الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
8 - باب في ميراثِ ذوي الأرحام
2899 -
حدَّثنا حفصُ بن عمر، حدَّثنا شعبةُ، عن بُدَيلٍ، عن عليِّ بن أبي طلحة، عن راشدِ بن سعد، عن أبي عامرٍ
عن المقدام، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ تَرَكَ كَلاًّ فإليَّ -وربما قال: " إلى الله وإلى رسوله"- ومن ترك مالاً فلورثتِه، وأنا وارثُ مَنْ لا وارثَ له: أعِقلُ له، وأرِثُه، والخالُ وارثُ مَنْ لا وارِث له: يَعْقِلُ عنه، ويرثُه"
(1)
.
= وأخرجه البخاري (6732)، ومسلم (1615)، وابن ماجه (2740)، والترمذي (2229) و (2230)، والنسائي في "الكبرى"(6297) من طرق عن عبد الله بن طاووس، به.
وهو في "مسند أحمد"(2657)، و"صحيح ابن حبان" (6028). والمراد بالفرائض هنا: الأنصباء المقدرة في كتاب الله تعالى، وهي النصف ونصفه ونصف نصفه، والثلثان ونصفهما ونصف نصفهما، والمراد بأهلها: من يستحقها بنص القرآن.
قال الخطابي: معنى "أولى" هاهنا: أقرب، والوَلي: القرب، يريد أقرب العصبة إلى الميت كالأخ والعم، فإن الأخ أقرب من العم، وكالعم وابن العم، فالعم أقرب من ابن العم، وعلى هذا المعنى.
ولو كان قوله: "أولى" بمعنى أحق لبقي الكلامُ مبهماً، لا يُستفادُ منه بيان الحكم. إذ كان لا يدرى من الأحق ممن ليس بأحق؟ فعُلم أن معناه: أقرب النسب، على ما فسرناه، والله أعلم.
وقال النووي: أجمعوا على أن الذي يبقى بعد الفروض للعصبة يقدم الأقرب فالأقرب، فلا يرث عاصب بعيد مع عاصب قريب، والعصبة: كل ذكر يدلي بنفسه بالقرابة ليس بينه وبين الميت أنثى، فمتى انفرد أخذ جميع المال، وإن كان مع ذوي فروض غير مستغرقين أخذ ما بقي، وإن كان مع مستغرقين فلا شيء له.
(1)
حديث صحيح، وهذا إسناد جيد، علي بن أبي طلحة صدوق حسنُ الحديث، وهو متابع، أبو عامر: هو عبد الله بن لُحيٍّ الهَوزَني، وبُدَيل: هو ابن ميسرة العُقَيلي.=
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وقد صحح هذا الحديث ابن القطان في "بيان الوهم والإيهام" 3/ 541، وحسنه أبو زرعة فيما نقله ابن أبي حاتم في "العلل" 2/ 50.
وأخرجه ابن ماجه (2738)، والنسائي في "الكبرى"(6321) و (6322) من طريق علي بن أبي طلحة، بهذا الإسناد.
وهو في "مسند أحمد"(17175)، و"صحيح ابن حبان"(6035). وانظر تمام تخريجه من هذا الطريق عندهما.
وأخرجه أبو عوانة (5636)، وابن حبان (6036)، والطبراني في "الكبير" 20/ (627) من طريق عبد الله بن سالم الأشعري، عن محمد بن الوليد الزبيدي، عن راشد بن سعد، عن عبد الرحمن بن عائذ الثُّمالي، عن المقدام بن معدي كرب. وقال ابن حبان: سمع هذا الخبر راشد بن سعد، عن أبي عامر الهوزني، عن المقدام، وسمعه من عبد الرحمن بن عائذٍ الأزدي، عن المقدام بن معدي كرب، فالطريقان محفوظان، ومتناهما متباينان. قلنا: وسواء كان الواسطة بين راشد والمقدام هذا أو ذاك فكلاهما ثقة، والاختلاف في مثل ذلك لا يضر. وأخرجه أحمد في "مسند"(17199)، والنسائى في "الكبرى"(6320) و (6386) من طريق معاوية بن صالح بن حدير الحضرمي، عن راشد بن سعد، عن المقدام بن معدي كرب فأسقط من إسناده بين راشد والمقدام الواسطة، وقد وقع التصريح بالسماع عند النسائي في الموضع الثاني، وقال الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" -وقد أخرج الحديث (2750) -: ليس ينكر على راشد بن سعد أن يكون سمع المقدام بن معدي كرب، لأنه قد سمع ممن كان في أيامه من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم،قد سمع من معاوية بن أبي سفيان، وأهل الحديث قد يختلفون في أسانيد الحديث، فيزيد بعضهم فيها على بعض الرجلَ ومن هو أكثر منه في العدد، فوجب أن يُحمل أمر معاوية بن صالح في ذلك على مثل ما حملوه عليه فيه.
ونحوه هنا قال ابنُ التركماني في "الجوهر النقي" -بهامش "السنن الكبرى" للبيهقي- 6/ 214 - 215.
قلنا: كذا قالا، ويؤيده ذكر أبي داود لطريق معاوية بن صالح، وفيها تصريح راشد بسماعه من المقدام، لكن الدارقطني في "العلل" 5/ ورقة 15 ذكر أن رواية علي=
2900 -
حدَّثنا سليمانُ بن حَربٍ في آخرين، قالوا: حدَّثنا حمَّادٌ، عن بُديلِ، عن عليّ بن أبي طلحةَ، عن راشدِ بن سعْدٍ، عن أبي عامرٍ الهَوْزنيِّ
عن المِقدام الكِنْدي، قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "أنا أوْلَى بكُلِّ مؤمنٍ من نفسِه، فمن ترك دَيْناً اْو ضَيعَةً فإليَّ، ومن ترك مالاً فلِورثته،
= ابن أبي طلحة أشبه بالصواب من طريق معاوية بن صالح، وتابعه ابن القطان الفاسي في "بيان الوهم والايهام" 3/ 541. وانظر ما بعده.
وسيأتي من طريق آخر عن المقدام عند المصنف برقم (2901).
وله شاهد من حديث عمر بن الخطاب عند أحمد (189)، وابن ماجه (2737)، والترمذي (2235)، والنسائي في "الكبرى"(6317)، وحسنه الترمذي، وإسناده حسن. ولفظه:"الله ورسوله مولى من لا مولى له، والخال وارث من لا وارث له". ومن حديث عائشة عند الترمذي (2236) -وقال: غريب-، والنسائي في "الكبرى"(6318)، وقد اختُلف فيه بين الرفع والوقف، ورجح الدارقطي والبيهقي وقفه فيما حكاه عنهما ابن الملقن في "البدر المنير" 7/ 199، وصححه الحاكم 4/ 344.
وقوله: "أعقِل له"، معناه: أدفع الدية عنه، والعَقل: الدية.
قال الخطابي: والحديث حجة لمن ذهب إلى توريث ذوي الأرحام. وإليه ذهب أبو حنيفة وأصحابه، وسفيان الثوري وأحمد بن حنبل. وقد روي ذلك عن علي بن أبي طالب وعبد الله بن مسعود رضي الله عنهما.
وكان مالك والأوزاعي والشافعي لا يورثون ذوي الأرحام. وهو قول زيد بن ثابت. وتأول هؤلاء حديث المقدام على أنه طعمة أُطعِمها الخال عند عدم الوارث، لا على أن يكون للخال ميراثٌ راتبٌ، ولكنه لما جعله يخلف الميت فيما يصير إليه من المال سماه وارثاً، على سبيل المجاز، كما قيل: الصبر حيلة من لا حيلة له، والجوع طعام من لا طعام له، وما أشبه ذلك من الكلام.
وقال الترمذي: وإلى هذا الحديث ذهب أكثر أهل العلم في توريث ذوي الأرحام، وأما زيد بن ثابت فلم يورثهم.
وأنا مَولَى مَن لا مَولى له: أرثُ مالَه، وأَفُكُّ عَانَهُ، والخالُ مَولَى مَن لا مَولَى له: يرثُ مالَه، ويَفُكُّ عَانَه"
(1)
.
قال أبو داودَ: رواهُ الزُّبَيديُّ عن راشدٍ عن ابن عائذٍ، عن المقدام. ورواه معاويةُ بن صالحٍ عن راشدٍ قال سمعتُ المقدامَ.
قال أبو داودَ يقولُ: الضيعةُ معناه عِيَالٌ.
2901 -
حدَّثنا عبدُ السَّلام بن عَتيقِ الدمشقيُّ، حدَّثنا محمدُ بن المبارَك، حدَّثنا إسماعيلُ بن عَيّاشٍ، عن يزيدَ بن حُجْر، عن صالح بن يحيى بن المِقدامِ، عن أبيه
عن جده، قال: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقولُ: "أنا وارِثُ مَن لا وارثَ له: أفُكُّ عانِيَهُ، وأرثُ مالَه، والخالُ وارثُ مَن لا وارثَ له: يفُكُّ عانِيَه، ويرِثُ مالَه"
(2)
.
2902 -
حدَّثنا مُسَدد، حدَّثنا يحيى، حدَّثنا شعبةُ (ح)
وحدَثنا عثمانُ بن أبي شيبةَ، حدَّثنا وكيعُ بن الجرّاح، عن سفيان، جميعاً عن ابنِ الأصبهانيِّ، عن مجاهدِ بن وَردَانَ، عن عُروةَ
(1)
حديث صحيح، وهذا إسناد جيد كسابقه.
قال الخطابي: قوله: "يفكُّ عانه" يريد عانيه. فحذف الياء، والعاني الأسير.
ومعنى الإسار هاهنا هو ما تتعلق به ذمته، ويلزمه بسبب الجنايات التي سبيلها أن تتحملها العاقلة.
(2)
حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لجهالة يحيى بن المقدام ويزيد بن حجر، ولكنهما متابعان كما سلف برقم (2899).
وانظر ما قبله.
عن عائشةَ رضي الله عنها، أن مولى للنبيِّ صلى الله عليه وسلم ماتَ وترك شيئاً،
ولم يَدَعْ ولداً ولا حَميماً، فقال النبيَّ صلى الله عليه وسلم:"أعطُوا ميراثَهُ رجلاً من أهل قريتِه"
(1)
.
قال أبو داودَ: وحديثُ سفيانَ أتمُّ.
وقال مسَدَّدٌ: قال: فقالَ النبي صلى الله عليه وسلم: "هاهُنا أحدٌ من أهلِ أرضِه"؟ قالوا: نعم، قال:"فأعْطُوه مِيرَاثه".
2903 -
حدَّثنا عبدُ الله بن سعيد الكِنْديُّ، حدَّثنا المحاربيُّ، عن جبريلَ بن أحمرَ، عن عبدِ الله بن بريدةَ
عن أبيه، قال: أتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم رجلٌ، فقال: إن عندي ميراثَ رجلِ من الأزْد، ولستُ أجدُ أزدياً أدفعُه إليه، قال:"اذهب فالتَمِسْ أزديّاً حَوْلاً"، قال: فأتاه بعد الحَول، فقال: يا رسولَ الله، لم أجد أزدياً أدفعُه إليه، قال:"فانطلقْ، فانظر أوَّلَ خُزَاعيٍّ تلقاهُ فادفعْهُ إليه"
(1)
إسناده صحيح. ومجاهد بن وردان -وإن قال فيه ابن معين: لا أعرفه- وثقه أبو حاتم الرازي، وذكره ابن حبان في "الثقات" وروى عنه جماعة منهم شعبة فجهالته مدفوعة.
وأخرجه ابن ماجه (2733)، والترمذي (2237)، والنسائي في "الكبرى"(6358 - 6360) من طريق عبد الرحمن ابن الأصبهاني، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن وهو في "مسند أحمد"(25045).
قال ملا علي القاري في "المرقاة" 3/ 392: قال القاضي رحمه الله: إنما أمر أن يعطي رجلاً من قريته تصدّقاً منه، أو ترفُّعاً، أو لأنه كان لبيت المال ومصرفه مصالح المسلمين وسد حاجاتهم، فوضعه فيهم لما رأى من المصلحة، فإن الأنبياء كما لا يورَث عنهم، لا يرثون عن غيرهم.
فلما وَلَّى قال: "عَلَىَّ الرجُلَ". فلما جاءه قال: لا انظر كُبْرَ خُزاعةَ، فادْفَعْه إليهِ"
(1)
.
2904 -
حدَّثنا الحسينُ بن أسودَ العِجليُّ، حدَّثنا يحيى بنُ آدمَ، حدَّثنا شَريكٌ، عن جبريلَ بن أحمرَ أبي بكر، عن ابن بُرَيدةَ
عن أبيه قال: ماتَ رجلٌ من خُزاعةَ، فأُتي النبيُّ صلى الله عليه وسلم بميراثِه، فقال:"التمِسُوا له وارثاً، أو ذا رَحِم" فلم يجدُوا له وارثاً ولا ذا رَحِمٍ، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:" أعطوهُ الكُبْرَ من خُزاعةَ" قال يحيى: قد سمعتُه مرةً يقول في هذا الحديث: "انظُروا أكبرَ رجلٍ من خُزاعةَ"
(2)
.
(1)
إسناده ضعيف. جبريل بن أحمر لا يعرف بغير هذا الحديث، قال النسائي فيما نقله المزي في "تحفة الأشراف" 2/ 79، وابن كثير في "تخريج أحاديث التنبيه" 2/ 137: حديث منكر، وقال ابن عمار الموصلي فيما نقله المنذري في "اختصار السنن": فيه نظر، وقال ابن حزم: لا تقوم به حجة، وقال أبو زرعة: شيخ، وتساهل ابن معين فوثقه، وذكره ابن حبان في "الثقات". المحاربي: عبد الرحمن بن محمد.
وأخرجه النسائي في "الكبرى"(6362) و (6363) من طريقين، عن جبريل بن أحمر، به.
وهو في "مسند أحمد"(22944).
وأخرجه النسائى (6364) من طريق عبد الله بن إدريس، عن جبريل، عن ابن بريدة مرسلاً.
وانظر ما بعده.
قوله: "كُبر"، بضم الكاف وسكون الباء الموحدة، قال في "النهاية": يقال: فلان كبر قومه، إذا كان أقعدهم في النسب، وهو أن ينتسب إلى جده الأكبر بآباء أقل من باقي عشيرته.
(2)
إسناده ضعيف كسابقه. وشريك -وهو ابن عبد الله النخعي وإن كان سيىء الحفظ متابع.
وأخرجه النسائى في "الكبرى"(6361) من طريق شريك النخعي، بهذا الإسناد.
وانظر ما قبله.