الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْلٌ فِي بَعْضِ أَحْكَامِ النَّظَرِ
مسألة [1]: النظر إلى ذوات المحارم
.
• من أهل العلم من قال: يجوز للمحرم أن ينظر من ذات محرمه إلى ما يظهر غالبًا، كالرقبة، والرأس، والكفين، والقدمين، ونحو ذلك، وليس له النظر إلى ما يستر غالبًا، كالصدر، والظهر، ونحوهما، وهذا هو الأشهر في مذهب الحنابلة، وهو وجهٌ للشافعية.
• ومنهم من قال: يجوز له النظر إلى ما عدا ما بين السُّرَّة والركبة، وهو قول بعض الحنابلة، ووجهٌ للشافعية.
• ومذهب أبي حنيفة: أنه ينظر إلى الوجه، والرأس، والساقين، والعضدين.
• وعن أحمد رواية: ينظر إلى الوجه والكفين.
• وقال ابن حزم: ينظر إلى جميع بدنها ما عدا العورة المغلظة.
• ومنع الحسن، والشعبي، والضحَّاك من النظر إلى ذوات المحارم.
قال ابن قدامة رحمه الله: وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يُبَاحُ النَّظَرُ إلَى مَا يَظْهَرُ غَالِبًا؛ لِقَوْلِ الله تَعَالَى: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ} [النور:31] الْآيَةَ، وَقَالَتْ سَهْلَةُ بِنْتُ
سُهَيْلٍ: يَا رَسُولَ الله، إنَّا كُنَّا نَرَى سَالِمًا وَلَدًا، كَانَ يَأْوِي مَعِي وَمَعَ أَبِي حُذَيْفَةَ فِي بَيْتٍ وَاحِدٍ، وَيَرَانِي فَضْلًا، وَقَدْ أَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى فِيهِمْ مَا عَلِمْت، فَكَيْفَ تَرَى فِيهِ؟ فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«أَرْضِعِيهِ فَأَرْضَعَتْهُ خَمْسَ رَضَعَاتٍ» ، فَكَانَ بِمَنْزِلَةِ وَلَدِهَا، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ
(1)
، وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يَنْظُرُ مِنْهَا إلَى مَا يَظْهَرُ غَالِبًا؛ فَإِنَّهَا قَالَتْ:(يَرَانِي فَضْلًا) وَمَعْنَاهُ فِي ثِيَابِ الْبِذْلَةِ الَّتِي لَا تَسْتُرُ أَطْرَافَهَا. وَقَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
فَجِئْت وَقَدْ نَضَّتْ لِنَوْمٍ ثِيَابَهَا
…
لَدَى السِّتْرِ إلَّا لُبْسَةَ الْمُتَفَضِّلِ
وَمِثْلُ هَذَا يَظْهَرُ مِنْهُ الْأَطْرَافُ وَالشَّعْرُ؛ فَكَانَ يَرَاهَا كَذَلِكَ إذِ اعْتَقَدَتْهُ وَلَدًا، ثُمَّ دَلَّهُمْ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى مَا يَسْتَدِيمُونَ بِهِ مَا كَانُوا يَعْتَقِدُونَهُ وَيَفْعَلُونَهُ. وَرَوَى الشَّافِعِيُّ فِي «مُسْنَدِهِ»
(2)
عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ، أَنَّهَا ارْتَضَعَتْ مِنْ أَسْمَاءَ امْرَأَةِ الزُّبَيْرِ، قَالَتْ: فَكُنْت أَرَاهُ أَبًا، وَكَانَ يَدْخُلُ عَلَيَّ وَأَنَا أَمْشُطُ رَأْسِي، فَيَأْخُذُ بِبَعْضِ قُرُونِ رَأْسِي، وَيَقُولُ: أَقْبِلي عَلَيَّ. وَلِأَنَّ التَّحَرُّزَ مِنْ هَذَا لَا يُمْكِنُ. فَأُبِيحَ كَالْوَجْهِ، وَمَا لَا يَظْهَرُ غَالِبًا لَا يُبَاحُ؛ لِأَنَّ الْحَاجَةَ لَا تَدْعُو إلَى نَظَرِهِ، وَلَا تُؤْمَنُ مَعَهُ الشَّهْوَةُ وَمُوَاقَعَةُ الْمَحْظُورِ؛ فَحُرِّمَ النَّظَرُ إلَيْهِ كَمَا تَحْتَ السُّرَّةِ. اهـ
قال أبو عبد الله غفر اللهُ لهُ: الراجح هو القول الأول، والله أعلم.
(3)
(1)
أخرجه أبو داود برقم (2061) بإسناد صحيح.
(2)
أخرجه الشافعي كما في «ترتيب المسند» (2/ 25) بإسناد حسن.
(3)
انظر: «المغني» (9/ 491 - 493)«البيان» (9/ 129 - 130)«المحلى» (1878)«الإنصاف» (8/ 19)«أحكام النظر» (ص 312 - ) لابن القطان.