الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
معاذ، فقال النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-:«حولها ندندن» ، جاء عن رجلٍ من أصحاب النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-
(1)
، وهو في «الصحيح المسند» (1461).
وأما الأمر بها في الحديث الآخر؛ فلا يدل على الوجوب؛ فإنه إنما أمرهم عند سؤالهم عنه، وهذه قرينة تُخْرِجُ الأمر عن الوجوب على ما ذكره طائفة من الأصوليين؛ فإنه لو كان أمره للوجوب لابتدأهم به، ولم يؤخره إلى سؤالهم مع حاجتهم إلى بيان ما يجب في صلاتهم؛ فإنَّ تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز؛ فدلَّ على أنه اكتفى بالسلام عليه عن الصلاة.
قال أبو عبد الله غفر الله له: القول الثالث هو الصواب، والله أعلم، وقد ثبت عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان يوالي التشهد بالتسليم. أخرجه عبد الرزاق (2/ 204) بإسنادٍ صحيح.
(2)
مسألة [2]: هل الصلاة على النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- تكون في التشهد الأول أيضًا
؟
• ذهب أحمد، وإسحاق، وأبو حنيفة، والشافعي في قول، والثوري، وعزاه ابن رجب إلى أكثر العلماء، إلى أنَّ الجلوس الأول يُقتصر فيه على التشهد، ولا يزيد عليه الصلاة على النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-، واستدلوا بحديث ابن مسعود رضي الله عنه عند أحمد (3656)، وأبي داود (995)، والترمذي (366)، وغيرهم، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قعد في الركعتين الأوليين كأنه على الرضف. ولكن الحديث ضعيف؛ فإنه من طريق أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود، عن أبيه. وأبو عبيدة لم يسمع من أبيه.
(1)
أخرجه أبو داود برقم (792).
(2)
وانظر: «فتح الباري» لابن رجب رحمه الله (5/ 197 - 199)، رقم الحديث (835).
واستدلوا بما جاء عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه، أنه كان إذا جلس في الركعتين كأنه على الرضف. أخرجه ابن أبي شيبة (1/ 295) من طريقين: أحداهما فيها انقطاع؛ سلمة بن تميم لم يسمع من أبي بكر رضي الله عنه. والثانية: فيها رجل مبهم.
• وذهب الشافعي في الجديد، وهو الأصح عند الشافعية إلى أنه يُشرع للمصلي أن يصلي على النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- في التشهد الأول.
وقد استدل بعضهم لهذا القول بحديث عائشة عند أبي عوانة (2295): أنَّ النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- كان يصلي من الليل تسع ركعات، لا يجلس فيهن إلا عند الثامنة، فيدعو ربَّه، ويصلي على نَبِيِّهِ، ثم ينهض، ولا يسلم، ثم يصلي التاسعة، فيقعد، ثم يحمد ربَّه، ويصلي على نبيه -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-، ويدعو، ثم يسلم تسليمًا يُسْمِعُنا. وإسناده صحيح، وأصله في «مسلم» بغير هذا اللفظ.
قال أبو عبد الله غفر الله له: الأقرب -والله أعلم- القول الأول؛ لأنَّ النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- أمر بالصلاة عليه، ولم يعين التشهد الأول أو الأخير، وقد أجمعوا على مشروعيته في الأخير دون الأول، وحديث فَضَالَة يؤيد ذلك؛ فإن فيه بعد الصلاة ذكر الدعاء، وهذا في التشهد الأخير.
ثم ظهر لي أن الإتيان به في التشهدين أقرب؛ لحديث عائشة رضي الله عنها في قيام الليل، الذي تقدم ذكره؛ ولأن قول الصحابة:(قد علمنا كيف نسلم عليك؛ فكيف نصلي عليك)، يشمل التشهد الأول والأخير؛ فإن السلام حاصلٌ في التشهدين؛ فكذلك الصلاة في التشهدين.
(1)
(1)
وانظر: «المجموع» (3/ 460)، «الفتح» لابن رجب (5/ 186 - 187) برقم:(835).