الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مسألة [1]: حكم وضع اليدين على الركبتين
.
في حديث الباب، أنَّ النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- كان يضع يديه على ركبتيه، وقد أمر بذلك النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- كما ثبت في «الصحيحين»
(1)
عن مصعب بن سعد بن أبي وقاص، قال: صليت إلى جنب أبي، فطبقت بين كَفَّيَّ، ثم وضعتهما بين فَخِذَيَّ، فنهاني أبي، فقال: كُنَّا نفعله، فنهينا عنه، وأُمرنا أن نضرب بالأَكُف على الرُّكَبِ.
وثبت عن عمر بن الخطاب وولده عبد الله أنهما كانا يضعان اليدين على الركبتين كما في «مصنف ابن أبي شيبة» (1/ 244).
قال ابن رجب رحمه الله في «الفتح» شرح حديث (790): ذكر أكثر العلماء أنَّ التطبيق كان شُرِعَ أولًا، ثم نُسِخَ حكمه، واستدلوا بحديث سعد، وما في معناه.
وقال رحمه الله: وأكثر العلماء على أن وضع اليدين على الركبتين في الركوع من سنن الصلاة، ولا تبطل الصلاة بتركه ولا بالتطبيق
…
، وذهب طائفة من أهل الحديث إلى المنع من التطبيق، وإبطال الصلاة به؛ للنهي عنه كما دل حديث سعد، منهم: أبو خيثمة زهير بن حرب، وأبو إسحاق الجوزجاني.
وقال أبو بكر بن أبي شيبة -فيمن طبق ولم يضع يديه على ركبتيه-: أحب إلي أن يعيد. وهي رواية عن أحمد أخذ بها بعض أصحابه.
قال ابن رجب: فعلى قول هؤلاء يكون وضع اليدين على الركبتين في الركوع من واجبات الصلاة، وقد روي عن طائفة من السلف ما يدل على ذلك؛ فإنه رُوِيَ
(1)
أخرجه البخاري برقم (790)، ومسلم برقم (535).
عن جماعة أنهم قالوا: إذا وضع يديه على ركبتيه أجزأه في الركوع. وممن روي ذلك عنه: سعد بن أبي وقاص
(1)
، وابن مسعود
(2)
، وابن سيرين، ومجاهد، وعطاء، وقال: هو أدنى ما يجزئ في الركوع. اهـ
قال أبو عبد الله غفر الله له: استدل الجمهور على عدم الوجوب بأنَّ النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- لم يأمر بذلك المسيء في صلاته.
والظاهر -والله أعلم- أنَّ حديث المسيء في صلاته لم يستوعب جميع الواجبات، فما صحَّ الأمر به في حديث آخر فينبغي أن يُحمل على الوجوب أيضًا، والأوامر الشرعية بعد حديث المسيء ما زالت تَنْزل، وتُشْرَع، ثم وجدت الأمر بذلك ثابت في حديث المسيء في صلاته عند أحمد (4/ 340)، وأبي داود (859)، وابن خزيمة (597)، وابن أبي شيبة (1/ 244)، والطبراني (4526)، والبيهقي (2/ 374)، بإسناد حسن عن رفاعة بن رافع رضي الله عنه، بلفظ:«وإذا ركعت فضع راحتيك على ركبتيك، وامدد ظهرك» وبنحوه؛ فقول من أوجب وضع اليدين على الركبتين أقرب إلى الصواب، والله أعلم.
ثم إنَّ الشافعية، وجمهور الحنابلة يقولون: إنَّ أقل ما يجزئ في الركوع الانحناء، بحيث يمكنه مسُّ ركبتيه، فما هو الدليل على هذا إنْ كان وَضْعُ اليدين
(1)
أخرجه ابن أبي شيبة (1/ 251) من طريق رجل من أهل المدنية، عن ابنة سعد، عن أبيها. وهذا إسناد ضعيف؛ فيه رجل مبهم.
(2)
أخرجه ابن أبي شيبة (1/ 251) من طريق الضحاك، عن ابن مسعود رضي الله عنه. وهذا إسناد ضعيف منقطع؛ لأن الضحاك بن مزاحم لم يدرك ابن مسعود رضي الله عنه.