الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جماعة «1» في «مختصر السير» : وهو المرجح عند الجمهور، ولم يصحّحه السهيليّ «2» ولا أبو الربيع ابن سالم «3» . انتهى. وقيل غرة شهر ربيع الأول، وقيل الثاني منه، وإلى هذين القولين مال أبو الربيع ابن سالم في كتابه «الاكتفاء في أخبار الخلفاء» .
فائدة لغوية:
في «المحكم» (2: 189) البيعة: المتابعة على الأمر والطاعة «4» ، وقد تبايعوا على الأمر، وبايعه عليه مبايعة [عاهده] . وفي «المشارق» (1: 107) بيعة الأمراء- بفتح الباء- وأصله من البيع لأنهم إذا بايعوه وعقدوا عهده وحلفوا له جعلوا أيديهم في يده توكيدا كالبائع والمشتري.
الفصل الثالث في ذكر بيعته الخاصة
رضي الله تعالى عنه في كتاب «السيرة» (2: 655- 660) لابن إسحاق: لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم قام عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال: إنّ رجالا من المنافقين يزعمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد توفي، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم والله
(1) ابن جماعة: هو محمد بن إبراهيم بن سعد الله بن جماعة الكناني الحموي بدر الدين، تولى الخطابة بالقدس والقضاء بمصر وفيها توفي سنة 733، وله عدة مؤلفات منها مختصر للسيرة النبوية (ترجمته في الوافي 2: 18 والفوات 3: 297 ونكت الهميان: 235 والدرر الكامنة 3: 367 وفي حاشية الفوات ذكر لمصادر أخرى) .
(2)
عبد الرحمن بن عبد الله السهيلي أبو القاسم وأبو زيد كان عالما باللغة والسير، وتوفي سنة 581 وهو صاحب الروض الأنف في شرح السيرة (انظر ترجمته في وفيات الأعيان 3: 143 وفي الحاشية ذكر لكثير من مصادر ترجمته) .
(3)
سليمان بن موسى بن سالم أبو الربيع الحميري الكلاعي البلنسي، استشهد مقبلا غير مدبر في الكائنة على أنيشة سنة 634، وهو من كبار محدثي الأندلس ومؤرخيها وكتابه الذي يعتمده الخزاعي اسمه «كتاب الاكتفا بما تضمنه من مغازي الرسول ومغازي الثلاثة الخلفا» وصف بأنه في أربعة مجلدات متوسطة (انظر ترجمته في التكملة رقم: 1991 والذيل والتكملة 4: 83 وبرنامج الرعيني: 66 والمقتضب من تحفة القادم: 83 وفي حاشية الذيل والتكملة ذكر لعدد آخر من المصادر) .
(4)
المحكم: المتابعة والطاعة.
ما مات، ولكنّه ذهب إلى ربه كما ذهب موسى بن عمران. فقد غاب عن قومه أربعين ليلة ثم رجع إليهم بعد أن قيل قد مات، ووالله ليرجعنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كما رجع موسى فلتقطعن «1» أيدي رجال وأرجلهم زعموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مات.
وروى محمد بن إسماعيل البخاري رحمه الله في «صحيحه» (6: 17) عن أبي سلمة أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أخبرته قالت: أقبل أبو بكر على فرسه من مسكنه بالسّنح «2» ، حتى نزل فدخل المسجد، فلم يكلّم الناس حتى دخل على عائشة، فتيمّم النبيّ صلى الله عليه وسلم وهو مسجّى ببرد حبرة «3» ، فكشف عن وجهه، ثم أكبّ عليه فقبّله ثم بكى، فقال «4» : بأبي أنت يا نبيّ الله، لا يجمع الله عليك موتتين أبدا، أما الموتة التي كتبت عليك فقد متّها.
قال أبو سلمة (السيرة 2: 655) : فأخبرني «5» ابن عباس: أن أبا بكر خرج وعمر يكلم الناس فقال: اجلس يا عمر، فأبى عمر أن يجلس، فتشهد أبو بكر، فمال إليه الناس وتركوا عمر، فقال: أما بعد من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حيّ لا يموت، قال الله تعالى: وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ (آل عمران: 144) قال: والله لكأنّ الناس لم يكونوا يعلمون أن الله أنزلها حتى تلاها أبو بكر، فتلقّاها منه الناس فما يسمع بشر إلا وهو يتلوها.
قال ابن إسحاق (2: 656) : ولما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم انحاز
(1) السيرة: فليقطعنّ.
(2)
السّنح: في طرف من أطراف المدينة، كان بها منزل أبي بكر الصديق حين تزوج مليكة وقيل حبيبة بنت خارجة الأنصارية.
(3)
البخاري: وهو مغشى بثوب حبرة.
(4)
البخاري: وبكى ثم قال.
(5)
قارن أيضا بالبخاري 6: 17.
هذا الحيّ من الأنصار إلى سعد بن عبادة في سقيفة بني ساعدة، واعتزل علي بن أبي طالب والزبير بن العوام وطلحة بن عبيد الله في بيت فاطمة، وانحاز بقية المهاجرين إلى أبي بكر، وانحاز معهم أسيد بن حضير في بني عبد الأشهل. فأتى آت أبا بكر وعمر فقال: إنّ هذا الحيّ من الأنصار مع سعد بن عبادة في سقيفة بني ساعدة قد انحازوا إليه، فإن كان لكم بأمر الناس حاجة فأدركوا الناس قبل أن يتفاقم أمرهم، ورسول الله صلى الله عليه وسلم في بيته لم يفرغ من أمره، قد أغلق دونه الباب أهله؛ قال عمر: فقلت لأبي بكر: انطلق بنا إلى إخواننا هؤلاء من الأنصار حتى ننظر ما هم عليه، فانطلقنا نؤمّهم حتى لقينا منهم رجلان صالحان، فذكرا لنا ما تمالأ عليه القوم وقالا: أين تريدون يا معشر المهاجرين؟ [قلنا: نريد إخواننا هؤلاء من الأنصار، قالا: فلا عليكم أن لا تقربوهم يا معشر المهاجرين]«1» اقضوا أمركم، قال، قلت: والله لنأتينهم. فانطلقنا حتى أتيناهم في سقيفة بني ساعدة، فإذا بين ظهرانيهم رجل مزمّل، فقلت: من هذا؟ فقالوا: سعد بن عبادة، فقلت:
ما له؟ فقالوا: وجع. فلما جلسنا تشهّد خطيبهم فأثنى على الله بما هو أهله «2» ثم قال: أما بعد فنحن أنصار الله وكتيبة الإسلام، وأنتم يا معشر المهاجرين رهط منا، وقد دفّت دافّة من قومكم قال: وإذا هم يريدون أن يحتازونا من أصلنا ويغصبونا الأمر، فلما سكت أردت أن أتكلم وقد زوّرت مقالة في نفسي قد أعجبتني أريد أن أقدّمها بين يدي أبي بكر، وكنت أداري منه بعض الحدّ. فقال أبو بكر: على رسلك يا عمر، فكرهت أن أغضبه، فتكلم وهو كان أعلم مني وأوقر، فو الله ما ترك من كلمة أعجبتني من تزويري إلا قالها في بديهته أو مثلها أو أفضل منها حتى سكت.
قال: أما ما ذكرتم فيكم من خير فأنتم له أهل، ولن تعرف العرب هذا الأمر إلا لهذا الحيّ من قريش، أوسط «3» العرب نسبا ودارا، قد رضيت لكم أحد هذين الرجلين فبايعوا أيهما شئتم، وأخذ بيدي وبيد أبي عبيدة بن الجراح، وهو جالس بيننا،
(1) ما بين معقفين زيادة من السيرة.
(2)
السيرة: بما هو له أهل.
(3)
السيرة: هم أوسط.
ولم أكره شيئا مما قال غيرها، كان والله أن أقدّم فتضرب عنقي لا يقرّبني ذلك من إثم أحبّ إليّ من أن أتأمّر على قوم فيهم أبو بكر، قال: فقال قائل من الأنصار: أنا جذيلها المحكّك، وعذيقها المرجّب، منا أمير ومنكم أمير يا معشر قريش، قال:
فكثر اللغط، وارتفعت الأصوات حتى تخوفت الاختلاف، فقلت: ابسط يدك يا أبا بكر، فبسط يده فبايعته، وبايعه المهاجرون، ثم بايعه الأنصار، ونزونا على سعد بن عبادة، فقال قائل منهم: قتلتم سعد بن عبادة، قال: فقلت: قتل الله سعد بن عبادة.
فوائد لغوية في ثماني مسائل:
الأولى: في «الصحاح» (6: 2372) سجّيت الميت تسجية: إذا مددت عليه ثوبا، وفي «المشرع الروي» : سجّى: غطّى وستر من قولهم: سجى الليل إذا غطّى النهار بظلمته.
الثانية: في «المشارق» (1: 175) البرد المحبّر: المزيّن الملون، ومنه حلّة حبرة، وبرد حبرة.
الثالثة: أسيد بن حضير: بضم الهمزة والحاء على التصغير فيهما؛ كذلك في «المشارق» (1: 60) .
الرابعة: في «الصحاح» (1: 73) أبو زيد: مالأته على الأمر ممالأة: ساعدته عليه وشايعته. ابن السّكّيت: تمالأوا على الأمر: اجتمعوا عليه، والملأ: الجماعة.
الخامسة: في «الصحاح» (2: 731) يقال: هو نازل بين ظهريهم، وظهرانيهم بفتح النون، ولا تقل: ظهرانيهم بكسرها، وزاد في «المحكم» : وبين أظهرهم.
السادسة: في «الغريبين» الدافّة: القوم يسيرون جماعة بالتشديد، يقال:
يدفّون دفيقا. وفي «الأفعال» لابن طريف: دفّت دافّة من الناس يقال ذلك للجماعة تقبل من بلد إلى بلد.
السابعة: زوّرت مقالة: في «الغريبين» أي أصلحت وهيّأت، والتزوير: