الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْل فِي أَقْسَامِ الطّلاقِ مِنْ حَيْثُ صِيْغَتِهِ
الطلاق من حيث صيغة وقوعه له ثلاثة أقسام:
القسم الأول: صيغة التنجيز، مثل أن يقول: امرأتي طالق، أو أنت طالق، أو فلانة طالق، أو هي مطلقة، ونحو ذلك. فهذا يقع به الطلاق على التفاصيل المتقدمة في المسائل السابقة.
القسم الثاني: أن يحلف بذلك، فيقول: الطلاق يلزمني لأفعلن كذا، أو لا أفعلُ كذا. أو يقول: عليَّ طلاق امرأتي إن فعلت كذا. يحلف به على حضٍّ، أو منعٍ، أو تصديق، أو تكذيب.
القسم الثالث: تعليق الطلاق بحصول شيء، كأن يقول: إن كان كذا، وكذا؛ فعليَّ الطلاق. أو يقول: علي الطلاق إن لم أفعل كذا.
(1)
مسألة [1]: الحلف بالطلاق هل يقع أم لا
؟
قال شيخ الإسلام رحمه الله كما في «مجموع الفتاوى» (33/ 131، 216): فيه قولان لعلماء المسلمين: القول الأول: لا يقع الطلاق. وهذا منصوص عن أبي حنيفة نفسه، وهو قول طائفة من أصحاب الشافعي، كالقفال، وأبي سعيد المتولي، صاحب «التتمة» ، وبه يفتي ويقضي في هذه الأزمنة المتأخرة طائفةٌ من أصحاب
(1)
انظر: «مجموع الفتاوى» (33/ 223)(33/ 44 - )(33/ 140).
أبي حنيفة، والشافعي، وغيرهم من أهل السنة، والشيعة في بلاد الشرق، والجزيرة، والعراق، وخراسان، والحجاز، واليمن وغيرها، وهو قول داود وأصحابه، كابن حزم وغيره.
قال: وهو قول طائفة من السلف، كطاوس وغير طاوس، وبه يفتي كثير من علماء المغرب في هذه الأزمنة المتأخرة، من المالكية وغيرهم، وكان بعض شيوخ مصر يفتي بذلك.
قال: وقد دل على ذلك كلام الإمام أحمد بن حنبل المنصوص عنه، وأصول مذهبه في غير موضع.
قال: القول الثاني: أنه يقع الطلاق إذا حنث في يمينه، وهذا هو المشهور عند أكثر الفقهاء المتأخرين، حتى اعتقد طائفة منهم أنَّ ذلك إجماع؛ ولهذا لم يذكر عامتهم عليه حجة، وحجتهم عليه ضعيفة جدًّا، وهي أنه التزم أمرًا عند وجود شرطه، فلزمه ما التزمه.
قال: وهذا منقوض بصور كثيرة، وبعضها مجمع عليه، كنذر الطلاق، والمعصية، والمباح، وكالتزام الكفر على وجه اليمين، مع أنه ليس له أصلٌ يقاس به إلا وبينهما فرق مؤثر في الشرع، ولا دلَّ عليه عموم نصٍّ ولا إجماع، لكن لما كان موجب العقد لزوم ما التزمه صار يظن في بادئ الرأي أنَّ هذا عقد لازم، وهذا يوافق ما كانوا عليه في أول الإسلام قبل أن ينزل الله كفارة اليمين موجبة ومحرمة، ثم فرض الله للمسلمين تحلة أيمانهم، وجعل لهم أن يحلوا عقد اليمين بما فرضه
من الكفارة. انتهى بتصرف.
قلتُ: القول الأول هو الصواب، وهو ترجيح ابن القيم رحمه الله، والشوكاني.
واختلف القائلون بعدم وقوعه هل عليه فيه كفارة يمين، أم لا؟
• فمذهب الظاهرية أنه لا شيء عليه فيه؛ لأنه لغو.
قال شيخ الإسلام: ويذكر ما يدل عليه عن طائفة من السلف، بل هو مأثور عن طائفة صريحًا، كأبي جعفر الباقر. اهـ
• وذهب جماعةٌ إلى أنَّ عليه كفارة يمين إذا لم يوقع الطلاق.
قال شيخ الإسلام: وهو أصح الأقوال، وهو الذي يدل عليه الكتاب، والسنة، والاعتبار؛ فإنَّ هذه يمين من أيمان المسلمين، فيجري فيها ما يجري في أيمان المسلمين، وهو الكفارة عند الحنث؛ إلا أن يختار الحالف إيقاع الطلاق؛ فله أن يوقعه ولا كفارة، وهذا قول طائفة من السلف والخلف، كطاوس وغيره، وهو مقتضى المنقول عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبه يفتي كثير من المالكية وغيرهم، وهو مقتضى نصوص أحمد بن حنبل، وأصوله في غير موضع. اهـ
(1)
فائدة: قال شيخ الإسلام رحمه الله كما في «مجموع الفتاوى» (33/ 223): صيغة القسم كما إذا قال: الطلاق يلزمني لأفعلن كذا. فهذه يمين باتفاق أهل اللغة، والفقهاء. اهـ
(2)
(1)
انظر: «مجموع الفتاوى» (33/ 216 - 219)«أعلام الموقعين» (3/ 71 - )«السيل» (2/ 359).
(2)
وانظر (33/ 45)(33/ 142 - ).