الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولو قال للذميَّ: أطال الله بقاك لم يجز، إلا إذا نَوىَ به إطالة بقائه لإسلامه، أو لمنفعة الجزية. ويُضيق عليه الطريق. ولا ينتقض عهد الذمة، إلا بأن يلحق بدار الحرب، أو يغلبوا على موضعٍ ويحاربونا،
منحة السلوك
[الدعاء لأهل الذمة]
قوله: ولو قال للذمي: أطال الله بقاك لم يجز؛ لأن فيه التمادي على الكفر، إلا إذا نوى به. أي: بهذا الدعاء إطالة بقائه لأجل أن يسلم، أو لمنفعة الجزية؛ لأن الدعاء فيهما لا يرجع إلى الذمي
(1)
.
[انتقاض عهد الذمة]
قوله: ويضيق عليه الطريق؛ للإهانة
(2)
، ولا ينتقض عهد الذمة إلا أن يلحق بدار الحرب؛ لأنه بذلك صار حربًا علينا، فينتفي المقصود من بقاء العهد، وكذلك إذا غلبوا على موضع، وحاربوا
(3)
.
= عباس أخبره، أن أبا سفيان بن حرب أخبره، أن هرقل أرسل إليه في نفر من قريش، وكانوا تجارًا بالشام فأتوه، قال: ثم دعا بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقريء، فإذا فيه: "بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد عبد الله ورسوله، إلى هرقل عظيم الروم، السلام على من اتبع الهدى، أما بعد
…
".
(1)
تبيين الحقائق 3/ 281، الهداية 2/ 456.
(2)
وفاقًا للمالكية، والشافعية والحنابلة.
الهداية 2/ 456، تبيين الحقائق 3/ 281، بداية المبتدي 2/ 456، كنز الدقائق 3/ 282، القوانين الفقهية ص 105، جواهر الإكليل 1/ 268، السراج الوهاج ص 553، روض الطالب 4/ 221، الروض المربع ص 226، غاية المنتهى 2/ 608، الإقناع للحجاوي 3/ 130، شرح منتهى الإرادات 2/ 133.
(3)
اختلف العلماء فيما ينتقض به عهد الذمي:
فقال الحنفية: لا ينتقض إلا أن يكون لهم منعة، ويحاربونا بها، أو يلحقوا بدار الحرب.
وذهب المالكية، والشافعية، والحنابلة: أنه ينتقض عهده بمنع الجزية، وبإبائه أن تجرى أحكام الإسلام عليه إذا حكم حاكم عليه بها. فإن فعل أحدهم ما يجب عليه تركه، والكف عنه مما فيه ضرر على المسلمين، أو آحادهم من مال، أو نفس، وذلك أحد ثمانية أشياء: الاجتماع على قتال المسلمين، أو يزني بمسلمة، أو يصيبها باسم نكاح، أو يفتن مسلمًا عن دينه، أو يقطع عليه الطريق، أو يؤدي للمشركين جاسوسًا، أو يعاون على المسلمين =
فعند ذلك هم كالمرتدين،
منحة السلوك
قوله: فعند ذلك هم كالمرتدين
(1)
في حل قتلهم، ودفع مالهم لورثتهم؛ لأنهم التحقوا بالأموات بتباين الدارين
(2)
.
= بدلالة، وهو أن يكاتب المشركين بأخبار المسلمين، أو يقتل مسلمًا أو مسلمة عمدًا.
وهل ينتقض عهده بذلك أم لا؟
ذهب الحنفية: إلى أنه لا ينتقض عهده بهذه الأشياء الثمانية، ولا بمنع الجزية، ولا بإبائه جريان أحكام الإسلام عليه، إلا أن يكون لهم منعة، فيغلبوا على موضع، ويحاربونا، أو يلحقوا بدار الحرب.
وعند المالكية: ينتقض عهده بقتال عام للمسلمين يقتضي خروجه عن الذمة، وبغضب حرة مسلمة، وبتطلعه على عورات المسلمين، وبسب نبي بما لم يكفر به، أي: بما لم نقرهم عليه من كفرهم، لا بما أقروه كنحو عيسى ابن الله.
وعند الشافعية: ينتقض عهده بقتال عام للمسلمين، سواء شرط ذلك عليه أم لا، ولو زنى بمسلمة، أو أصابها بنكاح، أو دل أهلَ الحرب على عورة للمسلمين، أو فتن مسلمًا عن دينه، أو طعن في الإسلام، أو القرآن، أو ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم بسوء، انتقض العهد بها، إن شرط انتقاض العهد بها وإلا فلا.
وعند الحنابلة: ينتقض عهده إذا قاتلنا منفردًا، أو مع أهل حرب، أو لحق بدار حرب مقيمًا، أو زنى بمسلمة، أو أصابها باسم نكاح، أو قطع طريقًا، أو تجسس، أو آوى جاسوسًا، أو ذكر الله، أو ذكر كتابه، أو دينه، أو رسوله صلى الله عليه وسلم بسوء ونحوه، أو تعدى على مسلم بقتل، أو فتنة عن دينه، انتقض عهده، سواء شرط عليهم ذلك، أو لم يشرط.
شرح فتح القدير 3/ 63، تبيين الحقائق 3/ 282، الكتاب 4/ 152، العناية 6/ 63، الهداية 2/ 456، الشرح الكبير للدردير 2/ 205، مختصر خليل ص 118، جواهر الإكليل 1/ 268، بلغة السالك 1/ 369، المنهاج 4/ 356، زاد المحتاج 4/ 156، مغني المحتاج 4/ 258، رحمة الأمة 2/ 184، الشرح الكبير لابن قدامة 10/ 623، شرح منتهى الإرادات 2/ 138، الروض المربع ص 227، كشاف القناع 3/ 143، الإفصاح 2/ 298، المحرر 2/ 188، المبدع 3/ 433.
(1)
في س، ر، ص، م، ي زيادة "أي: عند اللحاق بدار الحرب، أو الغلبة على موضع يصيرون كالمرتدين".
(2)
كنز الدقائق 3/ 282، الهداية 2/ 456، تبيين الحقائق 3/ 282.