الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
210 -
وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إذَا جَاءَ أَحَدُكُمُ المَسْجِدَ، فَلْيَنْظُرْ، فَإِنْ رَأَى فِي نَعْلَيْهِ أَذًى أَوْ قَذَرًا فَلْيَمْسَحْهُ وَلْيُصَلِّ فِيهِمَا» . أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد، وَصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ.
(1)
211 -
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إذَا وَطِئَ أَحَدُكُمُ الأَذَى بِخُفَّيْهِ فَطَهُورُهُمَا التُّرَابُ»
(2)
. أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد، وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ.
(3)
المسائل والأحكام المستفادة من الحديثين
مسألة [1]: حكم طهارة البدن، والثوب، والمكان
.
• أشار الحافظ ابن حجر رحمه الله بهذه الأحاديث إلى:
الشرط الثامن من شروط صحة الصلاة، وهو: طهارة البدن، والثوب، والمكان
.
• وقد ذهب إلى اشتراط ذلك جمهور العلماء.
واستدلوا بأحاديث الباب، وبقوله تعالى:{وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} [المدثر:4]، وبحديث
(1)
صحيح. أخرجه أبوداود (650)، وابن خزيمة (786)، من طريقين عن أبي نعامة السعدي، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد الخدري به. وإسناده صحيح.
(2)
سقط هذا الحديث من (أ).
(3)
صحيح لغيره. أخرجه أبوداود (386)، وابن حبان (1404).
وقد اختلف في الحديث على الأوزاعي على ثلاثة أوجه، وأرجحها رواية عمر بن عبدالواحد والوليد بن مزيد عنه قال: أنبئت عن أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة، فذكره. رواه أبوداود برقم (385).
وهناك وجه آخر يحتمل أن يكون محفوظًا وهو ما رواه يحيى بن حمزة وهو ثقة عن الأوزاعي عن محمد بن الوليد أخبرني سعيد بن أبي سعيد عن القعقاع بن حكيم عن عائشة به، والقعقاع لم يسمع من عائشة، فهاتان الطريقان مع حديث أبي سعيد الذي قبله تجعل الحديث صحيحًا. والله أعلم.
أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما، أنَّ النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قال في دم الحيض يصيب الثوب:«تَحُتُّهُ، وَتَقْرُصُه، وَتَنْضَحُه، ثُمَّ تُصَلِّي فِيْهِ» .
وهذه الأدلة تدل على اشتراط الطهارة في الثوب، وأما أدلتهم في اشتراط الطهارة في البدن، فأحاديث الاستنزاه من البول، وأحاديث الاستنجاء، والاستجمار كلها تفيد أنه يجب التنزه من النجاسة في البدن، وأما أدلتهم في اشتراطها في المكان، فقوله تعالى:{وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ}
…
[البقرة:125].
وحديث الأعرابي الذي بال في المسجد، فقال النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-:«إنَّ هذه المساجد لا تصلح لشيء من البول، ولا للقذر، إنما هو التسبيح، والتكبير، وقراءة القرآن»
(1)
، ثم أمر بذنوب من ماء، فأُهْرِيْقَ عليه.
ويدل إجمالًا على جميع ما تقدم قوله تعالى: {خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} [الأعراف:31].
• وقد ذهب مالك في رواية عنه إلى أنَّ إزالة النجاسة سنة، لكن قال النووي: وعن مالك في إزالة النجاسة ثلاث روايات، أصحها، وأشهرها: أنه إنْ صلى عالمًا بها لم تصح صلاته، وإن كان جاهلًا، أو ناسيًا، صَحَّتْ.
• وذهب أحمد في رواية عنه غير مشهورة إلى أنَّ ذلك واجبٌ، وليس بشرط، ورجَّح ذلك الإمام الشوكاني ببحث قوي كما في «النيل» .
(1)
أخرجه مسلم برقم (285)، من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه.
وأجاب عن أدلة الجمهور: بأنها لا تفيد أكثر من الوجوب، واستدل لعدم الشرطية بحديث أبي سعيد.
لكن قال الإمام ابن عثيمين رحمه الله: ولكن بلا شك القول الراجح هو قول الجمهور؛ لأنَّ هذا الواجب خاصٌّ بالصلاة، وكل ما وجب في العبادة؛ فإنَّ فواته مبطل لها إذا كان عمدًا. ثم استدل على ذلك بحديث:«من عمل عملًا ليس عليه أمرنا؛ فهو ردٌّ» اهـ
قلتُ: ومن القواعد الأصولية المقررة أن الأمر بالشيء يستلزم النهي عن ضده، وأنَّ النهي يقتضي الفساد، وأما حديث أبي سعيد الخدري الذي استدل به الشوكاني على عدم الشرطية -وهو حديث الباب- فهو محمول على من صلَّى بالنجاسة جاهلًا بها، أو ناسيًا.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله كما في «الاختيارات» (ص 43): ومن صلَّى بالنجاسة ناسيًا، أو جاهلًا؛ فلا إعادة عليه، قاله طائفة من العلماء؛ لأنَّ ما كان مقصوده اجتناب المحظور إذا فعله العبد مخطئًا، أو ناسيًا، لا تبطل العبادة به. اهـ
ولهذا فالراجح -والله أعلم- هو قول الجمهور، وهو ترجيح ابن حزم، وشيخ الإسلام، وابن القيم، وابن باز، وابن عثيمين رحمة الله عليهم أجمعين.
(1)
(1)
وانظر: «شرح المهذب» (3/ 122)، «المحلى» (343)، «المغني» (2/ 464 - 465)، «نيل الأوطار» (2/ 133 - )، «الشرح الممتع» (2/ 219 - )، «الإنصاف» (1/ 444)، «غاية المرام» (3/ 494 - ).