الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسائل والأحكام المستفادة من الأحاديث
مع ذكر بعض المسائل الملحقة
الأحاديث المتقدمة متعلقة بأنكحة المشركين، وفي ذلك مسائل:
مسألة [1]: هل تُقَرُّ أنكحة المشركين إذا أسلموا
؟
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله كما في «مجموع الفتاوى» (32/ 174 - 175): كانت مناكحهم في الجاهلية على أنحاء متعددة، منها: نكاح الناس اليوم، وذلك النكاح في الجاهلية صحيح عند جمهور العلماء، وكذلك سائر مناكح أهل الشرك التي لا تحرم في الإسلام، ويلحقها أحكام النكاح الصحيح من الإرث، والإيلاء، واللعان، والظهار، وغير ذلك. وحُكي عن مالك أنه قال: نكاح أهل الشرك ليس بصحيح. ومعنى هذا عنده أنه لو طلق الكافر ثلاثًا لم يقع به طلاق، ولو طلق المسلم زوجته الذمية ثلاثًا، فتزوجها ذمي ووطئها؛ لم يحلها عنده، ولو وطئ ذمي ذمية بنكاح؛ لم يصر بذلك محصنًا.
قال: وأكثر العلماء يخالفونه في هذا، وأما كونه صحيحًا في لحوق النسب، وثبوت الفراش؛ فلا خلاف فيه بين المسلمين، فليس هو بمنزلة وطء الشبهة، بل لو أسلم الزوجان الكافران أُقِرَّا على نكاحهما بالإجماع، وإن كانا لا يُقَرَّان على وطء شبهة.
وقد احتُجَّ بهذا الحديث
(1)
على أنَّ نكاح الجاهلية صحيح.
واحتجوا بقوله تعالى: {وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ} [المسد:4]، وقوله:{امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ} [القصص:9/التحريم:11]، وقالوا: قد سماها الله (امرأة)، والأصل في الإطلاق الحقيقة، والله أعلم. اهـ
وقال رحمه الله كما في «الاختيارات» (ص 224): والصواب أنَّ أنكحتهم المحرمة في دين الإسلام حرام مطلقًا، إذا لم يسلموا عوقبوا عليها، وإن أسلموا عُفِي لهم عن ذلك؛ لعدم اعتقادهم تحريمه.
واختُلِف في الصحة والفساد، والصواب أنها صحيحة من وجهين؛ فإن أُريد بالصحة إباحة التصرف، فإنما يُباح لهم بشرط الإسلام، وإن أُريد نفوذه وترتيب أحكام الزوجية عليه من حصول الحل به للمطلق ثلاثًا، ووقوع الطلاق فيه، وثبوت الإحصان به؛ فصحيح. انتهى المراد.
وقال ابن قدامة رحمه الله في «المغني» (10/ 5): أَنْكِحَةُ الْكُفَّارِ صَحِيحَةٌ، يُقَرُّونَ عَلَيْهَا إذَا أَسْلَمُوا أَوْ تَحَاكَمُوا إلَيْنَا، إذَا كَانَتْ الْمَرْأَةُ مِمَّنْ يَجُوزُ ابْتِدَاءُ نِكَاحِهَا فِي
(1)
يعني به ما أخرجه البخاري برقم (5286) عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: كان المشركون على منزلتين من النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنين: كانوا مشركي أهل حرب، يقاتلهم ويقاتلونه، ومشركي أهل عهد، لا يقاتلهم ولا يقاتلونه، وكان إذا هاجرت امرأة من أهل الحرب لم تخطب حتى تحيض وتطهر، فإذا طهرت حل لها النكاح، فإن هاجر زوجها قبل أن تنكح ردت إليه، وإن هاجر عبد منهم أو أمة فهما حران، ولهما ما للمهاجرين - ثم ذكر من أهل العهد مثل حديث مجاهد - وإن هاجر عبد أو أمة للمشركين أهل العهد لم يردوا، وردت أثمانهم. قال عطاء، عن ابن عباس: كانت قريبة بنت أبي أمية عند عمر بن الخطاب، فطلقها فتزوجها معاوية بن أبي سفيان، وكانت أم الحكم بنت أبي سفيان تحت عياض بن غنم الفهري، فطلقها فتزوجها عبد الله بن عثمان الثقفي.