الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب الحادي والعشرون في الصياد في البحر
وفيه فصلان
الفصل الأول في ما جاء في صيد البحر في كتاب الله تعالى
قال الله عز وجل: أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعامُهُ مَتاعاً لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ (المائدة: 96) وقال عز وجل: وَما يَسْتَوِي الْبَحْرانِ هذا عَذْبٌ فُراتٌ سائِغٌ شَرابُهُ وَهذا مِلْحٌ أُجاجٌ وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْماً طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَها (فاطر: 12) قال أبو محمد ابن عطية (5: 198- 199) رحمه الله تعالى: هذا حكم بتحليل صيد البحر، وهو كل ما صيد من حيتانه، والصيد هنا يراد به المصيد، والبحر: الماء الكثير ملحا كان أو عذبا، وطعامه- قال أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما وجماعة من الصحابة والتابعين من بعدهم رضي الله تعالى عن جميعهم- هو ما قذف به وطفا عليه لأن ذلك طعام لا صيد، وهذا التأويل ينظر إلى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: هو الطهور ماؤه الحلّ ميتته. والماء الفرات: الشديد العذوبة، والأجاج: الشديد الملوحة الذي يميل إلى المرارة من ملوحته. قال الزجاجي: هو من أججت النار، كأنه يحرق من حرارته.
الفصل الثاني في ما صيد من البحر في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم
روى مسلم (2: 110) رحمه الله تعالى عن جابر رضي الله تعالى عنه قال:
بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمّر علينا أبا عبيدة نتلقى عيرا لقريش، وزوّدنا
جرابا من تمر لم يجد لنا غيره، فكان أبو عبيدة يعطينا تمرة تمرة، قال فقلت: كيف كنتم تصنعون بها؟ قال: نمصّها كما يمص الصبي، ثم نشرب عليها من الماء، فتكفينا يومنا إلى الليل، وكنا نضرب بعصينا الخبط ثم نبلّه بالماء فنأكله. قال:
وانطلقنا على ساحل البحر فرفع لنا على ساحل البحر كالكثيب الضخم فأتيناه، فإذا هي دابة تدعى العنبر.
قال: قال أبو عبيدة: ميتة، ثم قال: لا، بل نحن رسل رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي سبيل الله وقد اضطررتم فكلوا؛ قال: فأقمنا عليها شهرا ونحن ثلاثمائة حتى سمنّا، ولقد رأيتنا نغترف من وقب عينيه بالقلال الدهن ونقتطع منه الفدر كالثور أو كقدر الثور، فلقد أخذ منا أبو عبيدة ثلاثة عشر رجلا فأقعدهم في وقب عينه، وأخذ ضلعا من أضلاعه فأقامها ثم رحل أعظم بعير معنا فمرّ تحتها وتزوّدنا من لحمه وشائق. فلما قدمنا المدينة أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرنا ذلك له، فقال: هو رزق أخرجه الله لكم، فهل معكم من لحمه شيء فتطعمونا؟ فأرسلنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم منه فأكله.
فوائد لغوية في عشر مسائل:
الأولى: في «المشارق» (2: 107) العير بكسر العين: وهي القافلة والإبل والدواب التي تحمل الأحمال والطعام والتجارة ولا تسمى عيرا إلا إذا كانت كذلك.
الثانية: في «المشارق» (1: 144) الجراب: وعاء من جلد كالمزود ونحوه- بكسر الجيم- عند الخليل وغيره، وقال القزاز هو بفتحها. قال القاضي: وجمعه جرب بضم الجيم والراء.
الثالث: في «الصحاح» (3: 1056) مصصت الشيء بالكسر أمصّه مصا.
انتهى. وقال ابن طريف في باب فعل بفتح العين: مصصت الشيء ومصصته مصّا:
شربته شربا رقيقا.
الرابعة: في «المشارق» (1: 229) الخبط بفتح الخاء والباء- ورق السمر، واختبط ضرب بالعصا ليسقط. واختبطناه فعلنا ذلك به.
الخامسة: في «المشارق» (1: 336) الكثيب من الرمل شبه الربوة من التراب وجمعها كثب بالضم. انتهى. ويجمع أيضا على كثبان، قاله غير واحد.
السادسة: في «المشارق» (2: 293) : وقب عينه- بفتح الواو وسكون القاف- حفرة العين في عظم الوجه.
السابعة: في «المشارق» (2: 184) : والقلال جمع قلّة وهي حبّ الماء سميت بذلك لأنها تقلّ بالأيدي، أي ترفع.
الثامنة: في «المشارق» (2: 148) : الفدر- بكسر الفاء وفتح الدال- هي القطع منه واحدتها فدرة. وفي «الديوان» (1: 197) الفدرة بكسر الفاء: القطعة من اللحم إذا كانت مجتمعة.
التاسعة: في «المشارق» رحلت البعير شددت عليه الرحل، والرّحل:
الرّحالة، وهي من مراكب الرجال، وجمعها رحال.
العاشرة: في «المشارق» (2: 297) وشائق: شرائح ميبّسة كالقديد، وقيل بل الذي أغلي إغلاءة ثم رفع.