الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
678 -
: أنَّ النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- كان يقنت في المغرب والفجر. وقال به أبو الخطاب الحنبلي.
• وذهب الشافعية وبعض المالكية إلى أنه يقنت في الصلوات كلها؛ لما ثبت في «الصحيحين»
(1)
عن أبي هريرة، أنه قال: لأقربنَّ بكم صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان يقنت في الركعة الآخرة من صلاة الظهر، والعشاء الآخرة، وصلاة الصبح
…
.
وثبت في «مسند أحمد» (1/ 301)، و «صحيح ابن خزيمة» (618)، وغيرهم، بإسناد صحيح عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، قال: قنت رسول الله صلى الله عليه وسلم شهرًا متتابعًا في الظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء، والصبح، في دبر كل صلاة، إذا قال:«سمع الله لمن حمده» من الركعة الأخيرة يدعو عليهم، علي حي من بني سُلَيم، على رِعْلٍ، وذكوان، وعُصيَّة، ويؤمن من خلفه، أرسل إليهم يدعوهم إلى الإسلام، فقتلوهم.
قلتُ: قول الشافعية هو الصواب، وهو ترجيح الشوكاني في «نيل الأوطار» ، وذكر بعض الصلوات في أحاديثهم لا يدل على أنه لم يقنت في غيرها، وإنما يُستفاد منها المحافظة على القنوت فيها أكثر من غيرها.
(2)
مسألة [3]: موضع القنوت
.
جاء في حديث ابن عمر رضي الله عنهما، في «البخاري» (4559): أنَّ النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قَنَتَ بعد
(1)
أخرجه البخاري برقم (797)، ومسلم برقم (676).
(2)
وانظر: «شرح المهذب» (3/ 505 - 506)، «المغني» (2/ 586 - 587)، «شرح السنة» (2/ 243 - 245)، «الموسوعة الفقهية الكويتية» (34/ 66).
الرُّكوع، وكذلك من حديث أبي هريرة رضي الله عنه في «الصحيحين»
(1)
، ومن حديث خفاف بن إيماء الغفاري في «صحيح مسلم» (679)، وأكثر روايات حديث أنس في «الصحيحين» أنه بعد الركوع، وجاءت بعض الروايات في حديث أنس أنه قبل الركوع.
قال ابن رجب رحمه الله في «فتح الباري» (6/ 276): وقد أنكر الأئمة على عاصم روايته عن أنس القنوتَ قبل الركوع، قال أحمد: خالفهم عاصم كلهم. يعني: خالف أصحاب أنس. ثم قال: هشام، عن قتادة، عن أنس، أن النبي صلى الله عليه وسلم قنت بعد الركوع. والتيمي، عن أبي مجلز، عن أنس. وأيوب، عن محمد: سألت أنسًا. وحنظلة السدوسي عن أنس: أربعة أوجه. وقال أبوبكر الخطيب في كتاب «القنوت» : أما حديث عاصم الأحول، عن أنس؛ فإنه تفرد بروايته، وخالف الكافة من أصحاب أنس، فرووا عنه القنوت بعد الركوع، والحكم للجماعة على الواحد. وقد حمل بعض العلماء المتأخرين حديث عاصم عن أنس في القنوت قبل الركوع على أن المراد به: إطالة القيام، كما في الحديث:«أفضل الصلاة طول القنوت» .اهـ
قلتُ: وهذا المحمل قرره ابن القيم في «زاد المعاد» ، وأشاد به. وفي حديث عاصم الأحول إشارة إلى ذلك؛ فقد قال عاصم: سألت أنس بن مالك عن القنوت، فقال: قد كان القنوت. قلت: قبل الركوع أو بعده؟ قال: قبله، قال: فإن
(1)
تقدم تخريجه قريبًا.
فلانا أخبرني عنك أنك قلت بعد الركوع، فقال:«كذب إنما قنت رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد الركوع شهرا يدعو على أناس قتلوا أناسا من أصحابه، يقال لهم القراء» . متفق عليه، واللفظ للبخاري.
(1)
وقال البيهقي رحمه الله في «السنن الكبرى» (2/ 208): ورواة القنوت بعد الركوع أكثر، وأحفظ، وعلى هذا درج الخلفاء الراشدون رضي الله عنهم في أكثر الروايات عنهم، وأشهرها. اهـ
قلتُ: وقد ذهب جمهور العلماء إلى أنَّ القنوت بعد الركوع، وهو مذهب الشافعي، وأحمد، وهو الصواب.
وثبت ذلك عن أبي بكر الصديق، وعمر بن بالخطاب، وعثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهم كما في «مصنف ابن أبي شيبة» (2/ 312)، و «الأوسط» لابن المنذر (5/ 208)، و «الكبرى» للبيهقي (2/ 210).
• وذهب أبو حنيفة ومالك إلى أن القنوت قبل الركوع، بعد فراغه من القراءة، إلا أن أبا حنيفة يقول: يكبر ويقنت. وقال مالك: يقنت من غير تكبير.
وقد ثبت عن بعض الصحابة رضوان الله عليهم أنهم قنتوا قبل الركوع؛ ففي «مصنف ابن أبي شيبة» ثبوت ذلك عن ابن عباس والبراء رضي الله عنهما، ولكن جاء فيه أن ذلك في صلاة الصبح.
(1)
أخرجه البخاري برقم (1002)، ومسلم برقم (677).
وثبت أيضًا عن عمر رضي الله عنه بإسناد صحيح أنه قنت في صلاة الصبح قبل الركوع. أخرجه عبد الرزاق (3/ 109)، والبيهقي (2/ 211).
وثبت أيضًا عن علي وأبي موسى وأنس رضي الله عنهم عند ابن المنذر في «الأوسط» (5/ 208 - 209) أنهم قنتوا قبل الركوع في صلاة الصبح.
وثبت عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قنت قبل الركوع في الوتر. أخرجه الطبراني في الكبير (9165) بإسنادٍ صحيحٍ.
قال أبو عبد الله غفر الله له: من أخذ بهذه الآثار عن الصحابة رضوان الله عليهم، وقنت قبل الركوع لا ننكر عليه، ولا سيما في صلاة الصبح، كما هو وارد في عامة الآثار المذكورة عدا أثر ابن مسعود رضي الله عنه.
والذي نختاره هو: القنوت بعد الركوع؛ للأحاديث المتقدمة، وبالله التوفيق.
تنبيه: الذين قنتوا قبل الركوع من الصحابة ثبت عن بعضهم أنه كبر قبل أن يقنت، ثم كبر عند ركوعه.
ثبت ذلك عن عمر بن الخطاب والبراء بن عازب عند عبد الرزاق (3/ 109)، وابن أبي شيبة (2/ 315)، وابن المنذر (5/ 211)، وجاء عن علي ابن أبي طالب رضي الله عنه عند ابن أبي شيبة، وابن المنذر، بإسناد فيه عبد الأعلى بن عامر الثعلبي، وفيه ضعف.
(1)
(1)
وانظر: «المغني» (2/ 581 - 582)، «المجموع» (3/ 506)، «الحاوي» (2/ 154)، «الموسوعة الكويتية» (34/ 57، و 66 - )، «شرح المعاني» (1/ 245).