الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فإذا غربت الشمسُ، أفاض إلى مزدلفة،
منحة السلوك
الدعاء في هذا الموقف. حتى روي أنه صلى الله عليه وسلم: "دعا عشية عرفة لِأمَّته بالمغفرة، فاستجيب له، إلا في الدماء، والمظالم، ثم أعاد الدعاء بالمزدلفة، فأجيب حتى الدماء والمظالم" أخرجه ابن ماجه
(1)
.
[المبيت بمزدلفة]
قوله: فإذا غربت الشمس أفاض. أي: الإمام إلى مزدلفة
(2)
.
لحديث علي رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم: "دفع حين غابت الشمس" رواه أبو داود، وغيره
(3)
.
= قال ابن عبد البر في التمهيد 6/ 39: لا خلاف عن مالك في إرسال هذا الحديث كما رأيت، ولا أحفظه بهذا الإسناد مسندًا من وجه يحتج بمثله، وقد جاء مسندًا من حديث علي وعبد الله بن عمرة، ولابن عدي 911 عن نافع عن ابن عمر نحوه.
لفظ الترمذي: "خير الدعاء
…
وخير ما قلت
…
" من طريق أبي عمر، ومسلم بن عمرو، والحذاء قال: حدثني عبد الله بن نافع، عن حماد بن أبي حميد، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
…
".
قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه، وحماد بن أبي حميد هو: محمد ابن أبي حميد، وهو أبو إبراهيم الأنصاري المديني وليس هو بالقوي عند أهل الحديث.
وقال البيهقي 5/ 117: هذا مرسل، وقد روي عن مالك بإسناد آخر موصولًا، ووصله ضعيف.
(1)
2/ 1002 كتاب المناسك، باب الدعاء بعرفة رقم الحديث 3013، وعبد الله بن أحمد بن حنبل في مسند أبيه 4/ 14، وأبو يعلى في مسنده 3/ 149 في مسند العباس بن مرداس السلمي رقم الحديث 1578.
من طريق عبد القاهر بن السري عن عبد الله بن كنانة بن عباس بن مرداس، عن أبيه كنانة، عن أبيه عباس بن مرداس، أن النبي صلى الله عليه وسلم ....
قال البوصيري في مصباح الزجاجة 3/ 28: هذا إسناد ضعيف.
(2)
مختصر الطحاوي ص 65، الكتاب 1/ 189، الهداية 1/ 157.
(3)
أبو داود 2/ 190 كتاب المناسك باب الدفعة من عرفة رقم 1922، والترمذي 3/ 240 كتاب الحج، باب ما جاء أن عرفة كلها موقف رقم 885، وأحمد 1/ 75، عن =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
منحة السلوك
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= علي رضي الله عنه قال: "وقف النبي صلى الله عليه وسلم بعرفة وقال: هذه عرفة، وعرفة كلها موقف، ثم أفاض حين غربت الشمس".
قال الترمذي 3/ 243: حسن صحيح.
وقال النووي في المجموع 8/ 126: حديث صحيح.
* وقد اختلف العلماء في وجوب الدم على من أفاض من عرفة قبل الغروب على ثلاثة أقوال:
القول الأول: أنه يجب عليه دم:
وهو قول: أكثر العلماء. منهم عطاء، والثوري وأبو حنيفة، والشافعي في القديم، وأبو ثور، وأحمد بن حنبل (أ) وغيرهم.
القول الثاني: أنه يستحب:
وهو قول: الشافعي في الجديد (ب). قال النووي: "إنه الأصح باتفاق الأصحاب، وهو نصه في الإملاء"(جـ).
القول الثالث: أنه لا شيء عليه:
وهو رواية عن الإمام أحمد (د).
الأدلة:
أدلة القول الأول:
1 -
ما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: "من نسي من نسكه شيئًا فليهرق دمًا".
وفي رواية: "من نسي من نسكه شيئًا أو تركه فليهرق دمًا".
قال أيوب: لا أدري قال: ترك، أو نسي (هـ).
2 -
ولأن نفس الوقوف ركن، واستدامته إلى غروب الشمس واجبة لما فيها من إظهار =
_________
(أ) المبسوط 4/ 56، شرح فتح القدير 2/ 376، المهذب 2/ 778، المجموع 8/ 102، المغني 3/ 414، الشرح الكبير لابن قدامة 2/ 234.
(ب) المهذب 2/ 779، المجموع 8/ 102.
(جـ) المجموع 8/ 102.
(د) الإنصاف 4/ 30.
(هـ) أخرجه الإمام مالك في الموطأ 1/ 397، 419، والبيهقي في سننه 5/ 152، وقد صححه النووي، وقال: إنه موقوف على ابن عباس لا مرفوعًا، المجموع 8/ 99.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
منحة السلوك
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= مخالفة المشركين، وقد فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأمر به، وترك الواجب يوجب الجبر بالدم (أ).
دليل القول الثاني والثالث:
استدلوا بالقياس، حيث قاسوا الوقوف بالنهار على الوقوف بالليل في عدم وجوب الدم، إذ أن من أدرك الوقوف بعرفة قبل طلوع فجر يوم النحر، لا يلزمه دم عندهم، بجامع أن كلًا منهما زمان للوقوف.
فقال الشافعية: إنه يستحب؛ لأنه وقف في إحدى زماني الوقوف، فلا يلزمه دم للزمان الآخر كما لو وقف في الليل دون النهار (ب).
وكذا قال المرداوي في تعليله لرواية أحمد التي أوردها: إنه لا يلزمه دم قياسًا على من وقف ليلًا (جـ).
الترجيح:
الراجح هو القول الأول: لصحة مستندهم، ووجاهة ما عللوا به.
والدم الواجب على من أفاض من عرفة قبل غروب الشمس شاة كما ذكر ابن قدامة.
وقال ابن جريج: عليه بدنة.
وقال الحسن البصري: عليه هدي من الإبل (د).
قال ابن قدامة: "ولنا أنه واجب لا يفسد الحج بفواته فلم يوجب البدنة كالإحرام من الميقات " ا. هـ (هـ).
فقد قاس الإفاضة من عرفة قبل الغروب على عدم الإحرام من الميقات؛ إذ أن من لم يحرم من الميقات عليه شاة؛ لإخلاله بواجب من واجبات الحج وهو عدم الإحرام من الميقات، فكذا هذا. وهو الراجح.
_________
(أ) المبسوط 4/ 56.
(ب) المهذب 2/ 779، المجموع 8/ 102.
(جـ) الإنصاف 4/ 30.
(د) المغني 3/ 414، الشرح الكبير لابن قدامة 2/ 234.
(هـ) المغني 3/ 414، الشرح الكبير لابن قدامة 2/ 234.
ووقف بقرب قُزَح. ومزدلفة كلها موقف إلا وادي مُحَسِّر.
منحة السلوك
قوله: ووقف بقرب قزح
(1)
.
والمراد من هذا الوقوف النزول؛ لأن الوقوف لا يكون إلا بعد صلاة الفجر بغلس، وإنما ينزل هنا؛ لأنه الموقف
(2)
؛ لما روي: "أنه صلى الله عليه وسلم: لما أصبح وقف على قُزَح" رواه أبو داود
(3)
.
قال في الصحاح: قزح اسم جبل بالمزدلفة
(4)
.
قال في الكشاف
(5)
: المشعر الحرام قزح، وهو الجبل الذي يقف عليه الإمام، وعليه الميقدة.
قوله: ومزدلفة كلها موقف إلا وادي مُحَسِّر
(6)
.
(1)
الكتاب 1/ 189، بداية المبتدي 1/ 157، الهداية 1/ 157.
(2)
تحفة الفقهاء 1/ 407، الهداية 1/ 157، المبسوط 4/ 14.
(3)
2/ 193 كتاب المناسك، باب الصلاة يجمع رقم الحديث 1935 قال: حدثنا أحمد بن حنبل، ثنا يحيى بن آدم، ثنا سفيان، عن عبد الرحمن بن عياش، عن زيد بن علي، عن أبيه، عن عبيد الله بن أبي رافع، عن علي رضي الله عنه قال:"فلما أصبح يعني النبي صلى الله عليه وسلم وقف على قزح، فقال: هذا قزح، وهو الموقف، وجمع كلها موقف".
ورواه أحمد 1/ 76، والترمذي 3/ 241 كتاب الحج، باب ما جاء أن عرفة كلها موقف رقم الحديث 885، وأبو يعلى في المسند 1/ 264 رقم الحديث 312.
عن علي رضي الله عنه. قال الترمذي 3/ 241: حديث حسن صحيح.
(4)
الصحاح 1/ 396 مادة قزح.
(5)
الكشاف عن حقائق التنزيل لأبي القاسم جار الله محمود بن عمر الزمخشري 1/ 124.
(6)
وفاقًا للمالكية، والشافعية، والحنابلة.
المختار 1/ 152، مختصر الطحاوي ص 65، الاختيار 1/ 152، الشرح الصغير 1/ 278، الشرح الكبير للدردير 2/ 44، شرح المحلي على المنهاج 2/ 113، قليوبي 2/ 113، الكافي لابن قدامة 1/ 444، منتهى الإرادات 2/ 59.
ويصلي بالناس المغرب والعشاء في وقت العشاء، بأذان وإقامة واحدةٍ، ولا يجمع المنفرد،
منحة السلوك
لقوله صلى الله عليه وسلم: "والمزدلفة كلها موقف، وارتفعوا عن بطن محسر"
(1)
رواه البخاري
(2)
.
قوله: ويصلي بالناس المغرب، والعشاء في وقت العشاء، بأذان، وإقامة واحدة
(3)
.
وقال زفر: بأذان وإقامتين
(4)
. واختاره الطحاوي
(5)
.
ولنا: حديث ابن عمر رضي الله عنهما: "أنه صلى الله عليه وسلم أذن للمغرب بجمع، فأقام، ثم صلى العشاء بالإقامة الأولى" قال ابن حزم
(6)
:
(1)
بطن الوادي: ما اطمأن منه، ومحسر -بضم الميم، وفتح الحاء، ثم سين مكسورة مشددة، ثم راء-: واد بين مزدلفة ومنى، قدر رمية بحجر.
معجم البلدان 1/ 449 مادة محسر، معجم ما استعجم 2/ 1191 مادة محسر، لسان العرب 13/ 55 مادة بطن، المطلع على أبواب المقنع ص 196، لغة الفقه ص 156، تاريخ مكة للأزرقي 2/ 192.
(2)
سبق تخريجه 3/ 287 وهو قطعة من الحديث: "عرفة كلها موقف، وارفعوا عن بطن عرنة، والمزدلفة كلها موقف وارفعوا عن بطن محسر".
(3)
كنز الدقائق 2/ 27، بدائع الصنائع 2/ 154، تبيين الحقائق 2/ 27.
(4)
وإليه ذهب الشافعية، والحنابلة، وهو قول: أبي ثور.
وعند المالكية: قيل: بأذانين وإقامتين على الأشهر، وقيل: بأذان واحد وإقامتين، وقيل: بإقامتين فقط.
بدائع الصنائع 2/ 154، تبيين الحقائق 2/ 27، الشرح الكبير للدردير 2/ 44، الكافي لابن عبد البر ص 143، جواهر الإكليل 1/ 180، الحاوي الكبير 4/ 176، المجموع 8/ 149، المستوعب 4/ 235، حاشية المقنع 1/ 452.
(5)
مختصر الطحاوي ص 65.
(6)
هو أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم الأندلسي، ولد عام 384 هـ بقرطبة، عالم =
ومن صلى المغرب في الطريق أعاد،
منحة السلوك
رواه مسلم
(1)
.
قوله: ومن صلى المغرب في الطريق. أي: في طريق المزدلفة أعاد، وكذا لو صلاها في عرفات
(2)
.
وقال أبو يوسف: يجوز؛ لأنه صلاها في وقتها المعهود
(3)
.
ولهما: حديث أسامة بن زيد رضي الله عنه: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دفع من عرفة، حتى إذا كان بالشعب
(4)
نزل فبال، ولم يسبغ الوضوء، قلت: الصلاة
= الأندلسي في عصره، كانت له الوزارة فانصرف عنها إلى التأليف والعلم، نشأ في تنعم ورفاهية ورزق ذكاء، كان فقيهًا يستنبط الأحكام من الكتاب والسنة على طريقة أهل الظاهر. توفي سنة 456 هـ. من تصانيفه: المحلى، مداوة النفوس، الإحكام في أصول الأحكام. وفيات الأعيان/ 325، تذكرة الحفاظ 3/ 1146، نفح الطيب 2/ 77، لسان الميزان 4/ 198، سير أعلام النبلاء 18/ 184.
(1)
2/ 938 كتاب الحج، باب الإفاضة من عرفات إلى المزدلفة رقم 1288 ولفظه: عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال:"جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين المغرب والعشاء بجمع، صلى المغرب ثلاثًا، والعشاء ركعتين، بإقامة واحدة".
(2)
وعند المالكية: من صلى قبلها من غير علة، أعاد إذا أتاها ندبًا.
الهداية 1/ 158، بداية المبتدي 1/ 158، مختصر الطحاوي ص 65، بدائع الصنائع 2/ 155.
الشرح الكبير للدردير 2/ 45، القوانين ص 90، منح الجليل 2/ 277، الشرح الصغير 1/ 279، المعونة 1/ 581.
(3)
وإليه ذهب الشافعية، والحنابلة.
الهداية 1/ 153، بداية المبتدي 1/ 158، مختصر الطحاوي ص 65، بدائع الصنائع 2/ 155، نهاية المحتاج 3/ 297، روضة الطالبين 3/ 94، المستوعب 4/ 235، حاشية المقنع 1/ 454.
(4)
-بالكسر- الطريق. وقيل: الطريق في الجبل. وهذا الشعب يقال له: شعب الحبال، =
ويبيتُ بها، ويصلي بهم الفجر بغلس، ثم يقف بالمشعر الحرام ويدعو.
منحة السلوك
يا رسول الله، قال: الصلاة أمامك، فركب، فلما جاء المزدلفة نزل وتوضأ، فأسبغ الوضوء" الحديث رواه البخاري، ومسلم
(1)
.
قوله: ويبيت بها. أي: بالمزدلفة، ويصلي بهم الفجر بغلس
(2)
(3)
.
لما روي: "أنه صلى الله عليه وسلم صلاها يومئذ بغلس" متفق عليه
(4)
.
قوله: ثم يقف بالمشعر الحرام
(5)
وهو قزح لما مر
(6)
.
قوله: ويدعو
(7)
.
= وهو الشعب الذي بال فيه النبي صلى الله عليه وسلم حين دفع من عرفة يريد المزدلفة. ويقع على يسار المقبل من عرفة.
تاريخ مكة للأزرقي 2/ 190 - 197، المصباح المنير 1/ 313 مادة الشعب، لسان العرب 1/ 501 مادة شعب، القاموس المحيط 2/ 717 مادة ش ع ب.
(1)
البخاري 2/ 601 كتاب الحج، باب الجمع بين الصلاتين بالمزدلفة رقم 1588، ومسلم 2/ 934 كتاب الحج باب الإفاضة من عرفات إلى المزدلفة رقم 1280.
(2)
كنز الدقائق 2/ 28، الكتاب 1/ 190، الأصل 2/ 311، تحفة الفقهاء 1/ 407، تبيين الحقائق 2/ 28.
(3)
الغلس: ظلمة آخر الليل، وقيل: أول الصبح حتى ينتشر في الآفاق.
لسان العرب 6/ 156 مادة غلس، القاموس المحيط 3/ 409 مادة غ ل س، مختار الصحاح ص 200 مادة غ ل س، المصباح المنير 2/ 450 مادة الغلس.
(4)
البخاري 2/ 604 كتاب الحج، باب من يصلي الفجر بجمع رقم 1598، ومسلم 2/ 938 كتاب الحج، باب استحباب زيادة التغليس بصلاة الصبح يوم النحر بالمزدلفة رقم 1289.
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: "ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى صلاة إلا لميقاتها إلا صلاتين، صلاة المغرب والعشاء بجمع، وصلى الفجر يومئذ قبل ميقاتها، وقال: قبل وقتها بغلس".
(5)
كنز الدقائق 2/ 28، المبسوط 4/ 19، تبيين الحقائق 2/ 28.
(6)
في 3/ 292.
(7)
المبسوط 4/ 19، الأصل 2/ 311، تبيين الحقائق 2/ 28، كنز الدقائق 2/ 28.