الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
125 - باب قَتلِ الأَسير ولا يُعرَضُ عليه الإسلام
2683 -
حدَّثنا عثمان بن أبي شيبةَ، حدَّثنا أحمدُ بن المفضَّل، حدَّثنا أسباطُ بن نَصْرٍ، قال: زَعَمَ السُّديُّ، عن مُصعبِ بن سعْدٍ
عن سعْدٍ، قال: لمَّا كان يومُ فتح مكة أمَّنَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم الناسَ إلا أربعةَ نفرٍ وامرأتين، وسمّاهم، وابنُ أبي سَرْحٍ، فذكر الحديثَ، قال: وأما ابنُ أبي سَرْحٍ فإنه اختبأ عند عثمانَ بنِ عفّان، فلما دعا
= وقوله سبحانه {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} [البقرة: 256]. محكمة غير منسوخة، وهي من العام المخصوص، فإنه خُص منه أهل الكتاب بأنهم لا يكرهون على الإسلام، بل يقرون على دينهم إذا بذلوا الجزية، فقد روى الطبري (5830) عن قتادة في قوله:{لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} قال: كانت العرب ليس لها دين، فأكرهوا على الدين بالسيف، قال: ولا يكره اليهود ولا النصارى والمجوس إذا أعطوا الجزية.
وقال الطبري بعد ذكر الخلاف في معنى هذه الآية وإحكامها أو نسخها، وأولى الأقوال بالصواب قول من قال: نزلت هذه الآية في خاص من الناس، وقال: عنى بقوله تعالى ذكره: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} أهل الكتابين والمجوس وكل من جاء بإقرار، على دينه المخالف دين الحق وأخذ الجزية منه، وأنكروا أن يكون شيء منها منسوخاً وكان المسلمون جميعاً قد نقلوا عن نبيهم صلى الله عليه وسلم أنه أكره على الإسلام قوماً فأبى أن يقبل منهم إلا الإسلام، وحكم بقتلهم إن امتنعوا منه، وذلك كعبدة الأوثان من مشركي العرب وكالمرتد عن دينه دين الحق إلى الكفر، ومن أشبههم، وأنه ترك إكراه آخرين على الإسلام بقبول الجزية منه، وإقراره على دينه الباطل، وذلك كأهل الكتابين ومن أشبههم. انظر "تفسير الطبري " 2/ 415.
قلنا: والجهاد المشروع في الإسلام لم يستعمل للإكراه على الدخول في الدين، ولا حمل الناس عليه بقوة السلاح ولكن لحماية الدعوة إلى الدين، وأن يسود نظام الإسلام في المجتمع، وأن لا يحال بين الدعاة وما كلفوه من دعوة، وأن لا يفتن مسلم عن دينه.
رسولُ الله صلى الله عليه وسلم الناسَ إلى البيعةِ جاء به حتى أوقفه على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالَ: يا نبي الله: بايعْ عبدَ الله، فرفع رأسَه، فنظَر إليه ثلاثاً، كلُّ ذلك يأبى عليه، فبايَعه بعدَ ثلاثٍ، ثم أقبَل على أصحابه، فقال:"أما كان فيكم رجل رشيدٌ يقوم إلى هذا حيثُ رآني كَفَفْتُ يدِي عن بيعتِه فيقتُلَه"؟ فقالوا: ما ندري يا رسولَ الله ما في نفسِك، ألا أومأْتَ إلينا بعينك، قال:"إنه لا ينبغي لنبيٍّ أن تكونَ له خائنةُ الأعيُن"
(1)
.
(1)
إسناده حسن. السُّدي -وهو إسماعيل بن عبد الرحمن بن أبي كريمة- وأسباط بن نصر وأحمد بن المفضل حديثهم حسن لا يرتقي إلى الصحة.
وأخرجه ابن أبي شيبة 14/ 491 - 492، والبزار (1151)، والنسائي (4067)، وأبو يعلى (757)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 3/ 330، والهيثم بن كليب الشاشي في "مسنده"(73)، والدارقطني (4345) و (4346)، والحاكم 2/ 54 و 3/ 45، والبيهقي 7/ 40 و 8/ 205 من طريق أسباط بن نصر، بهذا الإسناد. وجاء عند بعضهم تعيين الذين أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتلهم وهم: عكرمة بن أبي جهل وعبد الله بن خطل ومقيس بن صبابة وابن أبي السرح.
وسيتكرر عند المصنف برقم (4359).
قال الخطابي: معنى "خائنة الأعين" أن يُضمر بقلبه غير ما يُظهره للناس، فإذا كَفَّ بلسانه، وأومأ بعينه إلى خلاف ذلك فقد خان. وكان ظهور تلك الخيانة من قبل عينيه، فسميت خائنة الأعين، ومعنى الرشد هاهنا: الفطنة لصواب الحكم في قتله.
وفيه دليل على أن ظاهر السكوت من رسول الله صلى الله عليه وسلم في الشيء يراه يصنع بحضرته: يحُّل محلَّ الرضا به، والتقرير له.
وابن أبي سرح هو عبد الله بن سعد بن أبي سرح بن الحارث بن حُبيب القرشي العامري يكنى أبا يحيي، وكان أخا عثمان من الرضاعة، له صحبة ورواية حديث.
قال ابن يونر: شهد فتح مصر، واختط بها، وكان صاحب الميمنة في الحرب مع عمرو بن العاص في فتح مصر، وله مواقف محمودة في الفتوح وأمره عثمان على مصر، ولما وقعت الفتنة، سكن عسقلان، ولم يبايع لأحد، ومات بها سنة ست =
قال أبو داود: كان عبد الله أخا عثمانَ من الرِّضاعةِ، وكانَ الوليدُ ابنُ عقبةَ أخا عثمان لأُمه، وضربَه عثمانُ الحدَّ إذ شَربَ الخمرَ
(1)
.
2684 -
حدَّثنا محمد بن العلاءِ، قال: أخبرنا زيد بن حُبابٍ، أخبرنا عَمرو ابن عثمانَ بنِ عبد الرحمن بن سعيدِ بن يَربوعِ المخزوميُّ، حدَّثني جدي عن أبيه، أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال يومَ فتح مكة:"أربعةٌ لا أُؤمِّنُهم في حلٍّ ولا حَرَمٍ" فسمَّاهم، فال: وقَيْنتَين كانتا لِمقْيَسٍ، فقُتلتْ إحداهُما، وأفلِتَتِ الأخرى فأسلمت
(2)
.
= وثلاثين في خلافة علي رضي الله عنه، وذكره ابن سعد في تسمية من نزل مصر من الصحابة، وهو الذي افتتح إفريقية زمن عثمان، وولي مصر بعد ذلك، وكانت ولايته مصر سنة خمس وعشرين، وكان فتح إفريقية من أعظم الفتوح بلغ سهم الفارس فيها ثلاثة آلاف دينار. وقال خليفة: سنة سبع وعشرين عُزل عمرو عن مصر وولى عبد الله بن سعد، فغزا إفريقية ومعه العبادلة، وأرخ الليث عزل عمرو سنة خمس وعشرين، وغزا إفريقية سنة سبع وعشرين، وغزا الأساود سنة إحدى وثلاثين، وذات الصواري سنة أربع وثلاثين.
وأما الوليد بن عقبة، فهو الوليد بن عقبة بن أبي معيط بن أبي عمرو بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف الأموي، له صحبة قليلة ورواية يسيرة، وهو أخو أمير المؤمنين عثمان لأمه من مسلمة الفتح، بعثه رسول الله على صدقات بني المصطلق، وولي الكوفة لعثمان وجاهد بالشام، ثم اعتزل بالجزيرة بعد قتل أخيه عثمان، ولم يحارب مع أحد الفريقين، وكان سخياً ممدحاً شاعراً شجاعاً قائماً بأمر الجهاد، وكان يشرب الخمر، وقصة صلاته بالناس الصبح أربعاً وهو سكران مشهورة في الصحيح، وعزله عثمان بعد إقامة الحد عليه عن الكوفة، وولاها سعيد بن العاص."سير أعلام النبلاء" 3/ 412 - 416 للذهبي.
(1)
مقالة أبي داود هذه أثبتناها من (هـ).
(2)
صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لجهالة عمرو بن عثمان. قال المزي: وقيل فيه: عُمر بن عثمان، ويقال: إنه الصواب، وقال أبو داود في كتاب "التفرد": والصواب عُمر بن عثمان. =
قال أبو داود: لم أَفهم إسناده من ابن العلاءِ كما أُحِبُّ.
2685 -
حدَّثنا القَعنَبيُّ، عن مالكٍ، عن ابن شهابٍ
عن أنس بن مالكٍ: أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم دخل مكةَ عامَ الفتحِ وعلى رأسِه المِغْفَرُ، فلما نزعه جاءه رجلٌ، فقال: ابنُ خَطَل مُتعلِّق بأستارِ الكعبةِ، فقال "اقتُلُوه"
(1)
.
= وأخرجه ابن قانع في "معجم الصحابة" 1/ 262، والطبراني في "الكبير"(5529)، والدارقطني (2793) و (4347)، والبيهقي 9/ 120 و 212، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 31/ 29 - 32، والمزي في "تهذيب الكمال" في ترجمة سعيد بن يربوع 11/ 113 من طرق عن زيد بن الحباب، بهذا الإسناد. وجاء عند بعضهم تسمية أولئك الذين أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتلهم، وهم: الحويرث بن نقيذ ومقيس بن صبابة، وهلال بن خطل - كذا جاءت تسميته في هذه الرواية، خلافاً للرواية السابقة - وابن أبي السرح.
وفي الباب دون ذكر الحويرث بن نقيذ عن أنس بن مالك عند الحارث بن أبي أسامة (698 - زوائده) وإسناء صحيح. وهو في "المسند"(12068)، و"صحيح البخاري"(1846)، و "صحيح مسلم"(1357) بذكر ابن خطل وحده. وسيأتي في الطريق الذي بعده.
وعن سعد بن أبي وقاص في الحديث السالف قبله.
وعن أبي سلمة بن عبد الرحمن ويحيى بن عبد الرحمن بن حاطب مرسلاً عند ابن أبي شيبة 14/ 473 - 475.
وقد جاء ذكر الحويرث بن نقيذ عند البيهقي 9/ 120 من طريق عروة بن الزبير، ومن طريق موسى بن عقبة مرسلاً.
(1)
إسناء صحيح. القعنبيُّ: هو عبدالله بن مسلمة.
وهو في "موطأ مالك" 1/ 423، ومن طريقه أخرجه البخاري (1846)، ومسلم (1357)، والترمذي (1788)، والنسائي (2867).
وهو في "مسند أحمد"(12068)، و"صحيح ابن حبان"(3719). =