الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
• وقال بعض أهل العلم: يصح النكاح، وعلى كل واحد أن يدفع مهر المثل. وهو قول عطاء، وعمرو بن دينار، ومكحول، والزهري، والثوري، والحنفية، والليث، وأحمد في رواية؛ لأنَّ التحريم بسبب عدم وجود المهر، فإذا فرض مهر المثل انتفت علة التحريم.
• وعن مالك رواية أنَّ النكاح يفسخ قبل الدخول؛ فإن دخل بها فلا فسخ، ولها مهر المثل، وهو قول الأوزاعي.
والذي يظهر أنَّ القول الأول هو الصواب، وعليه فإذا حصل ذلك؛ دفع لها المهر، وجدد العقد، والله أعلم.
(1)
مسألة [3]: إذا جعلا صداقًا، فهل يدخل في التحريم
؟
• مذهب الجمهور، ومنهم: أحمد في المشهور، والشافعي وغيرهما أنه لا يُعَدُّ شِغَارًا، وإن اشترط ذلك؛ طالما قد جعلوا لكل واحدة الصداق، واستدلوا على ذلك بحديث ابن عمر رضي الله عنهما في الباب، وفيه:«وليس بينهما صداق» .
وأُجيب: بأنَّ التفسير من كلام نافع، وأُجيب بأنه أعلم بمعنى ما روى، ولعله أخذه عن ابن عمر.
واستدل الجمهور بحديث أنس رضي الله عنه عند عبد الرزاق (6/ 184)، وبحديث جابر رضي الله عنه عند البيهقي (7/ 200)، وإسناد الأول ضعيف؛ لأنه من رواية: معمر
(1)
انظر: «المحلى» (1852)«الفتح» (5112)«شرح مسلم» (9/ 201)«الإنصاف» (8/ 157)«المغني» (9/ 42)«الأوسط» (8/ 360).
عن ثابت، وإسناد الثاني صحيح، وفي كل منهما ظهور في اللفظ، أنَّ المقصود من ذلك بضع إحداهما عوض ومهر للأخرى، بل حديث جابر رضي الله عنه نصٌّ في ذلك، فلفظ حديث أنس:«والشغار أن يزوج الرجلُ الرجلَ أختَه بأخته» ، ولفظ حديث جابر:«والشغار أن ينكح هذه بهذه بغير صداق، بضع هذه صداق هذه، وبضع هذه صداق هذه» .
وقالوا أيضًا: هذا هوالشغار الذي كان في الجاهلية وحرَّمه الشرع، ولأنَّ هذه الصورة هي التي تتفق مع المعنى الُّلغوي، وهي الصورة المجمع عليها، وما عداها مختلف فيه؛ فلا تدخل في التحريم إلا بدليل صحيح صريح.
• وقال بعض أهل العلم: إنَّ هذه الصورة تدخل في نكاح الشغار. وهو قول مالك، والخِرَقِي، والظاهرية، وهو رواية عن أحمد، واختارها بعض أصحابه، واستدلوا على ذلك بحديث أبي هريرة رضي الله عنه في «صحيح مسلم» (1416):«نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الشِّغار، وهو أن يقول الرجلُ للرجل: أزوجك ابنتي وتزوجني ابنتك. أو: أزوجك أختي وتزوجني أختك» .
وقالوا: ليس في هذا الحديث ذكر (ليس بينهما صداق). وأُجيب بأنَّ هذه الزيادة أيضًا من تفسير بعض الرواة، فقد جاء في «سنن النسائي» (6/ 112) التصريح بأنَّ التفسير من كلام عبيد الله بن عمر القواريري، وقد بيَّن ذلك الحافظ في «الفتح» .
وعدم ذكره لها لا يدل على أنه لا يرى ذلك شرطًا؛ لأنه قد يكون أراد بكلامه
الأول اشتراط ذلك، أعني أن يكون بضع إحداهما صداقًا للأخرى.
واستدلوا أيضًا بحديث معاوية بن أبي سفيان في «مسند أحمد» (4/ 94)، و «سنن أبي داود» (2075): أنَّ العباس بن عبد الله بن عباس أنكح عبد الرحمن بن الحكم ابنته على أن ينكحه ابنته، وكانا جعلا صداقًا، فكتب معاوية يأمر بالتفريق بينهما، وقال: لهذا الشغار الذي نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأُجيب عن هذا الحديث: بأنَّ المقصود منه جعلا ذلك الزواج صداقًا، أعني المبادلة، وذلك بأنَّ المفعول الثاني محذوف، والتقدير:(وكانا جعلاه صداقًا)، ويؤيده أنَّ أبا يعلى أخرج الحديث بهذا اللفظ في «مسنده» (7370).
وعلى التسليم بأنَّ مراد معاوية أنَّ هذا محرم، وإن كان قد جعلا صداقًا، فهذا فَهْمٌ منه رضي الله عنه قد خالفه جمهور أهل العلم، بل لم ينقل عن أحد من الصحابة الإنكار، وقد كانوا متوافرين في المدينة في عهد معاوية رضي الله عنه.
وقد رجَّح الإمام ابن باز رحمه الله القول الثاني، ورجَّح الإمام الوادعي، والإمام ابن عثيمين القول الأول، وهو أقرب، وبالله التوفيق.
وقد اشترط الإمام ابن عثيمين رحمه الله في جواز ذلك أن يزوجها من كُفءٍ بمهر مثلها، وأن يراعي مصلحتها.
(1)
(1)
انظر: «المغني» (10/ 44)«المحلى» (1852)«الإنصاف» (8/ 157)«الشرح الممتع» (12/ 174) ط/ابن الجوزي «فتاوى اللجنة» (18/ 427)«الفتح» (5112)«الأوسط» (8/ 362).