الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسائل والأحكام المستفادة من الحديثين
مسألة [1]: حكم إتيان المرأة في دبرها
.
قال ابن قدامة رحمه الله في «المغني» (10/ 226): وَلَا يَحِلُّ وَطْءُ الزَّوْجَةِ فِي الدُّبُرِ فِي قَوْلِ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ، مِنْهُمْ: عَلِيٌّ
(1)
، وَعَبْدُ الله
(2)
، وَأَبُو الدَّرْدَاءِ
(3)
، وَابْنُ عَبَّاسٍ
(4)
، وَعَبْدُ الله بْنُ عَمْرٍو
(5)
،
وَأَبُو هُرَيْرَةَ
(6)
. وَبِهِ قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ،
(1)
ضعيف. أخرجه الثوري في جامعه - كما في «تفسير ابن كثير» من سورة البقرة (آية: 222 - 223) - وابن أبي شيبة (4/ 253) عن الصلت بن بهرام، قال: حدثنا عبد الرحمن بن مسعود، عن أبي المعتمر - أو أبي الجويرية -، قال: سأل رجلٌ عليًّا
…
فذكره.
قال البيهقي في «السنن» (7/ 198): والصواب عن الصلت بن بهرام، عن أبي الجويرية - وهو عبد الرحمن بن مسعود - عن أبي المعتمر، قال: سأل رجل عليًّا
…
الخ».
قلتُ: وأبو المعتمر هو حنش بن المعتمر، وهو ضعيف.
(2)
ضعيف. أخرجه ابن أبي شيبة (4/ 252)، والبيهقي (7/ 199) من طريق إسماعيل بن إبراهيم، عن أبي عبد الله الشقري، عن أبي القعقاع، عن ابن مسعود به.
وأبو القعقاع ترجمته في «الجرح والتعديل» ، لم يذكر فيه جرحًا، ولا تعديلًا؛ فهو مجهول الحال.
(3)
صحيح. أخرجه ابن أبي شيبة (4/ 252)، وأحمد في «المسند» (11/ 554)، والبيهقي (7/ 199) من طريق قتادة، عن عقبة بن وساج، عن أبي الدرداء به. وإسناده صحيح، رجاله كلهم ثقات.
(4)
صحيح. أخرجه النسائي في «الكبرى» (9002)، والبيهقي في «الشعب» (5378) من طريق عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن ابن طاوس، عن أبيه، أن رجلًا سأل ابن عباس
…
فذكره. وإسناده صحيح على شرط الشيخين.
(5)
صحيح. أخرجه ابن أبي شيبة (4/ 252)، والبيهقي في «الشُّعَب» (5381) من طريق عبد الأعلى، عن سعيد، عن قتادة، عن أبي أيوب، عن عبد الله بن عمرو به.
وإسناده صحيح، رجاله كلهم ثقات، وأبو أيوب هو المراغي، الأزدي، وثقه النسائي.
(6)
حسن لغيره. أخرجه ابن أبي شيبة (4/ 252)، والنسائي في «الكبرى» (9018) من طريق حفص، عن ليث، عن مجاهد، عن أبي هريرة. وليث هو ابن أبي سليم ضعيف.
وله طريق أخرى عند ابن أبي شيبة (4/ 253) من طريق أبي تميمة الهجيمي، عن أبي هريرة رضي الله عنه، به.
قال البخاري: «لا نعرف لأبي تميمة سماعًا من أبي هريرة» . والأثر بالطريقين حسن.
وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَمُجَاهِدٌ، وَعِكْرِمَةُ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَصْحَابُ الرَّأْي، وَابْنُ الْمُنْذِرِ. وَرُوِيَتْ إبَاحَتُهُ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، وَزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، وَنَافِعٍ، وَمَالِكٍ.
وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ: مَا أَدْرَكْت أَحَدًا أَقْتَدِي بِهِ فِي دِينِي يَشُكُّ فِي أَنَّهُ حَلَالٌ. وَأَهْلُ الْعِرَاقِ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ يُنْكِرُونَ ذَلِكَ.
قال: وَاحْتَجَّ مَنْ أَحَلَّهُ بِقُولِ الله تَعَالَى: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} [البقرة:223]، وَقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ:{وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ} [المؤمنون:6]، [المعارج:30].
ثم ذكر الأدلة السابقة في تحريم ذلك.
قلتُ: صحَّ عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه سُئل عن ذلك، فقال: تسألني عن الكفر. وصح عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال: محاش النساء حرام. وصحَّ عن أبي الدرداء أنه قال: وهل يفعل ذلك إلا كافر.
وصحَّ عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أنه قال: هي اللوطية الصُّغرى. وجاء عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: كفر. وفي إسناده: ليث بن أبي سليم.
وصحَّ عن عمر رضي الله عنه أنه قال: لا تأتوا النساء في أدبارهن. وصحَّ عن ابن عمر
-رضي الله عنهما، أنه قال: أُفٍّ، أف، هل يفعل ذلك أحدٌ من المسلمين؟! وفي رواية: أيفعل ذلك مؤمن؟!
وكل هذه الآثار ذكرها الحافظ ابن كثير في تفسير سورة البقرة عند الآية المذكورة.
والذي نُقِلَ عن ابن عمر رضي الله عنهما في إباحة ذلك أخرجه البخاري (4527) أنه قال لنافع حين قرأ عليه الآية: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ
…
} قال: تدري فيما أُنزلت؟ قال: لا. قال: يأتيها في. كذا في «البخاري» بحذف المجرور، وزاد إسحاق، وابن جرير وغيرهما: في أدبارهن.
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: وقد روينا عن ابن عمر خلاف ذلك -قد تقدم ذكره- صريحًا، وأنه لا يُباح، ولا يحل كما سيأتي، وإن كان قد نُسِب هذا القول إلى طائفة من فقهاء المدينة وغيرهم، وعزاه بعضهم إلى الإمام مالك في كتاب «السر» وأكثر الناس ينكر أن يصح ذلك عن الإمام مالك.
ثم ذكر رحمه الله أحاديث كثيرة، وآثارًا في تحريم ذلك، ثم ذكر أثر ابن عمر في تحريم ذلك.
ثم قال: وهذا إسناد صحيح، ونصٌّ صريح منه بتحريم ذلك، فكل ما ورد عنه مما يحتمل ويحتمل؛ فهو مردود إلى هذا المحكم.
ثم قال: وروى معمر بن عيسى، عن مالك أنَّ ذلك حرام، وقال أبو بكر بن
زياد النيسابوري: حدثني إسماعيل بن حصن، حدثني إسرائيل بن روح، قال: سألت مالك بن أنس: ما تقول في إتيان النساء في أدبارهن؟ فقال: ما أنتم قومٌ عرب، هل يكون الحرث إلا موضع الزرع، لا تعدوا الفرج. قلت: يا أبا عبد الله، إنهم يقولون: إنك تقول ذلك؟! قال: يكذبون عليَّ، يكذبون عليَّ. اهـ
قلتُ: إسرائيل بن روح لا يُدرى من هو كما في «لسان الميزان» .
قال ابن كثير رحمه الله: فهذا هو الثابت عنه، وهو قول أبي حنيفة، والشافعي، وأحمد، وأصحابهم قاطبة، وهو قول سعيد بن المسيب، وأبي سلمة، وعكرمة، وطاوس، وعطاء، وسعيد بن جبير، وعروة بن الزبير، ومجاهد بن جبر، والحسن وغيرهم من السلف، أنهم أنكروا ذلك أشد الإنكار، ومنهم من يُطلِق على فاعله الكفر، وهو مذهب جمهور العلماء، وقد حُكِي في هذا شيء عن بعض الفقهاء من أهل المدينة حتى حَكَوه عن الإمام مالك، وفي صحته عنه نظر. انتهى المراد من «التفسير» .
قلتُ: أما الآية {فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} فالمقصود به أنه يجوز أن يأتيها في فرجها من أمامها وخلفها، ويبين ذلك حديث جابر في «صحيح مسلم» (1435) في سبب نزولها أنَّ اليهود كانت تقول: إذا أتى الرجل امرأته من دبرها في قبلها؛ كان الولد أحول، فنزلت الآية.
والله عزوجل أباح إتيانها في موضع الولد، وهو المراد بالحرث، لا في الحش