الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تنبيه: ذكر الحافظ هذه الأحاديث إشارةً إلى:
الشرط السادس، وهو: ستر العورة
، وقد عبَّر الفقهاء بهذا التعبير (ستر العورة في الصلاة).
والأمر كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله كما في «الاختيارات» (ص 43): والله أمر بقدر زائد على ستر العورة في الصلاة، وهو أخذ الزينة، فقال:«خذوا زينتكم عند كل مسجد» ، فعلَّقَ الأمر باسم الزينة، لا بستر العورة إيذانًا بأن العبد ينبغي له أن يلبس أَزْيَنَ ثيابه، وأجملها.
(1)
المسائل والأحكام المستفادة من الأحاديث
مسألة [1]: حكم ستر العورة
.
• في هذه المسألة ثلاثة أقوال:
الأول: أن ستر العورة شرطٌ من شروط صحة الصلاة، وهذا قول جمهور العلماء، واستدلوا على ذلك بقوله تعالى:{خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} [الأعراف:31]، وبحديث عائشة، وجابر اللَّذَيْنِ في الباب، وفي حديث جابر:«إن كان واسعًا؛ فالتحف به، وإن كان ضَيِّقًا؛ فاتَّزِرْ به» ، فلابد من الاتزار.
قال الإمام ابن عثيمين رحمه الله: وإذا كان واجبًا في العبادة، فكل واجبٍ في العبادة هو شرطٌ لصحتها، فإذا تركه الإنسان عمدًا؛ بَطُلَتْ هذه العبادة. اهـ
قلتُ: وكذلك من المعلوم في كتب الأصول أنَّ الأمر بالشيء يستلزم النهي
(1)
وانظر: «الشرح الممتع» (2/ 145)، و «مجموع الفتاوى» (22/ 109).
عن ضده، فالأمر بستر العورة يستلزم النهي عن كشفها، والنهي يقتضي الفساد، كما هو مقرر في علم الأصول.
واستدلوا بما قاله ابن عبد البر رحمه الله كما في «المغني» (2/ 284): احتج من قال: (الستر من فرائض الصلاة) بالإجماع على إفساد من ترك ثوبه وهو قادر على الاستتار به، وصلَّى عريانًا، قال: وهذا أجمعوا عليه كلهم. اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله كما في «مجموع الفتاوى» (22/ 117): لا تجوز الصلاة عريانًا مع قدرته على اللباس باتفاق العلماء.
القول الثاني: هو شرطٌ مع الذِّكر دون السهو، وهو قول إسحاق، وبعض المالكية، وهذا التفصيل ليس عليه دليلٌ.
القول الثالث: أن ستر العورة واجبٌ فقط؛ فإنْ صلَّى مكشوف العورة صَحَّتْ صلاته، سواء تعمدَ، أو سها، وهذا ترجيح الشوكاني رحمه الله.
وقد استدل له الشوكاني بحديث سهل بن سعد رضي الله عنه في «الصحيحين»
(1)
، قال: كان الرجال يصلُّون مع النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- عاقدي أُزُرِهِم على أعناقهم، كهيئة الصبيان، وقال للنساء:«لا ترفعن رؤوسكن حتى يستوي الرجال جلوسًا» .
وبحديث عمرو بن سلمة في «البخاري» (4302): أنه كان يصلي بقومه في بردة صغيرة، فكان إذا سجد تقلَّصت عنه، فيبدو بعض عورته، حتى قالت امرأة: ألا تُغطُّون عَنَّا است قارئكم.
(1)
أخرجه البخاري برقم (362)، ومسلم برقم (441).