الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أُرى، ثم أتيتُ الشامَ فَغَرْبَلْتُها، كلُّ ذلك أسأل عن النَّفَل، فلم أجد أحداً يخبرُني فيه بشيءِ، حتى لقيتُ شيخاً يقال له: زياد بن جاريةَ
التميميُّ، فقلت له: هل سمعتَ في النَّفَل شيئاً؟ قال: نعم، سمعتُ حبيبَ بن مَسْلَمةَ الفِهْرِيَّ يقول: شهدتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم نَفَّل الرُّبُعَ في البَدْأةِ، والثلُثَ في الرَّجْعة (
1).
157 -
باب في السَّرية تردُّ على أهل العسكر
2751 -
حدَّثنا قُتيبةُ بن سعيد، حدَّثنا ابن أبي عَدِيٍّ، عن ابن إسحاق (ح) وحدَثنا عُبيد الله بن عُمرَ، حدَّثني هُشَيم عن يحيى بن سعيدٍ، جميعاً، عن عَمرو بن شُعيب، عن أبيه عن جده قال: قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: " المسلمون تَتكافأ دِمَاؤُهُم: يَسعَى بذمَّتهم أدناهم، ويُجيرُ عليهم أقْصاهُم، وهم يَدٌ على مَن سِوَاهم، يَرُدُّ مُشِدُّهُم على مُضْعِفِهِم، ومُتَسَرِّيهم على قاعِدهم، لا يُقْتَل مؤمنٌ بكافرٍ، ولا ذو عهدٍ في عهدِه" ولم يذكر ابنُ إسحاقَ القَوَدَ والتكافُؤ
(2)
.
(1)
إسناده صحيح. أبو وهب -واسمه عبيد الله بن عُبيد الكلاعي- ثقة، فقد وثقه دُحيم، وقال ابن معين: ليس به بأس، وهذه تُساوي عنده ثقة كما نص هو على ذلك، فقد قال ابن أبي خيثمة في "تاريخه" (690) و (4445): قلت ليحيي: إنك تقول: فلان ليس به بأس، وفلان ضعيف، قال: إذا قلتُ لك: ليس به بأس فهو ثقة، وإذا قلتُ لك: ضعيف، فليس هو بثقة لا يُكتب حديثُه.
وانظر ما قبله، وما سلف برقم (2748).
(2)
صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن. عمرو بن شعيب: هو ابن محمد بن عبد الله ابن عمرو بن العاص، والْمُراد بجده: عبد الله، يحيى بن سعيد: هو الأنصاري، وهُشيم: هو ابن بَشير، وابن أبي عدي: هو محمد بن إبراهيم. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وأخرجه ابن ماجه (2685) من طريق عبد الرحمن بن عياش، عن عمرو بن شعيب، به. دون قوله: "يردُّ مُشدُّهم على مُضعفهم
…
" إلى آخر الحديث.
وقوله في الحديث "لا يقتل مؤمن بكافر" أخرجه ابن ماجه (2659) من طريق عبد الرحمن بن عياش، والترمذي (1471) من طريق أسامة بن زيد، كلاهما عن عمرو بن شعيب، به.
وهو في "مسند أحمد"(7012) لكن ليس فيه قوله: "يردُّ مُشِدُّهم على مضعفهم، ومتسريهم على قاعدهم"، ولا قوله:"ولا ذو عهد في عهده".
وقد أخرجه بتمامه ابن الجارود (1073) من طريق عُبيد الله بن عمر، بهذا الإسناد.
وأخرجه البيهقي 8/ 29 من طريق إبراهيم بن سعد و 9/ 51 من طريق يونس بن بكير، كلاهما عن محمد بن إسحاق، قال: حدثني عمرو بن شعيب، به. لكنه لم يذكر قوله:"يرد مشدهُّم على مضُعفهم".
ويشهد له بتمامه حديث علي بن أبي طالب الآتي عند المصنف برقم (4530).
وإسناده صحيح.
وسيتكرر عند المصنف طريق عُبيد الله بن عمر بن ميسرة برقم (4531).
وقوله: "لا يقتل مؤمن بكافر" سيأتى ضمن الحديث (4506).
قال الخطابي: قوله: " تتكافأ دماؤهم"معناه: أن أحرار المسلمين دماؤهم متكافئة في وجوب القصاص والقود لبعضهم من بعض، لا يفضّل منهم شريف على وضيع. فإذا كان المقتول وضيعاً وجب القصاص على قاتله. وإن كان شريفا لم يُسقِط القَوَدَ عنه شرفُه، وإن كان القتيل شريفا لم يُقتص له إلا من قاتله حَسْبُ.
وكان أهل الجاهلية لا يرضَون في دم الرجل الشريف بالاستقادة من قاتله، ولا يرونه بواء به، حتى يقتصوا من عدة من قبيلة القاتل، فأبطل الإسلام حكم الجاهلية وجعل المسلمين على التكافؤ في دمائهم، وإن كان بينهم تفاضل وتفاوت في معنى آخر.
وقوله: "يسعى بذمتهم أدناهم" يريد أن العبد ومن كان في معناه من الطبقة الدنيا كالنساء والضعفاء الذين لا جهاد عليهم إذا أجاروا كافراً أُمضي جوارهم ولم تُخْفَر ذمتُهم.
وقوله: "ويجير عليهم أقصاهم" معناه: أن بعض المسلمين، وإن كان قاصي الدار، إذا عقد للكافر عقداً لم يكن لأحد منهم أن ينقضه، وإن كان أقرب داراً من المعقود له. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= قلت (القائل الخطابي): وهذا إذا كان العقد والذمة منه لبعض الكفار دون عامتهم. فإنه لا يجوز له عقد الأمان لجماعتهم، وإنما الأمر في بذل الأمان وعقد الذمة للكافة منهم إلى الإمام على سبيل الاجتهاد، وتحري المصلحة فيه، دون غيره.
ولو جعل لأفناء الناس ولآحادهم أن يعقدوا لعامة الكفار كلما شاؤوا، صار ذلك ذريعةً إلى إبطال الجهاد، وذلك غير جائز.
وقوله: "وهم يدٌ على مَن سِواهم" فإن معنى اليد المعاونة والمظاهرة: إذا استُنفِروا وجب عليهم النفير، وإذا استُنجِدوا أنجدوا، ولم يتخلفوا، ولم يتخاذلوا.
و"المُشِدُّ" المقوي، و"المضعف" من كانت دوابه ضعافاً.
قلنا: وقال ابن الأثير: المُشِدُّ: الذي دوابه شديدة قوية، والمضعف الذي دوابُّه ضعيفة، يريد أن القوي من الغزاة يُساهم الضعيف فيما يكسبه من الغنيمة.
قال الخطابي: وجاء في بعض الحديث: "المضعف أمير الرُّفقة" يريد أن الناس يسيرون بسير الضعيف لا يتقدمونه، فيتخلف عنهم، ويبقى بمضْيَعة.
و"المتسري" هو الذي يخرج في السرية، ومعناه: أن يخرج الجيش فيُنيخوا بقرب دار العدو، ثم ينفصل منهم سرية، فيغنموا، فإنهم يردون ما غنموه على الذين هم ردءٌ لهم، لا ينفردون به، فأما إذا كان خروج السرية من البلد، فإنهم لا يردون على المقيمين في أوطانهم شيئاً.
وقوله: "لا يقتل مؤمن بكافر" فإنه قد دخل فيه كل كافر، له عهد وذمة، أو لا عهد له ولا ذمة.
وقوله: "ولا ذو عهد في عهده"، فإن العهد للكفار على ضربين:
أحدهما: عهد متأبِّد، كمن حُقن دمه للجزية.
والآخر: من كان له عهد إلى مدة، فإذا انقضت تلك المُدة عاد مباح الدم، كما كان.
وقد تأوله مَن ذهب من الفقهاء إلى أن المسلم يقتل بالذمي، على أن قوله:"ولا ذو عهد في عهده" معطوف على قوله:. لا يقتل مؤمن بكافر" ويقع في الكلام على مذهبه تقديم وتأخير، فيصير كأنه قال: لا يقتل مؤمن، ولا ذو عهد في عهده بكافر، وإلى هذا ذهب أصحاب الرأي. =
2752 -
حدَّثنا هارونُ بن عبد الله، حدَّثنا هاشِمُ بن القاسمِ، حدَّثنا عكرمةُ، حدَّثني إياسُ بن سلمة
عن أبيه، قال: أغارَ عبدُ الرحمن بن عُيينةَ على إبل رسولِ الله صلى الله عليه وسلم فقتل راعيَها، وخرج يَطرُدُها هو وأنُاسٌ معه في خيلٍ، فجعلتُ وجهيَ قِبَلَ المدينةِ، ثم ناديتُ ثلاثَ مراتِ: يا صبَاحَاهُ، ثم اتَّبعتُ القومَ فجعلتُ أرمي وأعْقِرُهُم، فإذا رجعَ إلّيَ فارسٌ جلستُ في أصل شجرةِ، حتى ما خلق الله شيئاً من ظهْر النبيَّ صلى الله عليه وسلم إلا جعلتُه وراءَ ظهري، وحتى ألْقَوا أكثر من ثلاثين رُمحاً وثلاثين بُردةَ يستخِفُّون منها، ثم أتاهم عيينةُ مدَداً فقال: لِيقُم إليه نفرٌ منكُم، فقامَ إلي منهم أربعةٌ فصعِدُوا الجبلَ، فلما أسمعتُهم قلتُ: أتعرفُوني؟ قالوا: ومَن أنتَ؟ قلت: أنا ابنُ الأكْوع، والذي كرَّم وجهَ محمدٍ صلى الله عليه وسلم، لا يطلُبُني رجلٌ منكم فيُدركَني، ولا أطلُبُه فيفُوتَني، فما برِحْتُ حتى نظرت إلى فَوارِسِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم يتخلَّلُون الشجرَ أولُهم الأخرمُ الأسديُ، فيلحقُ بعبد الرحمن بن عُيينةَ ويعطِفُ عليه عبدُ الرحمن، فاختلفا طعنتَين، فعقَرَ الأخْرمُ عبدَ الرحمن وطعنه عبدُ الرحمن فقتله، فتحوَّلَ عبدُ الرحمن على فرسِ الأخْرم، فيلحقُ أبو قتادةَ بعبد الرحمن،
= وقال الشافعي: لا يقتل مسلم بوجه من الوجوه بأحد من الكفار، على ظاهر الحديث وعمومه. قال: وقوله: "لا يقتل مسلم بكافر" كلام تام بنفسه، ثم قال على أثره:"ولا ذو عهد في عهده" أي: لا يقتل معاهَدٌ ما دام في عهده. قال: وإنما احتيج إلى أن يجري ذكر المعاهَد، ويؤكد تحريم دمه هاهنا. لأن قوله:"لا يقتل مؤمن بكافر" قد يوهم ضعفاً وتوهيناً لشأنه، ويوقع شبهة في دمه، فلا يؤمن أن يُستباح، إذا علم أن لا قود على قاتله. فوكّد تحريمه بإعادة البيان، لئلا يَعرِض الأشكال في ذلك.