الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأحمد في رواية، وفي رواية عنه أنه يجلس على إليتيه، والقول الأول أصح؛ لدلالة الحديث عليه.
(1)
مسألة [3]: موضع تكبيرة الانتقال إذا جلس للاستراحة
.
قال ابن قدامة رحمه الله في «المغني» (2/ 215): يُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ ابْتِدَاءُ تَكْبِيرِهِ مَعَ ابْتِدَاءِ رَفْعِ رَأْسِهِ مِنْ السُّجُودِ، وَانْتِهَاؤُهُ عِنْدَ اعْتِدَالِهِ قَائِمًا؛ لِيَكُونَ مُسْتَوْعِبًا بِالتَّكْبِيرِ جَمِيعَ الرُّكْنِ الْمَشْرُوعِ فِيهِ، وَعَلَى هَذَا بَقِيَّةُ التَّكْبِيرَاتِ، إلَّا مَنْ جَلَسَ جَلْسَةَ الِاسْتِرَاحَةِ؛ فَإِنَّهُ يَنْتَهِي تَكْبِيرُهُ عِنْدَ انْتِهَاءِ جُلُوسِهِ، ثُمَّ يَنْهَضُ لِلْقِيَامِ بِغَيْرِ تَكْبِيرٍ. وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: يَنْهَضُ مُكَبِّرًا. وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ؛ فَإِنَّهُ يُفْضِي إلَى أَنْ يُوَالِيَ بَيْنَ تَكْبِيرَتَيْنِ فِي رُكْنٍ وَاحِدٍ لَمْ يَرِدْ الشَّرْعُ بِجَمْعِهِمَا فِيهِ. اهـ
مسألة [4]: هل ينهض بعد جلوس الاستراحة معتمدًا على يديه، أم قدميه
؟
• في المسألة قولان:
الأول: أنه يقوم معتمدًا على يديه، وهو قول الزهري، ومكحول، وعمر بن عبد العزيز، والأوزاعي، ومالك، والشافعي، وإسحاق، وأحمد في رواية، ودليلهم حديث مالك بن الحويرث عند النسائي (2/ 243)، قال في صفة صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا أحدثكم عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال أبو قلابة: فكان إذا رفع رأسه من السجدة الثانية في أول الركعة استوى قاعدًا، ثم قام، فاعتمد على الأرض.
(1)
وانظر: «المغني» (2/ 213).
والحديث في البخاري أيضًا برقم (824)، ولفظ النسائي أصرح.
الثاني: أنه ينهض على صدور قدميه، وهذا القول صحَّ عن ابن مسعود، وابن عمر، وابن عباس كما تقدم في جلسة الاستراحة، وهو قول النخعي، والثوري، وأبي حنيفة، وأحمد. ولهؤلاء أدلة مرفوعة كلها ضعيفةٌ، قال ابن رجب: وفي النهوض على صدور القدمين أحاديث مرفوعة أسانيدها ليست قوية. اهـ
من تلك الأحاديث: حديث أبي هريرة رضي الله عنه عند الترمذي (288)، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة ينهض على صدور قدميه. وفي إسناده: خالد بن إلياس، وهو متروك، ومنها: حديث وائل بن حُجر عند النسائي (2/ 206)، قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سجد وضع ركبتيه قبل يديه، وإذا نهض رفع يديه قبل ركبتيه. وهو ضعيفٌ، في إسناده: شريك القاضي، وقد خُولِفَ، فرواه غيره مرسلًا، وهو أصح.
ومن ذلك: حديث ابن عمر رضي الله عنهما، عند أبي داود (992)، قال:«نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعتمد الرجل على يديه إذا نهض في الصلاة» ، وهو حديث شاذٌّ، شذَّ به محمد بن عبدالملك الغزَّال، والحفاظ يروونه عن عبد الرزاق بلفظ:«نهى أن يجلس الرجل في صلاته، وهو معتمد على يديه» ، أو بمعناه، وقد وهمه البيهقي وغيره.
وجاء عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، كما في «مصنف ابن أبي شيبة» (1/ 395)، و «الأوسط» لابن المنذر (3/ 200)، أنه قال: من السنة في الصلاة المكتوبة إذانهض الرجل في الركعتين الأوليين أن لا يعتمد بيديه على الأرض؛ إلا أن يكون
شيخًا كبيرًا لا يستطيع. وفي إسناده: عبد الرحمن بن إسحاق الكوفي مُتَّفَقٌ على ضعفه.
قال أبو عبد الله غفر الله له: الصواب القول الأول.
(1)
فائدة: قال ابن رجب رحمه الله في «الفتح» (824): والأكثرون على أنه لا تلازم بين الجلسة والاعتماد، فقد كان من السلف من يعتمد، ولا يجلس للاستراحة، منهم: عبادة بن نسي، وحكاه عن أبي ريحانة الصحابي، وهذا مذهب أصحاب الشافعي، وأحمد؛ فإن أصحاب الشافعي، قالوا: يعتمد، سواء قلنا: يجلس للاستراحة أو قلنا: لا يجلس. وقال أصحاب أحمد: لا يعتمد، سواء قلنا: يجلس، أو قلنا: لا يجلس. اهـ
قلتُ: وهذا يُقوِّي الاحتمال في أثر ابن عمر، وابن عباس رضي الله عنهم، اللَّذَيْنِ تقدَّما في جلسة الاستراحة؛ فإنَّ الثابت عنهما أنهما كانا ينهضان على صدور القدمين، وهذا لا يلزم منه ترك جلسة الاستراحة، كما تبين لك ذلك من كلام ابن رجب رحمه الله.
(1)
وانظر: «المغني» (2/ 213 - 214)، «الفتح» لابن رجب رقم (824)، «السنن الكبرى» (2/ 135).
295 -
وَعَنْ أَنَسٍ بنِ مَالِكٍ رضي الله عنه، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَنَتَ شَهْرًا، بَعْدَ الرُّكُوعِ، يَدْعُو عَلَى أَحْيَاءٍ مِنَ أَحْيَاءِ العَرَبِ، ثُمَّ تَرَكَهُ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
(1)
وَلِأَحْمَدَ وَالدَّارَقُطْنِيّ نَحْوُهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ، وَزَادَ: وَأَمَّا فِي الصُّبْحِ فَلَمْ يَزَلْ يَقْنُتُ حَتَّى فَارَقَ الدُّنْيَا.
(2)
296 -
وَعَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم: كَانَ لَا يَقْنُتُ إلَّا إذَا دَعَا لِقَوْمٍ، أَوْ دَعَا عَلَى قَوْمٍ. صَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ.
(3)
297 -
وَعَنْ سَعْدِ بْنِ طَارِقٍ الأَشْجَعِيِّ رضي الله عنه، قَالَ: قُلْت لِأَبِي: يَا أَبَتِ، إنَّك قَدْ صَلَّيْت خَلْفَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، وَأَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ، أَفَكَانُوا يَقْنُتُونَ فِي الفَجْرِ؟ قَالَ: أَيْ بُنَيَّ، مُحْدَثٌ. رَوَاهُ الخَمْسَةُ إلَّا أَبَا دَاوُد.
(4)
(1)
أخرجه البخاري (4089)، ومسلم (677)(304).
(2)
زيادة منكرة. أخرجه أحمد (3/ 162)، والدارقطني (2/ 39) وغيرهما من طريق أبي جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أنس بن مالك به. وإسناده ضعيف؛ لأن أبا جعفر الرازي الراجح ضعفه، ومع ذلك فقد خالف الثقات الذين يروونه عن أنس بدون هذه الزيادة، فهي زيادة منكرة. قال ابن رجب في «الفتح» (1002): وهذا منكر. اهـ
تنبيه: الذي عند أحمد والدارقطني ذكر الزيادة فقط ولم يذكرا غيرها كما يوهمه قول الحافظ: (نحوه، وزاد).
(3)
صحيح لغيره. أخرجه ابن خزيمة (620) من طريق محمد بن عبدالله الأنصاري عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أنس. ومحمد بن عبدالله سمع من سعيد بعد الاختلاط كما في «مقدمة الفتح» .
ويشهد لصحة الحديث ما أخرجه البخاري (4560) من حديث أبي هريرة بلفظ: (كان إذا أراد أن يدعو لأحد أو يدعو على أحد قنت بعد الركوع) وهو عند ابن خزيمة (619) بإسناد صحيح، ولو ذكر الحافظ حديث أبي هريرة لكان أجود.
(4)
صحيح. أخرجه أحمد (3/ 472)، والنسائي (2/ 204)، والترمذي (402)، وابن ماجه (1241) من طرق عن أبي مالك الأشجعي، عن أبيه به. وهو صحيح على شرط مسلم.