الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وذهب أبو إسحاق: إلى أن الخطبة عند العرب: الكلام المنثور المسجّع ونحوه.
الفصل الثاني في ذكر نسبه وأخباره
قال أبو عمر في «الاستيعاب» (200) : ثابت بن قيس بن شماس بن مالك بن امرىء القيس بن مالك الأغر بن ثعلبة بن كعب بن الخزرج بن الحارث بن الخزرج.
وقال ابن حزم في «الجماهر» (364) : ثابت بن قيس بن الشماس بن أبي زهير بن مالك بن ثعلبة القيسي فزاد أبا زهير. قال أبو عمر: يكنى أبا محمد وقيل أبا عبد الرّحمن، شهد أحدا وما بعدها من المشاهد، وقتل يوم اليمامة شهيدا في خلافة أبي بكر رضي الله تعالى عنه.
وروى النسائي «1» عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه قال: لما نزلت يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمالُكُمْ وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ (الحجرات: 2) قال ثابت بن قيس: أنا الذي كنت أرفع صوتي عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإني أخشى أن يكون الله غضب عليّ، فحزن واصفرّ، ففقده النبيّ صلى الله عليه وسلم فسأل عنه، فقيل: يا نبيّ الله إنه يقول: إني أخشى أن أكون من أهل النار، وإني كنت أرفع صوتي عند النبي صلى الله عليه وسلم. قال نبي الله صلى الله عليه وسلم: هو من أهل الجنة، قال: فكنا نراه يمشي بين أظهرنا رجلا «2» من أهل الجنة.
ومن «السير» (2: 559) لابن إسحاق: لما افتتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة، وفرغ من تبوك وأسلمت ثقيف وبايعت، ضربت إليه وفود العرب من كلّ وجه.
(1) قارن بما جاء في الاستيعاب: 201.
(2)
م: رجل.
قال ابن هشام (2: 560) : حدثني أبو عبيدة: أن ذلك في سنة تسع، وأنها كانت تسمّى سنة الوفود.
قال ابن إسحاق (2: 560، 561- 562) : فقدم عليه عطارد بن حاجب بن زرارة بن عدس التميميّ في أشراف من بني تميم، فيهم الأقرع بن حابس، والزبرقان بن بدر، وعمرو بن الأهتم وغيرهم، في وفد عظيم من بني تميم، فلما دخلوا المسجد نادوا رسول الله صلى الله عليه وسلم من وراء حجراته: أن اخرج إلينا يا محمد، فآذى ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم من صياحهم، فخرج إليهم، فقالوا: جئناك يا محمد لنفاخرك فأذن لشاعرنا وخطيبنا، قال: قد أذنت لخطيبكم فليقل. فقام عطارد بن حاجب فقال: الحمد لله الذي له علينا الفضل والمنّ وهو أهله الذي جعلنا ملوكا، ووهب لنا أموالا عظاما، نفعل فيها المعروف، وجعلنا أعزّ أهل المشرق، وأكثره عددا، وأيسره عدّة، فمن مثلنا في الناس؟ ألسنا برؤوس الناس وأولي فضلهم؟ فمن فاخرنا فليعدّ مثل ما عددنا وإنا لو نشاء لأكثرنا الكلام، ولكنا نحيا من الإكثار فيما أعطانا وإنا نعرف بذلك. أقول هذا لأن تأتوا بمثل قولنا، أو أمر أفضل من أمرنا، ثم جلس. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لثابت بن قيس بن الشماس أخي بني الحارث بن الخزرج: قم فأجب الرجل في خطبته. فقام ثابت بن قيس فقال: الحمد لله الذي السموات والأرض خلقه، قضى فيهنّ أمره، وسع كرسيّه علمه، ولم يك شيء قطّ إلا من فضله، ثم كان من قدرته أن جعلنا ملوكا، واصطفى من خير خلقه رسولا، أكرمه نسبا، وأصدقه حديثا، وأفضله حسبا، فأنزل عليه كتابه وائتمنه على خلقه، فكان خيرة الله من العالمين، ثم دعا الناس إلى الإيمان به، فآمن برسول الله صلى الله عليه وسلم المهاجرون من قومه وذوي رحمه، أكرم الناس أحسابا، وأحسن الناس وجوها، وخير الناس فعالا، ثم كان أوّل الخلق إجابة، واستجاب لله حين دعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم نحن، فنحن الأنصار أنصار الله ووزراء رسول الله، نقاتل الناس حتى يؤمنوا، فمن آمن بالله ورسوله منع ماله ودمه، ومن كفر جاهدناه في الله أبدا، وكان قتله علينا يسيرا. أقول هذا وأستغفر الله لي وللمؤمنين والمؤمنات، والسلام عليكم ورحمة الله.
وساق بقية الحديث من قيام الزبرقان بن بدر وإنشاده ومجاوبة حسان له بنحو ما تقدم في أخبار حسان في باب الشاعر.
وقال أبو عمر رحمه الله تعالى في «الاستيعاب» (202) : كان على ثابت بن قيس لما قتل يوم اليمامة شهيدا رحمه الله تعالى ورضي عنه، درع نفيسة، فمرّ به رجل من المسلمين فأخذها، فبينا رجل من المسلمين نائم إذا أتاه ثابت فقال له: إني أوصيك بوصية فإياك أن تقول هذا حلم فتضيعه، إني لما قتلت أمس مرّ بي رجل من المسلمين فأخذ درعي، ومنزله في أقصى الناس، وعند خبائه فرس يستنّ في طوله، وقد كفأ على الدرع برمة، وفوق البرمة رحل، فأت خالدا فمره أن يبعث إلى درعي فيأخذها وإذا قدمت المدينة على خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم، يعني أبا بكر الصديق رضي الله تعالى عنه، فقل له: إنّ عليّ من الدّين كذا وكذا، وفلان من رقيقي عتيق وفلان. فأتى الرجل خالدا فأخبره، فبعث إلى الدرع فأتى بها، وحدّث أبا بكر برؤياه، فأجاز وصيّته وقال: ولا نعلم أحدا أجيزت وصيته بعد موته غير ثابت بن قيس، رحمه الله تعالى. انتهى.
فوائد لغوية:
الأولى: في «المحكم» (1: 291) عدس، وعدس ففي تميم بضمّ الدال، وفي سائر العرب: بفتحها. وفي «الصحاح» (2: 944) عدس مثل: قثم اسم رجل وهو زرارة بن عدس.
الثانية: في «الصحاح» (6: 2323) قال أبو زيد: حييت منه أحيا استحييت، ويقال: استحيت بياء واحدة وأصله استحييت، ويقال: استحياه واستحيا منه، بمعنى من الحياء.
الثالثة: في «الصحاح» (1: 68) كفأت الإناء: كببته، وأكفأته: أملته، والإكفاء في الشعر: أن يخالف بين قوافيه بعضها ميم وبعضها نون. وقال الفراء: هو أن يخالف بين حركات الرويّ وهو مثل الإقواء.