الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
273 -
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إذَا قَرَأْتُمُ الفَاتِحَةَ فَاقْرَءُوا بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ؛ فَإِنَّهَا إحْدَى آيَاتِهَا» . رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَصَوَّبَ وَقْفَهُ.
(1)
المسائل والأحكام المستفادة من الحديث
مسألة [1]: هل البسملة آية من الفاتحة
؟
• في المسألة قولان:
الأول: أنها آية من الفاتحة، وهو مذهب الشافعي، وابن المبارك
(2)
، وإسحاق، وأبي عبيد، وأحمد في رواية، واستدلوا بحديث أبي هريرة رضي الله عنه الذي في الباب، وقد تقدم أنَّ الرَّاجح وقفه وبحديث أم سلمة، أنَّ النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قرأ في الصلاة:{بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} ، وعدَّها آية، و {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} اثنتين، وهذا الحديث أخرجه ابن المنذر، وغيره، وفي إسناده: عمر بن هارون، وهو كذاب، والمشهور في حديث أم سلمة غيرُ هذا اللفظ، وقد تقدم. واستدلوا على ذلك بأن الصحابة أثبتوها في المصاحف، ولم يثبتوا بين الدفتين سوى القرآن.
الثاني: أنها ليست من الفاتحة، ولا آية من غيرها، ولا يجب قراءتها في الصلاة، وهو رواية عن أحمد، وهي المنصورة عند أصحابه، وهو قول أبي حنيفة،
(1)
الراجح وقفه. أخرجه الدارقطني (1/ 312) مرفوعًا وموقوفًا، ورجح في «العلل» (8/ 149) الموقوف، والذي وهم في رفعه هو عبدالحميد بن جعفر.
(2)
هذا نقل ابن قدامة عنه، ونقل عنه شيخ الإسلام أنه يقول بالقول الثاني، كما في «الفتاوى» (22/ 434).
ومالك، والأوزاعي.
والدليل على هذا القول حديث أبي هريرة رضي الله عنه في «صحيح مسلم» (395)، عن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-، قال:«قَالَ الله تَعَالَى: قَسَمْتُ الصَّلَاةَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ فَإِذَا قَالَ الْعَبْدُ {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}، قَالَ اللهُ تَعَالَى: حَمِدَنِي عَبْدِي. وَإِذَا قَالَ: {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}، قَالَ اللهُ تَعَالَى: أَثْنَى عَلَيَّ عَبْدِي. وَإِذَا قَالَ: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ}، قَالَ: مَجَّدَنِي عَبْدِي. وَقَالَ مَرَّةً: فَوَّضَ إِلَيَّ عَبْدِي. فَإِذَا قَالَ: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}، قَالَ: هَذَا بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي، وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ. فَإِذَا قَالَ: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ}، قَالَ: هَذَا لِعَبْدِي وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ» .
فلو كانت {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} آية من الفاتحة؛ لعدَّها، وبدأ بها، ولم يتحقق التنصيف؛ لأنَّ آيات الثناء تكون أربعًا، ونصفًا، وآيات الدعاء اثنتين ونصفًا، وعلى ما ذكرناه يتحقق التنصيف.
قال ابن قدامة رحمه الله: وأما إثباتها بين السُّوَرِ في المصحف؛ فللفصل بينها؛ ولذلك أفردت سطرًا على حدتها. اهـ
قلتُ: ويدل عليه حديث ابن عباس عند أبي داود
(1)
بسند صحيح عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يعرف فصل السورة حتى تنزل عليه: {بِسْمِ اللَّهِ
(1)
أخرجه أبو داود برقم (788).
الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}. وجاء من وجه آخر عند الحاكم
(1)
بنحوه.
قلتُ: القول الثاني هو الصواب، وهذا الحديث يدل على أنها آية تنزل للفصل بين السور، وهو قول أحمد في المشهور عنه، وعبدالله بن المبارك، وذكر أبو بكر الرازي أن هذا مقتضى مذهب أبي حنيفة عنده.
وهو ظاهر اختيار شيخ الإسلام رحمه الله، بل صرح بترجيحه في بعض المواضع، خلافًا للأوزاعي، ومالك، وبعض الحنفية الذين يقولون: ليست من القرآن؛ إلا في سورة النمل.
تنبيه وفائدة: فاتحة الكتاب هي سبع آيات باتفاق أهل العلم؛ لقوله تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ} ، ولكنهم اختلفوا في تعيين الآية السابعة:
فعد الكوفي والمكي {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} آية من الفاتحة، ولم يعدوا قوله تعالى:{صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} ، وبالعكس المدنيان والبصري، والشامي. ذكر هذا السخاوي رحمه الله في كتابه:«جمال القراء وإكمال الإقراء» (1/ 190).
قلتُ: أراد بالكوفي عاصمًا، وحمزة، والكسائي، وأراد بالمكي ابن كثير، وأراد بالمدنيين نافعًا، وأبا جعفر، وأراد بالبصري أبا عمرو، وأراد بالشامي ابن عامر، رحمة الله عليهم أجمعين.
(2)
(1)
أخرجه الحاكم في «المستدرك» (1/ 231).
(2)
وانظر «المغني» (2/ 151 - 154)، «المجموع» (3/ 334)، «مجموع الفتاوى» (22/ 434 - )(22/ 438 - ).