الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ الخُلْعِ
1066 -
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّ امْرَأَةَ ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ أَتَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، ثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ مَا أَعِيبُ عَلَيْهِ فِي خُلُقٍ وَلَا دِينٍ، وَلَكِنِّي أَكْرَهُ الكُفْرَ فِي الإِسْلَامِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:«أَتَرُدِّينَ عَلَيْهِ حَدِيقَتَهُ؟» فَقَالَتْ: نَعَمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:«اقْبَلِ الحَدِيقَةَ وَطَلِّقْهَا تَطْلِيقَةً» . رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ: وَأَمَرَهُ بِطَلَاقِهَا.
(1)
(1)
صحيح بشواهده بدون ذكر الطلاق. أخرجه البخاري برقم (5273). حدثنا أزهر بن جميل حدثنا عبدالوهاب الثقفي حدثنا خالد عن عكرمة عن ابن عباس به. ثم قال البخاري: لا يتابع فيه عن ابن عباس.
والرواية الثانية أخرجها البخاري (5274) حدثنا إسحاق الواسطي حدثنا خالد عن خالد الحذاء عن عكرمة فذكره مرسلًا. وفيه (وأمره يطلقها) هكذا لفظه في البخاري، والحافظ ذكرها بالمعنى. قال البخاري: وقال إبراهيم بن طهمان عن خالد عن عكرمة عن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «وطلقها» .
فأشار البخاري رحمه الله بأن ذكر (الطلاق) من طريق خالد الحذاء عن عكرمة مرسلًا.
فقد رواه عن خالد الحذاء على وجه الإرسال خالد الطحان وإبراهيم بن طهمان.
قال الدارقطني في «التتبع» : وأصحاب الثقفي غير أزهر يرسلونه.
ثم أخرج البخاري الحديث بدون ذكر (الطلاق) موصولًا من رواية جرير بن حازم، ومعلقًا من رواية إبراهيم بن طهمان وقد وصلها الإسماعيلي كلاهما عن أيوب عن عكرمة عن ابن عباس به. ثم أخرجه من رواية حماد بن زيد عن أيوب عن عكرمة مرسلًا.
قال البيهقي: وكذلك رواه وهيب عن أيوب.
قال أبوعبدالله غفر الله له: رواية الإرسال أقوى في رواية أيوب، أيضًا فإن حماد بن زيد أثبت من روى عن أيوب، نص على ذلك ابن معين وأحمد والنسائي وابن عدي وغيرهم، وأيضًا وهيب أثبت من إبراهيم بن طهمان وجرير بن حازم في أيوب، بل قال أحمد كما في «ملحق شرح العلل»: جرير ابن حازم يروي عن أيوب عجائب.
قلتُ: والراوي عن جرير بن حازم كما في البخاري والبيهقي هو عبدالرحمن بن غزوان أبونوح الملقب ب (قراد) وله أوهام وأخطاء. ومما يقوي رواية الإرسال أن حماد بن زيد ووهيب قد تابعهما على الإرسال أيضًا سعيد بن أبي عروبة كما في «سنن البيهقي» (7/ 313 - 314).
ويقوي رواية الإرسال أن قتادة قد تابع أيوب وخالد الحذاء على رواية الإرسال.
أخرجه البيهقي (7/ 313 - 314)، من طريق عبدالوهاب بن عطاء عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن عكرمة به مرسلًا.
قال: وكذلك رواه محمد بن أبي عدي عن ابن أبي عروبة عن قتادة مرسلًا.
وأخرجه البيهقي (7/ 313)، من طريق عبدالأعلى عن سعيد بن أبي عروبة بإسناده موصولًا بذكر ابن عباس فيه، ثم قال: وأرسله غيره عنه يعني غير عبدالأعلى.
وخلاصة ما تقدم: أن الراجح في حديث ابن عباس أنه من مراسيل عكرمة، وذكر (الطلاق) إنما هو في رواية خالد الحذاء فقط، وأما رواية أيوب وقتادة فليس فيها ذكر (الطلاق) إنما في رواية أيوب (وفرق بينهما) وفي رواية:(وأمره ففارقها) وفي رواية قتادة: (ففرق بينهما رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-).
والحديث صحيح بدون ذكر (الطلاق) فإن له شاهدًا من حديث حبيبة بنت سهل.
أخرجه مالك في «موطئه» (2/ 564) عن يحيى بن سعيد عن عمرة بنت عبدالرحمن أخبرته عن حبيبة بنت سهل أنها أخبرتها أنها كنت عند ثابت بن قيس بن شماس رضي الله عنه، وأن رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- خرج إلى الصبح فوجد حبيبة بنت سهل عند بابه في الغلس فقال رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-:«من هذه؟» فقالت: أنا حبيبة بنت سهل، فقال:«ما شأنك؟» قالت: لا أنا ولا ثابت لزوجها، فلما جاء ثابت بن قيس قال له رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-:«هذه حبيبة بنت سهل قد ذكرت ما شاء الله أن تذكر» ، فقالت حبيبة: يا رسول الله، كل ما أعطاني عندي، فقال رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- لثابت:«خذ منها» فأخذ منها وجلست في أهلها. وإسناده صحيح على شرط الشيخين.
وللحديث شاهد من حديث عمرو بن شعيب. وآخر من حديث سهل بن أبي حثمة. وسيأتي تخريجه إن شاء الله.
وَلِأَبِي دَاوُد، وَالتِّرْمِذِيِّ، وَحَسَّنَهُ: أَنَّ امْرَأَةَ ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ اخْتَلَعَتْ مِنْهُ، فَجَعَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عِدَّتَهَا حَيْضَةً.
(1)
(1)
ضعيف وصح من وجه آخر. أخرجه أبوداود (2229)، والترمذي (1185)، من طريق هشام بن يوسف عن معمر عن عمرو بن مسلم الجندي عن عكرمة عن ابن عباس به.
قال أبوداود: وهذا الحديث رواه عبدالرزاق عن معمر عن عمرو بن مسلم عن عكرمة عن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- مرسلًا. اهـ
قلتُ: والراجح رواية الإرسال كما تقدم، ولكن ذكر الاعتداد بحيضة لا يثبت من هذا الوجه؛ فإن الثقات الذين رووا الحديث عن عكرمة لم يذكروا ذلك، وخالفهم عمرو بن مسلم -وهو ضعيف- فذكر ذلك، فروايته غير محفوظة، والله أعلم.
ولكن قد صح الاعتداد بحيضة من وجه آخر:
أخرجه النسائي (6/ 186)، قال أخبرنا عبيدالله بن سعد بن إبراهيم بن سعد قال حدثنا عمي قال: حدثنا أبي عن ابن إسحاق قال حدثني عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت عن ربيع بنت معوذ قال قلت لها: حدثيني حديثك. قالت: اختلعت من زوجي ثم جئت عثمان، فسألته ماذا عليَّ من العدة؟ فقال: لا عدة عليك، إلا أن تكوني حديثة العهد به، فتمكثي حتى تحيضي حيضة، قال: وأنا متبع في ذلك قضاء رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- في مريم المغالية، كانت تحت ثابت بن قيس بن شماس فاختلعت منه. وإسناده حسن. وقد حسنه الإمام الوادعي في «الصحيح المسند» .
1067 -
وَفِي رِوَايَةِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عِنْدَ ابْنِ مَاجَهْ أَنَّ ثَابِتَ ابْنَ قَيْسٍ كَانَ دَمِيمًا، وَأَنَّ امْرَأَتَهُ قَالَتْ: لَوْلَا مَخَافَةُ اللهِ إذَا دَخَلَ عَلَيَّ لَبَصَقْتُ فِي وَجْهِهِ.
(1)
1068 -
وَلِأَحْمَدَ مِنْ حَدِيثِ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ: وَكَانَ ذَلِكَ أَوَّلَ خُلْعٍ فِي الإِسْلَامِ.
(2)
(1)
ضعيف. أخرجه ابن ماجه (2057)، وأخرجه أيضًا أحمد (4/ 3)، من طريق حجاج بن أرطاة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: كانت حبيبة بنت سهل تحت ثابت بن قيس بن شماس وكان رجلًا دميما فذكره وفيه زيادة (فقال رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «أتردين عليه حديقته؟» قالت: نعم، قال: فردت عليه حديقته، قال: ففرق بينهما رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-. وهذا الإسناد ضعيف؛ لضعف حجاج وعنعنته، فإنه مدلس، والحديث صحيح بشواهده المتقدمة إلا اللفظ الذي ذكره الحافظ، فإنه لا شاهد له.
(2)
ضعيف. أخرجه أحمد (4/ 3)، من طريق حجاج بن أرطاة عن محمدبن سليمان بن أبي حثمة عن عمه سهل بن أبي حثمة به. ولفظه كلفظ حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده. وفيه الزيادة التي ذكرها الحافظ. وإسناده ضعيف أيضًا؛ لضعف حجاج وعنعنته فإنه مدلس.
المسائل والأحكام المستفادة من الأحاديث
تعريف الخلع:
الخُلع: هو فراق الزوجة على عوض تبذله لزوجها عند كراهيتها له، وخوفها من عدم القيام بحقه. وهو مأخوذ من خلع الثوب؛ لأنَّ المرأة لباس الرجل معنى، وهو لباسها معنى، قال تعالى:{هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ} [البقرة:187]، والمصدر بفتح الخاء وأما ههنا فهو مضموم (خُلع) للتفريق بينه وبين مصدر المحسوس.
(1)
مشروعيته:
الخلع مشروع في كتاب الله، وسنة رسوله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-، وعند عامة أهل العلم.
أما من القرآن: فقوله تعالى: {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} [البقرة: 229].
وأما من السنة: فأحاديث الباب، وما ذكرنا من شواهدها.
ولم ينقل خلاف في مشروعيته؛ إلا عن بكر بن عبد الله المزني، واستدل بالآية:{وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا} [النساء:20]، وزعم أنها ناسخة لآية الخلع.
قال الحافظ رحمه الله في «الفتح» (5273): وتعقب مع شذوذه بقوله تعالى في النساء أيضًا: {فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ} [النساء: 4]، وبقوله فيها: {فَلَا جُنَاحَ
(1)
«الفتح» (5273).