الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
249 -
وَعَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا تُقَامُ الحُدُودُ فِي المَسَاجِدِ، وَلَا يُسْتَقَادُ فِيهَا» . رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُد بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ.
(1)
المسائل والأحكام المستفادة من الحديث
مسألة [1]: حكم إقامة الحدود في المساجد
.
• ذهب الجمهور إلى كراهة ذلك.
• وذهب بعض الحنابلة إلى التحريم، وصرَّح بذلك الصنعاني، والشوكاني، واستدلوا بحديث الباب، وبحديث:«إنما بنيت المساجد لما بنيت له» .
• وكان ابن أبي ليلى يقيم حد الجلد في المسجد.
• وقال مالك: لا بأس بخفيف الأدب، ولا بأس بضرب الخصم فيه إذا تبين لدده. نقله صاحب «تهذيب المدونة» .
قلتُ: حديث الباب يدل على تحريم ذلك؛ لأنَّ النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- نهى عن ذلك، والأصل في النهي التحريم، والله أعلم.
(2)
(1)
حسن. أخرجه أحمد (3/ 434)، وأبوداود (4490)، وأخرجه أيضًا الدارقطني (3/ 85 - 86).
وله طريقان: إحداهما فيها العباس بن عبدالرحمن المدني وهو مجهول، والثانية فيها انقطاع بين زفر بن وثيمة وحكيم بن حزام. وللنهي عن إقامة الحدود شاهد من حديث ابن عباس أخرجه الحاكم (4/ 369) وفي إسناده سعيد بن بشير وفيه ضعف.
وله شاهد آخر من حديث ابن عمر رضي الله عنهما، أخرجه ابن ماجه (2600)، وفي إسناده: ابن لهيعة، وهو ضعيف مختلط؛ فالحديث حسن بشواهده.
(2)
وانظر: «الفتح» لابن رجب (2/ 374)، «النيل» (639)، «فيض القدير» (6/ 414)، «توضيح الأحكام» (2/ 127).
250 -
وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: أُصِيبَ سَعْدٌ يَوْمَ الخَنْدَقِ فَضَرَبَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم خَيْمَةً فِي المَسْجِدِ، لِيَعُودَهُ مِنْ قَرِيبٍ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
(1)
المسائل والأحكام المستفادة من الحديث
في الحديث دلالة على جواز اتخاذ الخيمة في المسجد للمريض، وكذا للمعتكف، والمحتاج.
قال ابن رجب رحمه الله في «فتح الباري» (463): كره أحمد للمعتكف أن يضرب خيمة ونحوها في المسجد، إلا لشدة البرد، ورخص فيه إسحاق إذا كان قصده أن يصون المسجد عما يكون منه من حدث، أو سقوط شيء من طعامه في المسجد، نقله عنهما إسحاق بن منصور في «مسائله». ومن رخص في ضرب الأخبية ونحوها في المساجد -كما دلت عليه الأحاديث في هذا الباب- قال: هي لا تتأبد، فلا تكون ممنوعة، بخلاف ما يتأبد كالغراس والبناء؛ فإنه لا يجوز. وقد نص أحمد على منع الغراس في المساجد، وهو قول مالك، وقال أصحاب الشافعي: يكره. وحكي جوازه عن الأوزاعي. اهـ
قال أبو عبد الله غفر الله له: الصواب في هذه المسألة هو جواز ضرب الخيمة للحاجة كما فعل النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-، وأما الغراس، والبناء؛ فيمنع منه كما قال أحمد، ومالك؛ لأنَّ فيه تصرف بالوقف بما لم يبن من أجله، والله أعلم.
(1)
أخرجه البخاري (463)، ومسلم (1769).
251 -
وَعَنْهَا قَالَتْ: رَأَيْت رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَسْتُرُنِي، وَأَنَا أَنْظُرُ إلَى الحَبَشَةِ يَلْعَبُونَ فِي المَسْجِدِ
…
الحَدِيثَ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
(1)
المسائل والأحكام المستفادة من الحديث
قال الصنعاني رحمه الله في «سبل السلام» (1/ 323): قَدْ بَيَّنَ فِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ
(2)
أَنَّ لَعِبَهُمْ كَانَ بِالدَّرَقِ وَالْحِرَابِ.
وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ
(3)
: يَلْعَبُونَ فِي المَسْجِدِ بِالْحِرَابِ.
وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ
(4)
: وَكَانَ يَوْمَ عِيدٍ.
فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ مِثْلِ ذَلِكَ فِي المَسْجِد فِي يَوْمِ مَسَرَّةٍ.
وَقَدْ حُكِيَ أَنَّ لَعِبَهُمْ كَانَ خَارِجَ المَسْجِدِ، وَعَائِشَةُ كَانَتْ فِي المَسْجِدِ. وَهَذَا مَرْدُودٌ بِمَا ثَبَتَ فِي بَعْضِ طُرُقِ الْحَدِيثِ هَذَا، أَنَّ عُمَرَ أَنْكَرَ عَلَيْهِمْ لَعِبَهُمْ فِي المَسْجِدِ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«دَعْهُمْ»
(5)
، وَفِي بَعْضِ أَلْفَاظِهِ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِعُمَرَ:«لِتَعْلَمَ الْيَهُودُ أَنَّ فِي دِينِنَا فُسْحَةً، وَأَنِّي بُعِثْت بِحَنِيفِيَّةٍ سَمْحَةٍ»
(6)
، وَكَأَنَّ عُمَرَ بَنَى
(1)
أخرجه البخاري (454)، ومسلم (892)(17).
(2)
أخرجه البخاري برقم (950)، وهي عند مسلم أيضًا برقم (892)(19).
(3)
أخرجه مسلم برقم (892)(18).
(4)
أخرجه البخاري برقم (950)، وهي عند مسلم أيضًا (892)(19).
(5)
أخرجه مسلم (893)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(6)
أخرجه أحمد (6/ 116)، والحميدي (254)، واللفظ لأحمد، وهو حديث حسن.
عَلَى الْأَصْلِ فِي تَنْزِيهِ المَسَاجِدِ، فَبَيَّنَ لَهُ صلى الله عليه وسلم أَنَّ التَّعَمُّقَ وَالتَّشَدُّدَ يُنَافِي قَاعِدَةَ شَرِيعَتِهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ التَّسْهِيلِ وَالتَّيْسِيرِ، وَهَذَا يَدْفَعُ قَوْلَ الطَّبَرِيِّ: إنَّهُ يُغْتَفَرُ لِلْحَبَشِ مَا لَا يُغْتَفَرُ لِغَيْرِهِمْ، فَيُقَرُّ حَيْثُ وَرَدَ وَيُدْفَعُ قَوْلُ مَنْ قَالَ: إنَّ اللَّعِبَ بِالْحِرَابِ لَيْسَ لَعِبًا مُجَرَّدًا، بَلْ فِيهِ تَدْرِيبُ الشُّجْعَانِ عَلَى مَوَاضِعِ الْحُرُوبِ، وَالِاسْتِعْدَادِ لِلْعَدُوِّ؛ فَفِي ذَلِكَ المَصْلَحَةُ الَّتِي تَجْمَعُ عَامَّةَ المُسْلِمِينَ، وَيُحْتَاجُ إلَيْهَا فِي إقَامَةِ الدَّيْنِ؛ فَأُجِيزَ فِعْلُهَا فِي المَسْجِدِ. اهـ
تنبيه: قال الصنعاني رحمه الله (1/ 323 - 324): هَذَا، وَأَمَّا نَظَرُ عَائِشَةَ إلَيْهِمْ وَهُمْ يَلْعَبُونَ وَهِيَ أَجْنَبِيَّةٌ؛ فَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى جَوَازِ نَظَرِ الْمَرْأَةِ إلَى جُمْلَةِ النَّاسِ مِنْ دُونِ تَفْصِيلٍ لِأَفْرَادِهِمْ، كَمَا تَنْظُرُهُمْ إذَا خَرَجَتْ لِلصَّلَاةِ فِي المَسْجِدِ، وَعِنْدَ الْمُلَاقَاةِ فِي الطَّرَقَاتِ. اهـ
252 -
وَعَنْهَا أَنَّ وَلِيدَةً سَوْدَاءَ كَانَ لَهَا خِبَاءٌ فِي المَسْجِدِ، فَكَانَتْ تَأْتِينِي فَتَحَدَّثُ عِنْدِي .... الحَدِيثَ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
(1)
المسائل والأحكام المستفادة من الحديث
في هذا الحديث دلالة على جواز ضرب الخيمة في المسجد للحاجة، وكذا على جواز النوم في المسجد للرجل، وللمرأة إذا أُمِنَتِ الفتنة، وقد بوب عليه البخاري:[باب نوم المرأة في المسجد].
ثم بوب بابًا آخر: [باب نوم الرجال في المسجد]، واستدل على ذلك بنوم أصحاب الصُّفَّة في المسجد، وبحديث سهل بن سعد، وهو في «الصحيحين»
(2)
، أنَّ عليًّا قال في المسجد، فجاءه النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- يقول:«قم أبا تراب، قم أبا تراب» .
وبحديث ابن عمر أنه كان ينام وهو شاب أعزب لا أهل له في مسجد النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-. وهو في «الصحيحين» .
(3)
قلتُ: وقد صحَّ عن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- من حديث بلال رضي الله عنه عند أبي داود (3055): أنه بات ليلة في المسجد. وهو في «الصحيح المسند» .
قال الحافظ ابن رجب رحمه الله: واعلم أنَّ النوم في المسجد على قسمين:
(1)
أخرجه البخاري (439) واختصره الحافظ وتصرف في لفظه، ولم يخرجه مسلم.
(2)
أخرجه البخاري برقم (441)، ومسلم برقم (2409).
(3)
أخرجه البخاري برقم (440)، ومسلم برقم (2479).
أحدهما أن يكون لحاجة عارضة مثل نوم المعتكف فيه، والمريض، والمسافر، ومن تدركه القائلة، ونحو ذلك، فهذا يجوز عند جمهور العلماء، ومنهم من حكاه إجماعًا
…
، قال: والقسم الثاني: أن يتخذ مقيلًا، ومبيتًا على الدوام، فكرهه ابن عباس، وقال مرة: إن كنت تنام فيه لصلاة؛ فلا بأس. وهذا القسم أيضًا على نوعين: أحدهما: أن يكون لحاجةٍ كالغريب، ومن لا يجد مسكنًا؛ لفقره، فهذا هو الذي وردت فيه الرخصة لأهل الصفة، والوفود، والمرأة السوداء، ونحوهم.
قلتُ: وهذا قد أجازه الجمهور.
قال: والثاني: أن يكون ذلك مع القدرة على اتخاذ مسكن، فهذا كرهه أحمد، وإسحاق، ومالك، ورخَّصَ فيه طائفة، منهم: الشافعي، ورواية عن أحمد، واختاره الأثرم. انتهى بتصرفٍ واختصار.
قلتُ: وهو قول الثوري، والبخاري، وقد عزا الشوكاني في «النيل» الجواز مطلقًا للجمهور.
(1)
(1)
وانظر: «فتح الباري» لابن رجب (2/ 456 - 458)، «النيل» (646).
253 -
وَعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «البُزَاقُ
(1)
فِي المَسْجِدِ خَطِيئَةٌ وَكَفَّارَتُهَا دَفْنُهَا». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
(2)
المسائل والأحكام المستفادة من الحديث
في هذا الحديث تحريم البصاق في المسجد، وسواء في ذلك أرضه، أو جدرانه، ولا يُنهى عن البصاق في المنديل داخل المسجد بالإجماع.
وقد تقدم الكلام على هذا الحديث في [باب الحث على الخشوع في الصلاة] تحت الحديث الثامن، فراجعه.
(1)
في المطبوع: (البصاق).
(2)
أخرجه البخاري (415)، ومسلم (552).
254 -
وَعَنْهُ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَتَبَاهَى النَّاسُ فِي المَسَاجِدِ» . أَخْرَجَهُ الخَمْسَةُ إلَّا التِّرْمِذِيَّ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ.
(1)
255 -
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَا أُمِرْتُ بِتَشْيِيدِ المَسَاجِدِ» . أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد، وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ.
(2)
المسائل والأحكام المستفادة من الحديثين
دلَّ الحديثان على كراهة زخرفة المساجد، وأنَّ ذلك من علامات الساعة، وأول من زخرف المساجد هو الوليد بن عبد الملك الأموي.
وزخرفة المساجد فيه إسراف، وتبذير، وإشغال للمصلي عن صلاته، وتقليد لأعداء الإسلام، فقد قال ابن عباس عقب حديثه المذكور: لتزخرفنها كما زخرفت اليهود، والنصارى. ثم هو أيضًا من المحدثات والبدع.
(1)
صحيح. أخرجه أحمد (3/ 134)، وأبوداود (449)، والنسائي (2/ 32)، وابن ماجه (739)، وابن خزيمة (1323)، من طرق عن حماد بن سلمة، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن أنس به. وإسناده صحيح.
(2)
صحيح. أخرجه أبوداود (448)، وابن حبان (1615)، من طريق محمد بن الصباح، قال: حدثنا سفيان بن عيينة، عن سفيان الثوري، عن أبي فزارة، عن يزيد بن الأصم، عن ابن عباس به. وإسناده صحيح.
256 -
وَعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «عُرِضَتْ عَلَيَّ أُجُورُ أُمَّتِي، حَتَّى القَذَاةُ
(1)
يُخْرِجُهَا الرَّجُلُ مِنَ المَسْجِدِ». رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ، وَاسْتَغْرَبَهُ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ.
(2)
فائدة الحديث
فيه فضيلة تنظيف المسجد، ويُغني عنه حديث المرأة السوداء التي كانت تَقُمُّ المسجد، وقد أشرنا إليه في أول الباب.
(1)
القذى: هو أذى العين، المسمى بالغَمَصِ، وَالرَّمَص. لسان العرب.
(2)
ضعيف. أخرجه أبوداود (461)، والترمذي (2916)، وابن خزيمة (1297) من طريق ابن جريج عن المطلب بن عبدالله بن حنطب عن أنس به، وتمامه:«وعرضت عليَّ ذنوب أمتي، فلم أرَ ذنبًا أعظم من سورة أو آية أوتيها رجل مسلم ثم نسيها» وهو حديث ضعيف؛ لأن المطلب لم يسمع من أنس ولا من أحد من الصحابة، وابن جريج لم يسمع من المطلب.