الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ المَسَاجِدِ
242 -
عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: أَمَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِبِنَاءِ المَسَاجِدِ فِي الدُّورِ، وَأَنْ تُنَظَّفَ وَتُطَيَّبَ. رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُد، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَصَحَّحَ إرْسَالَهُ.
(1)
المسائل والأحكام المستفادة من الحديث
دلَّ الحديث على أمرين:
أولهما: استحباب بناء المساجد، ويدل عليه حديث عثمان في «الصحيحين»
(2)
مرفوعًا: «من بنى مسجدًا لله تعالى بنى الله له في الجنة مثله» .
وجاء عن غيره خارج «الصحيح» ، وإذا لم يكن في القرية مسجدٌ، فبناؤه فرض كفاية؛ لأنَّ الجماعة واجبة، وما لا يتم الواجب إلا به؛ فهو واجب.
قال ابن رجب رحمه الله في «فتح الباري» (2/ 505): وبناء المساجد المحتاج
(1)
ضعيف مرسل. أخرجه أحمد (6/ 279)، وأبوداود (455)، والترمذي (594).
وأخرجه أيضًا ابن ماجه (758)(759)، وأبويعلى (4698) وابن خزيمة (1294)، وابن حبان (1634)، كلهم من طريق هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة به.
ورواه عن هشام هكذا موصولًا ثلاثة: (عامر بن صالح الزبيري وهو متروك، ومالك بن سعير وهو لا بأس به، وزائدة بن قدامة وهو ثقة).
وقد رواه وكيع وعبدة بن سليمان وسفيان بن عيينة عن هشام عن أبيه مرسلًا، أخرجه عنهم الترمذي (595)(596)، ورجح إرساله وهو كما يقول؛ لأن من رواه مرسلًا أرجح وأتقن، والله أعلم.
(2)
أخرجه البخاري برقم (450)، ومسلم برقم (533) بنحوه.
إليها مستحبٌّ، وعدَّه بعض أصحابنا من فروض الكفايات، ومراده: أنه لا يجوز أن يُخلَى مصرٌ، أو قريةٌ يسكنها المسلمون من بناء مسجد فيها. انتهى.
ثانيهما: الأمر بتنظيف المساجد وتطهيرها، والتنظيف مستحبٌّ، والتطهير واجبٌ، قال تعالى:{وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} [البقرة:125].
وقال تعالى: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ} [النور:36].
وفي «الصحيحين»
(1)
عن أبي هريرة أنَّ امرأةً كانت تَقُمُّ المسجد، فلما ماتت سأل النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- عن قبرها، فصلَّى عليها بعدما دُفِنَتْ.
(1)
سيأتي تخريجه في الكتاب برقم (540).
243 -
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم «قَاتَلَ اللهُ اليَهُودَ اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَزَادَ مُسْلِمٌ:«وَالنَّصَارَى» .
(1)
244 -
وَلَهُمَا مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ رضي الله عنها: «كَانُوا إذَا مَاتَ فِيهِمُ الرَّجُلُ الصَّالِحُ بَنَوْا عَلَى قَبْرِهِ مَسْجِدًا» وَفِيهِ: «أُولَئِكِ شِرَارُ الخَلْقِ» .
(2)
المسائل والأحكام المستفادة من الحديثين
يدل الحديثان على تحريم بناء المساجد على القبور، أو بناء القبور في المساجد، وللشيخ الإمام محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله كتاب مفيد في ذلك سمَّاه:«تحذير الساجد من اتخاذ القبور مساجد» ، جمعَ عددًا من الأحاديث، وتكلم عن هذه المسألة، فأفاد، وأجاد رحمه الله، ونقل عن المذاهب الأربعة تحريم ذلك، وزاد الإمام أحمد على التحريم بطلان الصلاة، وهو الصحيح، وراجع الكتاب المذكور آنفًا.
وقال شيخ الإسلام رحمه الله كما في «مجموع الفتاوى» (22/ 194 - ): اتَّفَقَ الْأَئِمَّةُ أَنَّهُ لَا يُبْنَى مَسْجِدٌ عَلَى قَبْرٍ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إنَّ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ كَانُوا يَتَّخِذُونَ الْقُبُورَ مَسَاجِدَ، أَلَا فَلَا تَتَّخِذُوا الْقُبُورَ مَسَاجِدَ؛ فَإِنِّي أَنْهَاكُمْ عَنْ ذَلِكَ» ، وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ دَفْنُ مَيِّتٍ فِي مَسْجِدٍ؛ فَإِنْ كَانَ المَسْجِدُ قَبْلَ الدَّفْنِ غُيِّرَ، إمَّا بِتَسْوِيَةِ الْقَبْرِ، وَإِمَّا بِنَبْشِهِ إنْ كَانَ جَدِيدًا، وَإِنْ كَانَ المَسْجِدُ بُنِيَ بَعْدَ الْقَبْرِ؛ فَإِمَّا أَنْ يُزَالَ
(1)
أخرجه البخاري (437)، ومسلم (530).
(2)
أخرجه البخاري (427)، ومسلم (528).
المَسْجِدُ، وَإِمَّا أَنْ تُزَالَ صُورَةُ الْقَبْرِ؛ فَالمَسْجِدُ الَّذِي عَلَى الْقَبْرِ لَا يُصَلَّى فِيهِ فَرْضٌ، وَلَا نَفْلٌ؛ فَإِنَّهُ مَنْهِيٌّ عَنْهُ. اهـ
وقال رحمه الله في (27/ 140): بَلْ الْمَسَاجِدُ الْمَبْنِيَّةُ عَلَى قُبُورِ الْأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ لَا تَجُوزُ الصَّلَاةُ فِيهَا، وَبِنَاؤُهَا مُحَرَّمٌ كَمَا قَدْ نَصَّ عَلَى ذَلِكَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الْأَئِمَّةِ؛ لِمَا اسْتَفَاضَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الصِّحَاحِ وَالسُّنَنِ وَالْمَسَانِيدِ أَنَّهُ قَالَ:«إنَّ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ كَانُوا يَتَّخِذُونَ الْقُبُورَ مَسَاجِدَ، أَلَا فَلَا تَتَّخِذُوا الْقُبُورَ مَسَاجِدَ؛ فَإِنِّي أَنْهَاكُمْ عَنْ ذَلِكَ» .
وَقَالَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ: «لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ» يُحَذِّرُ مَا فَعَلُوا، قَالَتْ عَائِشَةُ: وَلَوْلَا ذَلِكَ لَأُبْرِزَ قَبْرُهُ، وَلَكِنْ كَرِهَ أَنْ يُتَّخَذَ مَسْجِدًا. وَكَانَتْ حُجْرَةُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم خَارِجَةً عَنْ مَسْجِدِهِ، فَلَمَّا كَانَ فِي إمْرَةِ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ كَتَبَ إلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِالْعَزِيزِ عَامِلِهِ عَلَى الْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّةِ أَنْ يَزِيدَ فِي الْمَسْجِدِ، فَاشْتَرَى حُجَرَ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَكَانَتْ شَرْقِيِّ الْمَسْجِدِ وَقِبْلَتَهُ، فَزَادَهَا فِي الْمَسْجِدِ، فَدَخَلَتْ الْحُجْرَةُ إذْ ذَاكَ فِي الْمَسْجِدِ، وَبَنَوْهَا مُسَنَّمَةً عَنْ سَمْتِ الْقِبْلَةِ؛ لِئَلَّا يُصَلِّيَ أَحَدٌ إلَيْهَا. اهـ