الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اِنْفَرَدَ بِهِ مُسْلِم، وَقَالُوا: إِنَّ عَدَمَ رُؤْيَتِهَا لِذَلِكَ لَا يَسْتَلْزِمُ عَدَم اَلْوُقُوعِ، فَيُقَدَّمُ مَنْ رُوِيَ عَنْهُ مِنْ اَلصَّحَابَةِ اَلْإِثْبَاتُ، وَذَهَبَ آخَرُونَ إِلَى اَلْجَمْعِ بَيْنَهُمَا. وَحَمَلَ اَلْبَيْهَقِيّ النَّفْيَ عَلَى اَلْمدَاوَمَةَ. وَذَهَبَ عِيَاض وَغَيْره إِلَى أنَّ قَوْلَهَا:(مَا صَلَّاهَا) مَعْنَاهَا: مَا رَأَيْته يُصَلِّيهَا، وَالْجَمْع بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِهَا:(كَانَ يُصَلِّيهَا أَرْبَعًا) أَنَّهَا أَخْبَرَتْ فِي اَلْإِنْكَارِ عَنْ مُشَاهَدَتِهَا، وَفِي اَلْإِثْبَاتِ عَنْ غَيْرِهَا. اهـ بتصرفٍ، واختصار.
قال أبو عبد الله غفر الله له: توجيهُ عياض هو الصواب المختار، والله أعلم.
المسائل والأحكام المستفادة من الحديث
مسألة [1]: حكم صلاة الضحى
.
• فيها أقوال:
الأول: استحبابها، قال النووي رحمه الله في «شرح المهذب» (4/ 40): وهو مذهبنا، ومذهب جمهور السلف، وبه قال الفقهاء المتأخرون كافة. اهـ
ويدل عليه حديث أبي ذر رضي الله عنه، في «صحيح مسلم» (720)، وبريدة رضي الله عنه، بنحوه في «مسند أحمد» (5/ 354): أنَّ النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قال: «عَلَى كُلِّ سُلَامَى مِنْ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ، فَكُلُّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَحْمِيدَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَكْبِيرَةٍ صَدَقَةٌ، وَأَمْرٌ بِالمَعْرُوفِ صَدَقَةٌ، وَنَهْيٌ عَنْ المُنْكَرِ صَدَقَةٌ، وَيُجْزِئُ مِنْ ذَلِكَ رَكْعَتَانِ يَرْكَعُهُمَا مِنْ الضُّحَى» .
ويدل عليه حديث عمرو بن عبسة رضي الله عنه في «صحيح مسلم» (832): أنَّ النبي
-صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قال بعد نهيه عن الصلاة حتى ترتفع الشمس: «ثُمَّ صَلِّ؛ فَإِنَّ الصَّلَاةَ مَشْهُودَةٌ مَحْضُورَةٌ حَتَّى يَسْتَقِلَّ الظِّلُّ بِالرُّمْحِ» .
وفي «الصحيحين»
(1)
، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: أَوْصَانِي خَلِيلِي صلى الله عليه وسلم بِثَلَاثٍ: «بِصِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَرَكْعَتَيْ الضُّحَى، وَلَا أَنَام حَتَّى أُوتِرَ» .
وأخرج مسلم (722)، عن أبي الدرداء، عن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- مثله، وفيه قال: لن أدعهن ما عشت. واستدلوا بحديث زيد بن أرقم في «صحيح مسلم» (748): «صَلَاةُ الأَوَّابِيْن حِيْنَ تَرْمَضُ الفِصَالُ» .
الثاني: ذهب بعض أهل العلم إلى أنها لا تُشرع؛ إلا لسببٍ، واحتجوا بأنه -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- لم يفعلها إلا لسبب، واتفق وقوعها وقت الضحى، واختار هذا القول ابن القيم رحمه الله.
الثالث: لا تُستحبُّ أصلًا، قال ابن حجر رحمه الله: وصحَّ عن عبد الرحمن بن عوف أنه لم يصلها، وكذلك ابن مسعود رضي الله عنهما
(2)
.
(1)
أخرجه البخاري برقم (1178)، ومسلم برقم (721).
(2)
أثر عبد الرحمن بن عوف ضعيف. أخرجه عبد الرزاق (3/ 80) عن رجل، عن شعبة، عن سعد ابن إبراهيم، عن أبيه، عن جده، عن عبد الرحمن بن عوف، قال: ما رأيته صلاها. وإسناده ضعيف؛ شيخ عبد الرزاق مبهم لم يسمَّ.
أثر ابن مسعود صحيح. أخرجه ابن أبي شيبة (2/ 405) قال: حدثنا وكيع، قال: حدثنا شعبة، عن عمرو بن مرة، عن أبي عبيدة، قال: لم يخبرني أحد من الناس أنه رأى ابن مسعود يصلي الضحى.
حدثنا وكيع، قال: حدثنا الأعمش، عن أبي الضحى، عن مسروق، قال: كنا نقرأ في المسجد فيثبت الناس في القراءة بعد قيام ابن مسعود، ثم نقوم فنصلي الضحى، فبلغ ذلك ابن مسعود، فقال: عباد الله لم تحملوا، عباد الله ما لم يحملهم الله إن كنتم لا بد فاعلين ففي بيوتكم.
وهذان الإسنادان صحيحان، وتبين بالرواية الثانية أن ابن مسعود كان يكره أن يظن الناس وجوبها.
الرابع: يُستحب تركها تارة، وفعلها تارة، ولا يواظب، وهو رواية عن أحمد، وذلك لأنَّ النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- لم يواظب عليها، وقد صحَّ عن أبي هريرة رضي الله عنه، أنه قال: ما رأيت النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- يصلي الضحى قطُّ إلا مرة. أخرجه أحمد (2/ 446).
الخامس: تُستحبُّ صلاتها والمواظبة عليها في البيوت.
السادس: أنها بدعة، صحَّ ذلك من رواية عروة، عن ابن عمر، وصحَّ عن أبي بكرة رضي الله عنه، أنه رأى ناسًا يُصلُّون الضحى، فقال: إنكم لتصلون صلاةً ما صلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا عامة أصحابه. أخرجه النسائي في «الكبرى» (478) بإسناد صحيح.
قال أبو عبد الله غفر الله له: الصواب قول الجمهور، أعني القول الأول؛ لما تقدم من الأدلة، وعدم مداومة النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- لا يدل على عدم الاستحباب، بعد أنْ حثَّ عليها، وأوصى بالمحافظة عليها، وإنما ترك المداومة عليها خشية أن تُفرضَ على الناس، كما ذكرت ذلك عائشة رضي الله عنها.
وأما قول ابن عمر: بدعة. فقال النووي رحمه الله: ويتأول قوله (بدعة) على أنه لم يبلغه الأحاديث المذكورة، أو أراد أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم لم يداوم عليها، أو أنَّ الجهارة في المساجد ونحوها بدعة، وإنما سُنَّتْ النافلة في البيت.
قال أبو عبد الله غفر الله له: قول ابن عمر رضي الله عنهما: (بدعة) يُحمل على أنه أراد