الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مشروعية ما تقدم قوله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشيت الصبح، فأوتر بواحدة»
(1)
، وقوله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-:«يَا بَنِي عَبْد مَنَاف، لَا تَمْنَعُوا أَحَدًا طَافَ بِهَذَا البَيْتِ، وَصَلَّى، أَيَّةَ سَاعَةٍ شَاءَ مِنْ لَيْلٍ، أَوْ نَهَارٍ» .
(2)
وأخرج أبو داود (1277)، بإسناد صحيح عن عمرو بن عبسة، قال: قلت: يا رسول الله، أَيُّ اللَّيْلِ أَسْمَعُ؟ قَالَ:«جَوْفُ اللَّيْلِ الْآخِرُ، فَصَلِّ مَا شِئْتَ؛ فَإِنَّ الصَّلَاةَ مَشْهُودَةٌ مَكْتُوبَةٌ، حَتَّى تُصَلِّيَ الصُّبْحَ، ثُمَّ أَقْصِرْ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ فَتَرْتَفِعَ قِيسَ رُمْحٍ أَوْ رُمْحَيْنِ» ، وقوله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-:«فَأَعِنِّي عَلَى نَفْسِكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ» .
ونهى النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- عن الصلاة في خمسة أوقات؛ فدلَّ على أنَّ غير هذه الأوقات يصلي العبد فيها ما شاء، وكما أنه يُشرع للعبد التنفل من بعد ارتفاع الشمس إلى الظهر دون التقيد بعدد؛ لحديث عمرو بن عبسة، مع أنَّ النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- لم يثبت عنه أنه صلَّى في هذا الوقت بأكثر من ثمان؛ فالأمر كذلك في صلاة الليل، والله أعلم.
مسألة [2]: حكم الركعتين بعد الوتر
.
أخرج مسلم في «صحيحه» (746) عن عائشة رضي الله عنها، أنَّ النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- صلَّى من الليل تسع ركعات جلس في الثامنة، ولم يسلم، ثم جلس في التاسعة، وسلم، ثم صلَّى ركعتين وهو قاعدٌ.
وأخرج من وجه آخر (738)(126) عنها: أنَّ النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- كان يصلي من الليل ثمان ركعات، ويوتر، ثم يصلي ركعتين، وهو قاعد، فإذا أراد أن يركع قام فركع.
(1)
أخرجه البخاري برقم (990)، ومسلم برقم (749)، من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.
(2)
تقدم في الكتاب برقم (160).
وأخرج أحمد (5/ 260) بإسناد حسنٍ عن أبي أمامة رضي الله عنه، أنَّ النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- كان يصليهما بعد الوتر، وهو جالسٌ، يقرأ فيهما:{إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا} [الزلزلة:1]، و {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} ، وهو في «الصحيح المسند» (495).
وأخرج الدارقطني (2/ 36)، من حديث ثوبان رضي الله عنه، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «إنَّ هذا السفر جَهدٌ، وثِقَل، فإذا أوتر أحدكم؛ فليصل ركعتين؛ فإن قام من الليل، وإلا كانتا له» ، وهو حديث حسنٌ، وهو في «الصحيح المسند» لشيخنا رحمه الله برقم (190).
فمن هذه الأدلة ذهب طائفة من أهل العلم إلى استحباب هاتين الركعتين بعد الوتر منهم: كثير بن ضمرة، وخالد بن معدان، والحسن، وأبو مجلز، وجماعة من الحنابلة.
وبالغ بعضهم فعدَّها من الرواتب، ومن أهل العلم من رخَّصَ فيها، ولم يكرهها، وهو قول الأوزاعي، وأحمد، ومنهم من كرهها، وهو قول مالك، وحُكي عن الشافعي.
قلتُ: الراجح هو الاستحباب؛ للأدلة المتقدمة، وقد صح عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه صلاهما، وأفتى بهما. أخرجه ابن أبي شيبة (2/ 283)، ويُستحب عدم المداومة عليها؛ لأنَّ النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- لم يداوم عليها، بل فعلها أحيانًا، وقال:«اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترًا» .
(1)
(1)
وانظر: «الفتح» لابن رجب (6/ 262 - 263).