الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مسألة [3]: هل للأب أن يزوج ابنته بدون صداق مثلها
؟
قال ابن قدامة رحمه الله في «المغني» (9/ 413 - ): وَجُمْلَةُ ذَلِكَ أَنَّ لِلْأَبِ تَزْوِيجَ ابْنَتِهِ بِدُونِ صَدَاقِ مِثْلِهَا، بِكْرًا كَانَتْ أَوْ ثَيِّبًا، صَغِيرَةً كَانَتْ أَوْ كَبِيرَةً. وَبِهَذَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَمَالِكٌ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؛ فَإِنْ فَعَلَ فَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا؛ لِأَنَّهُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَنْقُصَ فِيهِ عَنْ قِيمَةِ الْمُعَوَّضِ كَالْبَيْعِ، وَلِأَنَّهُ تَفْرِيطٌ فِي مَالِهَا، وَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ.
قال: وَلَنَا أَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه خَطَبَ النَّاسَ فَقَالَ: أَلَا لَا تُغَالُوا فِي صَدَاقِ النِّسَاءِ، فَمَا أَصْدَقَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم أَحَدًا مِنْ نِسَائِهِ، وَلَا أَحَدًا مِنْ بَنَاتِهِ، أَكْثَرَ مِنْ اثْنَتَيْ عَشَرَةَ أُوقِيَّةً
(1)
، وَكَانَ ذَلِكَ بِمَحْضَرٍ مِنْ الصَّحَابَةِ، وَلَمْ يُنْكِرُوهُ؛ فَكَانَ اتِّفَاقًا مِنْهُمْ عَلَى أَنَّ لَهُ أَنْ يُزَوِّجَ بِذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ دُونَ صَدَاقِ الْمِثْلِ. وَزَوَّجَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ ابْنَتَهُ بِدِرْهَمَيْنِ، وَهُوَ مِنْ سَادَاتِ قُرَيْشٍ، شَرَفًا وَعِلْمَا وَدِينًا، وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَهْرَ مِثْلِهَا، وَلِأَنَّهُ لَيْسَ الْمَقْصُودُ مِنْ النِّكَاحِ الْعِوَضَ، وَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ السَّكَنُ وَالِازْدِوَاجُ، وَوَضْعُ الْمَرْأَةِ فِي مَنْصِبٍ عِنْدَ مَنْ يَكْفِيهَا، وَيَصُونَهَا، وَيُحْسِنُ عِشْرَتَهَا، وَالظَّاهِرُ مِنْ الْأَبِ، مَعَ تَمَامِ شَفَقَتِهِ، وَبُلُوغِ نَظَرِهِ، أَنَّهُ لَا يَنْقُصُهَا مِنْ صَدَاقِهَا إلَّا لِتَحْصِيلِ الْمَعَانِي الْمَقْصُودَةِ بِالنِّكَاحِ، فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُمْنَعَ مِنْ تَحْصِيلِ الْمَقْصُودِ بِتَفْوِيتِ غَيْرِهِ، وَيُفَارِقُ سَائِرَ عُقُودِ الْمُعَاوَضَاتِ؛ فَإِنَّ الْمَقْصُودَ فِيهَا الْعِوَضُ، فَلَمْ يَجُزْ تَفْوِيتُهُ. اهـ
(1)
تقدم تخريجه تحت حديث (1028).