الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قولٌ خالف صاحبه الأخبار الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، والنظر غير دال عليه، ولا نعلم أحدًا سبق قائلَ هذا القول إلى مقالته، وعدل أصحابه عن القول به، فبقي قوله منفردًا، لا معنى له. اهـ
وأما استدلال إسحاق، وابن المبارك بقوله في حديث جبريل:«لِوَقْتِ العَصْرِ بِالأَمْسِ» .
فقد أجاب عنه ابن قدامة رحمه الله في «المغني» (2/ 14)، فقال: وَقَوْلُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: «لِوَقْتِ العَصْرِ بِالأَمْسِ» ، أَرَادَ مُقَارَنَةَ الْوَقْتِ، يَعْنِي أَنَّ ابْتِدَاءَ صَلَاتِهِ الْيَوْمَ الْعَصْرَ مُتَّصِلٌ بِوَقْتِ انْتِهَاءِ صَلَاةِ الظُّهْرِ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي، أَوْ مُقَارِبٌ لَهُ؛ لِأَنَّهُ قَصَدَ بِهِ بَيَانَ الْمَوَاقِيتِ، وَإِنَّمَا تَبَيَّنَ أَوَّلُ الْوَقْتِ بِابْتِدَاءِ فِعْلِ الصَّلَاةِ، وَتَبَيَّنَ آخِرُهُ بِالْفَرَاغِ مِنْهَا، وَقَدْ بَيَّنَهُ قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى صلى الله عليه وسلم:«وَقْتُ الظُّهْرِ مَا لَمْ يَحْضُرْ وَقْتُ الْعَصْرِ» . انتهى المراد.
(1)
مسألة [5]: آخر وقت العصر
.
لآخر العصر وقتان: وقت اختياري، ووقت اضطراري.
فأما آخر الوقت الاختياري؛ فقيل: مصير ظل كل شيء مثليه. قال بذلك الشافعي، ومالك، والثوري، ورواية عن أحمد، وعزاه النووي في «شرح المهذب» (3/ 28) للجمهور، واستدلوا بحديث جبريل، ففيه أنه صلَّى العصر باليوم الثاني حين كان ظل كل شيء مثليه، ثم قال:«الوقت ما بين هذين» ، وهذا ترجيح الشيخ
(1)
وانظر: «الأوسط» (2/ 329)، «المغني» (2/ 14)، «المجموع» (3/ 26).
ابن باز كما في «فتاوى اللجنة» (6/ 113).
وقيل: آخر وقت العصر الاختياري هو اصفرار الشمس، وهذا القول هو المشهور عن أحمد، وهو قول الأوزاعي، وأبي ثور، وأبي يوسف، ومحمد، وأبي حنيفة، واستدلوا بحديث عبدالله بن عمرو بن العاص الذي في الباب، وفيه:«ووقت العصر ما لم تصفر الشمس» ، وهذا القول هو ترجيح شيخ الإسلام ابن تيمية، وابن مفلح، والشيخ عبدالرحمن السعدي.
قال الإمام ابن عثيمين رحمه الله في «الشرح الممتع» (2/ 102): وهذا في الغالب يزيد على مصير ظِلِّ كلِّ شيء مثليه، وهذه الزيادة تكون مقبولة؛ لأن الحديث في «صحيح مسلم» ، ومن قول الرسول صلى الله عليه وسلم، ويمكن أن يُجاب عن حديث جبريل: بأنه ابتدأ الصَّلاة بالنبي صلى الله عليه وسلم حين صار ظِلُّ كلِّ شيء مثليه، وأنها إذا صُلِّيت وانتُهيَ منها تكون الشمس قد اصفرَّت؛ ولاسيَّما في أيام الشتاء، وَقِصَر وقت العصر، وسواءٌ صَحَّ هذا الجمع أم لم يصحَّ؛ فإن الأخذ بالزَّائد متعيِّن؛ لأنَّ الأخذ بالزَّائد أخذٌ بالزَّائد والناقص، والأخذ بالناقص إلغاء للزائد، وعليه فنقول: وقت العصر إلى اصفرار الشمس. انتهى المراد.
قال أبو عبد الله غفر الله له: إذا وُجِدَت الصفرة قريبًا من مصير ظل الشيء مثليه؛ فالأمر سهل، وإلا فالراجح هو القول الثاني، والله أعلم.
(1)
فائدة: قال ابن عبدالبر رحمه الله كما في «المغني» (2/ 16): أجمع العلماء على أن
(1)
وانظر: «المغني» (2/ 15)، «غاية المرام» (3/ 205 - 206)، «الأوسط» (2/ 331 - ).