الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسائل والأحكام المستفادة من الأحاديث
مسألة [1]: ماذا يقدم المصلي عند سجوده: أيديه، أم ركبتيه
؟
• ذهب جمهور العلماء إلى تقديم الركبتين على اليدين، واستدلوا بحديث وائل ابن حُجر رضي الله عنه، الذي في الباب، وقد تقدم بيان ضعفه، وقد جاء حديث بمعناه، من حديث سعد بن أبي وقاص
(1)
، وفي إسناده متروكان، وضعيف، وجاء عن أبي هريرة رضي الله عنه،
(2)
وفي إسناده متَّهَمٌ، وأصح ما عندهم مرسلُ عاصم بن كليب الذي في الباب في تخريج حديث وائل، وقد صحَّ هذا القول عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، كما في «مصنف ابن أبي شيبة» (1/ 263)، و «الأوسط» (3/ 165).
• وذهب مالك، والأوزاعي، وأحمد في رواية، وهوقول الحسن إلى تقديم اليدين على الركبتين، وجاء عن ابن عمر رضي الله عنهما، ذلك، وعلَّقه البخاري في «صحيحه» ، واستدلوا بحديث أبي هريرة رضي الله عنه، الذي في الباب.
• وذهب مالك في رواية عنه إلى أنهما سواء، وقال قتادة: يضع أهون ذلك عليه.
(1)
أخرجه ابن خزيمة (1/ 319)، وفي إسناده: إبراهيم بن إسماعيل بن يحيى بن سلمة بن كهيل، يرويه عن أبيه، عن جده، وهو ضعيف، وأبوه وجده متروكان.
(2)
أخرجه ابن أبي شيبة (1/ 263)، وفي إسناده: عبدالله بن سعيد المقبري، وهو متروك، وقد اتهم.
قال أبوعبدالله غفر الله له: لم يصح في المسألة حديثٌ؛ فالأمر واسعٌ، والأقرب إلى السُّنَّة تقديم اليدين على الركبتين؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه:«ثم يُكَبِّر حين يهوي ساجدًا»
(1)
، وكأنَّ البخاري استند إليه في هذه المسألة، ولحديث البراء بن عازب: كان لا يحني أحدٌ مِنَّا ظهره حتى يقع النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- ساجدًا، ثم نقع سجودًا بعده. وهو متفق عليه
(2)
.
(3)
(1)
تقدم في الكتاب برقم (286).
(2)
أخرجه البخاري برقم (690)، ومسلم برقم (474).
(3)
وانظر: «الفتح» لابن رجب (5/ 90)، «المغني» (2/ 193 - 194)، «الأوسط» (3/ 165 - 166).
302 -
وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم: كَانَ إذَا قَعَدَ لِلتَّشَهُّدِ وَضَعَ يَدَهُ اليُسْرَى عَلَى رُكْبَتِهِ اليُسْرَى، وَاليُمْنَى عَلَى اليُمْنَى، وَعَقَدَ ثَلَاثًا
(1)
وَخَمْسِينَ
(2)
،
وَأَشَارَ بِإِصْبَعِهِ السَّبَّابَةِ، رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
(3)
وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ: وَقَبَضَ أَصَابِعَهُ كُلَّهَا، وَأَشَارَ بِالَّتِي تَلِي الإِبْهَامَ.
(1)
في (ب): (ثلاثة).
(2)
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في «التلخيص» : وصورتها أن يجعل الإبهام معترضة تحت المسبحة. اهـ
وقال الإمام الصنعاني رحمه الله في كتابه «سبل السلام» في شرح حديث الباب: واعلم أن قوله في حديث ابن عمر: (وعقد ثلاثا وخمسين) إشارة إلى طريقة معروفة تواطأت عليها العرب في عقود الحساب، وهي أنواع من الآحاد، والعشرات، والمئين، والألوف.
أما الآحاد: فللواحد عقد الخنصر إلى أقرب ما يليه من باطن الكف، وللاثنين عقد البنصر معها كذلك، وللثلاثة عقد الوسطى معها كذلك، وللأربعة حل الخنصر، وللخمسة حل البنصر معها دون الوسطى، وللستة عقد البنصر وحل جميع الأنامل، وللسبعة بسط البنصر إلى أصل الإبهام مما يلي الكف، وللثمانية بسط البنصر فوقها كذلك، وللتسعة بسط الوسطى فوقها كذلك.
وأما العشرات: فلها الإبهام والسبابة، فللعشرة الأولى عقد رأس الإبهام على طرف السبابة، وللعشرين إدخال الإبهام بين السبابة، والوسطى، وللثلاثين عقد رأس السبابة على رأس الإبهام عكس العشرة، وللأربعين تركيب الإبهام على العقد الأوسط من السبابة، على ظهر الإبهام إلى أصلها، وللخمسين عطف الإبهام إلى أصلها، وللستين تركيب السبابة على ظهر الإبهام عكس الأربعين، وللسبعين إلقاء رأس الإبهام على العقد الأوسط من السبابة ورد طرف السبابة إلى الإبهام، وللثمانين رد طرف السبابة إلى أصلها، وبسط الإبهام على جنب السبابة من ناحية الإبهام. وللتسعين عطف السبابة إلى أصل الإبهام، وضمها بالإبهام. وأما المئين فكالآحاد إلى تسعمائة في اليد اليسرى، والألوف كالعشرات في اليسرى. اهـ
(3)
أخرجه مسلم برقم (580)(115)(116).
المسائل والأحكام المستفادة من الحديث
في هذا الحديث بيان صفة وضع اليدين أثناء التشهد.
وقد جاء في ذلك أحاديث أخرى:
منها: حديث عبد الله بن الزبير في «مسلم» (579) أيضًا، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قعد يدعو، وضع يده اليمنى على فَخذِه اليمنى، ويده اليسرى على فخذه اليسرى، وأشار بإصبعه السبابة، ووضع إبهامه على إصبعه الوسطى، ويلقم كفَّه اليسرى ركبته.
ومنها: حديث وائل بن حجر رضي الله عنه في «سنن أبي داود» (726)، والبيهقي (2/ 131)، وغيرهما:«ووضع يده اليسرى على فخذه اليسرى، ووضع مرفقه الأيمن على فخذه اليمنى، ثم عقد الخنصر، والبنصر، ثم حلق الوسطى بالإبهام، وأشار بالسبابة» .
واللفظ للبيهقي، وهو حديث حسن.
قال النووي رحمه الله في «شرح مسلم» (579): وَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاء عَلَى اِسْتِحْبَاب وَضْعهَا عِنْد الرُّكْبَة، أَوْ عَلَى الرُّكْبَة، وَبَعْضهمْ يَقُول بِعَطْفِ أَصَابِعهَا عَلَى الرُّكْبَة، وَهُوَ مَعْنَى قَوْله:«وَيُلْقِم كَفّه الْيُسْرَى رُكْبَته» ، وَالْحِكْمَة فِي وَضْعهَا عِنْد الرُّكْبَة مَنْعهَا مِنْ الْعَبَث، وَأَمَّا قَوْله:«وَوَضَعَ يَده الْيُمْنَى عَلَى فَخِذه الْيُمْنَى» ؛ فَمُجْمَعٌ عَلَى اِسْتِحْبَابه. اهـ