الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فاسقة بغير الزنى، ولم يستطع تقويمها.
ويكون الطلاق مباحًا إذا احتاج إليه الرجل بعد صبره على المرأة، ولم يحصل المقصود.
ويكون مكروهًا إذا طلقها لغير حاجة، والحال بينهما مستقيمة، جزم بذلك الشافعية، وأكثر الحنابلة، وعن أحمد رواية في تحريمه إذا كان لغير حاجة، وهو قول الحنفية.
قال شيخ الإسلام رحمه الله كما في «مجموع الفتاوى» (32/ 90): الطلاق إذا لم تَدْعُ الحاجة إليه منهي عنه باتفاق العلماء، إما نهي تحريم، وإما نهي تنزيه. اهـ
وقال في (33/ 81): الأصل في الطلاق الحظر وإنما أُبيح منه قدر الحاجة. اهـ
ثم استدل بحديث أنَّ إبليس يضع عرشه على البحر، ويبعث سراياه، فأحبهم إليه الذي يفرق بين الرجل وامرأته. أخرجه مسلم برقم (2813) من حديث جابر رضي الله عنه، وبأنَّ هذا عمل السحرة.
(1)
مسألة [2]: هل يجب على الرجل أن يطيع أباه في طلاق امرأته
؟
ثبت في الترمذي (1189)، عن ابن عمر رضي الله عنهما أنَّ أباه أمره أن يطلق امرأته، فقال له النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-:«طلِّقْها» .
وثبت عن أبي الدرداء عند أحمد (5/ 196)، وغيره، أنه سئل عن رجل أمرته
(1)
وانظر: «الفتح» (5251)«المغني» (10/ 323 - 324)«البيان» (10/ 77 - 78)«الإنصاف» (8/ 429)«حاشية ابن عابدين» (4/ 427).
أمُّه أن يفارق امرأته؟ فقال: ما أنا بالذي آمرك أن تفارق، ولا أنا بالذي آمرك أن تمسك، سمعت رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- يقول:«الوالد أوسط أبواب الجنة؛ فإن شئت فأضع ذلك الباب أو احفظه» .
وقد نصَّ الإمام أحمد في رواية أنه يجب على الولد طاعة أبيه الصالح العدل إذا أمره بذلك.
وقال شيخ الإسلام رحمه الله (33/ 16): والأب الصالح إذا أمر ابنه بالطلاق لما رآه من مصلحة الولد؛ فعليه أن يطيعه، كما قال أحمد وغيره، كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله بن عمر أن يطيع أباه لما أمره بطلاق امرأته. اهـ
وسئل شيخ الإسلام كما في «الفتاوى» (33/ 112) عن رجل متزوج وله أولاد، ووالدته تكره زوجته، وتشير عليه بطلاقها، فهل يجوز له طلاقها؟
فقال: لا يحل له أن يطلقها لقول أمه، بل عليه أن يبر أمه، وليس تطليق امرأته من برها، والله أعلم. اهـ
قال الإمام ابن عثيمين رحمه الله في «شرح رياض الصالحين» (333): ولكن ليس كل والد يأمر ابنه بطلاق زوجته تجب طاعته؛ فإنَّ رجلًا سأل الإمام أحمد، فقال: إنَّ أبي يقول: طلِّق امرأتك. وأنا أُحِبُّها؟ قال: لا تطلقها. قال: أليس النبي صلى الله عليه وسلم قد أمر ابن عمر أن يطلق زوجته لما أمره عمر؟ فقال له الإمام أحمد: وهل أبوك عمر؟ لأن عمر نعلم علم اليقين أنه لن يأمر عبد الله بطلاق زوجته إلا لسبب
شرعي، وقد يكون ابن عمر لم يعلمه؛ لأنه من المستحيل أنَّ عمر يأمر ابنه بطلاق زوجته ليفرق بينه وبين زوجته بدون سبب شرعي، هذا بعيد، وعلى هذا فإنْ أمر أبوك، أو أمك بأن تطلق امرأتك وأنت تحبها، ولم تجد عليها مأخذًا شرعيًّا؛ فلا تطلقها؛ لأنَّ هذه من الحاجات الخاصة التي لا يتدخل أحد فيها بين الإنسان وبين زوجته. اهـ
(1)
(1)
وانظر: «الإنصاف» (8/ 430 - )«السيل الجرار» (ص 401)«فتاوى اللجنة» (20/ 29 - 31).
1070 -
وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ، وَهِيَ حَائِضٌ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَسَأَلَ عُمَرُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ:«مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا، ثُمَّ ليَتْرُكْهَا حَتَّى تَطْهُرَ، ثُمَّ تَحِيضَ، ثُمَّ تَطْهُرَ، ثُمَّ إنْ شَاءَ أَمْسَكَ بَعْدُ، وَإِنْ شَاءَ طَلَّقَ قَبْلَ أَنْ يَمَسَّ، فَتِلْكَ العِدَّةُ الَّتِي أَمَرَ اللهُ أَنْ تَطْلُقَ لَهَا النِّسَاءُ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
(1)
وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ: «مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا، ثُمَّ لْيُطَلِّقْهَا طَاهِرًا أَوْ حَامِلًا» .
(2)
وَفِي أُخْرَى لِلْبُخَارِيِّ: وَحُسِبَتْ تَطْلِيقَةٌ.
(3)
وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ: قَالَ ابْنُ عُمَرَ: أَمَّا أَنْتَ طَلَّقْتهَا وَاحِدَةً أَوِ اثْنَتَيْنِ، فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَمَرَنِي أَنْ أُرَاجِعَهَا ثُمَّ أُمْهِلُهَا حَتَّى تَحِيضَ حَيْضَةً أُخْرَى، ثُمَّ أُمْهِلَهَا حَتَّى تَطْهُرَ، ثُمَّ أُطَلِّقَهَا قَبْلَ أَنْ أَمَسَّهَا، وَأَمَّا أَنْتَ طَلَّقْتهَا ثَلَاثًا فَقَدْ عَصَيْت رَبَّك فِيمَا أَمَرَك بِهِ مِنْ طَلَاقِ امْرَأَتِك.
(4)
وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى: قَالَ عَبْدُاللهِ بْنُ عُمَرَ: فَرَدَّهَا عَلَيَّ، وَلَمْ يَرَهَا شَيْئًا، قَالَ:«إذَا طَهُرَتْ فَلْيُطَلِّقْ أَوْ لِيُمْسِكْ» .
(5)
(1)
أخرجه البخاري (5251)، ومسلم (1471).
(2)
أخرجه مسلم برقم (1471)(5).
(3)
أخرجه البخاري برقم (5253). بلفظ: (حسبت عليًّ بتطليقه).
(4)
أخرجه مسلم برقم (1471)(3)، وقد تصرف الحافظ في اللفظ.
(5)
أخرج هذه الرواية مسلم برقم (1471)(14). بدون قوله (ولم يرها شيئًا) بل اختصر الحديث، وهي عند أبي داود (2185)، من نفس الوجه من طريق أبي الزبير عن ابن عمر.
قال أبوداود: روى هذا الحديث عن ابن عمر جماعة، وأحاديثهم كلها على خلاف ما قال أبوالزبير. وقال ابن عبدالبر: قوله: (ولم يرها شيئًا) منكر لم يقله غير أبي الزبير. وقال ابن رجب: أنكر الأئمة العلماء هذه اللفظة على أبي الزبير. وقال الخطابي: قال أهل الحديث: لم يروِ أبوالزبير حديثًا أنكر من هذا. وأعلها أيضًا الشافعي. انظر: «الفتح» (9/ 439) ط. السلام، و «جامع العلوم والحكم» (1/ 187 - 188).