الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فائدة: قال النووي رحمه الله في «شرح المهذب» (3/ 81): قال أصحابنا: فإن قلنا: فرض كفاية؛ فأقل ما يتأدى به الفرض أن ينتشر الأذان في جميع أهل ذلك المكان؛ فإن كانت قرية صغيرة، بحيث إذا أذن واحد سمعوا كلهم، سقط الفرض بواحد، وإن كان بلدًا كبيرًا، وجب أن يؤذن في كل موضع واحد، بحيث ينتشر الأذان في جميعهم؛ فإن أذَّن واحد فحسب، سقط الحرج عن الناحية التي سمعوه دون غيرهم.
مسألة [4]: هل للنساء الأذان والإقامة
؟
أما تأذينُ النساء للرجال؛ فلا أعلم أحدًا من أهل العلم قال به، وهذا لا يجوز؛ لأنَّ الأذان يحتاج إلى رفع الصوت، والمرأة لا يُشرع لها ذلك، والخطاب، والأوامر في الأذان جاءت للرجال، وقد حكى المتولي وجهًا عن الشافعية بالجواز، وهو وجهٌ شاذٌّ عندهم.
وأما إذا انفرد النسوة، فهل يُشْرَعُ لهن الأذان، والإقامة؟
فأقول: أما الوجوب؛ فلا أعلم أحدًا من أهل العلم قال به، واختلفوا: هل يُستحب لهن ذلك، أم لا؟
• فذهبت طائفة من أهل العلم إلى أنه لا يستحب لهن الأذان، ولا الإقامة، وهو قول سعيد بن المسيب، والحسن، والنخعي، والزهري، والثوري، والشافعي في قول، وأحمد في رواية، وأبي حنيفة، وأبي يوسف، ومحمد، قالوا: لأنَّ الأذان شُرِعَ لاجتماع الرجال.
• وذهبت طائفة من أهل العلم إلى استحباب الإقامة دون الأذان، وهو قول مالك، وأحمد في رواية، وداود، والشافعي في المشهور عنه، وبه قطع جمهور الشافعية.
• وذهبت طائفة من أهل العلم إلى أنَّ ذلك مشروعٌ في حَقِّهِنَّ، وَحَسَنٌ، وهذا القول رواية عن أحمد، وقول للشافعي، وهو ترجيح ابن المنذر، وابن حزم.
وقد جاء عن عائشة رضي الله عنها: أنها كانت تُؤَذِّنُ، وتُقِيم. أخرجه ابن أبي شيبة (1/ 223)، وفي إسناده: ليث بن أبي سليم، وهو ضعيفٌ، مختلطٌ.
وأخرج ابن أبي شيبة (1/ 223) بإسناد صحيح عن سليمان التيمي، قال: كُنَّا نسأل أنسًا هل على النساء أذانٌ؟ قال: لا، وإنْ فعَلْنَ، فهو ذِكْرٌ.
وأخرج أيضًا (1/ 223)، بإسناد حَسَنٍ عن ابن عمر أنه سُئِل: هل على النساء أذانٌ؟ فغضب، وقال: أنا أنهى عن ذِكْرِ الله. وهذا القول هو الراجح، والله أعلم.
تنبيه: استحباب الأذان في حَقِّهِنَّ مُقَيَّدٌ بما إذا لم تَسْمَعْ أذانَ المِصْرِ، وبما إذا لم ترفع صوتها، والله أعلم.
(1)
(1)
وانظر: «الأوسط» (3/ 53 - 55)، «المجموع» (3/ 100)، «مصنف ابن أبي شيبة» (1/ 222 - 223)، «المحلَّى» (320)، «المغني» (2/ 68)، «غاية المرام» (3/ 78)، «الشرح الممتع» (2/ 38 - 39).
171 -
عَنْ عَبْدِاللهِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ رَبِّهِ رضي الله عنه، قَالَ: طَافَ بِي وَأَنَا نَائِمٌ رَجُلٌ، فَقَالَ: تَقُولُ: اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ، فَذَكَرَ الأَذَانَ بِتَرْبِيعِ التَّكْبِيرِ بِغَيْرِ تَرْجِيعٍ، وَالإِقَامَةَ فُرَادَى، إلَّا قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ قَالَ: فَلَمَّا أَصْبَحْتُ أَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: «إنَّهَا لَرُؤْيَا حَقٍّ» . الحَدِيثَ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد، وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ خُزَيْمَةَ.
(1)
وَزَادَ أَحْمَدُ فِي آخِرِهِ قِصَّةَ قَوْلِ بِلَالٍ فِي أَذَانِ الفَجْرِ: الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ.
(2)
(1)
حسن. أخرجه أحمد (4/ 43)، وأبوداود (499)، والترمذي (189)، وابن خزيمة (371)، من طريق محمد بن إسحاق، حدثني محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي، عن محمد بن عبد الله بن زيد بن عبد ربه، قال: حدثني أبي عبد الله بن زيد
…
فذكره. وإسناده حسن.
(2)
زيادة ضعيفة. أخرجه أحمد (4/ 42)، من طريق ابن إسحاق، قال: ذكر محمد بن مسلم الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن عبدالله بن زيد
…
فذكر الحديث، وفيه:(فكان بلال يؤذن بذلك ويدعو رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- إلى الصلاة، فجاء فدعاه ذات غداة إلى الفجر، فقيل له: إن رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- نائم، قال: فصرخ بأعلى صوته: الصلاة خير من النوم. قال سعيد: فأدخلت الكلمة في التأذين إلى صلاة الفجر).
وهذه الزيادة ضعيفة؛ لأن ابن إسحاق لم يصرح بالتحديث، ولأنه قد خولف، فقد رواه معمر كما في «مصنف عبدالرزاق» (1774)، ويونس كما في «سنن البيهقي» (1/ 414) عن الزهري عن سعيد مرسلًا، ولم يذكرا هذه الزيادة.
قال الحافظ في «الفتح» (604) بعد أن ذكر الرواية المرسلة: ومنهم من وصله، والمرسل أقوى إسنادًا. اهـ