الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مسألة [27]: من هو المراد بقوله تعالى: {أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ}
؟
• اختلف أهل العلم في المراد بذلك على قولين:
الأول: المراد بذلك الزوج. وهو قول سعيد بن المسيب، وشُريح، وسعيد بن جبير، ومجاهد، وإياس بن معاوية، وأبي الشعثاء، وابن سيرين، والشعبي، وعكرمة، ونافع، ومكحول وغيرهم.
وهو مذهب الشافعي في الجديد، والحنفية، والثوري، والأوزاعي، وأحمد، وإسحاق، وابن جرير الطبري وغيرهم.
واستدلوا بحديث من طريق ابن لهيعة، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه عن جده، مرفوعًا:«ولي عقد النكاح الزوج» ، وهو حديث ضعيف؛ لضعف ابن لهيعة، وقد رُوي عن عمرو بن شعيب مرسلًا.
وقالوا: الذي بيده عقدة النكاح حقيقةً الزوج؛ فإنَّ بيده عقدها وإبرامها، ونقضها، وانهدامها، وكما أنه لا يجوز للولي أن يهب من مال المولية شيئًا للغير؛ فكذلك في الصداق.
وهذا القول ثبت عن علي بن أبي طالب، وجبير بن مطعم، وابن عباس رضي الله عنهم.
الثاني: المراد بذلك ولي المرأة، وهو قول علقمة، والحسن، وعطاء، وطاوس، والزهري، وربيعة، وزيد بن أسلم، والنخعي، وعكرمة في أحد قوليه، وابن سيرين في أحد قوليه، وهو مذهب مالك، وقول الشافعي في القديم، وأحمد
في رواية، وصحَّ هذا القول عن ابن عباس رضي الله عنهما، وسنده أصح من المروي عنه بالقول الأول.
واستدلوا بأنَّ الله تعالى بدأ بخطاب الأزواج على المواجهة بقوله: {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ} ، ثم قال:{أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ} [البقرة:237]، وهذا خطاب غير حاضر.
قال أبو عبد الله غفر اللهُ لهُ: القول الأول أقرب، ولا يمتنع العدول عن خطاب الحاضر إلى خطاب الغائب، ونظير ذلك في القرآن كثير.
وعلى هذا فمتى طلق الزوج قبل الدخول؛ ننصف المهر بينهما؛ فإن عفا الزوج لها عن النصف الذي له كمل لها الصداق جميعه، وإن عفت المرأة عن النصف الذي لها منه، وتركت له جميع الصداق؛ جاز إذا كان العافي منهما رشيدًا جائز التصرف في ماله، وإن كان صغيرًا، أو سفيهًا؛ لم يصح عفوه؛ لأنه ليس له التصرف في ماله بهبة، ولا إسقاط، ولا يصح عفو الولي عن صداق الزوجة أبًا كان أو غيره، صغيرةً كانت أو كبيرة، نصَّ عليه أحمد في الأشهر عنه، وعنه رواية أنَّ له ذلك، وللشافعية قولان كهذين.
واشترطوا على القول بأنَّ له العفو شروطًا، وهي أن يكون ذلك من الأب، وأن تكون المرأة صغيرة، بكرًا طُلِّقت قبل الدخول.
(1)
(1)
انظر: «المغني» (10/ 160 - 162)«تفسير الطبري» و «ابن كثير» عند الآية [237 من سورة البقرة]«الأوسط» (8/ 376).