الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب الثامن عشر في الرجل يركب خيل الإمام يسابق بها
وفيه ثلاثة فصول
الفصل الأول في أنه صلى الله عليه وسلم كان يسابق بين الخيل
روى البخاري (4: 38) رحمه الله تعالى عن عبد الله بن محمد قال، حدثنا معاوية قال، حدثنا أبو إسحاق عن موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر قال: سابق رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الخيل التي قد أضمرت فأرسلها من الحفياء، وكان أمدها ثنية الوداع، فقلت لموسى: وكم بين ذلك؟ قال: ستة أميال أو سبعة، وسابق بين الخيل التي لم تضمر فأرسلها من ثنيّة الوداع، وكان أمدها مسجد بني زريق، قلت: كم بين ذلك؟ قال: ميل أو نحوه، وكان ابن عمر ممن سابق فيها.
فائدة لغوية:
في «المشارق (2: 206) سابق بين الخيل أي أجراها ليرى أيها يسبق، والسباق والسبق: الاسم، والسبق بفتح السين والباء: الرهن الذي يجعل للسابق.
الفصل الثاني في ذكر مسابقة رسول الله صلى الله عليه وسلم بخيله وذكر من ركبها من الصحابة رضوان الله تعالى عليهم للمسابقة بها
ذكر أبو عبيد البكري رحمه الله تعالى في كتابه «المستوعب» «1» عن الزهري قال: سبق سهل بن سعد الساعدي على فرس لرسول الله صلى الله عليه وسلم
(1) م ط (في هذا الموطن) : الموعب (فهل هو كتاب آخر غير المستوعب) .
يقال له «الظرب» فكساه رسول الله صلى الله عليه وسلم بردا يمانيا. وسبق أبو أسيد الساعدي على فرس لرسول الله صلى الله عليه وسلم يقال له: «لزاز» فلما طلع الفرس جثا رسول الله صلى الله عليه وسلم على ركبتيه، واطلع من الصف وقال:
كأنه بحر، وكسا أبا أسيد حلة يمانية.
وروى قاسم بن ثابت رحمه الله تعالى عن واثلة بن الأسقع رضي الله تعالى عنه قال: أجرى رسول الله صلى الله عليه وسلم فرسه الأدهم مع خيول المسلمين من المحصّب بمكة، فجاء فرس رسول الله صلى الله عليه وسلم سابقا، فجثا رسول الله صلى الله عليه وسلم على ركبتيه حتى إذا مرّ به قال: إنه لبحر، فقال عمر رضي الله تعالى عنه: الحطيئة كاذب حيث يقول «1» : [من الطويل]
وإن جياد الخيل لا تستفزّنا
…
ولا جاعلات العاج فوق المعاصم
لو كان أحد صابرا عن الخيل لكان أحقّهم بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فوائد لغوية في أربع مسائل:
الأولى: في «المحكم» البرد ثوب فيه خطوط وخصّ بعضهم به الوشي، والجمع: أبراد وبرود. انتهى.
قلت: وهو أنواع: في «الغريب المصنف» : البرد المفوّف وهو الذي فيه بياض وخطوط بيض، والشرعبيّة والسّيراء: برود أيضا، والقطر: نوع من البرود. وفي «الصحاح» (213، 621، 1956) برد مكعّب: فيه وشي مربع، والحبرة مثل العنبة، والجمع حبر وحبرات. والمسهم: البرد المخطط. انتهى.
الثانية: قال ابن قتيبة في «الأدب» والهروي في «الغريبين» وابن فارس في «المجمل» والفارابي في «الديوان» (3: 27) والجوهري في «الصحاح» (4: 1673)
(1) ديوان الحطيئة: 396 (عن أنساب الخيل: 8) .
والثعالبي في «الفقه» (244) وابن الأنباري في «الزاهر» (1: 556) وكراع في «المنتظم» وابن سيده في «المحكم» وابن السيّد في «المثلث» والقزاز في «الجامع» : لا تكون الحلة إلا ثوبين؛ قال ابن الأنباري والثعالبي: من جنس واحد؛ قال كراع: من صنف واحد؛ قال الهروي والجوهري وابن السيد: إزار ورداء؛ وقال ابن سيده: إزار ورداء: برد أو غيره، قال: والجمع حلل وحلال؛ وأنشد ابن الأنباري: [من الرجز]
ليس الفتى بالمسمن المختال
…
ولا الذي يرفل في الحلال
قال القزاز: ومما يدلّ على أنها لا تكون إلا ثوبين حديث معاذ بن عفراء أن عمر بعث إليه بحلّة فباعها واشترى بها خمسة أرؤس من الرقيق فأعتقهم، ثم قال:
إن رجلا آثر قشرتين يلبسهما على عتق هؤلاء لغبين الرأي؛، فقال: قشرتين يعني ثوبين.
قلت: ومن أوضح الشواهد على أن الحلة ثوبان ما ذكره أبو الفرج الجوزي في كتابه «مختصر الحلية» (1: 215) عن العتبي قال «1» : بعث إلى عمر حلل فقسمها فأصاب كلّ رجل ثوب، ثم صعد المنبر وعليه حلّة، والحلة ثوبان، فقال: أيها الناس ألا تسمعون؟ فقال سلمان: لا نسمع، فقال عمر: ولم يا أبا عبد الله؟ قال:
لأنك قسمت علينا ثوبا ثوبا، وعليك حلّة، فقال: لا تعجل يا أبا عبد الله، ثم نادى يا عبد الله، فلم يجب أحد، فقال: يا عبد الله بن عمر، فقال: لبيك يا أمير المؤمنين.
قال: نشدتك الله: الثوب الذي ائتزرت به أهو ثوبك؟ قال: اللهمّ نعم، قال سلمان: نسمع.
وفي المشارق» (1: 196) : والحلة ثوبان غير لفقين إزار ورداء، سمّيا بذلك لأنه يحلّ كلّ واحد منهما على الآخر، قال الخليل: ولا يقال حلّة لثوب واحد.
وقال أبو عبيد: الحلل: برود اليمن. وقال بعضهم: إنما تكون حلة إذا كانت جديدة
(1) عيون الأخبار 1: 55 ونثر الدر 2: 33 والتذكرة الحمدونية 1: 126 وسيرة عمر لابن الجوزي: 147 والمصباح المضي: 162.