الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بالمضاجع، والله أعلم.
(1)
مسألة [5]: النظر إلى البنت الصغيرة
.
إذا كانت البنت طفلة صغيرة لا تصلح للنكاح، وكانت ممن لا تُشْتَهَى؛ لصِغرِها، فيجوز النظر إليها، وإن كانت ممن تُشتهى؛ فحكمها حكم الكبيرة الأجنبية.
(2)
مسألة [6]: نظر الرجل إلى المرأة الأجنبية
.
قال ابن القطان رحمه الله في «أحكام النظر» (ص 321): لا خفاء في تحريم النظر من الأجنبي إلى ما عدا وجهها، وكفيها، وقدميها، كالصدر، والبطن، والعنق، والشعر، وما فوق السُّرَّة، والظهر، هذه مواضع لا يجوز له النظر إلى شيء منها أصلًا، وهذا ما لا خلاف فيه. اهـ
• واختلف أهل العلم في نظر الرجل إلى وجهها، وكفيها، وقدميها، فذهب أحمد رحمه الله إلى أنه لا يجوز له أن ينظر إلى شيء منها، وهو وجهٌ للشافعية، وهو قول مالك.
ودليل هذا القول قوله تعالى: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ} [الأحزاب:53]، واستدلوا بحديث أم سلمة مرفوعًا: «إذا كان لإحداكن مكاتب،
(1)
انظر: «البيان» (9/ 128)«أحكام النظر» (ص 231)«المغني» (9/ 496)«الإنصاف» (8/ 22 - )«تفسير القرطبي» (12/ 237).
(2)
انظر: «المغني» (9/ 501 - 502)«الإنصاف» (8/ 23)«أحكام النظر» (ص 320)«البيان» (9/ 127).
فملك ما يؤدي؛ فلتحتجب منه»
(1)
، وحديثها قالت: كنت قاعدة أنا وحفصة، فاستأذن ابن أم مكتوم، فقال النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-:«احتجبن منه» رواه أبو داود (4112)، وغيره، وهما ضعيفان؛ لأنَّ في إسنادهما: نبهان مولى أم سلمة، وهو مجهول.
واستُدِلَّ لهذا القول بحديث جابر في «صحيح مسلم» (1218) أنَّ الفضل جعل ينظر إلى امرأة في حجة الوداع، وتنظر إليه، وجعل النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- يصرف وجه الفضل إلى الشق الآخر.
واستدلوا بحديث جرير بن عبد الله رضي الله عنه أنه سأل النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- عن نظرة الفجأة؟ فأمره النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- أن يصرف بصره، أخرجه مسلم (2159)، وقال النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- لعلي رضي الله عنه:«لا تتبع النظرة النظرة؛ فإنَّ لك الأولى، وليست لك الآخرة» أخرجه أبو داود (2148)، وهو حديث حسن لغيره.
وفي إباحة النظر إلى المرأة إذا أراد أن يتزوجها دليل على التحريم عند عدم ذلك، وهذا القول يوافق ما فسَّره ابن مسعود رضي الله عنه {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} [النور:31]: الظاهرة هي الثياب.
(2)
• وذهب جمعٌ من الفقهاء إلى جواز النظر إلى وجه المرأة الأجنبية، وكفيها، إذا لم يكن ذلك بشهوة، ولم يخف على نفسه من الفتنة، وهو قول الشافعي،
(1)
سيأتي تخريجه في «البلوغ» (1431).
(2)
أخرجه ابن جرير في تفسير الآية المذكورة بإسناد صحيح، وهو عند «ابن أبي شيبة» كذلك (4/ 283).
والأوزاعي، وأبي ثور، وبعض المالكية، وأحمد في رواية، والحنفية، وللحنفية وجهٌ بزيادة القدمين.
واستدلوا على ذلك بقوله تعالى: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} قال ابن عباس رضي الله عنهما: هو الوجه، والكفان. صحَّ ذلك عنه، وصحَّ أيضًا عن ابن عمر رضي الله عنهما، كما في «مصنف ابن أبي شيبة» (4/ 283 - 284)، و «تفسير ابن جرير» .
واستدلوا أيضًا بحديث: «يا أسماء، إنَّ المرأة إذا بلغت المحيض لم يصلح أن يرى منها إلا هذا وهذا» ، وأشار إلى وجهه وكفيه. وهو حديث ضعيفٌ، فقد أخرجه أبو داود (4104)، والبيهقي (7/ 86)، من طريق: سعيد بن بشير، عن قتادة، عن خالد بن دريك، عن عائشة رضي الله عنها، فذكره.
وإسناده ضعيف؛ لأنه منقطع، فخالد بن دريك لم يدرك عائشة، قاله أبو داود، وسعيد ابن بشير ضعيفٌ لا سيما في روايته عن قتادة، وقد خُولِف، فقد رواه هشام الدستوائي عن قتادة، عن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-، كما في «المراسيل» لأبي داود رقم (424)، وهشام الدستوائي من أثبت الناس في قتادة؛ فالراجح أنه من مراسيل قتادة.
وله شاهد من حديث أسماء بنت عميس، أخرجه البيهقي (7/ 86) من طريق: ابن لهيعة، عن عياض بن عبد الله أنه سمع إبراهيم بن عبيد بن رفاعة يخبر عن أبيه، أظنه عن أسماء بنت عميس، فذكره، وفيه: «إنه ليس للمرأة المسلمة أن
يبدو منها إلَّا هذا، وهذا»، وأخذ بكفيه
(1)
، فغطى بهما ظهر كفيه حتى لم يبد من كفيه إلا أصابعه، ثم نصب كفيه على صدغيه حتى لم يبد إلا وجهه. قال البيهقي: إسناده ضعيف.
قلتُ: في إسناده عياض بن عبد الله، وهو الفهري، قال فيه أبو حاتم: ليس بالقوي. وقال ابن معين: ضعيف. وقال البخاري: منكر الحديث. ووثقه ابن حبان، وفي إسناده أيضًا ابن لهيعة، وهو مشكوك في وصله؛ فالحديث لا يصلح للتقوية، والله أعلم.
فقال أهل هذا القول: قد أُبيح للمرأة إظهار كفيها ووجهها؛ فدلَّ على أنه يجوز النظر إليهما.
وأُجيب: بأنه لو سُلِّم بالإباحة فلا يلزم منه جواز النظر لما يحصل من الفتنة العظيمة، وقد أمر النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- بصرف البصر، بل قال تعالى:{قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ} [النور:30]، وقال النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-:«ما تركت بعدي فتنة أضرَّ على الرجال من النساء» .
(2)
فالصواب في هذه المسألة أنه لا يجوز للرجل أن ينظر إلى شيء من بدن المرأة الأجنبية، وفي حديث عبد الله بن مسعود عند الترمذي مرفوعًا، وهو حديث
(1)
كذا في «البيهقي» ، والصواب (بكميه) كما في «الطبراني» .
(2)
أخرجه البخاري برقم (5096)، ومسلم برقم (2740).