الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مسألة [5]: لو أقامت عند الزوج الثاني، فهل يحتاج إلى استئناف عقد
؟
قال شيخ الإسلام رحمه الله في كتابه «بيان الدليل» (ص 528): لَكِنْ لَوْ أَقَامَتْ عِنْدَ الزَّوْجِ، فَهَلْ يَحْتَاجُ إلَى اسْتِئْنَافِ عَقْدٍ كَمَا فِي الرَّجُلِ المُحَلِّلِ؟ وَلَوْ عَلِمَ الرَّجُلُ أَنَّ هَذَا كَانَ مِنْ نِيَّتِهَا وَهِيَ مُقِيمَةٌ عَلَيْهِ، فَهَلْ يَسَعُهُ المُقَامُ مَعَهَا؟
هَذَا فِيهِ نَظَرٌ؛ فَإِنَّ الْمَرْأَةَ فِي النِّكَاحِ مَمْلُوكَةٌ وَالزَّوْجُ هُوَ المَالِكُ، وَإِنْ كَانَ كُلٌّ مِنْ الزَّوْجَيْنِ عَاقِدًا وَمَعْقُودًا عَلَيْهِ، لَكِنَّ الْغَالِبَ عَلَى الزَّوْجِ أَنَّهُ مَالِكٌ، وَالْغَالِبَ عَلَى المَرْأَةِ أَنَّهَا مَمْلُوكَةٌ، وَنِيَّةُ الْإِنْسَانِ قَدْ لَا تُؤَثِّرُ فِي إبْطَالِ مِلْكِ غَيْرِهِ، كَمَا يُؤَثِّرُ فِي إبْطَالِ مِلْكِهِ، وَإِنْ كَانَ مُتَمَكِّنًا مِنْ ذَلِكَ بِطَرِيقٍ مُحَرَّمٍ، فَالرَّجُلُ إذَا نَوَى التَّحْلِيلَ فَقَدْ قَصَدَ مَا يُنَافِي الْمِلْكَ، فَلَمْ يَثْبُتْ الْمِلْكُ لَهُ؛ فَانْتَفَتْ سَائِرُ الْأَحْكَامِ تَبَعًا، وَإِذَا نَوَتْ المَرْأَةُ أَنْ تَأْتِيَ بِالْفُرْقَةِ فَقَدْ نَوَى هُوَ لِلْمِلْكِ، وَهِيَ قَدْ مَلَّكَتْهُ نَفْسَهَا فِي الظَّاهِرِ، وَالْمِلْكُ يَحْصُلُ لَهُ إذَا قَصَدَهُ حَقِيقَةً مَعَ وُجُودِ السَّبَبِ ظَاهِرًا، لَكِنَّ نِيَّتَهَا تُؤَثِّرُ فِي جَانِبِهَا خَاصَّةً فَلَا يَحْصُلُ لَهَا بِهَذَا النِّكَاحِ حِلُّهَا لِلْأَوَّلِ؛ حَيْثُ لَمْ تَقْصِدْ أَنْ تَنْكِحَ وَإِنَّمَا قَصَدَتْ أَنْ تُنْكَحَ وَالْقُرْآنُ قَدْ عَلَّقَ الْحِلُّ بِأَنْ تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ قَوْلَهُ:{حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة:230]، يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ هُنَاكَ نِكَاحٌ حَقِيقَةً مِنْ جِهَتِهَا لِزَوْجٍ هُوَ زَوْجٌ حَقِيقَةً، فَإِذَا كَانَ مُحَلِّلًا لَمْ يَكُنْ زَوْجًا، بَلْ تَيْسًا مُسْتَعَارًا. اهـ
قلتُ: فشيخ الإسلام رحمه الله يميل إلى صحة العقد، فلو غيَّرتِ المرأةُ نيتَها، وأحبت المقام مع الزوج الثاني؛ فلا يحتاج إلى تجديد العقد، ولو جُدِّد احتياطًا فلا
بأس، وأما إذا استمرت على نيتها فلا يجوز للزوج أن يستمتع بها بعد أن يعلم حالتها، وله حق الفسخ بهذا العيب العظيم.
وأما إذا علم الزوج بحال المرأة حين العقد؛ فالعقد باطل، والله أعلم.