الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ} إلى قوله: {لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا} [الطلاق: 1]، وقوله:{وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ} [البقرة: 228].
واستدلوا بقوله تعالى: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} [البقرة: 229] الآيات.
واستدلوا على ذلك بحديث محمود بن لبيد الذي في الكتاب، ولأنه ضرر وإضرار بنفسه، وامرأته.
وحديث المتلاعنين غير لازم؛ لأنَّ الفرقة لم تقع بالطلاق؛ فإنها وقعت بمجرد لعانهما، وعند الشافعي بمجرد لعان الزوج، والطلاق بعده طلاقٌ بعد انفساخ النكاح.
وحديث امرأة رفاعة قد جاء في بعض ألفاظه أنه طلقها آخر ثلاث تطليقات، وكذا حديث فاطمة بنت قيس في بعض ألفاظه أنه أرسل إليها بتطليقة كانت بقيت من طلاقها.
والقول الثاني هو الراجح، والله أعلم.
(1)
مسألة [2]: إذا طلق امرأته ثلاثًا، فهل يقع ذلك
؟
• أكثر أهل العلم على وقوع الطلاق البائن، فتقع ثلاث تطليقات، ولا تحل بعد ذلك حتى تنكح زوجًا غيره، لا فرق في ذلك بين قبل الدخول وبعده.
(1)
انظر: «المغني» (10/ 331 - 333)«زاد المعاد» (5/ 243 - 245، 252).
واستدلوا على ذلك بقوله تعالى: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} ، فكما يجوز الجمع بين الاثنتين؛ يجوز بين الثلاث.
واستدلوا على ذلك بحديث سهل بن سعد في قصة المتلاعنين، وبحديث فاطمة بنت قيس المتقدم، وكذا حديث امرأة رفاعة.
واستدلوا على ذلك بحديث محمود بن لبيد، وقالوا: الظاهر أنه أجازها، ولم ينقل أنه قال: إنما هي واحدة.
واستدلوا على ذلك بحديث ركانة الذي فيه أنه طلق امرأته البتة، فاستحلفه أنه ما أراد إلا واحدة. يدل على أنه لو قصد ثلاثًا ما أعادها إليه.
واستدلوا بالآيات التي فيها ذكر الطلاق مطلقًا.
واستدلوا على ذلك بحديث علي عند الدارقطني (4/ 20)، أنَّ النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قال:«من طلَّق البتة؛ ألزمناه ثلاثًا، لا تحل له حتى تنكح زوجًا غيره» ، وهو حديث ضعيفٌ، فيه إسماعيل بن أمية القرشي، وهو ضعيف، وفي إسناده مجاهيل.
واستدلوا بحديث معاذ بن جبل رضي الله عنه عند الدارقطني (4/ 20) بنحو حديث علي رضي الله عنه، وفيه أيضًا إسماعيل بن أمية، وهو ضعيف.
وصحَّ هذا القول عن ابن عباس، وابن مسعود، وعمر بن الخطاب، وابن عمر وغيرهم رضي الله عنهم، كما تقدم.
• والقول الثاني في هذه المسألة من ذهب إلى أنه يقع واحدة رجعية، وهذا القول ثابت عن ابن عباس رضي الله عنهما، وقال به ابن إسحاق. قال ابن القيم: وهو قول طاوس، وعكرمة، واختيار شيخ الإسلام ابن تيمية.
ورجَّحه ابن القيم، ثم الشوكاني، والصنعاني، وقال به نفر يسير من أصحاب مالك، وأبي حنيفة، وأحمد، وهو قول داود.
واستدل هؤلاء بحديث ابن عباس رضي الله عنهما الذي ذُكر في الباب، وفي «صحيح مسلم» أيضًا من طريق طاوس أنَّ أبا الصهباء قال لابن عباس: أتعلم إنما كانت الثلاث تجعل واحدة على عهد النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-، وأبي بكر، وثلاثًا من إمارة عمر؟ قال ابن عباس: نعم.
وعنده أيضًا بلفظ: ألم يكن الطلاق الثلاث على عهد رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-، وأبي بكر واحدة؟ فقال: قد كان ذلك، فلما كان في عهد عمر تتابع الناس في الطلاق، فأجازه عليهم.
واستدلوا أيضًا بحديث ابن عباس في طلاق ركانة امرأته ثلاثًا، فقال رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-:«هي واحدة» ، وقالوا: هو طلاق بدعة، والبدعة مردودة:«من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رد» .
• وذهب بعض أهل العلم إلى أنه يفرق بين المدخول بها وغيرها، فتقع الثلاث في المدخول بها، وأما غير المدخول بها فتقع واحدة، قال ابن القيم: هذا قول جماعة من أصحاب ابن عباس، وهو مذهب إسحاق بن راهويه فيما حكاه عنه
محمد بن نصر المروزي في كتاب «اختلاف العلماء» .
واستدل لهم بما رواه أبو داود (2199) من طريق: أيوب عن غير واحد، عن طاوس، أنَّ رجلًا يُقال له: أبو الصهباء كان كثير السؤال لابن عباس، قال: أما علمت أنَّ الرجل كان إذا طلَّق امرأته ثلاثًا قبل أن يدخل بها جعلوها واحدة؟ قال ابن عباس: بلى، كان الرجل إذا طلق امرأته ثلاثًا قبل أن يدخل بها جعلوها واحدة على عهد رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-، وأبي بكر، وعمر صدرًا من إمارته، فلما رأى أنَّ الناس قد تتابعوا فيهن قال: أجيزوهن عليهم. وفي إسناده رجلٌ مبهم؛ فهو ضعيفٌ، ولأنَّ أصحاب طاوس الثقات رووه عنه بدون ذكر «قبل أن يدخل بها» منهم: إبراهيم ابن ميسرة، وعبد الله بن طاوس، وهما ثقتان، فالرواية المذكورة ضعيفة إن لم تكن منكرة، وقد ضعفها الإمام الألباني رحمه الله كما في «ضعيف أبي داود» .
وقالوا: إنَّ غير المدخول بها تَبِيْنُ بقوله (طالق)، فَذِكْرُ الثلاث يصادفها وهي بائن؛ فتلغوا وأما المدخول بها فتصادفها وهي غير بائن؛ فتقع، ونقل صاحب «المغني» هذا القول عن عطاء، وطاوس، وسعيد بن جبير، وجابر بن زيد.
• وذهب بعض المبتدعة إلى عدم وقوع الطلاق مطلقًا، لا واحدة ولا ثلاثًا، وهذا قول الرافضة، وقول إبراهيم بن عُليَّه، وهشام بن الحكم الرافضي.
قال الشوكاني رحمه الله: وبه قال أبو عبيدة، وبعض أهل الظاهر، وحجتهم أنه طلاق مبتدع؛ فلا يقع. والجواب أنَّ المبتدع هو الزيادة على الطلقة الواحدة. اهـ
وقد أجاب الجمهور على حديث ابن عباس رضي الله عنهما بأجوبة عديدة:
أحدها: تضعيف الحديث بأنَّ طاوسًا شذَّ فيه، ولم يذكر ذلك غيره، قال أحمد عند أن سأله الأثرم عن حديث ابن عباس رضي الله عنهما بأي شيء تدفعه؟ فقال: أدفعه برواية الناس عن ابن عباس من وجوه خلافه.
وقال البيهقي رحمه الله في «سننه» : أخرجه مسلم، وتركه البخاري، وأظنه تركه لمخالفته سائر الروايات عن ابن عباس
…
. وساق الروايات.
ثم قال: فهذه رواية سعيد بن جبير، وعطاء بن أبي رباح، ومجاهد، وعكرمة، وعمرو بن دينار، ومالك بن الحارث، ومحمد بن إياس بن بكير كلهم عن ابن عباس أنه أجاز الثلاث وأمضاهن، قال ابن المنذر: فغير جائز أن نظن بابن عباس أنه يحفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم شيئًا ثم يُفتي بخلافه. اهـ
ونقل ابن رجب عن الجوزجاني أنه قال: هو حديث شاذ. ونقل عن إسماعيل القاضي أنه قال في «أحكام القرآن» : طاوس مع فضله وصلاحه يروي أشياء منكرة، منها هذا الحديث.
الثاني: أنَّ الحديث منسوخ؛ ولذلك لم يقل به ابن عباس؛ لأنه علم في ذلك ناسخًا، قاله الشافعي، وأيَّده البيهقي بما أخرجه أبو داود من طريق: يزيد النحوي، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: كان الرجل إذا طلق امرأته فهو أحق برجعتها وإن طلقها ثلاثًا، فنسخ ذلك، وقال:{الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} .
الثالث: أنه ورد في صورة خاصة، قال ابن سريج: يشبه أن يكون ورد في تكرير اللفظ، كأن يقول:(أنت طالق، أنت طالق، أنت طالق)، وكانوا قبلُ على سلامة صدروهم يُقبل منهم أنهم أرادوا التوكيد، فلما كثر الناس في زمان عمر، وكثر الخداع؛ حمل عمر اللفظ على ظاهر التكرار، وأمضاه عليهم، وهذا القول ارتضاه القرطبي، وقال النووي: هو أصح الأجوبة.
الرابع: أنَّ المقصود بالحديث «كان الطلاق الذي يوقعه المطلق الآن ثلاثًا، يوقعه على عهد رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- وأبي بكر واحدة» فهو إخبار عن الواقع لا عن المشروع، بمعنى أنهم كانوا يطلقون واحدة ثم صاروا في عهد عمر يطلقون ثلاثًا.
الخامس: ليس في الحديث أنَّ النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- هو الذي كان يجعل الثلاث واحدةً، ولا أنه علم بذلك، فأقره.
السادس: أنَّ المقصود بالحديث طلاق (البتة)، فكان يقبل قولهم أنهم أرادوا واحدة، فَلمَّا كان عمر جعلها ثلاثًا؟
قال أبو عبد الله غفر اللهُ لهُ: الراجح هو القول الثاني؛ لصحة دليله، وهو حديث نصٌّ في المسألة.
وأما أدلة الجمهور فالجواب عنها كما يلي:
أولا: قولهم (آيات الطلاق تعم من أوقعها متفرقة ومجموعة).
قال ابن القيم رحمه الله: وغاية ما تمسكتم به إطلاق القرآن للفظ الطلاق، وذلك
لا يعم جائزه ومحرمه، كما لا يدخل تحته طلاق الحائض، وطلاق الموطوءة في طهرها، ومعلوم أنَّ القرآن لم يدل على جواز كل طلاق حتى تُحَمِّلُوه ما لا يطيقه، وإنما دل على أحكام الطلاق، والمبين عن الله عز وجل بيَّن حلاله وحرامه. وأما حديث الملاعن فأجابوا عنه بأنَّ الطلاق في ذلك الحين لغوٌ؛ لأنَّ الفرقة قد حصلت في اللعان، وقد بين ابن عباس أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان لا ينفذ هذا الطلاق. اهـ
وأما حديث امرأة رفاعة القرظي ففي بعض الروايات أنه طلقها آخر ثلاث تطليقات، وهي رواية في «الصحيح» ، وكذلك حديث فاطمة بنت قيس كما تقدم في المسألة السابقة.
وأما حديثهم في قصة ركانة؛ فضعيفٌ كما بينا، وكذا أحاديثهم الأخرى.
وأما ما ذكروه عن حديث ابن عباس، فالجواب عنه كما يلي:
الأول: تضعيفهم الحديث.
قال ابن القيم رحمه الله: هذا المسلك من أضعف المسالك؛ إذ لم يعرف أحد من الحفاظ قَدَحَ في هذا الحديث، ولا ضعَّفه، وكما قيل للإمام أحمد: بأي شيء ترد حديث ابن عباس؟ فقال: برواية الناس عنه خلافه. ولم يرده بتضعيف، ولا قدح في صحته، ولا سبيل إلى ذلك؛ لأنَّ رواته كلهم أئمةٌ حُفَّاظٌ، وكون البخاري لم يخرج هذا الحديث في «صحيحه» ليس دليلًا على كونه مضطربًا غير صالح للاستدلال.
(1)
قلتُ: ومن حكم عليه بالشذوذ، كالجوزجاني وإسماعيل القاضي ليسوا
(1)
«إغاثة اللهفان» وبنحوه في «الزاد» .
بمرتبة مسلم، وكذا الدارقطني؛ فإنه لم يذكره في «التتبع» ولا غيره من الحفاظ المتقدمين ثم إن ابن عباس قد صحَّ عنه القول بما يوافق هذا الحديث، فالقول الذي يوافق الحديث أولى، ولعله كان يقول بأحد القولين فرجع إلى الآخر، والله أعلم.
الثاني: دعوى النسخ.
تحتاج إلى دليل يثبت ذلك، وأما حديث عكرمة عن ابن عباس فليس فيه حجة، فإنما فيه أنَّ الرجل كان يطلق امرأته، ويراجعها بغير عدد، فنسخ ذلك، وقصر على ثلاث فيها تنقطع الرجعة، فأين ذلك في الإلزام بالثلاث بفم واحد؟
ثم كيف يستمر العمل بالمنسوخ إلى عهد عمر مع حاجة الناس إليه؛ لكونه مما يتعلق بالفروج؟!!
الثالث: حمل الحديث على تكرار اللفظ.
لا يساعده سياق الحديث، وهذا الذي أولوا فيه الحديث لم يتغير الحكم فيه بوفاة رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-، ولا يختلف على عهده وعهد خلفائه، ومن ينويه في قصد التأكيد لا يفرق بين بَرٍّ وفاجر، وصادق وكاذب، بل يرده إلى نيته، وكذلك من لا يقبله في الحكم، لا يقبله مطلقًا، برًّا كان أو فاجرًا.
الرابع: حملهم الحديث على المعنى المذكور.
باطلٌ لا تساعده ألفاظ الحديث.
الخامس: أنه ليس في الحديث أنَّ النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- هو الذي كان يجعل الثلاث واحدة.
قال ابن القيم رحمه الله في «الزاد» : يُقَالَ: سُبْحَانَك هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ أَنْ يَسْتَمِرّ هَذَا
الْجَعْلُ الْحَرَامُ الْمُتَضَمّنُ لِتَغْيِيرِ شَرْعِ الله، وَدِينِهِ، وَإِبَاحَةُ الْفَرْجِ لِمَنْ هُوَ عَلَيْهِ حَرَامٌ، وَتَحْرِيمُهُ عَلَى مَنْ هُوَ عَلَيْهِ حَلَالٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابِهِ خَيْرِ الْخَلْقِ، وَهُمْ يَفْعَلُونَهُ وَلَا يَعْلَمُونَهُ، وَلَا يَعْلَمُهُ هُوَ، وَالْوَحْيُ يَنْزِلُ عَلَيْهِ وَهُوَ يُقِرّهُمْ عَلَيْهِ، فَهَبْ أَنّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم لَمْ يَكُنْ يَعْلَمُهُ، وَكَانَ الصّحَابَةُ يَعْلَمُونَهُ وَيُبَدّلُونَ دِينَهُ وَشَرْعَهُ، وَاَلله يَعْلَمُ ذَلِكَ وَلَا يُوحِيهِ إلَى رَسُولِهِ وَلَا يُعْلِمُهُ بِهِ، ثُمّ يَتَوَفّى الله رَسُولَهُ صلى الله عليه وسلم وَالْأَمْرُ عَلَى ذَلِكَ.
قال: وَتَالله، لَوْ كَانَ جَعْلُ الثّلَاثِ وَاحِدَةً خَطَأً مَحْضًا؛ لَكَانَ أَسْهَلَ مِنْ هَذَا الْخَطَأِ الّذِي ارْتَكَبْتُمُوهُ، وَالتّأْوِيلِ الّذِي تَأَوّلْتُمُوهُ، وَلَوْ تَرَكْتُمْ الْمَسْأَلَةَ بِهَيْئَتِهَا؛ لَكَانَ أَقْوَى لِشَأْنِهَا مِنْ هَذِهِ الْأَدِلّةِ وَالْأَجْوِبَةِ. اهـ
السادس: قولهم: إنَّ المقصود بالحديث طلاق ألبتة.
هذا التأويل يخالف ألفاظ الحديث ولا يساعده لفظ الحديث من قريب أو بعيد.
وقد رجَّح القول الثاني شيخنا الإمام مقبل الوادعي رحمه الله، وهو ترجيح الإمام ابن عثيمين، والإمام ابن باز رحمة الله عليهما.
(1)
وأحسن مرجع لهذه المسألة هوكتاب ابن القيم رحمه الله «إغاثة اللهفان» فقد
(1)
انظر: «المغني» (10/ 334)«حاشية المسند» (5/ 62 - 63)«البيان» (10/ 80 - )«زاد المعاد» (5/ 247 - 270)«الفتح» (5259)«أعلام الموقعين» (3/ 45 - )«نيل الأوطار» (4/ 356 - )«تهذيب السنن» (3/ 125 - 130)«إغاثة اللهفان» (1/ 425 - )«مجموع الفتاوى» (33/ 7 - 16، 71 - 73، 81)«سنن ابن منصور» (1/ 261 - )«المحلى» (1953)«مصنف ابن أبي شيبة» (5/ 11 - )«مصنف عبدالرزاق» (6/ 390 - )«سنن البيهقي» (7/ 333 - )«الداقطني» (4/ 5 - ) رسالة «الطلاق الثلاث بلفظ واحد» لمحمد إشفاق السلفي.
تناول المسألة بتوسع من كل جانب (1/ 425 - 495).
تنبيه: مثل الخلاف السابق أن يقول: (أنت طالق، أنت طالق، أنت طالق) وأن يقول: (طالق، وطالق، وطالق) أو يقول: (أنت طالق، ثم طالق، ثم طالق) أو يقول: (أنت طالق) ثم يقول: (أنت طالق) ثم يقول: (أنت طالق) أو (أنت طالق عشرًا) أو (مائة) ونحو ذلك من العبارات. قال ذلك شيخ الإسلام رحمه الله (33/ 7 - 8)(33/ 72).
ويُستثنى من ذلك ما إذا أراد بتكراره ثلاثًا التأكيد، لا التطليق ثلاثًا؛ فإنه يقع واحدة عند أكثر أهل العلم، وصحَّ عن الثوري أنه قال: تقضى عليه بثلاث. وهو قول الشافعي.
(1)
تنبيه آخر: لو طلقها الثانية قبل الرجعة؛ فالأمر فيه كالخلاف السابق حتى ولو كان في طهر آخر.
(2)
(1)
انظر: «مصنف عبد الرزاق» (6/ 398)«الفتح» (5259)«المحلى» (1955)«زاد المعاد» (5/ 226)«الشرح الكبير» (10/ 115)«اختلاف العلماء» (ص 134) للمروزي.
(2)
انظر: «مجموع الفتاوى» (32/ 311 - )(33/ 67).
1074 -
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «ثَلَاثٌ جِدُّهُنَّ جِدٌّ، وَهَزْلُهُنَّ جِدٌّ: النِّكَاحُ، وَالطَّلَاقُ، وَالرَّجْعَةُ» . رَوَاهُ الأَرْبَعَةُ إلَّا النَّسَائِيّ، وَصَحَّحَهُ الحَاكِمُ.
(1)
وَفِي رِوَايَةٍ لِابْنِ عَدِيٍّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ ضَعِيفٍ: «الطَّلَاقُ، وَالعَتَاقُ، وَالنِّكَاحُ» .
(2)
1075 -
وَلِلْحَارِثِ بْنِ أَبِي أُسَامَةَ مِنْ حَدِيثِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رضي الله عنهم رَفَعَهُ: «لَا يَجُوزُ اللَّعِبُ فِي ثَلَاثٍ: الطَّلَاقُ، وَالنِّكَاحُ، وَالعَتَاقُ، فَمَنْ قَالَهُنَّ، فَقَدْ وَجَبْنَ» . وَسَنَدُهُ ضَعِيفٌ.
(3)
(1)
ضعيف. أخرجه أبوداود (2194)، والترمذي (1184)، وابن ماجه (2039)، والحاكم (2/ 198)، من طريق عبدالرحمن بن حبيب بن أردك عن عطاء بن أبي رباح عن ابن ماهك عن أبي هريرة به.
قال الحاكم: صحيح الإسناد، وعبدالرحمن بن حبيب من ثقات المدنيين. كذا قال الحاكم، وتعقبه الذهبي فقال: فيه لين. وقال ابن القطان: لا يعرف حاله. وذكره ابن حبان في الثقات. وقال النسائي رحمه الله: منكر الحديث.
(2)
ضعيف جدًّا. أخرجه ابن عدي (6/ 2033) من طريق غالب بن عبيدالله الجزري عن الحسن عن أبي هريرة به. وغالب بن عبيدالله الجزري قال ابن معين: ليس بثقة. وقال الدارقطني وغيره: متروك.
(3)
ضعيف. أخرجه الحارث بن أبي أسامة كما في «بغية الباحث» (503) من طريق بشر بن عمر عن ابن لهيعة ثنا عبيدالله بن أبي جعفر عن عبادة بن الصامت فذكره. وإسناده ضعيف؛ لضعف ابن لهيعة وانقطاعه بين عبيدالله بن أبي جعفر وعبادة فإنه لم يسمع من أحد من الصحابة. ولابن لهيعة فيه إسناد آخر: فقد أخرجه الطبراني في «الكبير» (18/ 304) من طريق يحيى بن عثمان بن صالح حدثنا أبي ثنا ابن لهيعة حدثني عبدالله بن أبي جعفر عن حنش بن عبدالله السبأي عن فضالة بن عبيد به.
قال ابن الملقن في «البدر المنير» : وعبدالله هذا فيه خلاف، وثقه أبوزرعة وأبوحاتم وقال محمد ابن حميد: كان فاسقًا. وقال ابن عدي: في بعض حديثه ما لا يتابع عليه.
قلتُ: هذا الذي قاله ابن الملقن بناءً منه على أنه الرازي، بينما قال الهيثمي في «المجمع» (4/ 335) بعد أن ذكر ابن لهيعة، قال: وبقية رجاله رجال الصحيح.
فيحتمل عندي أن الصواب في السند (عبيدالله)؛ لأن ابن لهيعة روايته عنه مشهورة، وأما عبدالله الرازي فلم يذكر المزي في «تهذيبه» رواية له عنه.
وعلى هذا فيكون ابن لهيعة قد اضطرب في إسناد الحديث فتارة يسوق له إسنادًا عن عباد، وتارة عن فضالة، والله أعلم.
ولحديث عبادة بن الصامت طريق أخرى عند ابن مردويه كما في «تفسير ابن كثير» آية (231) من سورة البقرة. وفي إسناده يحيى بن عبدالحميد الحماني وقد كذبه أحمد وابن نمير، وقال النسائي: ليس بثقة. وقال ابن معين: ثقة. قال الشيخ مقبل رحمه الله: الجرح مفسر فهو مقدم على التعديل. وفي إسناده يعقوب بن أبي يعقوب ترجمته في «تاريخ أصبهان» لم يذكر جرحًا ولا تعديلًا فهو مستور الحال.
وفي إسناده رجلان قال الشيخ رحمه الله لم أجد ترجمتهما. وهو من طريق الحسن عن عبادة ولم يسمع منه. قال الشيخ رحمه الله: فالحديث بهذا السند ضعيف جدًّا.
وله شاهد من حديث أبي ذر رضي الله عنه:
أخرجه عبدالرزاق في «مصنفه» (10249) عن إبراهيم بن محمد عن صفوان بن سليم عن أبي ذر بنحوه. وإسناده شديد الضعف؛ لأن إبراهيم هو الأسلمي كذاب، وصفوان لم يسمع من أبي ذر.
وله شاهد من حديث أبي الدرداء رضي الله عنه:
أخرجه الطبراني كما في «مجمع الزوائد» (4/ 287 - 288) قال الهيثمي: رواه الطبراني وفيه عمرو بن عبيد وهو من أعداء الله. وقال في (4/ 246) رواه الطبراني وفيه إسماعيل بن مسلم المكي وهو ضعيف.
قلتُ: بل هو أشد من الضعيف، والمحفوظ أنه موقوف على أبي الدرداء.
فقد رواه عبدالرزاق (10245) عن معمر عن قتادة عن الحسن عن أبي الدرداء قال: ثلاث: اللاعب فيهن كالجاد: النكاح والطلاق والعتاقة. ومع ذلك فهو ضعيف أيضًا؛ لضعف رواية معمر عن قتادة، ولأن رواية الحسن عن أبي الدرداء منقطعة قاله أبوزرعة كما في «جامع التحصيل» ثم رأيت قتادة قد تابعه يونس بن عبيد عند ابن أبي شيبة (6/ 105) فالعلة بالانقطاع فقط.
وله شاهد من مراسيل الحسن:
أخرجه ابن أبي حاتم (2/ 425) حدثنا عصام بن رواد حدثنا آدم حدثنا المبارك بن فضالة عن الحسن البصري فذكره مرسلًا. وإسناده ضعيف؛ فإن عصام بن رواد لينه أبوأحمد الحاكم كما في «الميزان» ، والمبارك بن فضالة مدلس ولم يصرح بالتحديث وله أوهام، ومراسيل الحسن ضعيفة عند جماعة من أهل العلم.
وله طريق أخرى عند الطبري (2/ 482) وليس فيه ذكر النكاح، ولكن الراوي عن الحسن هو سليمان بن أرقم وهو متروك.
وله طريق ثالثة عند ابن أبي شيبة (5/ 106) من طريق عمرو بن عبيد عن الحسن فذكره. وعمرو بن عبيد معتزلي ضال متروك.
وله شاهد من حديث ابن عباس رضي الله عنهما بذكر الطلاق فقط:
أخرجه ابن مردويه كما في «تفسير ابن كثير» آية (231) من سورة البقرة، أخرجه من طريق إسماعيل ابن يحيى عن سفيان عن ليث عن مجاهد عن ابن عباس قال: طلق رجل امرأته وهو يلعب لا يريد الطلاق، فأنزل الله تعالى:{ولا تتخذوا آيات الله هزوًا} فألزمه رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- الطلاق. وهذا إسناد تالف؛ لأن إسماعيل بن يحيى هو التيمي وضاع كذاب كما في «الميزان» ، و «لسان الميزان» ، وليث هو ابن أبي سليم ضعيف مختلط. وجاء هذا أثرًا عن عمر:
أخرجه عبدالرزاق (10248) وفي إسناده عبدالكريم بن أبي المخارق شديد الضعف.
وأخرجه ابن أبي شيبة (5/ 105) وفي إسناده حجاج بن أرطاة مدلس وفيه ضعف، وسعيد بن المسيب لم يسمع من عمر إلا قليلًا، وهو من روايته عنه.
وله إسناد آخر عند البخاري في «التاريخ» (6/ 502) ومن طريقه البيهقي (7/ 341)، وفي إسناده عبدالله بن صالح كاتب الليث، وفيه ضعف، ومحمد بن إسحاق مدلس ولم يصرح بالتحديث، وهو كسابقه من طريق سعيد بن المسيب عن عمر.
وجاء أثرًا عن علي:
أخرجه عبدالرزاق (10247) من طريق الثوري عن جابر عن عبدالله بن نجي عن علي فذكره. وفي إسناده جابر بن يزيد الجعفي وهو متروك، وعبدالله بن نجي قيل: لم يسمع من علي، بينهما أبوه.
وجاء أيضًا عن ابن مسعود قال: (من طلق لاعبًا، أو نكح لاعبًا فقد جاز) أخرجه عبدالرزاق (6/ 133). وفي إسناده عبدالكريم بن أبي المخارق يرويه عن ابن مسعود، وعبدالكريم شديد الضعف، وهو منقطع لم يسمع من ابن مسعود.