الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
1101 -
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إنَّ امْرَأَتِي وَلَدَتْ غُلَامًا أَسْوَدَ، قَالَ:«هَلْ لَك مِنْ إبِلٍ؟» قَالَ: نَعَمْ، قَالَ:«فَمَا ألوَانُهَا؟» قَالَ: حُمْرٌ، قَالَ: «هَلْ فِيهَا مِنْ أَوْرَقَ
(1)
؟» قَالَ: نَعَمْ، قَالَ:«فَأَنَّى ذَلِكَ؟» قَالَ: لَعَلَّهُ نَزَعَهُ عِرْقٌ، قَالَ:«فَلَعَلَّ ابْنَك هَذَا نَزَعَهُ عِرْقٌ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
(2)
وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ: وَهُوَ يُعَرِّضُ بِأَنْ يَنْفِيَهُ، وَقَالَ فِي آخِرِهِ: وَلَمْ يُرَخِّصْ لَهُ فِي الِانْتِفَاءِ مِنْهُ.
(3)
المسائل والأحكام المستفادة من الحديث
مسألة [1]: الانتفاء من الولد بمخالفة لونه وصفاته
.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في «الفتح» (5305): وَفِي الْحَدِيثِ أَنَّ الزَّوْج لَا يَجُوز لَهُ الِانْتِفَاء مِنْ وَلَده بِمُجَرَّدِ الظَّنّ، وَأَنَّ الْوَلَد يَلْحَق بِهِ وَلَوْ خَالَفَ لَوْنه لَوْن أُمّه. وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ تَبَعًا لِابْنِ رُشْد: لَا خِلَاف فِي أَنَّهُ لَا يَحِلّ نَفْي الْوَلَد بِاخْتِلَافِ الْأَلْوَان الْمُتَقَارِبَة، كَالْأُدْمَةِ وَالسُّمْرَة، وَلَا فِي الْبَيَاض وَالسَّوَاد إِذَا كَانَ قَدْ أَقَرَّ بِالْوَطْءِ وَلَمْ تَمْضِ مُدَّة الِاسْتِبْرَاء. وَكَأَنَّهُ أَرَادَ فِي مَذْهَبه، وَإِلَّا فَالْخِلَاف ثَابِت عِنْد الشَّافِعِيَّة بِتَفْصِيلِ، فَقَالُوا: إِنْ لَمْ يَنْضَمّ إِلَيْهِ قَرِينَة زِنى؛ لَمْ يَجُزْ النَّفْي؛ فَإِنْ اِتَّهَمَهَا فَأَتَتْ بِوَلَدٍ عَلَى لَوْن الرَّجُل الَّذِي اِتَّهَمَهَا بِهِ جَازَ النَّفْي عَلَى الصَّحِيح، وَفِي حَدِيث
(1)
الأورق: هو الأسمر.
(2)
أخرجه البخاري (5305)، ومسلم (1500).
(3)
أخرجه مسلم برقم (1500)(19).
اِبْن عَبَّاس الْآتِي فِي اللِّعَان مَا يُقَوِّيه. وَعِنْد الْحَنَابِلَة يَجُوز النَّفْي مَعَ الْقَرِينَة مُطْلَقًا، وَالْخِلَاف إِنَّمَا هُوَ عِنْد عَدَمهَا. اهـ
قلتُ: عنى الحافظ بحديث ابن عباس رضي الله عنهما ما أخرجه البخاري (4747) عنه مرفوعًا: «إِنْ جَاءَتْ بِهِ أَكْحَلَ الْعَيْنَيْنِ، سَابِغَ الْأَلْيَتَيْنِ، خَدَلَّجَ السَّاقَيْنِ؛ فَهُوَ لِشَرِيكِ ابْنِ سَحْمَاءَ» ، فَجَاءَتْ بِهِ كَذَلِكَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«لَوْلَا مَا مَضَى مِنْ كِتَابِ الله؛ لَكَانَ لِي وَلَهَا شَأْنٌ» .
وقد استدل به بعض الشافعية، والحنابلة على جواز النفي بدون قرينة أخرى، وحديث الباب حجة عليهم، والصحيح أنه لا يجوز ذلك، وصححه ابن قدامة.
قال رحمه الله: حَدِيْثُ ابنِ عَبَّاس إنَّمَا يَدُلُّ عَلَى نَفْيِهِ عَنْهُ، مَعَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ لِعَانِهِ وَنَفْيِهِ إيَّاهُ عَنْ نَفْسِهِ، فَجَعَلَ الشَّبَهَ مُرَجِّحًا لِقَوْلِهِ، وَدَلِيلًا عَلَى تَصْدِيقِهِ، وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ الْأَحَادِيثِ يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ اسْتِقْلَالِ الشَّبَهِ بِالنَّفْيِ؛ وَلِأَنَّ هَذَا كَانَ فِي مَوْضِعٍ زَالَ الْفِرَاشُ، وَانْقَطَعَ نَسَبُ الْوَلَدِ عَنْ صَاحِبِهِ، فَلَا يَثْبُتُ مَعَ بَقَاءِ الْفِرَاشِ الْمُقْتَضِي لُحُوقَ نَسَبِ الْوَلَدِ بِصَاحِبِهِ. اهـ
ومثل حديث ابن عباس السابق حديث أنس المتقدم في الباب.
ومن القرائن عند الحنابلة أن يكون الرجل يعزل عن امرأته، أو يجامعها في غير فرجها.
(1)
(1)
انظر: «المغني» (11/ 158 - 160)«الفتح» (5305).