الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مسألة [9]: هل يضم أصابعه عند الرفع، أم يفرقها
؟
قال ابن قدامة رحمه الله في «المغني» (2/ 138): وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَمُدَّ أَصَابِعَهُ وَقْتَ الرَّفْعِ، وَيَضُمَّ بَعْضَهَا إلَى بَعْضٍ؛ لِمَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إذَا دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ رَفَعَ يَدَيْهِ مَدًّا
(1)
. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: السُّنَّةُ أَنْ يُفَرِّقَ أَصَابِعَهُ؛ لِمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَنْشُرُ أَصَابِعَهُ لِلتَّكْبِيرِ».
(2)
وَلَنَا مَا ذَكَرْنَاهُ، وَحَدِيثُهُمْ قَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا خَطَأٌ، وَالصَّحِيحُ مَا رَوَيْنَاهُ ثُمَّ لَوْ صَحَّ كَانَ مَعْنَاهُ مَدَّ أَصَابِعِهِ، قَالَ أَحْمَدُ: أَهْلُ الْعَرَبِيَّةِ قَالُوا: هَذَا الضَّمُّ. وَضَمَّ أَصَابِعَهُ، وَهَذَا النَّشْرُ، وَمَدَّ أَصَابِعَهُ، وَهَذَا التَّفْرِيقُ، وَفَرَّقَ أَصَابِعَهُ، وَلِأَنَّ النَّشْرَ لَا يَقْتَضِي التَّفْرِيقَ كَنَشْرِ الثَّوْبِ، وَلِهَذَا يُسْتَعْمَلُ فِي الشَّيْءِ الْوَاحِدِ، وَلَا تَفْرِيقَ فِيهِ. اهـ
مسألة [10]: كيف ترفع المرأة يديها
؟
قال ابن رجب رحمه الله في «فتح الباري» (738): واختلفوا في المرأة كيف ترفع يديها في الصلاة؟ فقالت طائفة: ترفع كما يرفع الرجل إلى المنكبين. روي عن أم الدرداء، أنها كانت تفعله
(3)
، وهو قول الأوزاعي والشافعي، وقالت طائفة: ترفع
(1)
((صحيح. أخرجه أبو داود (753)، قال: حدثنا مسدد، حدثنا يحيى، عن ابن أبي ذئب، عن سعيد ابن سمعان، عن أبي هريرة رضي الله عنه به. وإسناده صحيح، رجاله ثقات.
(2)
أخرجه الترمذي (239)، وفي إسناده: يحيى بن اليمان وهو ضعيف، وقد وهموه في الرواية المذكورة، والمحفوظ باللفظ المتقدم كما ذكر ذلك الدارمي، ونقله عنه الترمذي، وبالله التوفيق.
(3)
أخرجه ابن أبي شيبة (1/ 240)، وفي إسناده: عبد ربه بن سليمان بن عمير بن زيتون، له ترجمة في «الجرح والتعديل» ، و «التاريخ الكبير» ، و «الثقات» ، وهو مجهول الحال، لم يؤثر توثيقه عن غير ابن حبان.
إلى ثدييها، ولا تزيد على ذَلِكَ، وهو قول حماد وإسحاق. وروي نحوه عن حفصة بنت سيرين
(1)
، أنها كانت تفعله. وقال أحمد في رواية عنه: ترفع يديها في الصلاة، ولا ترفع كما يرفع الرجل، دون ذَلِكَ. ونقل عنه جماعة أنه قالَ: ما سمعنا في المرأة؛ فإن فعلت فلا بأس. قالَ القاضي أبو يعلى: ظاهر هذا أنه رآه فعلا جائزًا، ولم يَرَهُ مسنونًا. وقال عطاء: ترفع دون رفع الرجل، وإن تركته فلا بأس. انتهى
قال أبو عبد الله غفر الله له: الصواب ما ذهب إليه الشافعي، والأوزاعي؛ لأنَّ الشرع عامٌّ للرجال، والنساء.
(1)
أخرجه ابن أبي شيبة (1/ 240)، وإسناده صحيح.
269 -
وَعَنْ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ رضي الله عنه، قَالَ: صَلَّيْت مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَوَضَعَ يَدَهُ اليُمْنَى عَلَى يَدِهِ اليُسْرَى عَلَى صَدْرِهِ. أَخْرَجَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ.
(1)
(1)
زيادة (على صدره) منكرة. أخرجه ابن خزيمة (479) من طريق مؤمل بن إسماعيل نا سفيان عن عاصم بن كليب عن أبيه عن وائل بن حجر به.
ومؤمل بن إسماعيل ضعيف سيئ الحفظ، وقد تفرد بزيادة:(على صدره)، فقد رواه جمعٌ عن سفيان الثوري، ولم يذكروا هذه الزيادة، وهم: عبد الرزاق عند أحمد (4/ 317)، وعبد الله بن الوليد عند أحمد (4/ 318)، ويحيى بن آدم، وأبو نعيم الفضل بن دكين عند أحمد أيضًا (4/ 318)، ومحمد بن يوسف الفريابي عند النسائي (3/ 35)؛ فعلى هذا تُعتبر زيادة مؤمل بن إسماعيل منكرة، ويؤيد ذلك أيضًا أن جميع الحفاظ الذين رووا الحديث مع الثوري عن عاصم لم يذكروا هذه الزيادة، وهم بضعة عشر راويًا.
وقد جاءت هذه الزيادة: (الوضع على الصدر) في حديث هُلْب الطائي، أخرجه أحمد (5/ 226)، حدثنا يحيى بن سعيد، عن سفيان، حدثني سماك بن حرب، عن قبيصة بن هلب، عن أبيه، قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم ينصرف عن يمينه، ويساره، ورأيته قال: يضع هذه على صدره، وصف يحيى: اليمنى على اليسرى فوق المفصل.
قلتُ: قبيصة بن هلب مجهول، وقوله في الحديث:(رأيته قال: يضع هذه على صدره) أظنها مدرجة، وأنها من كلام بعض الرواة، وأظنه أحمد بن حنبل يحكيها عن يحيى بن سعيد، فقد رواه الإمام أحمد أيضًا (5/ 227): حدثنا وكيع، ثنا سفيان بإسناده. فلم يذكر هذه الزيادة، بل قد رواه محمد بن بشار، عن يحيى بن سعيد بإسناده، فلم يذكر هذه الزيادة، أخرجه الطوسي (234)، ومما يؤيد ذلك أنَّ شعبة، وزائدة، وأبا الأحوص، وشريكًا كلهم رووا الحديث عن سماك بن حرب بدون هذه الزيادة، وإنْ لم تكن هذه الزيادة مدرجة؛ فهي غير محفوظة.
وأحسن ما في هذا الباب هو مرسل طاوس، أخرجه أبو داود (759)، بإسناد صحيح عنه، قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- يضع يده اليمنى على يده اليسرى، ثم يشد بينهما على صدره، وهو في الصلاة. وهذا المرسل ليس هناك ما يصلح لتقويته.
والخلاصة من هذا البحث المتقدم أنَّ حديث الباب صحيح دون قوله (على صدره)؛ فهي زيادة لا تثبت.