الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال ابن القيم رحمه الله (5/ 383): وهذا ينقلب حجة عليكم؛ لأنه لما استقر عنده أنه لا حق له في هذا القذف؛ لم يطالب به، ولم يتعرض له، وإلا كيف يسكت عن براءة عرضه، وله طريق إلى إظهارها بحد قاذفه، والقوم كانوا أشد حمية وأنفة من ذلك.
ثم ذكر كلامًا ما معناه: أنَّ الشهادة قد أُقيمت مقام الشهود، وكما أنَّ شهادته وأيمانه درأت عنه الحد من طرف الزوجة؛ فكذلك تدرأ عنه من طرف المقذوف. وانظر بقية كلامه، وهو الراجح إن شاء الله.
(1)
تنبيه: أكثر أهل العلم على أنَّ عليه حدين إذا لم يلاعن، وخالف بعض الشافعية، وبعض الحنابلة، فقالوا: عليه حدٌّ واحد، وهو الأظهر؛ لأنه جمع القذف في وقت واحد، والله أعلم.
(2)
مسألة [41]: متى تحصل الفرقة بين المتلاعنين
؟
• من الفقهاء من يقول: لا تحصل الفرقة حتى يفرق الحاكم بينهما بعد لعانهما. وهو قول بعض الحنابلة، وأصحاب الرأي؛ لأنَّ في حديث المتلاعنين:«ففرق بينهما رسول الله صلى الله عليه وسلم» .
• ومن أهل العلم من يقول: تحصل الفرقة بتلاعنهما، وبالفراغ منه، ولا يشترط في ذلك تفريق الحاكم، وهذا قول مالك، وأحمد في رواية، وجماعة من
(1)
انظر: «المغني» (11/ 181)«البيان» (10/ 463)«زاد المعاد» (5/ 383 - ).
(2)
انظر: «المغني» (11/ 181)«البيان» (10/ 464).
أصحابه، وأبي ثور، وداود، وزفر، وابن المنذر.
واستدل هؤلاء بأنَّ اللعان نفسه معنى يقتضي التحريم المؤبد؛ للحديث: «مضت السنة في المتلاعنين أن يفرق بينهما، ثم لا يجتمعان أبدًا» ، وحديث:«قال: لا يجتمعان أبدًا» أخرجهما البيهقي (7/ 401)، والدارقطني (3/ 275 - ) من حديث ابن عمر، وسهل بن سعد رضي الله عنهما، وهما حديثان ثابتان.
وحديث ابن عمر (الذي في «الصحيحين» : «لا سبيل لك عليها» ، فهذه الأدلة تبين أنَّ الفرقة تحصل باللعان، فتفريق النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- بينهما إنما كان تبعًا للحكم المترتب على اللعان، ولو كان الأمر للحاكم؛ لساغ له ألا يفرق بينهما إذا كره ذلك الزوجان.
قالوا: وقوله «فرق النبي صلى الله عليه وسلم بينهما» يحتمل أمورًا ثلاثة: إنشاء الفرقة، والثاني: الإعلام بها، والثالث: إلزامه بموجبها من الفرقة الحسية.
• وذهب الشافعي إلى أنَّ الفرقة تحصل بانتهاء الزوج؛ لأنها فرقة حاصلة بالقول، فتحصل بقول الزوج وحده كالطلاق، ولا دليل على هذا القول؛ فإنَّ الأحاديث لم يأت فيها التفريق إلا بالفراغ من اللعان.
• وقال أبو عبيد: تحصل الفرقة بمجرد القذف. وهذا القول ضعيف، والصحيح قول مالك ومن معه.
(1)
(1)
انظر: «المغني» (11/ 144 - )«البيان» (10/ 467)«الزاد» (5/ 388 - ).