتناه من (ها) وحدها، وهي برواية أبي بكر ابن داسه، وقال الحافظ المزي في "الأطراف" (2813): حديث أبي داود هذا في رواية ابن العبد وابن داسه، ولم يذكره أبو القاسم. قلنا: يعنى أنه ليس في رواية اللؤلؤي.
(1)
إسناده صحيح. همام: هو ابن الحارث النخعي، وإبراهيم: هو ابن يزيد النخعي، ومنصور: هو ابن المعتمر، وجرير: هو ابن عبد الحميد، ومحمد بن عيسى: هو ابن الطباع. =
2848 -
حدَّثنا هَنَّاد بن السَّرِيِّ، حدَّثنا ابنُ فُضَيلٍ، عن بَيانٍ، عن عامرٍ عن عدي بن حاتِم، قال: سألتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قلتُ: إنا نَصِيدُ بهذه الكلابِ، فقال لي:"إذا أرسلتَ كلابَك المُعلَّمةَ، وذكرتَ اسمَ الله عليها، فكُلْ مما أمْسَكْن عليكَ، وإن قَتلَ، إلا أن يأكلَ الكلبُ، فإن أكل فلا تأكُل، فإني أخافُ أن يكونَ إنما أمسكَه على نفسِه"
(1)
.
= وأخرجه البخاري (5477) و (7397)، ومسلم (1929)، وابن ماجه (3215)، والترمذي (1531) و (1532)، والنسائي (4265) و (4267) و (4305) من طريق منصور بن المعتمر، بهذا الإسناد. واقتصر ابن ماجه على ذكر المعراض.
وهو في "مسند أحمد"(18249) و (18266)، و"صحيح ابن حبان"(5881).
وانظر ما بعده، وما سيأتي بالأرقام (2849) و (2851) و (2853) و (2854).
قال الخطابي: ظاهره يدل على أنه إذا أرسل الكلبَ ولم يسمِّ لم يؤكل، وهو قولُ أهل الرأي، إلا أنهم قالوا: إن ترك التسمية ناسياً حلَّ.
وذهب من لا يرى التسمية شرطاً في الذكاة الى أن المراد بقوله: "وذكرت اسم الله" ذكر القلب، وهو أن يكون إرساله الكلب بقصد الاصطياد به، لا يكون في ذلك لاهياً أو لاعباً، لا قصد له بذلك.
وقوله: "أرمي بالمعراض" فإن المعراض: نصل عريض. وفيه إزانة [لعله أراد يُبوسة، قال في "اللسان": زن عصبه إذا يبس] ولعله يقول: إن أصابه بحده حتى نفذ في الصيد، وقطع سائر جلده فكُله، وهو معنى قوله:"فخزق" وإن كان إنما وقذه بثِقله ولم يخزق فهو ميتة.
وقوله: "ما لم يشركها كلب ليس منها" أي: لعل إتلاف الروح لم يكن من قِبَل كلبك المعلم، إنما كان من قِبَلَ الكلب غير المعلّم.
(1)
إسناده صحيح. عامر: هو ابن شَراحيل الشعبي، وبيان: هو ابن بشْر البجلي، وابن فضيل: هو محمد.
وأخرجه البخاري (5483) و (5487)، ومسلم (1029)، وابن ماجه له (3208)
من طريق بيان بن بشر، به. وزادوا جميعاً:"وإن خالطَها كلابٌ من غيرها فلا تأكل". =
2849 -
حدَّثنا مُوسى بن إسماعيلَ، حدَّثنا حمادٌ، عن عاصم الأحولِ، عن الشعبيِّ عن عدي بن حاتم، أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:"إذا رميتَ بسهمِكَ، وذكرتَ اسمَ اللهِ، فوجدتَهُ من الغَدِ ولم تجِده في ماءٍ، ولا فيه أثرُ غيرِ سهمِك، فكُل، وإذا اختَلَط بكلابك كلبٌ من غيرها فلا تأكُل، لا تدري لعلَّه قتلَه الذي ليس منها"
(1)
.
= وهو في "مسند أحمد"(18270).
وانظر ما قبله.
وأخرج منه قطعةَ أكلِ الكلبِ المعلم من الصيد: النسائيُّ (4275) من طريق عاصم بن سليمان الأحول، عن الشعبي، به.
وستأتي هذه القطعة ضمن الحديث (2851) و (2854).
(1)
إسناده صحيح. الشعبي: هو عامر بن شَراحيل، وعاصم الأحول: هو ابن سُليمان، وحماد: هو ابن سلمة.
وأخرجه بنحوه البخاري (5484)، ومسلم (1929)، وابن ماجه (3213)، والترمذي (1536)، والنسائي (4263) و (4264) و (4268) و (4298) و (4299)
من طريق عاصم بن سليمان، والنسائي (4269) من طريق زكريا بن أبي زائدة، كلاهما عن الشعبي، به. وعند بعضهم زيادات ليست في هذا الطريق، ورواية بعضهم مختصرة، وعند البخاري قال:"بعد يوم أو يومين" بدل: "الغد".
وأخرجه الترمذي (1535)، والنسائي (4300 - 4302) من طريق سعيد بن جبير، عن عدي بن حاتم. بذكر صيد السهم فقط.
وهو في "مسند أحمد"(18259) دون ذكر صيد السهم.
وانظر ما سلف برقم (2847).
ولصيد السهم انظر ما سيأتي برقم (2853). ولوجود الصيد في الماء انظر ما بعده.
ولمخالطة الكلاب للكلب المعلم انظر ما سيأتى برقم (2854). =
2850 -
حدَّثنا محمدُ بن يحيى بن فارس، حدَّثنا أحمدُ بن حنبلٍ، حدَّثنا يحيى بن زكريا بنِ أبي زائدةَ، أخبرني عاصمٌ الأحولُ، عن الشعبيِّ
عن عدي بن حاتم، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إذا وقعَتْ رَمِيّتُكَ في ماءٍ، فغرق فمات، فلا تأكُل"
(1)
.
2851 -
حدَّثنا عثمانُ بن أبي شيبةَ، حدَّثنا عبدُ الله بن نُمَيرٍ، حدَّثنا مُجالدٌ، عن الشعبيِّ عن عدي بن حاتم، أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:"ما عَلّمْتَ من كلبٍ أو باز، ثم أرسلتَه وذكرتَ اسمَ اللهِ، فكُل مما أمسكَ عليك" قلت: وإن
= قال الخطابي: إنما نهاه عن أكله إذا وجده في الماء، لإمكان أن يكون الماء أغرقه فهلك من الماء، لا قتل الكلب، وكذلك إذا وجد فيه أثراً لغير سهمه.
والأصل: أن الرخص تُراعى فيها شرائطها التي لها وقعت الإباحة، فمهما أخلَّّ بشئ منها عاد الأمر إلى التحريم الأصلي. وهذا باب كبير من العلم.
(1)
إسناده صحيح. وقد اختلفَ رواةُ "السنن" عن أبي داود في إسناد هذا الحديث، كما نبه عليه الحافظ المزي في "تحفة الأشراف" (9862) فقال: في رواية ابن العبد وابن داسَة: عن أبي داود، عن زياد بن أيوب، عن يحيي بن زكريا بن أبي زائدة، عن عاصم الأحول. وفى رواية أبي عمرو البصري: عن أبي داود، عن أحمد ابن حنبل، عن يحيي بن زكريا، عن عاصم. وفى رواية اللؤلؤي: عن أبي داود، عن محمد بن يحيي بن فارس، عن أحمد بن حنبل، عن زكريا بن أبي زائدة، عن عاصم.
قلنا: وهذا خلاف لا يضر، لأن زياد بن أيوب -هو ابن زياد البغدادي- ثقة حافظ وأحمدُ بن حنبل معلوم أنه شيخٌ لأبي داود، ويمكن أن يكون سمعه بواسطة محمد بن يحيي بن فارس -وهو الذُّهلي- عن أحمد بن حنبل، فالإسنادُ صحيحٌ.
وأخرجه بنحوه مسلم (1929)، والترمذى (1536)، والنسائي (4298) من طريق عاصم الأحول، به. وعندهم زيادات ليست في هذا الطريق.
وانظر ما قبله.
قتلَ؟ قال: "إذا قتلَه ولم يأكُل منه شيئاً، فإنما أمسكَه عليكَ"
(1)
.
قال أبو داود: الباز إذا أكلَ فلا بأسَ به، والكلبُ إذا أكل كُرِه، وإن شربَ الدمَ فلا بأس به
(2)
.
2852 -
حدَّثنا محمدُ بن عيسى، حدَّثنا هشَيم، حدَّثنا داودُ بن عَمرٍو، عن بُسر بن عُبيد الله، عن أبي إدريَس الخَولانيِّ
(1)
حديث صحيح دون ذكر البازي، فلم يذكره في حديث عدي أحدٌ من أصحاب الشعبي الثقات عنه غير مُجالد -وهو ابنُ سعيد- وهو ضعيف، لكن يشهد لصيد الجوارح قوله تعالى:{قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ} [المائدة: 4].
وأخرجه مختصراً بذكر صيد البازي فقط: الترمذي (1534) من طريق مجالد بن سعيد، به. وقال: حديث لا نعرفه إلا من حديث مجالد عن الشعبي.
وأخرجه أيضاً بذكر الكلب المعلم فقط (1537) من طريق مجالد، به. وزاد ذكر مخالطة الكلاب للكلب المعلم، وقد سلف برقم (2849)، وسيأتي برقم (2854).
وانظر ما سلف برقم (2847) و (2847).
وقال الترمذي: والعمل على هذا عند أهل العلم: لا يرون بصيد البزاة والصقور بأساً. وقال مجاهد: البزاة هو الطير الذي يُصاد به من الجوارح التي قال الله تعالى: {وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ} ، فسَّرَ الكلابَ والطيرَ الذي يُصاد به.
قال: وقد رخص بعض أهل العلم في صيد البازي وإن أكل منه، وقالوا: إنما تعليمه إجابته، وكرهه بعضهم، والفقهاء أكثرهم قالوا: نأكل وإن أكل منه.
قال الدميري في "حياة الحيوان" 1/ 152 - 153: البازي: أفصح لغاته: بازي، مخففة الياء، والثانية باز، والثالثة: بازيّ، بتشديد الياء، حكاهما ابن سيده. قال: ولفظه مشتق من البَزَوان، وهو الوثب، ويقال للبزاة والشواهين وغيرهما مما يصيد: صقور.
(2)
مقالة أبي داود هذه أثبتناها من هامش (هـ)، وأشار هناك إلى أنها من رواية ابن الأعرابي.
عن أبي ثعلبةَ الخُشَني، قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم في صيدِ الكلبِ:
"إذا أرسلتَ كلبك وذكرتَ اسمَ الله فكُلْ، وإن أكلَ منه، وكل ما رَدّتْ عليك يدُكَ"
(1)
.
(1)
حديث صحيح دون قوله: "وإن أَكَلَ منه"، فلم يذكره في حديث أبي ثعلبة الخُشني غيرُ داود بن عمرو -وهو الأودي الشامي- وهو وإن وثقه ابن معين، وقال أحمد: مقارب الحديث، ما أرى بحديثه بأساً، وقال أبو زرعة: لا بأس به، وقال أبو داود: صالح، وقال ابن عدي: ولا أرى برواياته بأساً، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال أبو حاتم الرازي مرة: شيخ، وقال: ليس بالمشهور، وقال أحمد بن عبد الله العجلي: يكتب حديثه، وليس بالقوي ومثله يكون حسن الحديث - خالفه من هو أوثق منه، فلم يذكروا فيه:"وإن أكل منه" فقد رواه ربيعة بن يزيد الدمشقي، عن أبي إدريس الخولاني -واسمه عائذ الله بن عبد الله-، عن أبي ثعلبة، فلم يذكره، وكذلك رواه أبو أسماء الرحبي، عن أبي ثعلبة، فلم يذكره، ويخالفه أيضاً حديث عدي بن حاتم السالف برقم (2848) وهو في "الصحيحين"، وفيه النصّ على عدم الأكل مما أكل منه الكلب، ولهذا قال الإمام أحمد فيما نقله ابن القيم في "تهذيب السنن": يختلفون في حديث أبي ثعلبة عن هشيم، وقال أبو نعيم في "الحلية" 8/ 138: الصحيح ما رواه عدي بن حاتم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: "إذا أكل الكلب منها فلا تأكل منه، فإنما أمسكه على نفسه". وقال ابن حزم في "المحلي" 7/ 471: ساقط لا يصح، داود بن عمرو ضعيف، وقال البيهقي: حديث أبي ثعلبة رضي الله عنه مخرج في "الصحيحين" من حديث ربيعة بن يزيد الدمشقي، عن أبي إدريس الخولانى، عن أبي ثعلبة، وليس فيه ذكر الأكل، وحديث الشعبي، عن عدي أصح من حديث داود بن عمرو الدمشقي ومن حديث عمرو بن شعيب والله أعلم، وقال الذهبي في "الميزان" في ترجمة داود بن عمرو الأودي: انفرد بحديث: "إذا أرسلت كلبك المعلم
…
" خرجه أبو داود من حديث أبي ثعلبة. وهذا حديث منكر، وقال ابن القيم في "تهذيب السنن": تقدم تعليل حديث أبي ثعلبة بداود بن عمرو، وهو ليس بالحافظ، قال فيه ابن معين مرة: مستور، قال أحمد: يختلفون في حديث أبي ثعلبة على هشيم، قال ابن القيم: وحديث الشعبي عن =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= عدي من أصح ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم. الشعبي يقول: كان جاري وربيطي فحدثني، والعمل عليه.
وقد ذهب بعض أهل العلم إلى تحسين القول في هذا الحديث، ولم يعدُّوه منكراً، فقد حسَّن إسناده ابن عبد الهادي في "التنقيح" 3/ 372، وجوَّده ابنُ كثير في "تفسيره" عند قوله تعالى:{وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ} (المائدة: 4) وصححه في "تخريج أحاديث التنبيه" 1/ 364، وسلكوا في الجمع بين هذه الرواية وبين روايات أبي ثعلبة الأُخرى التي توافق رواية عدي بن حاتم مسالك، منها، ما قاله الخطابي ويمكن أن يوفق بين الحديثين من الروايتين بأن يجعل حديث أبي ثعلبة أصلاً في الإباحة، وأن يكون النهي في حديث عديٍّ على معنى التنزيه دون التحريم، ويحتمل أن يكون الأصل في ذلك: حديث عدي بن حاتم. ويكون النهي على التحريم الباتّ، ويكون المراد بقوله:"وإن أكل" فيْما مضى من الزمان وتقدم منه، لا في هذه الحال.
قلنا: وهذا الاحتمال الثاني، وهو النسخ قال به أيضا أبو عمر بن عبد البر في "الاستذكار" (21949) حيث قال: قد عارض حديثُ عدي هذا حديثَ أبي ثعلبة ناسخ لقول فيه: وإن أكل يا رسول الله؟ قال: "وإن أكل".
وقال ابن القيم في "تهذيب السنن": الصواب في ذلك أنه لا تعارض بين الحديثين، على تقدير الصحة، ومحمل حديث عدي في المنع على ما إذا أكل منه حال صيده، لأنه إنما صاده لنفسه، ومحمل حديث أبي ثعلبة على ما إذا أكل منه بعد أن صاده وقبله، ونهى عنه، ثم أقبل عليه فأكل منه، فإنه لا يحرم. لأنه أمسكه لصاحبه، وأكله منه بعد ذلك كأكله من شاة ذكاها صاحبها، أو من لحم عنده، فالفرق بين أن يصطاد ثم يعطف عليه فيأكل منه فرق واضح.
وبنحو هذا الذي قاله ابن القيم قال ابن الملقن في "البدر المنير" 9/ 243.
وقال ابن القيم: اختُلف في إباحة ما أكل منه الكلب من الصيد: فمنعه ابن عباس وأبو هريرة وعطاء وطاووس والشعبي والنخعي، وعُبيد بن عمير وسعيد بن جبير وأبو بُردة وسويد بن غَفَلة وقتادة، وهو قول إسحاق وأبي حنيفة وأصحابه، وهو أصح الروايتين عن أحمد وأشهرهما وأحد قولي الشافعي. =
2853 -
حدَّثنا الحسينُ بن مُعاذِ بن خُلَيفٍ، حدَّثنا عبدُ الأعلى، حدَّثنا داودُ، عن عامرٍ عن عَدي بن حاتِم أنه قال: يا رسولَ الله، أحدُنا يرمي الصيدَ فيقتفي أثَرَه اليومين والثلاثةَ ثم يجدُه ميتاً، وفيه سهمُه، أيأكُل؟ قال:"نعم إن شاء" أو قال: "يأكُلُ إن شاء"
(1)
.
= وأباحه طائفة، يروى ذلك عن سعد بن أبي وقاص وسلْمان. ويروى عن أبي هريرة أيضاً وعن ابن عمر رواه أحمد عنهم، وبه قال مالك والشافعي في القول الآخر، وأحمد في إحدى الروايتين.
وأخرجه الترمذي (1901) من طريق أبي أسماء الرحَبي عمرو بن مرثد الدمشقي، عن أبي ثعلبة الخشني. وإسناده صحيح.
وهو في "مسند أحمد"(17750).
وسيأتي ذكر الكلب المعلم عند المصنف من طريق ربيعة بن يزيد، عن أبي إدريس الخولانن برقم (2855) وسيأتي كذلك ذكر القوس والكلب من طريق يونس بن سيف عن أبي إدريس الخولاني برقم (2856).
وسيأتي ذكر الكلب والقوس كليهما أيضاً من حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده أن أعرابياً يقال له أبو ثعلبة الخشني فذكره بمعناه برقم (2857).
(1)
إسناده صحيح. عامر: هو ابن شَراحيل الشعبي، وداود: هو ابن أبي هند، وعبد الأعلى: هو ابن عبد الأعلى السامي.
وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" 5/ 372، وفي "مسنده" كما في "تغليق التعليق" لابن حجر 4/ 505، ومن طريقه أخرجه ابن حزم في "المحلى" 7/ 464، وابن حجر في "التغليق" 4/ 505 عن عبد الأعلى بن عبد الأعلى، بهذا الإسناد. وقد علقه البخاري في "صحيحه" برقم (5485) عن عبد الأعلى بصيغة الجزم.
وأخرجه البخاري (5484) من طريق عاصم الأحول، عن الشعبي، به. ضمن حديث مطول.
وأخرجه النسائي (4300) من طريق سعيد بن جبير، عن عدي بن حاتم. إلا أنه قال: الليلة والليلتين. =
2854 -
حدَّثنا محمدُ بن كَثير، أخبرنا شعبةُ، عن عبدِ الله بن أبي السّفَر، عن الشعبيَّ، قال:
قال عديُّ بن حاتم: سألتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم عن المِعْرَاض، فقال:"إذا أصابَ بحَدِّه فكُلْ، وإذا أصابَ بعَرْضِه فلا تأكُلْ، فإنه وَقِيذٌ" قلت: أُرسلُ كلبي قال: "إذا سميتَ فكُلْ، وإلا فلا تأكُلْ، وإن أكل منه فلا تأكُلْ، فإنما أمسكَ لِنفْسِه"فقال: أُرسِلُ كلبي فأجدُ عليه كلباً آخَرَ، فقال:"لا تأكُلْ، لأنك إنما سميتَ على كلبِك"
(1)
.
2855 -
حدَّثنا هنّاد بن السَّرِيِّ، عن ابنِ المُبارَكِ، عن حَيوةَ بن شُرَيحِ قال: سمعتُ ربيعةَ بن يزيدَ الدَّمشقيَّ يقول: أخبرني أبو إدريسَ الخَولانيُّ عائذ الله قال:
سمعتُ أبا ثعلبةَ الخُشَنيَّ يقول: قلتُ: يا رسولَ الله، إني أصيدُ بكلبي المُعلَّم وبكلبي الذي ليس بمُعلّمٍ، قال: "ما اصَّدْتَ بكلبك
= وانظر ما سلف برقم (2849).
تنبيه: جاء في "تحفة الأشراف" للحافظ المزي (9859) أن في رواية ابن العبد لسنن أبي داود إسناداً آخرَ، وهو: عن ابن المثنى، عن عبد الوهَّاب، عن داود، نحوه.
(1)
إسناده صحيح. الشعبي: هو عامر بن شَراحيل، وشعبة: هو ابن الحجاج.
وأخرجه البخارى (175) و (5476) و (5486)، ومسلم (1929)، والنسائي (4272) من طريق شعبة، بهذا الإسناد.
وأخرجه بتمامه ومختصراً البخاري (5475)، ومسلم (1929)، وابن ماجه (3212) و (3214)، والترمذي (1538) و (1539)، والنسائي (4264) و (4270 - 4274) و (4307) و (4308) من طرق عن عامر الشعبي، به.
وهو في "مسند أحمد"(18245).
وانظر ما سلف برقم (2847) و (2848) و (2849).
المُعلَّم فاذكُرِ اسمَ اللهِ وكُلْ، وما اصَّدْتَ بكلبك الذي ليس بمعلَّمٍ فأدركتَ ذَكاتَه فكُلْ"
(1)
.
2856 -
حدَّثنا محمد بن المُصفَّى، حدَّثنا محمدُ بن حربٍ (ح)
وحدَثنا محمد بن المُصفَّى، حدَّثنا بقيةُ، عن الزُّبَيديِّ، حدَّثنا يونُس بن سيفٍ، حدَّثنا أبو إدريسَ الخَولاني
حدَّثني أبو ثعلبةَ الخُشَني، قال: قال لي رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "يا أبا ثعلبةَ كُلْ مَا رَدَّت عليكَ قوسُك وكلبُك"، عن ابن حرب "المُعلَّم وَيَدُكَ، فكُلْ ذكياً وغيرَ ذكيّ"
(2)
.
2857 -
حدَّثنا محمدُ بن المِنهالِ الضّريرُ، حدَّثنا يزيدُ بن زُرَيعٍ، حدَّثنا حَبيب المُعلّم، عن عَمرو بن شُعيب، عن أبيه
عن جده، أن أعرابياً يقال له: أبو ثعلبةَ قال: يا رسولَ اللهِ، إن لي كلاباً مُكَلّبَةَ فأفْتِنِي في صيدِها، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم:" إن كان لك كلابٌ مُكَلَّبَةٌ فكُلْ مما أمْسَكْنَ عليكَ" قال: "ذكياً أو غير ذَكيِّ"
(3)
قال: وإن أكلَ منه؟
(1)
إسناده صحيح. ابن المبارك: هو عبد الله.
وأخرجه البخاري (5487)، ومسلم (1930)، وابن ماجه (3207)، والنسائي (4266) من طريق حيوة بن شريج، بهذا الإسناد.
وهو في "مسند أحمد"(17752)، و"صحيح ابن حبان"(5879).
وانظر ما بعده، وما سلف برقم (2852).
وقوله: "ما اصَّدت" كذا في أصولنا بتشديد الصاد، وأصله: اصطَدتَ، فقلبت الطاءُ صاداً وأدغمت مثل اصَّبَرَ في اصطَبَر.
(2)
حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من جهة محمد بن حرب -وهو الخَولاني الحمصي- من أجل محمد بن المصفى، فهو صدوق حسن الحديث، وهو متابع.
وبقية: هو ابن الوليد، وهو ضعيف الحديث. والزبيدي: هو محمد بن الوليد.
وانظر ما قبله، وما سلف برقم (2852).
(3)
قوله: قال: "ذكياً أو غير ذكي" هو من تمام كلام الرسول صلى الله عليه وسلم،يبين ذلك رواية =
قال: "وإن أكلَ منه" قال: يا رسولَ الله، أفتِني في قوسِي، قال:"كُلْ ما رَدَّتْ عليك قوسُك" قال: "ذكيّاً أو غيرَ ذَكيٍّ"
(1)
قال: وإن تَغيّبَ عني؟ قال: "وإن تغيَّبَ عنك، ما لم يَصِلَّ، أو تجدْ فيه أثراً غيرَ سهمِك"، قال: أفْتِني في آنيةِ المَجوس إذا اضْطُرِرنا إليها، قال:"اغْسِلْهَا وكُلْ فيها"
(2)
.
= المنذري في "مختصره": "فكل مما أمسكن عليك ذكياً أو غير ذكي"، ولفظ أحمد والدارقطني:"إن كانت لك كلاب مكلَّبة فكل مما أمسكت عليك" فقال: يا رسول الله، ذكى وغير ذكي؟ قال:"ذكيٌّ وغير ذكيّ"
…
(1)
انظر التعليق السابق.
(2)
صحيح لغيره، دون ذكر إباحة الأكل مما أكل منه الكلب، لمخالفتها ما جاء في "الصحيحين" من حديث عدي بن حاتم، وقد سلف برقم (2848) و (2854)، وقد أعله البيهقي في "السنن الكبرى" 9/ 238 بما رواه شعبة بن الحجاج، عن عبد رَبّه بن سعيد الأنصاري، عن عمرو بن شعيب، عن رجل من هذيل: أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الكلب يصطاد، فقال:"كل أكل أو لم يأكل"، وأعله كذلك ابنُ حزم بأن رواية عمرو عن أبيه، عن جده صحيفة، وما علله به ليس بعلة.
وقد ذهب قوم إلى تحسين القول في هذا الحديث، فقال ابن عبد الهادي في "التنقيح" 3/ 372، وفي "المحرر" (748): إسناده صحيح، وكذلك صحح إسناده ابنُ الملقن في "البدر المنير" 9/ 241، وقال ابن كثير في "تفسيره" عند تفسير قوله تعالى:{وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ} [المائدة: 4]: إسناده جيد، ومَن ذهب إلى تصحيح الحديثين حديثِ عدي بن حاتم وهذا الحديث جمع بينهما بما يزيل ذلك التعارض بالوجوه التي سبق ذكرها عند حديث أبي ثعلبة السالف برقم (2852).
وأخرجه أحمد (6725)، والدارقطني (4797)، - والبيهقي 9/ 237 - 238 و 243 من طريق حبيب المعلم، بهذا الإسناد.
وأخرجه النسائي (4296) من طريق أبي مالك عبيد الله بن الأخنس، عن عمرو ابن شعيب، به إلا أنه قال في روايته:"وإن قتلْن"، ولم يقُل:"وإن أكل منه" ولم يذكر آنية المجوس.
وانظر ما قبله، وما سيأتي برقم (2861). =