الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأصومُ "، فقال الرجلُ: يا رسولَ اللهِ، إنك لستَ مثلَنا، قد غَفَرَ الله لكَ ما تقدَّمَ مِن ذنبكَ وما تأخَّرَ، فَغَضِبَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وقال: "واللهِ إني لأرْجُو أن أكونَ أخْشَاكم للهِ وأعلمَكُم بما أتَّبِعُ"
(1)
.
37 - باب كفَّارة من أتى أهله في رمضان
2390 -
حدَّثنا مُسَدَّدٌ ومحمدُ بن عيسى -المعنى- قالا: حدَّثنا سفيانُ، قال مُسَدَّدٌ: حدَّثنا الزهريُ، عن حميدِ بنِ عبدِ الرحمن
عن أبي هريرة، قال: أتى رَجُلٌ النبيَّ صلى الله عليه وسلم فقال: هَلَكْتُ، فقال:"ما شأنُكَ؟ " قال: وقَعْتُ على امرأتي في رَمَضَان، قال:"فَهَلْ تَجِدُ ما تُعتِقُ رقبةً؟ " قال: لا، قال -:"فهل تَسْتَطِيعُ أن تَصُومَ شهرينِ متتابعين؟ " قال: لا، قال:"فَهَلْ تستطِيعُ أن تُطعم ستينَ مسكيناً؟ "
قال: لا، قال:"اجْلِسْ" فأُتيَ النبي صلى الله عليه وسلم بعَرَقٍ فيه تَمْرٌ، فقال:"تصدَّق به" فقال: يا رسولَ الله، ما بين لابتيها أهلُ بيتٍ أفقرَ منا، قال فَضَحِكَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم حتى بَدَتْ ثَنَاياهُ، قال: "فأطعِمْه إيَّاهم، وقال مُسَدَدٌ: في مَوْضِعٍ آخر: أنيابُه
(2)
.
(1)
إسناده صحيح.
وهو عند مالك في "الموطأ" 1/ 289.
وأخرجه مسلم (1110)، والنسائي في "الكبرى"(3013) و (11436) من طريق عبد الله بن عبد الرحمن، به.
وهو في "مسند أحمد"(24385)، و"صحيح ابن حبان"(3492).
(2)
إسناده صحيح. مسدَّدٌ: هو ابن مسرهد الأسَدي، ومحمد بن عيسى: هو ابن نجيح البغدادي، وسفيان: هو ابن عيينة، والزهري: هو محمد بن مسلم ابن شهاب. =
2391 -
حدَّثنا الحسنُ بنُ عليٍّ، حدَّثنا عبدُ الرزاق، أخبرنا معمرٌ، عن الزهريِّ، بهذا الحديثِ، بمعناه زادَ الزهريُّ:
وإنما كان هذا رخصةً له خاصةً، فلو أن رجلاً فعل ذلك اليومَ لم يكُنْ له بدٌ من التكفير
(1)
.
= وأخرجه البخاري (1936) و (1937) و (5368) و (6087) و (6164) و (6709) و (6711) و (6821)، ومسلم (1111)، وابن ماجه (1671)، والترمذي (733)، والنسائي في "الكبرى"(3101 - 3106) من طرق عن الزهري، بهذا الإسناد.
وهو في "مسند أحمد"(7290)، و"صحيح ابن حبان"(3524).
وانظر ما سيأتي بالأرقام (2391 - 2393).
قال الخطابي: في هذا الحديث من الفقه أن على المجامع متعمداً في شهر رمضان القضاء والكفارة، وهو قول عوام أهل العلم.
وفيه أنه من قدر على عتق الرقبة لم يجزئه الصيام ولا الإطعام؛ لأن البيان خرج مرتباً، فقدَّم العتق ثم نسق عليه الصيام ثم الإطعام، كما رأيت ذلك في كفارة الظهار، وهو قول أكثر العلماء، إلا أن مالك بن أنس زعم أنه مخير بين عتق الرقبة، وصوم شهرين والإطعام.
وفي قوله: "وصم يوماً واستغفر الله" بيان أن صوم ذلك اليوم الذي هو القضاء لا يدخل في صيام الشهرين الذي هو الكفارة، وهو مذهب عامة أهل العلم.
قال: وفي أمره الرجل بالكفارة لما كان منه من الجناية دليل على أن على المرأة كفارة مثلها، لأن الشريعة سوَّت بين الناس في الأحكام إلا في مواضع قام عليها دليل التخصيص، وإذا لزمها القضاء، لأنها أفطرت بجماع متعمد كما وجب على الرجل، وجبت عليها الكفارة لهذه العلة، كالرجل سواء، وهذا مذهب أكثر العلماء، وقال الشافعي: يجزيهما كفارة واحدة، وهي على الرجل دونها، وكذلك قال الأوزاعي إلا أنه قال: إن كانت الكفارة بالصيام كان على واحد منهم صوم شهرين.
(1)
إسناده صحيح. عبد الرزاق: هو الصنعاني، ومعمر: هو ابن راشد.
وهو عند عبد الرزاق في "مصنفه"(7457)، ومن طريقه أخرجه مسلم (1111) لكن لم يذكر مسلم كلام الزهري. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وأخرجه البخاري (2600) و (6710) من طريق عبد الواحد بن زياد، عن معمر، به. ولم يذكر كلام الزهري أيضاً.
وهو في "مسند أحمد"(7785) دون كلام الزهري الذي بإثر الحديث كذلك.
قال الخطابي: وهذا من الزهري دعوى لم يُحضِر عليها برهاناً، ولا ذكر فيها شاهداً، وقال غيره: هذا منسوخ، ولم يذكر في نسخه خبراً يُعلم به صحة قوله، وأحسن ما سمعت فيه قول أبي يعقوب البويطي، وذلك أنه قال: هذا رجل وجبت عليه الرقبة فلم يكن عنده ما يشتري به رقبة، فقيل له: صم، فلم يطق الصوم، فقيل له: أطعم ستين مسكيناً فلم يجد ما يطعم، فأمر له النبي صلى الله عليه وسلم بطعام ليتصدق به، فأخبر أنه ليس بالمدينة أحوج منه، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم "خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى" فلم يَرَ له أن تصدق على غيره ويترك نفسه وعياله، فلما نقص من ذلك بقدر ما أطعم أهله لقوت يومهم صار طعاماً لا يكفي ستين مسكيناً، فسقطت عنه الكفارة في ذلك الوقت، فكانت في ذمته إلى أن يجدهاً، وصار كالمفلس يُمهل ويُؤجل، وليس في الحديث أنه قال: لا كفارة عليك.
وقد ذهب بعضهم إلى أن الكفارة لا تلزم الفقير، واحتج بظاهر الحديث، وقال النووي في "شرح مسلم" 7/ 194: ومذهب العلماء كافة وجوب الكفارة عليه إذا جامع عامداً جماعاً أفسد به صوم يوم من رمضان، والكفارة عتق رقبة مؤمنة، فإن عجز عنها فصوم شهرين متتابعين، فإن عجز، فإطعام ستين مسكيناً، فإن عجز عن الخصال الثلاث، فللشافعي قولان: أحدهما: لا شيء عليه، وإن استطاع بعد ذلك فلا شيء عليه.
والثاني -وهو الصحيح عند أصحابنا وهو المختار-: أن الكفارة لا تسقط بل تستقر في ذمته حتى يمكن قياساً على سائر الديون والحقوق.
وقوله: بعَرَق بفتح العين والراء: هو المكتل الضخم وهو الزَّبيلُ، وقوله: ما بين لابتيها: يريد حرتي المدينة، والحرة: الأرض التي فيها حجارة بركانية سود كثيرة، والمدينة تقع بين حرتين عظيمتين: حرة واقم وهي الشرقية، وحرة وبرة وهي الغربية.
قال أبو داود: رواه الليثُ بنُ سعْدٍ والأوزاعيُّ ومنصور بنُ المعتمِرِ وعِراك بنُ مالكٍ على معنى ابنِ عيينة، زاد فيه الأوزاعيُّ:"واستغفِرِ الله"
(1)
.
2392 -
حدَّثنا عبدُ الله بنُ مَسلمةَ، عن مالكٍ، عن ابنِ شهاب، عن حُميد ابنِ عبدِ الرحمن
عن أبي هريرة: أن رجلاً أفطرَ في رمضانَ، فأمره رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أن يُعْتِقَ رقبةً، أو يَصُومَ شهرينِ متتابعينِ، أو يُطعِمَ ستينَ مسكيناً، قال: لا أجِدُ، فقال له رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:"اجْلِسْ" فأُتي رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بعَرَقِ تَمْرٍ، فقال:"خُذْ هذا فتصدَّقْ بهِ" فقال: يا رسولَ الله، ما أحدٌ أحوجَ مِنّي، فَضَحِكَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، حتى بَدَتْ أنيابُه، وقال له:"كُلْه"
(2)
.
قال أبو داود: رواه ابنُ جُريجٍ، عن الزهري على لفظِ مالك: أن رجلاً أفطر، وقال فيه:" أو تُعتِقَ رقبةً، أو تصومَ شهرينِ، أو تُطعِمَ ستينَ مِسْكِيناً"
(3)
.
(1)
أخرجه أبو يعلى (6393)، وابن حبان (3526) و (3527)، والدارقطني (2303)، والبيهقي 4/ 227، وابن عبد البر في "التمهيد" 4/ 173 - 174 من طرق عن الأوزاعي، عن الزهري، عن حميد بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة.
(2)
إسناده صحيح، وهو عند مالك في "الموطأ" 1/ 296 - 297، ومن طريقه أخرجه مسلم (1111)، والنسائي في "الكبرى"(3102).
وهو في "مسند أحمد"(10687)، و"صحيح ابن حبان"(3523).
وانظر سابقيه، وما بعده.
(3)
أخرجه مسلم (1111) من طريق عبد الرزاق، عن ابن جريج، به.
2393 -
حدَّثنا جعفرُ بنُ مُسافرٍ، حدَّثنا ابنُ أبي فُديكٍ، حدَّثنا هشامُ بنُ سعدٍ، عن ابنِ شهاب، عن أبي سَلَمَةَ بنِ عبدِ الرحمنِ
عن أبي هريرة، قال: جاءَ رجلٌ إلى النبيَّ صلى الله عليه وسلم أفطرَ في رمضانَ، بهذا الحديثِ، قال: فأُتيَ بِعَرَقٍ فيه تمرٌ قدرَ خمسةَ عشرَ صاعاً، وقال فيه:"كُلْهُ أنتَ وأهلُ بَيْتِكَ، وصُمْ يوماً واستغفرِ الله"
(1)
.
(1)
حديث صحيح، وهذا الإسناد خالف فيه هشام بن سعد من فوقه في الحفظ والضبط من أصحاب الزهري الذين اتفقوا على روايته عن الزهري عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف، وليس هو من حديث أبي سلمة.
فقد أخرجه ابن خزيمة (1954)، وابن عدي في "الكامل" 7/ 2567، والدارقطني في "سننه"(2305) و (2402)، والبيهقي في "الكبرى" 4/ 226 - 227 من طريق هشام بن سعد، عن الزهريِّ، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة.
كذا قال هشام بن سعد: عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، فخالف فيه من هو فوقه في الحفظ والضبط من أصحاب الزهري، ولم يكن هشام بالحافظ، وقد أنكروا عليه هذا الحديث، فقد قال ابنُ خزيمة: الخَبر عن ابن شهاب، عن حميد بن عبد الرحمن، هو الصحيح [وهو الطريق السالف عند المصنف بالأرقام 2390 - 2392]، لا عن أبي سلمة.
وقال ابنُ عدي: رواه الثقاتُ عن الزهري، عن حميد بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة، وخالف هشامُ بن سعدٍ فيه الناسَ، ومع ضعفه يكتب حديثه، والحديثُ حديثُ حميد بن عبد الرحمن. وقال الخليلي في "الإرشاد" 1/ 345 بعد أن أشار إلى أن رواية هشام هذا الحديث عن الزهري، عن أبي سلمة: وهذا أنكره الحفاظ قاطبة من حديث الزهري عن أبي سلمة، لأن أصحابَ الزهري كلهم اتفقوا عن الزهري، عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف أخي أبي سلمة، وليس هو من حديث أبي سلمة.
والزيادة التي جاعت في هذا الحديث من رواية هشام بن سعد "وهي الأمر بالقضاء" لم ينفرد بها، فقد جاءت من طرق أخرى يقوي بعضها بعضاً كما قال الحافظ في "الفتح" 4/ 172.=
2394 -
حدَّثنا سليمانُ بنُ داود المَهريُّ، أخبرنا ابنُ وهب، أخبرني عمرو ابنُ الحارثِ، أن عبدَ الرحمن بنِ القَاسِم، حدَّثه، أن محمدَ بنَ جعفر بنِ الزبير حدَّثه، أن عبّادَ بنَ عبد الله بنِ الزبير حدَّثه
أنه سَمِعَ عائشةَ زوجَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم تقولُ: أتى رجُلٌ إلى النبيَّ صلى الله عليه وسلم في المسجدِ في رمضَانَ، فقال: يا رسولَ الله، احترقتُ، فسأله النبيُّ صلى الله عليه وسلم:"ما شأنُه؟ " فقال أصبتُ أهلي، قال:"تَصَدَّقْ" قال: واللهِ ما لي شيء ولا أقْدِرُ عليه، قال:" اجْلِسْ " فجلسَ، فبينما هو على ذلك أقْبَلَ رجلٌ يسوقُ حماراً عليه طعامٌ، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:"أينَ المُحْتَرِقُ آنفاً؟ " فقامَ الرجلُ، فقالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:"تَصَدَّقْ بهذا" فقال: يا رسولَ الله، أعلى غيرِنا؟ فو اللهِ إنا لجياعٌ، ما لنا شيءٌ! قال:"كُلُوه"
(1)
.
وقال في "تلخيص الحبير" 2/ 207 بعد ذكر رواية أبي داود هذه: وأعلّه ابن حزم بهشام وقد تابعه إبراهيم بن سعد كما رواه أبو عوانة في "صحيحه"، وله طريق أخرى عن عمرو بن شعيب، عن أبيه عن جده عند ابن خزيمة (1955) والبيهقي 4/ 226.
وأخرجه مالك في "الموطأ" 1/ 297 عن عطاء بن عبد الله الخراساني، عن سعيد ابن المسيب.
قال ابن عبد البر في "التمهيد" 8/ 21: هكذا هذا الحديث عند جماعة رواة "الموطأ" مرسلاً، وقد روي معناه متصلاً من وجوه صحاح.
(1)
إسناده صحيح. ابن وهَبْ: هو عبد الله المصري، وعمرو بن الحارث: هو ابن يعقوب الأنصاري.
وأخرجه البخاري (1935)، ومسلم (1112)، والنسائي في "الكبرى"(3097 - 3099) من طريق عبد الرحمن بن القاسم، بهذا الإسناد.
وأخرجه تعليقاً البخاري (6822) من طريق الليث، عن عمرو بن الحارث، به.
وهو في "مسند أحمد"(25092).
وانظر ما بعده.