الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذٍ -يعني يومَ حُنينٍ- "من قتلَ كافراً فله سَلبَه" فقتَل أبو طلحةَ يومئذ عشرينَ رجلاً وأخذ أسلابَهُم، ولقي أبو طلحةَ أُمَّ سُليمٍ ومعها خِنْجَرٌ، فقال: يا أُم سليم، ما هذا معك؟ قالت: أردْتُ والله إن دنا منِّي بعضُهم أبْعَجُ به بطنَه، فأخبر بذلك أبو طلحةَ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم
(1)
.
قال أبو داود: هذا حديث حسنٌ.
قال أبو داود: أردنا بهذا الخِنْجرَ، وكان سلاحَ العَجَم يومئذ الخِنجرُ
(2)
.
146 - باب في الإمام يمنع القاتل السلب إن رأى، والفرسُ والسلاحُ من السَّلَبِ
2719 -
حدّثنا أحمد بن محمد بن حنبل، حدّثنا الوليد بن مُسلم، حدّثني صفوانُ بن عَمرو، عن عبد الرحمن بن جُبيرِ بن نُفَيرِ، عن أبيه عن عَوفِ بن مالكِ الأشجعىِّ، قال: خرجتُ مع زيدِ بن حارثةَ في غزوة مُؤْتَةَ ورَافَقَني مَدَدِيٌّ في أهل اليمن، ليس معه غيرُ سيفِه، فنحر رجلٌ من المسلمين جَزُوراً، فسأله المدَدِيُّ طائفةً من جِلْدهِ،
(1)
إسناده صحيح. حماد: هو ابن سلمة.
وأخرجه مسلم (1809) من طريق حماد بن سلمة، به.
وأخرجه مسلم أيضاً (1809) من طريق حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس فيكون لحماد بن سلمة في هذا الحديث شيخان هما ثابت وإسحاق.
وهو في "مسند أحمد"(12058) و (12977)، و"صحيح ابن حبان"(4838).
(2)
مقالتا أبي داود هاتان أثبتناهما من (هـ) وهي برواية ابن داسه.
فأعطاهُ إياهُ، فاتخذه كهيئةِ الدَّرَقِ ومضَينا فلقِينا جُموعَ الرُّوم، وفيهم رجلٌ على فرسِ له أشقرَ عليه سَرجٌ مُنْ مُذْهَبٌ وسِلاح مُذْهَبٌ، فجعل الروميُّ يُغرِي بالمسلمين، فقعدَ له المَدَدِّيُّ خلفَ صخرةٍ، فمرَّ به الروميُّ فَعَرْقَب فَرسه، فخرَّ، وعلاه فقتَلَه وحازَ فرسَه وسلاحَه، فلما فتحَ اللهُ عز وجل للمسلمين بعثَ إليه خالدُ بنُ الوليدِ، فأخذ من السلب، قال عوفٌ: فأتيتُه فقلتُ: يا خالدُ، أما علمتَ أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قضى بالسَّلبَ للقاتِل؟ قال: بلى، ولكني استكثرْتُه، قلتُ: لَتردَّنهُ إليه أو لأعرفَنَّكَهَا عندَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فأبى أن يردَّ عليه، قال عوفٌ: فاجتمعْنا عندَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فقصَصَتُ عليه قصةَ المَدديِّ، وما فعلَ خالدٌ، فقالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:"يا خالدُ، ما حَمَلَك على ما صنعتَ؟ " قال: يا رسولَ الله، لقد استكْثرْتُه، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:"يا خالدُ، رُدَّ عليه ما أخذتَ منه" قال عوفٌ: فقلتُ: دونَك يا خالدُ، ألم أفِ لكَ؟ فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم "وما ذلك؟ " قال: فأخبرتُه، قال: فغضِبَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فقال: "يا خالدُ، لا تَرُدَّ عليه، هل أنتم تاركو
(1)
لي أُمَرائي؟ لكُم صِفوةُ أمرِهم وعليهم كَدَرُهُ"
(2)
.
(1)
قال النووي في "شرح مسلم": تعليقا على قوله: "هل أنتم تاركو لي؟ ": هكذا هو في بعض النسخ "تاركو" بغير نون، وفي بعضها:"تاركون"بالنون. وهذا هو الأصل، والأول، صحيح أيضاً، وهي لغة معروفة، وقد جاءت بها أحاديث كثيرة، منها:"لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا".
(2)
إسناده صحيح، والوليد بن مسلم -وإن كان يدلس تدليس التسوية. تابعه أبو المغيرة عبد القدوس بن الحجاج الخولاني عند أحمد (23987) وغيره فانتقت شبهة تدليسه.
وهو في "مسند أحمد"(23997). =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وأخرجه مسلم (1753) من طريق الوليد بن مسلم، بهذا الإسناد.
وأخرجه كذلك (1753) من طريق معاوية بن صالح، عن عبد الرحمن بن جبير ابن نفير، به.
وانظر ما بعده، وما سيأتي برقم (2721).
قوله: يُغري، من الإغراء وتشجيع الكافرين على المسلمين، وفي النسخة التى شرح عليها الخطابي: يفريَ من الفرْي، وهو شدة النكاية في المسلمين، يقال: فلان يفري الفري إذا كان يبالغ في الأمر، وأصل الفري القطع.
وقال الخطابي: وقوله: "لأعرفنَّكها" يريد لأجازينك بها حتى تعرف صنيعك. قال الفراء: العرب تقول للراجل إذا أساء إليه رجل:! لأعرفنَّ لك عن هذا" أي: لأجازينك عليه، تقول هذا لمن تتوعده: قد علمت ما علمت، وعرفت ما صنعت، ومعناه: سأجازيك عليه، لا أنك تقصد إلى أن تعرِّفه أنك قد علمت فقط، ومنه قول الله عز وجل {عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ} [التحريم: 3] قراءة الكسائي بالتخفيف.
وقد روي ذلك عن عاصم في إحدى الروايتين، قال: ومعنى "عرف" جازى.
قال الخطابي: وفي الحديث من الفقه: أن الفرس من السلب، وأن السلب ما كان قليلاً أو كثيراً فإنه للقاتل، لا يخمس، ألا ترى أنه أمر خالداً بردّه عليه مع استكثاره إياه، وإنما كان ردّه إلى خالد بعد الأمر الأول بإعطائه القاتل نوعا من التكبر على معروف، وردعاً له وزجراً، لئلا يتجرأ الناس على الأئمة، ولئلا يتسرعوا إلى الوقيعة فيهم، وكان خالد مجتهداً في صنيعه ذلك، إذا كان قد استكثر السلب، فأمضى له رسول صلى الله عليه وسلم اجتهاده، لما رأى في ذلك من المصلحة العامة، بعد أن كان خطأه في رأيه الأول، والأمر الخاص مغمور بالعام، واليسير من الضرر محتمل للكثير من النفع والصلاح.
ويشبه أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم قد عوّض المدديَّ من الخمس الذي هو له، وترضّى خالداً بالصفح عنه، وتسليم الحكم له في السلب.
وفيه دليل على أن نسخ الشيء قبل الفعل جائز، ألا ترى أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم أمره بإمساكه قبل أن يَردَّه، فكان في ذلك نسخ لحكمه الأول؟
و"الصفوة" مكسورة الصاد، خلاصة الشىء، وما صفا منه. إذا أثبت الهاء قلت: صفوة بكسر الصاد، وإذا حذفتها قلت: صفو بفتحها.