الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسائل والأحكام المستفادة من الأحاديث
مسألة [1]: من طلق امرأة ليست زوجة له
؟
أما إن كان الطلاق منجزًا بغير توكيل؛ فلا يقع بالإجماع.
• واختلف أهل العلم في الطلاق المعلق بنكاحها، كأن يقول: فلانة إن تزوجتها فهي طالق. أو هي طالق بعد أن أتزوجها. أو يقول: كل امرأة أتزوجها فهي طالق. أو كل امرأة أتزوجها من هذه القرية فهي طالق. ففي ذلك مذاهب
لأهل العلم.
• المذهب الأول: أنَّ الطلاق لا يقع في جميع الصور المذكورة العامة منها والخاصة، وهذا قول جمهور الفقهاء، والمحدثين، والتابعين، وهو قول أحمد، والشافعي، وإسحاق، وابن مهدي، وداود الظاهري وغيرهم.
وصح ذلك عن عبد الله بن عباس، وجابر بن عبد الله، وجاء عن علي بسند منقطع.
واستدلوا على ذلك بحديث الباب.
واستدل ابن عباس رضي الله عنهما بالآية {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ} [الأحزاب: 49] الآية، ونقل هذا القول عن ما يقارب عشرين رجلًا من التابعين، ورجحه البخاري رحمه الله في «صحيحه» [باب:(9) من كتاب الطلاق].
• المذهب الثاني: الوقوع مطلقًا، وهو قول أبي حنيفة وأصحابه، واستدلوا على ذلك بقوله تعالى:{أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} [المائدة: 1]، وقوله:{يُوفُونَ بِالنَّذْرِ} [الإنسان: 7]، واستدل آخرون عليه بمشروعية الوصية.
قال الحافظ رحمه الله: كُلُّ ذَلِكَ لَا حُجَّةَ فِيْهِ؛ لِأَنَّ الطَّلَاق لَيْسَ مِنْ الْعُقُود، وَالنَّذْر يُتَقَرَّب بِهِ إِلَى الله، بِخِلَافِ الطَّلَاق؛ فَإِنَّهُ أَبْغَض الْحَلَال إِلَى الله، وَمِنْ ثَمَّ فَرَّقَ أَحْمَدُ بَيْن تَعْلِيق الْعِتْق وَتَعْلِيق الطَّلَاق، فَأَوْقَعَهُ فِي الْعِتْق دُون الطَّلَاق، وَيُؤَيِّدهُ أَنَّ
مَنْ قَالَ: لله عَلَيَّ عِتْق. لَزِمَهُ، وَلَوْ قَالَ: لله عَلَيَّ طَلَاق. كَانَ لَغْوًا، وَالْوَصِيَّة إِنَّمَا تَنْفُذ بَعْد الْمَوْت، وَلَوْ عَلَّقَ الْحَيُّ الطَّلَاقَ بِمَا بَعْد الْمَوْت؛ لَمْ يَنْفُذ.
قال: وَاحْتَجَّ بَعْضهمْ بِصِحَّةِ تَعْلِيق الطَّلَاق، وَأَنَّ مَنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: إِنْ دَخَلْت الدَّار فَأَنْتِ طَالِق. فَدَخَلَتْ؛ طَلُقَتْ. وَالْجَوَاب: أَنَّ الطَّلَاق حَقّ مِلْك الزَّوْج، فَلَهُ أَنْ يُنْجِزهُ وَيُؤَجِّلهُ، وَأَنْ يُعَلِّقهُ بِشَرْطٍ، وَأَنْ يَجْعَلهُ بِيَدِ غَيْره كَمَا يَتَصَرَّف الْمَالِك فِي مِلْكه، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ زَوْجًا، فَأَيّ شَيْء مَلَكَ حَتَّى يَتَصَرَّف؟ اهـ
• المذهب الثالث: إن خصص امرأة بعينها، أو بلدة بعينها، أو ما أشبه ذلك؛ يقع الطلاق، وإن عمم جميع النساء؛ فلا يقع. وهو قول ابن مسعود، والنخعي، وحماد، والشعبي، وآخرين من أهل الكوفة، وهو قول مالك في المشهور عنه، وعليه جمهور المالكية.
وحجتهم أنه طلاق معلق بشرط؛ فيقع عند وقوعه.
قال ابن العربي: ونظر مالك، ومن قال بقوله في مسألة الفرق بين المعينة وغيرها أنه إذا عم؛ فقد سد على نفسه باب النكاح الذي ندب الله إليه، فعارض عنده المشروع؛ فسقط.
قال: وهذا على أصل اختلف فيه، وهو تخصيص الأدلة بالمصالح، وإلا فلو كان هذا لازمًا في الخصوص للزم في العموم، والله أعلم. اهـ
وأجاب الجمهور: بأنه علَّق الطلاق بشرط قبل أن يملكه؛ فلا يصح عنه، ولو
صح لما كان هناك فرقًا بين التعميم والتخصيص.
• المذهب الرابع: التوقف. وهو رواية عن مالك، والثوري، وأبي عبيد.
قال أبو عبد الله غفر اللهُ لهُ: القول الأول هو الصواب، وهو ترجيح شيخ الإسلام، وابن القيم، والصنعاني، والشوكاني، والإمام ابن عثيمين، والإمام الوادعي رحمة الله عليهم.
(1)
(1)
انظر: «الفتح» [باب (9) من كتاب الطلاق]، «المغني» (13/ 488)«مجموع الفتاوى» (33/ 114)«المحلى» (1971)«زاد المعاد» (5/ 216 - ).