الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
2863 -
حدَّثنا مُسدَّدٌ ومحمدُ بن العلاءِ، قالا: حدَّثنا أبو معاويةَ، عن الأعمشِ، عن أبي وائلٍ، عن مسروقٍ
عن عائشة، قالتْ: ما تركَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ديناراً، ولا درهماً، ولا بعيراً، ولا شاةً، ولا أوصىَ بشيءٍ
(1)
.
2 - باب ما لا يجوز للموصي في ماله
2864 -
حدَّثنا عثمانُ بن أبي شيبةَ وابنُ أبي خَلَفٍ
(2)
، قالا: حدَّثنا سفيانُ، عن الزهريّ، عن عامرِ بن سَعدٍ
عن أبيه، قال: مرِضَ مرضاً -قال ابن أبي خَلَفٍ: بمكةَ، ثم اتفقا- أشْفَى فيه، فعادَه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسولَ الله، إنَّ لي مالاً
(1)
إسناده صحيح. مَسروق: هو ابن الأجدع، وأبو وائل: هو شقيق بن سلمة، والأعمش: هو سليمان بن مهران، وأبو معاوية: هو محمد بن خازم الضرير، ومُسدَّد: هو ابن مُسرهَد.
وأخرجه مسلم (1635)، وابن ماجه (2695)، والنسائي (3621) و (3622) من طريق الأعمش، بهذا الإسناد.
وأخرجه النسائي (3623) من طريق حسن بن عياش، عن الأعمش، عن إبراهيم النخعي، عن الأسود النخعي، عن عائشة. وقال النسائي في "الكبرى" بإثر الحديث (6419): حديث ابن عياش لا نعلم أن أحداً تابعه على قوله: عن إبراهيم، عن الأسود.
وهو في "مسند أحمد"(24176)، و"صحيح ابن حبان"(6606).
قال الخطابي: قولها: "ولا أوصي بشئ" تريد وصية المال خاصة. لأن الإنسان إنما يوصي في مال سبيلُه أن يكون موروثاً، وهو صلى الله عليه وسلم لم يترك شيئاً يُورَث، فيوصيَ فيه، وقد أوصى بأمور: منها: ما روي أنه كان عامة وصيته عند الموت؛ "الصلاة، وما ملكت أيمانكم". وقال ابن عباس رضي الله عنه: أوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم عند موته: "أخرجوا اليهود من جزيرة العرب، وأجيزوا الوفد بنحو ما كنتُ أجيزهم".
(2)
طريق ابن أبي خلف، أثبتناه من (هـ) وهي برواية أبي بكر ابن داسة.
كثيراً، وليس يرثُني إلا ابنتي أفَأَتَصَدَّقُ بالثُلُثين؟ قال:"لا"، قال: فبالشَّطْرِ؟ قال: "لا"، قال: فبالثلث؟ قال: "الثُّلثُ، والثُّلثُ كثيرٌ، إنكَ أن تترُكَ ورثتك أغنياءَ خَيرٌ منْ أنْ تَدَعَهم عالَةَ يتكفَّفُونَ الناسَ، وإنكَ لنْ تنفقَ نفقةً إلا أُجِرْتَ بها، حتى اللقمةَ ترفعُها إلى في امرأتك"، قلتُ: يا رسولَ الله، أتَخلَّفُ عن هجرتي؟ قال:"إنّكَ لَن تُخلَّفَ بَعْدِي، فتعملَ عملاً تُرِيدُ بهِ وجْهَ اللهِ لا تزدادُ به إلا رِفعةً ودرَجةً، لعلكَ أن تُخلَّفَ، حتى ينتفع بِكَ أقوامٌ ويُضَرَّ بكَ آخروُنَ"، ثم قال:"اللهمَ أمْضِ لأصحابي هجرتَهُم، ولا تَرُدَّهُم على أعْقَابهم، لكنِ البائِسُ سَعْدُ بنُ خَولَة" يَرثي لَهُ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أن مَات بمكَّةَ
(1)
.
(1)
إسناده صحيح. عامر بن سعد: هو ابن أبي وقاص، وسفيان: هو ابن عُيينة. وأخرجه مطولاً ومختصراً البخاري (56) و (1295) و (3936) و (4409) و (5668) و (6373) و (6733) ، ومسلم (1628)، وابن ماجه (2708)، والترمذي (2249)، والنسائي (3626) من طريق ابن شهاب الزهري، به.
وأخرجه كذلك مطولاً ومختصراً البخاري (2742) و (2744) و (5354)، ومسلم (1628)، والنسائي (3627) و (3630) من طرق عن عامر بن سعد، به.
وأخرجه أيضاً البخاري (5659)، ومسلم (1628)، والترمذي (997)، والنسائي (3629) و (3631) و (3632) و (3635) من طرق عن سعد بن أبي وقاص.
وهو في "مسند أحمد"(1440)، و"صحيح ابن حبان"(4249).
قال الخطابي: قوله: "وليس يرثني إلا ابنتي" يريد: أنه ليس يرثني ذو سهْم إلا ابنة، دون من يرثه بالتعصيب. لأن سعداً رجل من قريش من زهرة، وفي عصبته كثرة.
وفي ذلك دليل على أن لمن مات وقد خلّف من الورثة ما يستوعب جميع ماله أن يوصي بالثلث.
وفي قوله: "الثلث كثير" دليل على أنه لا يجوز مجاوزته، ولا أن يوصَى بأكثر من الثلث، سواء كان له ورثة أو لم يكن. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وقد زعم قوم أنه إذا لم يكن له ورثة وضع جميع ماله حيث شاء، وإليه ذهب إسحاق بن راهويه، وروى ذلك عن ابن مسعود رضى الله تعالى عنه.
وقد اختلف أهل العلم في جواز الوصية بالثلث:
فذهب بعضهم إلى أن قوله: و"الثلث كثير" منعاً من الوصية به، وأن الواجب أن يقصر عنه، وأن لا يبلغ بوصيته تمام الثلث.
وروي عن ابن عباس أنه قال: "الثلث جنف، والربع جنف".
وعن الحسن البصري أنه قال: "يوصي بالثلث، أو الخمس، أو الربع".
وقال إسحاق بن راهويه: السنة في الربع، لما قال النبي صلى الله عليه وسلم:"الثلث كثير" إلا أن يكون رجلاً يعرف في ماله شبهات، فعليه استغراق الثلث.
وقال الشافعي: إذا ترك ورثته أغنياء لم يكره أن يستوعب الثلث، فإذا لم يدعهم اخترتُ له أن لا يستوعبه.
وقوله: "عالة يتكففون الناس" يريد فقراء يسألون الصدقة، يقال: رجل عائل، أي: فقير، وقوم عالة، والفعل منه: عال يعيل، إذا افتقر.
ومعنى "يتكففون": يسألون الصدقة بأكفهم.
وقوله: "أتخلف عن هجرتي " معناه خوف الموت بمكة، وهي دار تركوها لله عز وجل، وهاجروا إلى المدينة، فلم يحبوا أن تكون مناياهم فيها.
وقال المنذري: "لعلك أن تَخَلّف": "أن" ها هنا بالفتح لا غير.
وقوله صلى الله عليه وسلم: "إن تخلّف بعدى فتعمل عملاً صالحاً" رواه بعضهم بالفتح، وبعضهم بالكسر، ورواه بعضهم "لن" باللامِ. قال اليحصُبي وغيره: وكلاهما صحيح المعنى على ما تقدم. يريد قوله: "إنك إن تَذر".
وقوله: "حتى ينتفع بك أقوام" هذا علم من أعلام نبوته صلى الله عليه وسلم. وذلك أن سعداً أُمر على العراق، فأتي بقوم ارتدوا عن الإسلام، فاستتابهم، فأبى بعضهم، فقتلهم، وتاب بعضهم، فانتفعوا به، وعاش سعد بعد حجة الوداع نيفاً وأربعين سنة.
ومعنى "أمض لأصحابي هجرتهم" أي: أتممها لهم ولا تبطلها، ولا تردهم على أعقابهم، بشرط هجرتهم ورجوعهم عن مستقيم حالهم.
و"البائس" الذي اشتدت حاجته. عدَّه صلى الله عليه وسلم من المساكين والفقراء لما فاته من الفضل لو مات في غير مكة.