الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَعْضُ المَسَائِلِ المُلْحَقَةِ
مسألة [1]: رفع الصوت بالذكر
.
• ذهب بعض أهل العلم إلى رفع الصوت بالذكر عَقِبَ الصلاة، واستدلوا بحديث ابن عباس رضي الله عنهما، في «الصحيحين»
(1)
، قال: إنَّ رفع الصوت بالذكر حين ينصرف الناس من المكتوبة كان على عهد رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-.
وفي رواية: كنتُ أعرف انقضاء صلاة رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- بالتكبير. واستدلوا بحديث المغيرة بن شعبة الذي في الباب، وبنحوه عن ابن الزبير في «مسلم» (594)، وبحديث ثوبان الذي في الباب، وهذا قول بعض أهل الظاهر.
• وذهب جمهور العلماء إلى أن الأفضل الإسرار بالذكر؛ لعموم قوله تعالى: {وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً} [الأعراف:205]، وقوله تعالى:{ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً} [الأعراف:55]، وقول النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- لمن جهر بالذكر من أصحابه:«إنكم لا تدعون أصمَّ ولا غائبًا» .
وقال ابن خزيمة رحمه الله: باب رفع الصوت بالتكبير والذكر.
ثم ذكر الحديث السابق.
وقال أبو عوانة رحمه الله: باب ذكر الأخبار التي تبين قول النبي صلى الله عليه وسلم عقب تسليمه
(1)
أخرجه البخاري برقم (841)(842)، ومسلم برقم (583).
من التشهد، وإعلامه من يخفى عليه فراغه من الصلاة بالتكبير.
ثم ذكر حديث ابن عباس المتقدم.
وقال ابن الأثير رحمه الله في «جامع الأصول» : الجهر بالذكر بعد الصلاة.
وقال أبو داود رحمه الله: باب التكبير بعد الصلاة.
وقال النسائي رحمه الله: التكبير بعد تسليم الإمام.
وقال البخاري رحمه الله: باب الذكر بعد الصلاة.
وقال ابن دقيق العيد رحمه الله في «الإحكام» (1/ 320): فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ الْجَهْرِ بِالذِّكْرِ عَقِيبَ الصَّلَاةِ، وَالتَّكْبِيرُ بِخُصُوصِهِ مِنْ جُمْلَةِ الذِّكْرِ. قَالَ الطَّبَرِيُّ: فِيهِ الْإِبَانَةُ عَنْ صِحَّةِ فِعْلِ مَنْ كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْ الْأُمَرَاءِ، يُكَبِّرُ بَعْدَ صَلَاتِهِ، وَيُكَبِّرُ مَنْ خَلْفَهُ. قَالَ غَيْرُهُ: وَلَمْ أَجِدْ مِنْ الْفُقَهَاءِ مَنْ قَالَ هَذَا إلَّا مَا ذَكَرَهُ ابْنُ حَبِيبٍ فِي الْوَاضِحَةِ: كَانُوا يَسْتَحِبُّونَ التَّكْبِيرَ فِي الْعَسَاكِرِ وَالْبُعُوثِ إثْرَ صَلَاةِ الصُّبْحِ وَالْعِشَاءِ تَكْبِيرًا عَالِيًا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ. وَهُوَ قَدِيمٌ مِنْ شَأْنِ النَّاسِ، وَعَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ مُحْدَثٌ.
قال ابن رجب رحمه الله: وذَكَرَ-يعني: أبا يعلى- عن أحمد نصوصًا تدل على أنه كان يجهر ببعض الذكر، ويُسرُّ الدعاء، وهذا هو الأظهر. اهـ
قال أبو عبد الله غفر الله له: هذا القول أقرب الأقوال؛ فيجهر ببعض الأذكار، وهي الأذكار التي ثبت أنَّ النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- جهر بها، وما عدا ذلك فيُسر به؛ بقاءً على الأصل في الأذكار، وهو الإسرار، كقول الجمهور، والله أعلم.
(1)
(1)
وانظر: «فتح الباري» لابن رجب (5/ 235 - 236)، برقم (841، 842).
317 -
وَعَنْ مَالِكِ بْنِ الحُوَيْرِثِ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» . رَوَاهُ البُخَارِيُّ.
(1)
الأحكام المستفادة من الحديث
تقدَّمتْ مباحث الحديث ضمن المسائل المتقدمة.
ويُستفاد من هذا الحديث أيضًا أنَّ جميع ما تقدم من المسائل تشمل الرجال، والنساء؛ لعموم هذا الحديث.
وقد استثنى بعض أهل العلم بعض المسائل، فقالوا: لا تفعلها المرأة، وهي: رفع اليدين حذو المنكبين، والتورك، والمجافاة في السجود، خشية أن تنكشف العورة.
والصواب أنها تعمل هذه السنن؛ لأنَّ انكشاف العورة أمرٌ مظنونٌ، فلا تترك السنن من أجله، والله أعلم.
(1)
أخرجه البخاري برقم (631).
318 -
وَعَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ لِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «صَلِّ قَائِمًا؛ فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا؛ فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ» . رَوَاهُ البُخَارِيُّ.
(1)
319 -
وَعَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ لِمَرِيضٍ صَلَّى عَلَى وِسَادَةٍ، فَرَمَى بِهَا وَقَالَ:«صَلِّ عَلَى الأَرْضِ إنِ اسْتَطَعْت، وَإِلَّا فَأَوْمِ إيمَاءً، وَاجْعَلْ سُجُودَك أَخْفَضَ مِنْ رُكُوعِك»
(2)
رَوَاهُ البَيْهَقِيُّ بِسَنَدٍ قَوِيٍّ، وَلَكِنْ صَحَّحَ أَبُو حَاتِمٍ وَقْفَهُ.
(3)
سيأتي الكلام على هذين الحديثين في آخر صلاة المسافر والمريض، إن شاء الله تعالى.
تم باب صفة الصلاة بحمد الله
(1)
أخرجه البخاري برقم (1117).
(2)
هذا الحديث والذي قبله ليسا موجودين في المخطوطة الظاهرية.
(3)
الراجح وقفه. أخرجه البيهقي (2/ 306) بسند ظاهره الحسن، لكن قال أبوحاتم في «العلل» (1/ 113): هذا خطأ، إنما هو عن جابر موقوف. وقال أيضًا: ليس بشيء هو موقوف.